Thursday, December 28, 2006

تدوين --- ذكريات قديمة و حديثة للبيع


أعادت إلي قصة حقيبة والد الكاتب التركى أورهان باموق التي بنى عليها خطابه بمناسبة استلامه جائزة نوبل هذا العام ذكرى ما حدث معي منذ عدة سنوات، عندما كنت أقوم بمتابعة بعض الأعمال مما استوجب السفر إلى عاصمة عربية، واستدعت الإجراءات الروتينية إقامة أطول أتاحت لي الإنصات المباشر للأماكن والمواطن التاريخية والتماس الأثر لبقايا الوشم فى ظاهرالمكان وعبق باطنه، وصادف أمام الفندق الذي أقمت فيه مكتبة تعرفت على مديرها وسرعان ما وجدنا بيننا أصدقاء مشتركين من الكتاب والشعراء وفي أحد المرات كنت خارجا من المكتبة فاقترب مني شاب في العشرينيات من عمره عارضاً عليّ رزمة أوراق، لم استوعب الأمر وأخذتني انتباهة حرص وتوجس وعندما استعدت تقديري وتقييمي للأمر ونظرت إليه متسائلا فألح برزمة الأوراق، ظننته يعتقد أنها أشياء تخصني قد وجدها فقلت له هذه ليست أشيائي فأصر ملحا أنه يعلم ومد يده بالرزمة المطوية فأخذتها بطريقة آلية وفتحتها بعين على الأوراق وعين تلاحظه ووجدت مجموعة من الصور وقليل من الأوراق والخطابات ، تبدو الصور لأصدقاء فى رحلة تملأها البهجة وصور التقطت داخل أستديو تقليدى للتصوير، وكان هو أحد الشخصيات المكررة فى كل هذه الصور، مرة بزي تلك الدولة القومي ومرة بهندام عادي، سألته مباشرة: إنته ده؟ فقال: نعم. نظرت له وحزمت الصور والأوراق والخطابات في يدي وقد تكامل الحذر وتغلب على الدهشة، ظننته مصورا كهؤلاء الذين ينتشرون في الميادين فى مصر ولكنه لم يكن يحمل كاميرا،ظننته مخبولا أو مسطولا، نظرت حولي باحثا عن كاميرا خفية ثم سألته: هل تعرفني؟ قال لا، قلت له بصراحة مش فاهم؟ عاوز إيه يعني؟ فقال هذه صور للبيع، ويبدو أن مدير المكتبة لاحظ ما يدور وخرج متسائلا ولكني أبديت له شكري وأومأت له برأسي أن لا حاجة لتدخله، وأخذت الشاب جانبا إلا أني لاحظت أن مدير المكتبة ظل واقفا من داخل المكتبة يتابع الأمر—سألت الشاب لماذا تعتقد أنني من الممكن أن أشتري هذه الصور؟ نظر إلي وبدا كأنه يفكر ولكن لم يجب قلت له بقصد استنطاقه: طيب والأوراق دي أعمل بيها إيه؟ ظل ناظرا إليّ وكأنني أساومه على سعر واستدركت سريعا أن الشاب قد يكون وجد فى ذلك أسلوبا مبتكرا لطلب المساعدة المالية، ارتحت لذلك التفسير ووضعت يدي في جيبي وقمت بإعطائه رزمة الصور والأوراق بيد وما أمكنني الاستغناء عنه حينها باليد الأخرى متعجبا ومقدرا في نفس الآن للوسيلة ولكن المدهش أنه أخذ ما أعطيته له من مال وأعاد لي رزمة الأوراق والصور بإباء وأصرار عجيب لا راد له، مستنكرا فعلي ونافيا عن نفسه التسول، وتاركا إياهم فى يدي، وذهب وبقيت فى حيرة من أمري، وظللت طيلة وجودي فى تلك العاصمة أقلب فى مجموعة الصورالكثيرة وأحاول قراءة ما يمكن أن يقرأ منها، كانت صورا له فى أعمار مختلفة، وهو طفل ثم صبي ثم شاب، مع عائلته وأصدقائه وزملائه، أوراق بها رسائل منه يرد بها على رسائل وصلته ويبدو انه كتبها ولم يرسلها، إلى جانب بعض محاولات الكتابة بين النثر والشعرالمقفى عن قرية له على الطريق للمدينة يبدو أنها قريته، المهم أصبحت فى كل مرة أخرج فيها آخذا معي رزمة الأوراق بعد أن وضعتها فى مظروف كبير متوقعا مصادفته في نفس المكان بعدما تأكدت أنه غريب من صاحب المكتبة الذي أعطيته صورة من الصور الواضحة لذلك الشاب وطلبت منه أن يسأل عنه البائعين الجائلين فى المكان وقد تعرف أحدهم عليه قائلا أنه أمضى يومين يتسكع في وسط المدينة ولكنه كان غريبا عنها، وبقيت ما تبقى من مدة أتأمل أحيانا في رزمة هذا الشاب وكل الدوافع المحتملة لفعلته العجيبة: السذاجة-الخبل-الحاجة-الدهاء-النصب-الجنون-التسول. بعدما انتهت الإجراءات، ودعت الأصدقاء ومنهم صاحب المكتبة وتركت معه المظروف الكبير برجاء إعادته للشاب إذا ظهر مرة أخرى ومساعدته إن أمكن-- لقد باع لي هذا الشاب فى الحقيقة مسألة للتأمل انتقلت من ذكرياته الخاصة لتصبح سؤالا حيا على هامش الذاكرة لم أحاول أبدا بعد ذلك أن أحاصره بالبحث له عن أسباب.

Saturday, December 09, 2006

مقاومة التذكر فى مولد النسيان


لبنان
أول مطبعة في العالم العربى
يحكي الشاعر أحمد فؤاد نجم فى مذكرات" الفاجومي " أنه أثناء التحقيق معه فى أحد القضايا الملفقة له من قبل أمن الدولة تحاشى المحقق النظر في عينيه لشعوره بنذالة ما يفعل وانتبه الشاعر لهذا فقال له انظر فى عيني يا فرحة أمك بيك وانت بتلفق تهم، لا أدرى لماذا أتذكر هذه الحكاية عندما يطل وجه كمال جلياط أو السنيورة أو وجه هذا الذى لا أدرى علاما يجعجع!!؟؟ ومن فضائل الأزمات حتمية الفرز، ورغم أن الفرز مفروز من أمد إلا أن ما يحدث فى لبنان تخطى حدود السياسة إلى الوقاحة وإن كان لدولة مثل الولايات المتحدة ممارسة الوقاحة السياسية مستندة لقوة إمبراطورية ذات مشروع هيمنة على العالم، إلاما يستند هؤلاء الوكلاء وقد استنفذت وقاحة السياسة الصهيوأمريكية ركاكتها وبدأت تستعد لتمرير خططها البديلة والتى قد تبدل الحلفاء أنفسهم، فما يحدث فى لبنان واضح وغير ملتبس، هناك مربع أمريكا وفيه تقف إسرائيل ومصر والسعودية والأردن والتابعون وتابعوهم فى لبنان حتى فلسطي، وهناك مربع المقاومة فى لبنان والجبهة الوحيدة لا أقول الصامدة ولكن المعترضة على مشروع هيمنة لا يرى بديلا عن الانبطاح التام ويضم إلى جانب المقاومة اللبنانية حماس- حتى الأن- وسوريا وإيران وبعض الدول والقوى فى العالم مثل الصين التى ترى أن سقوط المنطقة يعنى إغلاق أفق المستقبل أمام طموحها- المشروع والمستحق والممكن- في نوع من التوازن العالمي، وتلك الجبهة تثق أن شعوب المنطقة لا تتفق مع ما يجرى ولكنها تبحث فى تلك المتاهة عن سبيل وعليها فى النهاية حسم هذا الصراع الوجودى بانحيازها لما يحييها كأمة مثل باقي الأمم تستحق المشاركة فى صنع مستقبلها ومستقبل أبنائها. يدرك الصهاينة أن هذه لحظة فاصلة سيكون لها ما بعدها والمتابع للحوار الداخلي فى إسرائيل يلاحظ أنهم فى هذه اللحظة التاريخية يدركون أنهم فى مرحلة مختلفة تحكمها موازين مختلفة وأن دورهم لم يعد له نفس الأهمية بالنسبة للقوى العالمية التي لا تتساهل أمام رغباتهم إلا فى إطار منظومة مصالح محددة المعالم، وهذا ما تكشفه الوثائق المتوفرة وتجليه السياسات القائمة
وبــــــعد هناك مواقف دقيقة تفاجىء المهتم بالشأن الجاري وتحتاج لنوع من الكتابة يعارضها مع بعض أوهام الحداثة ومنها ضرورة حظر "التحيز" تلك الكلمة التى أصبح لها أثر الاستجابة الشرطية الواعية و اللاواعية فكلمة التحيز تستدعي كلمة الموضوعية وكلمة الموضوعية تستدعي كلمة المنهج وكلمة المنهج تستدعي كلمة العلم وبين العلم والحداثة علاقة نسب ووجود لهذا هناك نوع من من التدافع والإزاحة بين الحداثة من جهة والتحيز من جهة أخرى و لهذا فكثير من النصوص التى تحاول التواجد داخل نفوذ سلطة الحداثة تحاول نفي التحيز عن نفسها واسقاطه على نصوص أخرى تريد ان تنفي او تخلخل سلطتها، وقد انتبه جادمير فليسوف التأويل الألماني إلى أن أكبر تحيز مسكوت عنه هو تحيز الحداثة ضد التحيز وموضع الإشكالية هنا هو الإنسان هذا الكائن الفريد واستعصائه على أن يحتويه نظام لهذا فهناك فى تاريخ الأمم والشعوب والمجتمعات و الأفراد مواطن لابد أن يستوطنها التحيز كفضيلة ووسط ذهبى بين التعصب والتخاذل،وعلى سبيل المثال فقد تحيز الرسول صلوات الله عليه لحلف الفضول رغم أنه إفراز لبنية جاهلية وذلك لإنه قام على إحقاق الحق لمن لا يستطيع ضد هيمنة وتعسف الأقوياء وقال صلوات الله عليه :لو أدعى به في الإسلام لأجبت
ولعل ما يحدث فى لبنان الأن يعطي إجابة على ذلك السؤال الذى طرحته فى بوست الوهم المتبدد متاهة السبيل وإنتاج الأسئلة أثناء الحرب الدائرة فى لبنان والتى قامر الكثير على أنها سوف تنهى مقاومة حزب الله واندفعت دول كبيرة بمحلليها وأبواقها الى جانب من أسميهم راصدي الأجواء الذين يميلون مع الهوى حيث يميل وهوى المنطقه صهيونى: هل ما جرى ويجري الأن فى لبنان وفلسطين هو اللحظة التاريخية الفارقة التى طال انتظارها؟ فما يحدث فى لبنان الأن أخطر فى نظر القوى المهيمنة وذيولها مما حدث فى الحرب من كشف الغطاء عن سماء إسرائيل وعن عوراتهم الاستراتيجية، فها هي المقاومة تعمل اليوم على مقاومة العدو الأكبر حكوماتنا وعلى تمليك الجماهير لما هو أخطر من كل أسلحة العالم تمليكهم نموذجا لتحويل الحرية من حلم إلى واقع وكيف أن كل رجل وأمرأة وصبي يستطيع أن يكون له سهم في إسقاط الحكومات العميلة وكنس هذا الركام الفاسد المتخاذل خارج لعبة الانقلاب العسكرى.

هذا وقد جرت مياه كثيرة تحت الكثير من الجسور ويبدو أن ما جرى إن لم يكن اللحظة التاريخية فكأنها هي لهذا استمرت الحرب ولكن بوسائل أخرى وكل من تابع ويتابع باختلاف موقعه ومرجعياته وقناعاته يلاحظ عدة ملاحظات منها 1) خلو أوراق الأمم المتحدة من إسم حزب الله وكأن إسرائيل كانت تحارب السنيورة 2 )ارتباك المجموعة العربية المنبطحة أمام صمود المقاومة 3) إنفراط وتداعي الأجندة الأمريكية فى المنطقة 4 ) ظهور الصين لأول مرة فى هذا الصراع الأقليمي من خلال الصاروخ الذى دمر المدمرة الإسرائيلية 5) وعودة السلاح الروسي الفعال من خلال صاروخ مزود برأس مزدوج أدى لتكسيح جيش الدفاع بتدميره للمركافا، والأهم من السلاح هو الإرادة والإدارة التى أنفذته وجهوزيتها واستيعابها لموازين القوى، هذا وكنت أستشعر مقدار الزلزال الاستراتيجي الذى فاجئت به المقاومة ثوابت سياسة الانطباح والانخذاء (ما بنا طاقة لامتشاق الحسام) لهذا حرصت أن أضم إلى ما كتبته فى البوست مجموعة من المتابعات والمداخلات وأحيانا التعليقات منها على سبيل المثال ما كتبه المفكر محمد شاويش بتاريخ 14/9/2006 وماكتب الأستاذ مطاع صفدى بتاريخ 2/10/2006 وغيرهم فى حينها وتعمدت ذلك الى جانب التعليقات تحسبا لتوابع هذا الزلزال وما سوف يمارس من تغييب على تسلسل الأحداث وممارسة كل أنواع التمويه والتضليل والبهتان لملافاة تلك الكبوة العريضة للنظم العربية لقد عجلت هذه المواجهة بأمور كثيرة منها أسئلة كانت تدور على سبيل المثال فى إسرائيل بعد حرب تحرير الكويت وانتباه المفكرين فيها للتغيرالاستراتجى الذى يمس المحيط المتحرك من حولهم وكانت أحداث سبتمبر إشارة البداية لتوفيق أوضاع جديدة وجاء ارتباك وانسداد الأفق أمام الإدارة الأمريكية فى العراق لتجد إسرائيل نفسها مكلفة بمهمة تهيأت لها لتفاجىء بأن تل أبيب نفسها على محك اختبار الصواريخ الإيرانية وهنا نأتى لموضوع إيران تلك الآحجية أو اللغزالمستحكم الذى يتراوح متانثرا فى سيل من المقالات التى تأخذ إيران فيها مقعد إسرائيل فى المنطقة كخطر يزعج من أوثقوا عروشهم وكراسيهم بالسلام كخيار إستراتيجي وحيد والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا هذا التخوف من إيران هل نفوذها يزاحم نفوذ عربي إقليمي له وجود أصلا ؟ وعندما يتكلم المتخوفون من إيران عن تحالف بين إيران وأمريكا فى أفغانستان والعراق نتسائل إذا كان ما يسمى بالوطن العربي بدوله الشقيقة والصديقة والعظمى والكبرى والصغرى ودويلاته ومحمياته البترولية كلها ما عدا سورية وجنوب لبنان وحماس هى دول منطبحة وخاضعة بالكامل للهيمنة الأمريكية كما يعرف حتى أطفال الوطن العربى فما معنى الخوف من تحالف بين إيران وأمريكا ؟؟؟ فمثل هذا التحالف يكون ضد من؟؟؟ هل سوف تتحالف أمريكا ضد أمريكا إن الصداقة والخصام والعداء قد يكون فى عالم المصاهرة لا في عالم السياسة فالدائم فيها هوالمصالح، وقيام الثورة فى إيران غير التاريخ مما أدى إلى تغير فى الجغرافيا حولها لقد وجدت إيران نفسها بين جارين سوريا من جهة وأمريكا من كل الجهات الاخرى من خلال الواجهات أو النظم العربية وهذ حتى قبل حرب الخليج الأولى، أقول هنا لايمكن الحديث عن عداء مستحكم بين أمريكا وإيران فلا تعرف السياسة مثل هذا ونسأل هنا هؤلاء الذين يدافعون عن نفوذ عربي موهوم لأن النفوذ الوحيد والمقيم فى المنطقة هو نفوذ إسرائيل التى أخذ منها وزراء الخارجية العرب إذن دخول بيروت أين على سبيل المثال مقاطع الاختلاف بين السياسة الأمريكية والسياسة العربية فإذا كانت علاقة أمريكا بالدول البترولية علاقة وجود فهي من يستخرج البترول ويحميه وهى فى نفس الوقت زبونه والزبون دائما- كما تقول قاعدة التجارة الذهبية- على حق وإذا كانت العلاقة بين بقية الدول العربية وأمريكا هى علاقة السيد بالعبد وكلنا يعلم من السيد ومن العبد، فعندما تريد إيران لنفسها موقع وهذا شىء مشروع وبديهى لكل أمة تحترم نفسها فى هذا العالم فمع من تتحاور سواء كان الحوار بهدف التحالف أو المناورة أو الصراع، مع السيد؟ أم مع العبد؟ إن عداء العرب ليس لإيران بل لأنفسهم والمراقب يرى أن إيران ترى فى عداء العرب لها ما رأى جرير فى توعد الفرزدق لمربع عندما قال :
زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا– فأبشر بطول سلامة يا مربع

إيران تعرف ماذا تريد ومن يعرف ماذا يريد يصل ولو بعد حين إذا امتلك من الإرادة والعزم ما يساوي ما أراد، ولكن على كل امتداد ما يسمى بالوطن العربي: هل يعرف أحد ماذا يريد بالضبط؟

Sunday, November 26, 2006

الخيط والإبرة





يقول واياوي في خماسيته المائة وإثنين وعشرين بعدما مات الموتة السابعة








ليس كل ما هو متروك ليعرف معرفة يقول زاوي تمثل هذه الخماسية خلاصة خمسمائة وثلاثين عاما من التأمل فى الحياة، والحقبة السابعة عند واياوي يغلب عليها الاختصار والكثافة ولم نجد معلومات محددة لظرف تلك الخماسية التاريخي مما يجعلنا نرجح أنها مما يطلق عليه خماسيات تأمل، وهناك رأي لتوينبى فى كتابه دراسة فى التاريخ يستدل منه أن توينبي ربما قد يكون اطلع على هذه الخماسية فى إحدى المخطوطات وخاصة من قوله: "أن الأحداث التى تؤثر فى مسار التاريخ ليست مما يشغل الناس أو ينتبهوا له بالضرورة، ولكنها أحداث لها مساراتها الهادئة والمستديمة والمستمرة وعندما ينتبه إليها في الشأن الجارى تكون قد أكملت مهمتها تماما." ( ويضيف زاوي ) وتصبح موجة يركبها البعض وتغرق البعض لذلك علينا قدر المستطاع إدراك لماذا ما هو متروك ليعرف متروك؟

Tuesday, November 14, 2006

رائحة الموت



عورات الذات
تهتك سترتها
الأزمات
تتفكك أبنية وصروح
تتساقط أقنعة وعروش
حين شروق المعنى
داخل ما خبأناه
عن أعيننا وتعامينا
وتناسينا
وتعللنا
وتسابقنا نشكى
الأزمان
نسخر من أحلام
نفقأ عين الرؤيا
نحجب خلف التبرير
وهم الإنسان المتعالى
تحت حدود المحظور

Tuesday, October 24, 2006

اسمي أحمر فما هو اسمك؟



لقد تعرفت على كتابات أورهان باموق في وقت كنت ألاحظ فيه أن الكاتب بدأ يهرب بشكل ما من خطاب الرواية الحديثة وفى مقاربة أخرى كان يبدوا لى أن متاهات ما بعد الحداثة ألقت بظلالها على عالم الرواية واستطاع النقد أن يستفيد من الأدوات والآليات التى وفرتها فلسفات اللغة والمناهج البنيوية ومابعدها وواقع الاشتباك بين علمي الفلسفة واللغة وعالم الرواية فى مرحلة الانتقال لما بعد الوجودية...الوجودية التي اعطت للرواية توكيلا من الفلسفة لتكون ناطقة باسمها بين الجمهور ومكنت لنزعة إنسانية تنطلق رؤيتها من وجود(ذات) يسبق الماهية منتجة نصوصا روائية مثل الغريب والغثيان والطاعون ونصوصا نقدية مثل اللامنتمي وما بعد اللامنتمي. وهي الرؤية التي حملت أيضا فى طروحاتها ومداها نواة لفلسفة مضادة تحاول تخطي مركزية الإنسان إلى حد اعتباره العائق الحقيقي لتأزم الوجود ومحدوديته لاالعكس، وقد شكل إبداع الإنسان لهذه الفلسفة من جهة ونفيها له وتصوره عن نفسه والعالم من جهة أخرى مجالا لنوع جديد من الكتابة يدور فى فلك ما بعد الحداثة الذي تتقلص فبه الفضاءات الفاصلة بين الفنون التي تشترك في كونها عناصر وأدوات تواصل داخل الخطاب. وعلى ضفاف تلك التحولات في عالم النص من لذة النص وموت الكاتب والتناص وتداعى مفهوم الحقيقة وانفتاح الفلسفة على اللغة كان الأثر على عالم الرواية من التعقيد الى حد خلخلة شكلها وتكوينها وظهور نوع مختلف من النصوص على شاكلة كتابات ميلان كونديرا بلغة تشير لأجواء تلك الفضاءات. وفي هذا الفلك كانت " الثغرة" التي نفذت منها بطريقة تحتاج لمزيد من التحديق كتابات باموق ومنها اسمي أحمر. فعندما يتكلم الموتى وتبدي الألوان رأيها ويشتكي الشيطان ظلم الإنسان ويقول الحصان أراءه فى الفرق بين الرسم من الذاكرة والرسم من الطبيعة عندما يتمنطق الكلب مناقشاً لموقف الفقهاء العدائي تجاهه، عندما يكون العماء هو اكتمال الرؤية والمشهد المشتهى عندما يتبدى النقش والرسم لا كوسيلة تعبير ولكن كقصة هوية وحضارة وأزمة وجود فنحن بلا شك فى عالم آخر وفى حضرة فنان اختاره نصٌ يتشكل منذ سنين ليجعل منه ثغرة نفاذه الممكنة. إلا أن عالم باموق يتموضع داخل صدفة تاريخية تماهت فيها أزمة الكاتب نفسه مع إشكالية الرواية ما بعد الحداثية وبسبب هذه الصدفة تهيأ لنص باموق أن ينفذ إلى ماوراء الثقب الأسود الذى يختفى فى مكان ما بين الأوجه الفرويدية الثلاث للذات. وجاءت إسمى أحمر"علامة" فارقة فى تاريخ النصوص، تتميز بانه من خلالها رصد اورهان باموق ثقبا ما داخل بنية مثلث الوعي الإنسانى حكى من خلاله خارج ثنائية الخير والشر والصواب والخطأ واستطاع بذلك أن يعيد الانتباه لمأساة الوجود داخل إشكالية الدولة-المجتمع-الفرد، وذلك بإضاءته للعلاقة بين الذات والمكان من جهه والذات والآخر من جهة أخرى فى رؤية ملحمية تسائل مفاهيم الهوية والاختلاف وتتخطى بذلك الخصوصية التركية وأزمة هويتها الى مسائلة للوجود الإنسانى كله وجدواه مما يجعله روائى يكتب من خلال استيعابه لأزمة الضمير الإنسانى الآن وفى هذه اللحظة مثله فى ذلك مثل ميلان كونديرا ولكنه يتميز عنه بأن الأيدولجى والفلسفى يتوارى فى نصوصه ويوظف لصالح الأدبي. وقد توفر لهذا النص الانتباه والتدقيق النقدي الذي نستعرض بعضه فيما يلي من شواهد وهوامش في محاولة لاعتقال واستكناه ظرف إنتاج النص بين الكاتب والزمن والخطاب المهيمن من جهه والثغرة التى أزعمها من جهة أخرى بهدف إنتاج الأسئلة والتفاكر


هوامش و أضاءات


"حين ترك دراسة الهندسة المعمارية ليتفرغ لكتابة الرواية لم يكن قد طبع أية رواية، ولم يكن قد أنهى كتابة أي رواية، ولم يفكر قبل هذا التاريخ بكتابة رواية. وكان تفكيره كله منصباً على الرسم، وسعى طوال حياته التي سبقت هذا القرار لأن يكون رساماً" http://www.jsad.net/showthread.php?t=87428 "وضع باموق شيئاً من شخصيته في رواياته، وهذا ما يفعله أكثر الكتّاب. وعند باموق تنوع هذا الاستخدام، من استخدام الاسم بشكل مباشر أحياناً كما فعل في رواية "اسمي أحمر". فكان هنالك تطابق بين الأسرة التي عاش فيها وأسرة الرواية من خلال الأسماء "شكورة- الأم، شوكت- الأخ الأكبر، أورهان- الأخ الأصغر" وقال بأن أورهان الطفل في الرواية يشبه أورهان باموق الطفل في الواقع، إضافة إلى أنه قال: "يشبهني كل من (قرة) و(القاتل) في الرواية نفسه" http://www.awu-dam.org/alesbouh%20802/863/isb863-021.htm "لم يذهب اهتمامه بفن الرسم، واشتغاله عليه حتى بلغ الثانية والعشرين من عمره سدى، وقد استفاد من هذا الجانب في روايته (اسمي أحمر) فكتب عن الرسامين في القرن السادس عشر، وفن المنمنمات، وبطل الرواية (قرة) كان يتعلم فن الرسم (كان يسمى نقشاً في ذلك الوقت) وترك هذا الأمر ليعمل وسيطاً في ترويج المنمنمات بين النقاشين والباشوات، ومن هنا جاء التشابه بين شخصيته الحقيقية، وشخصية (قرة) الروائية. يقول اورهان باموق إن كتابة روايته هذه استغرقته ستة اعوام. وهي رواية، على غرار "اسم الوردة" لامبرتو ايكو، يتداخل فيها الخيال الأدبي والأجواء الأسطورية مع الاستطرادات الفلسفية، فتتحاذى فيها المكائد الدنيئة مع الحساسية الفنية الراقية. وهي مكتوبة من زوايا مختلفة وبأصوات متعددة تـتناوب على عرض القصّة، على غرار صوت الفنان القتيل الذي يخاطبنا من قعر البئر، أو الكلب أو الشجرة أو حتى اللون الأحمر. ومن خلال تعدد الأصوات هذا، يتيح باموق للقارىء أن يتعاطف مع وجهات نظر كل الشخصيات أو ان يفهمها على الأقل، حتى تلك المدانة منها، على غرار وجهة نظر الشيطان مثلاً. http://www.joumanahaddad.com/mokhtarat3_f.html


"في حوار مع الكاتب التركي أورهان باموق نشر في جريدة أخبار الأدب بتاريخ م 2002 ديسمبر يقول أورهان عن الكيفية التي اتبعها حتى خرجت الرواية إلى الوجود:باموك: استغرقت كتابة هذه الرواية عشر سنوات كاملة،بداية من التحضير للمواد التاريخية وحتي الانتهاء من كتابتها ،ففي البداية أمضيت أربع سنوات في شراء الكتب ذات الصلة بموضوع الرواية وقراءتها جيدا، ثم تفرغت ست سنوات كاملة للكتابة.وذلك أسلوبي دائما، فأنا الآن أكتب رواية جديدة تتطلب ذلك النوع من البحث،وهكذا أقوم بشراء الكتب ذات الصلة وأحيانا أسافر إلي بعض الأماكن وأقابل بعض الاشخاص وانصت لما لديهم من معلومات وحكايات وقد يستمر ذلك البحث ثلاث أو أربع سنوات قبل أن أبدأ في الكتابة.وبالنسبة لرواية 'اسمي أحمر' احتجت أن أقرأ كثيرا لسببين:الأول أنني كنت بحاجة إلي معرفة الكثير عن فن النقش والطباعة علي السجاد،وذلك لا يتوافر إلا في الكتب القديمة التي تحتوي المخطوطات الخاصة بهذه الفنون،ومعظمها تحتوي علي رسومات وشروحات ولسوء الحظ الجهة التي تصدر هذه الكتب ليست تركية أو عربية بل أمريكية وأوروبية.وهكذا قرأت 'الشاهنامة' بالإضافة إلي أعمال أخري 'للنظامي' وبالفعل شكلت أعمال 'النظامي' جزءا كبيرا من مادة هذه الرواية.كذلك قرأت 'مقامات' الحريري، وأري أن 'الحريري' نموذج للكاتب ما بعد الحداثي.وقرأت أيضا الكثير عن تاريخ الفن، وتأملت مئات الصور القديمة والحديثة مما كنت أقوم بتصويره من الكتب في 'كمبريدج' وغيرها.وقرأت الكثير عن رمزية الألوان في الفن الاسلامي،وعن تقنيات وأدوات الرسم والنقش التي استخدمها الفنانون الاسلاميون القدماء.وقرأت بعض أطروحات الدكتوراة الأمريكية عن الفن الإسلامي في القرن السادس عشر..أما أجمل ما قرأت والذي أسهم كثيرا في إضاءة أفكار روايتي،للأسف لا أذكر الآن عنوانه أو حتي اسم المؤرخ الألماني الذي كتبه،ويقدم فكرة مدهشة عن السقوط في الحب عند النظر إلي إحدي الرسومات،ويختار مجموعة من الرسومات الموجودة بأعمال للفردوسي والنظاميhttp://www.jsad.net/showthread.php?t=83254&highlight=%C8%


C7%E3%E6%DE




تحديث فى



21/9/2007



متابعات



Friday, October 06, 2006

نصوص تبحث عن أزمنتها




أهـل القِبـلة


مذاهب أهل جرجان مختلفة: أكثرهم حنفيون، والباقون حنابلة وشافعيون وشيعة ونجّارية وكرّامية. فإن قال قائل: "ألم تقل من قبل إنه ليس بها مبتدع؟ فها أنت تقول إن بها كرامية!" قلت له: "الكرامية أهل زهد وتعبد، ومرجعهم إلى أبي حنيفة، وكل من رجع إلى أبي حنيفة أو إلى مالك أو إلى الشافعي أو إلى أئمة الحديث الذين لم يغلوا فيه ولم يشبّهوا الله ويصفوه بصفات المخلوقين، فليس بمبتدع." ‏ ‏ وأنا عازم على أن لا أطلق لساني في أمة محمد، ولا أشهد عليهم بالضلالة ما وجدتُ إلى ذلك طريقا. ‏ ‏ قال مِسْعَر بن كِدام: ‏ ‏ ما أدركتُ من الناس من له عقلٌ كعقل ابن مُرَّة. جاءه رجل فقال: ‏ ‏ عافاك الله. جئتك مسترشدا، فقد دخلتُ في جميع الفرق والأهواء، فما دخلتُ في إحداها إلا كان القرآن هو الذي أدخلني فيها، ولم أخرج منها إلا كان القرآن هو الذي أخرجني، حتى صرتُ وليس في قلبي يقين. ‏ ‏ فقال عمرو بن مُرَّة: ‏ ‏ جئتني مسترشدا أم مجادلا؟ ‏ ‏ قال الرجل: جئتك مسترشدا. ‏ ‏ قال: أرأيت أهل هذه الفرق والأهواء اختلفوا في أن محمدا رسول الله، وأن ما أتى به الحق؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فهل اختلفوا في القرآن أنه كتاب الله؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فهل اختلفوا في دين الله أنه الإسلام؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فهل اختلفوا في الكعبة أنها القِبلة؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فهل اختلفوا في الصلوات أنها خمس؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فهل اختلفوا في رمضان أنه شهرهم الذي يصومونه؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فهل اختلفوا في الحج أنه بيت الله الذي يحجّونه؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: فهل اختلفوا في الزكاة أنها من مائتي درهم خمسة؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ فقرأ ابن مُرَّة: (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات مُحْكمات هُنَّ أُمُّ الكتاب وأُخَرُ مُتَشابِهات). ‏ ‏ ثم قال: فهل تدري ما المُحْكَم؟ ‏ ‏ قال: لا. ‏ ‏ قال: المُحْكم ما اجتمعوا عليه، والمتشابه ما اختلفوا فيه. فَشُدّ نيتك في المحكم، وكفّ لسانك عن الغلوّ في الدين. فإن هذا التعصب الذي ترى إنما هو من فعل الجُهّال. وكل من صلّى إلى هذه القبلة فهم إخواننا المسلمون.
‏ من كتاب "أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم" للمقدسي البشاري
عن:
http://thaqafa.sakhr.com/tales/story.asp?sec_id=5&story_id=38

Thursday, September 21, 2006

متابعات ومداخلات ومقارنات




متابعات
إذا كانت الجمعة اليتيمة هى الجمعة الأخيرة من رمضان لها خصوصيتها فما بال هذه
الجمعة الأخيرة

قبل رمضان تكتسب شجون من نوع آخر وتمثل علامة--- وغدا ناظره قريب



مداخلات

قيل وسوف يقال الكثير

عن أقوال البابا وهناك قراءات استطاعت أن تجتاز سياق نمطيةالتحليل لتلك الأقوال منتبهة "للظرف التاريخى " الآن وأثر تشكيله وظلاله- فيها وعليها
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2006\09\09-21\qpt1.htm&storytitle=ffتصريحات%20البابا:%20تأملات%20وتذكير%20ببعض%20المنسياتfff

الا ان هناك ملاحظتان تستدعيان الانتباه
الأولى : إذا صحت المعلومات بكون قداسته كان من شبيبة هتلر ورغم أنها كانت منظمة إجبراية كما يقال الا أن أثر الخطاب النازى لا يتوقف عند الوعى وبالتأكيد له جذور فى بنيةإنتاج هذا الرجل الألمانى الذى عاش صعود وانكسار بلاده يعود على قمة من قمم العالم ليخطب فى عقر داره
والثانية : مغزى الاستشهاد الذى استشهد به البابا واختياره لحوار بين الأمبراطور والرجل "الفارسى" كما قيل فى أجواء التحضير لتركيع" إيران" من قبل اليمين الجديد الذى لاتخفى روائحه النازية والذى يفقد فى هذه الحالة زخم الحادى عشر من سبتمبر الذى تم استنزافه فى العراق وتفكك فزاعة الإرهاب التى تكاد أن تصبح أضحوكه
--------------------------------------------------------------------------------------------------
مقارنات
رمضان منذ ما يقارب مئتى عام

وشهر رمضان هو أهم الأوقات التى ينغمس فيها المصريون فى المسرات ومختلف ضروب اللهو، فهو فى مجموعه شهر صيام وشهر مهرجانات. وقد يبدو من الغريب أن يختاروا مثل هذا الوقت للقيام بممارسات متناقضة: التوبة وتطهير النفس من ناحية ،والملذات من ناحية الأخرى،ولكن،فلعل المشرع قد أراد بذلك أن يخفف من وطأة تلك التوبه المهلكة فعمل على أن تصاحبها أوقات تخصص للمسرات (كذا!) إذ يستطيع الناس بشكل أفضل أن يتحملوا من ضروب الحرمان تلك التى تعقبها المسرات والملذات، ------ ويرى المرء فى هذا الصوم حمالين يسيرون -كما فى الأيام العادية- وهم يحملون أحمالا ضخمة أو يعملون بطريقة شاقة أطول وقت من النهار ،ودون أن يرطب حلقهم الجاف قطرة ماء ودون أن يتناولوا وجبتهم الصغيره المعهودة لتنشيط قواهم التى هدها العرق والتعب. ولكن ما أن ياتى المساء حتى يتغير المشهد،إنهم لم يعودوا نفس الرجال ،فالليل بطوله ينقضى فى الولائم وضرب اللهو والفجور.فى النهار يفعل كل امرىء قدر طاقته كى ينهى أعماله بسرعة ليخصص بضع ساعات للنوم فترى الفلاح راقدا بالمثل تحت النخلة بعد أن أنهى فى فترة الصباح عمله وترى التاجر يرقد على بنك دكانه والعامه ممددين فى الشوارع بجوار جدران مساكنهم بينما الغنى راقد بالمثل . نعسان ينتظر على أريكته الفاخرة الفتره التى تسبق غروب الشمس----- وأخيرا تأتى تلك الساعة التى طال أنتظارها فينهضون على عجل ويهرع كل امرء للحصول على مكان مرتفع وتتجمع النساء فى شرفات منازلهن ليرين حركة أختفاء الشمس ، وتبدأ الشمس تشحب رويدا رويدا ويتأكل قرصها ليختفى وراء الأفق وتنمحى والناس فى مشقة الأنتظار------ حتى أن العامه وسكان القصور والقابعات فى معاقل الحريم وكل هؤلاء يحيون بصوت جماعى، تلك النهاية التى تلكأت طويلا---- وتعلن الأغنيات الجذلانه حلول وقت المسرات ووقت الطعام، وتدوى فى كل المساجد أصوات المؤذنين الجادة تنادى الناس للصلاة، وتحدث همهمة واضطراب عام فيتفرق الناس على الفور، وتنفض الجماعات ويتبعثر المتجمعون إما إلى المقاهى وإما إلى البيوت والمساجد والميادين العامه،ويأكل كل امرىء بشراهة،ويقيم الأثرياء مآدب باذخة ويقدمون للفقراء فضلات موائدهم ويقدم الطعام للجميع بلا تميز،لكل الحاضرين،وهذه العادة،الحميده بلا شك،تطبق فى كل ولايات السلطان. ويعقب الطعام الأحتفلات والألعاب. وتسيطر الخلاعة الجامحة على كل ضروب اللهو فى ليالى الفسق هذه، وتظل المساجد مضاءة حتى بزوغ النهار، ويقض أفاضل الناس ليلهم فى حديث الرواة والمنشدون يقصون بحماسة ملتهبة،مغامرات عجيبة تخلب الألباب بطريقة فريدة،ويهرع البعض إلى الحمامات ، فهناك على وجه الخصوص تزدهر الملذات وتتم لقاءات الغرام، والعاملون بالحمامات المعتادون على هذا النوع من الأمور،هم على الدوام عصب هذه المغامرات العاطفية، وهكذا ينتقم الجنس من سجانه وطغاته، ولكن ينبغى أن تحاط مثل هذه المغامرات باكبر قدر من السرية وإلا فإن غضب الزوج المطعون فى كرامته لن يعرف حدودا ويمكن القول إن الميادين العامه الأماكن التى تعرض فيها اكبر مشاهد الدعارة والفسق مدعاة للخجل فهناك يقدم بعض الحواة والمشعوذين مشاهد شهوانية تنتهى بلوحات بالغة الأنحطاط والفظاظة تشكل فسادا مدهشا للتقاليد ، والممثلون الرئيسيون فى هذه اللوحات هم على الدوام شيخ وطفل وبرغم ذلك : فلو أننا حكمنا على تقاليد الأمه بأكملها عن طريق الميل الذى يبدية أبناء الشعب عادة نحو هذه العروض، لكونا بالتأكيد فكرة خاطئة وظالمة ،فمثل هذه العروض،الماجنه لا تجذب إلا السوقة والرعاع،ومثل هؤلاء الناس فى كل مكان،نهمون لرؤية مشاهد الغلمة والفسق بكل عريها لكن ما يدعو إلى الأسف حقا هو أن تسمح السلطات بمثل هذه العروض. بل أن مباهج رمضان تصل إلى معاقل الحريم ففى رمضان يسمح للسيدات باستدعاء العوالم وبعض الموسيقيين،ويجلس الزوج باسترخاء ولامبالاة على أريكته،ومبسم أرجيلته فى فمه،وإلى جانبه أحب زوجاته إلى قلبه ليستمعا بمتعة شديدة إلى أغنيات العوالم وصوت الموسيقى،ويحيط الزوجين بعض العبيد،واقفين من حولهما أو جالسين القرفصاء على حصيرة. ولابد أن يبدى المرء إعجابه بذلك التمثيل الصامت (بانتوميم) للعالمة الشابة وهى تصور فى خلاعة وشهوانية الصراع بين الفسق وبين العفة، ويحيط بقامتها الرشيقة حزام معقود برخاوة،يبدو كأنه الحاجز الوحيد الذى يصد عنها هجمات الحب. وتعود لتعقد من جديد برخاوة أيضا كلما بدا أنه قد بدأ يستجيب من جديد رويدا رويدا. عندئذ تنتبه العفة فجأه بعد أن نومتها الشهوة، فتعقد الراقصة الحزام من جديد وبنفس الرخاوة ويتخذ الرقص مظهرا أكثر جدية ووقار. لكن ذلك يخلى مكانه مرة أخرى لحيوية الإحساسات والشهوة التى تبدو العالمه فريسة لها ---- وتتجدد نفس الظروف وتضعف العقده الرهيفة التى تحول دون الحب وتعقدها الراقصة من جديد ،لكن الحب ينتصر ولا يعود أحد يعترض على أنتصاره وتستجيب العالمه فى النهاية لعواطفها،فتبطىء من حركتها وتبدو غارقه فى هيام لذيذ ويصفق الحاضرون لها بحماسة وإعجاب ويحدث تمثيلها الشهوانى الصامت أثر يفوق الوصف على مشاهديها، وبخاصة الزوجة فتخرج عن طورها – كما شاهدنا ذلك عدة مرات- متأثره بتلك الرقصه الشهوانية .فتصل صوتها بصوت المغنبن وتقلد حركات العالمة
من كتاب وصف مصر
الدولة الحديثة مقتطفات من ص191الى ص195
دراسة فى عادات وتقاليد سكان مصر المحدثين
تأليف ج. دى شابرول ترجمة زهير الشايب

Thursday, September 07, 2006

عربدة العجز



وتقاطع خطان
خط الصمت
وخط المأساة
والزمن يخط تحول فرشاة
ترسم معنى الأيام
تنقش لوحة
موت الإنسان
داخل إنسان
حول الخطين دماء
من الجانى ؟
أنت؟
أنا ؟
من المسؤول؟
من يملك فك رموز الخطين؟
و يأول و يحدد و يقول
----------------
؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
----------------

ووقود الخطين
أيام
تبلعنا دون
استئذان
ونظل نحدق فى
العلامات
نسترق التعليلات
رؤيا مهزوزة
لبداية رجعة فى الأيام
بداية عودة تصميم الهيكل
برسوم غريبة
بشكول مريبة
بذوات عجيبة
تتقبل لطمات العالم
فوق الرأس
دون تحرك
تتلقف لاهثة واقع
عجز مفروض
عجز معقود
غامضة أسبابه
عجز يتمكن يجتاح هوية
يقتلع هوية
يحكي قصة وئد الذات
برمال الإرجاءات
يحكى سيرة
بحر العجز و طوق الإملاءات
تتبخر مناعات
الأنسان تجاه الظلم
تتنحى مناعات
الإنسان تجاه الذل
تتهاوى مناعات
الإنسان تجاه العبودية
دورة غريبة للأعماق
تحتاج لرؤيا جديدة
للإنسان
تبحث فيما داريناه
فيما خبأناه
فيما غميناه
عن كنه الإنسان
رؤيا للإنسان
دونما إنسان

Thursday, August 24, 2006

الخيط والإبرة

تصوير أحمد نجيب

يقول واياوي في خماسيته السادسة والأربعين بعدما مات الموتة الرابعة

لا يوجد أعمق من تجربة النار إلا يقين الموت
ولكن --- ليس كل من ذاق عرف

من خماسيات وادي حميثرا

Thursday, August 17, 2006

على ضفاف الوهم المتبدد-- متاهة السبيل وإنتاج الأسئلة

جنديان إسرائيليان عائدان من جنوب لبنان.

فى المغامرة وحدها حيوية الفكر. هذا ما قلته طيلة حياتى ،ولم أقل إلا قليلا سواه----ومما أخشاه هو ان يفرض على الناس نظام صلب، فتجمد فيهم تلك الصفة الرقيقة : مقدرتهم على ابتكار الأراء والفكرالجديد أو اكتشاف الأوجه الجديدة فى الأراء والفكرالقديم ،ويستمرون على ذلك قرنا بعد قرن، إلى أن ينحدر الإنسان ومجتمعه إلى مستوى الحشرات من الجمود----فى المغامرة وحدها حيوية الذهن
الفريد نورث وايتهد.

هل ما
جرى ويجري الأن فى لبنان وفلسطين هو اللحظة التاريخية الفارقة التى طال انتظارها ؟ إن دائرة السؤال عندما تكون بين خيارات محددة سلفا لواقع مصنوع ناتج عن قراءة خاطئة ولا يعبرعن حقيقة مكوناته لن يؤدي السؤال إلى إجابة أصيلة، مما يستدعى سؤالا عن الواقع نفسه قبل الشروع فى تحليله عما إذا كان الواقع ليس الا وهما يجب تبديده أولا؟ فواقع منطقة الشرق الأوسط الذى وصل لانسداد تام في آفاقه المختلفة يحتاج إلى إعادة التفكير فى جوهره ليتسنى لناإدراك العلة فيه من أجل أن نتمكن من السؤال عن إمكانية التغييروالسبيل إليها. ومتى يكون التغييرحقيقيا سوف يصنع آلياته التى تنعتق من خلالها امكانات مهدرة قد يستعيد بها الواقع حيويتة الجدلية ليتفاعل مع جيل بل أجيال مغيبة عنه وبه، وقد يكون هذا بالضبط ما تحاول تداركه القوى صاحبة مشاريع الهيمنة فى المنطقة بضرباتها الاستباقية، فواقع وجود فصيلين يعبران عن اكبر مذهبين من مذاهب الدين الإسلامى فى المنطقة يواجهان مشروعا معلنا للهيمنة فى الصفوف الأمامية بالسلاح يبدو مثيرا للتفكير والانتباه، التفكير لكونهما يشتركان فى أنهما نشئا تحت الاحتلال المباشرفي فلسطين /لبنان وليس تحت الاحتلال بالوكالة أوالكفالة كما هو الحال فى مجموع دول الشرق الأوسط، والانتباه لقدرتهم على الصمود تنظيميا وسط محيط مناوىء مكشوف استراتجيا على المستوى السياسى. إن ما يتكشف عن الأحداث التى تجرى الأن يشير فيما يشير إلى قراءة خاطئة لهذه القوى الصاعدة من قبل مراكز صناعة واتخاذ القرار أقليميا وعالميا ويبدو أن هذه القوى الفاعلة المقاومة والمواجهة عليها إعادة النظر فى خطابها حتى لا يساهم فى انسداد الأفق مرة أخرى، فالتيار الدينى كله -لأسباب تكمن فى بنيتة الداخلية- يجب ان يحاول تخطى رومانسية وأسطورية مرحلة الخلافة الأولى كيوتبيا أرضية، فلم يعد أمامه عقود لتطويرخطاباته والتخلص من بنياه المهترئة، فإن كان قد تحقق له الكثير من المد بسب وجوده فى المعارضة أمام نظم انتهى عمرها الافتراضى كمخازن جاهزة للأمداد بكل أنواع الموفقات المصاحبة لاتخاذ اى قرار يخص المنطقة تحتاجة القوى المهيمنة، فإن هذا الخطاب المقاوم لكى يؤسس لنفسه شرعية تستند على واقع جماهيري يجتذب الأغلبية الصامتة عليه أن يقدم نفسه كبديل كفأ وبطرق ينحاز لها قطاع عريض من الجماهير، وإلا فإن الدخول فى العمل السياسى بشروطه الحالية سوف يكون مسارا لمأزقه الحتمى فالتيار السنى التقليدي داخل الشرق الإوسط مكبل بقيود بنيوية أصيلة التكوين وحتى لو وصل للسلطة فلن يعرف ماذا يعمل بها ونماذج الباكستان والسعودية والسودان وافغانستان كدول تقدم نفسها كمطبقة للشريعة وبقية الدول التى يشكل المذهب السنى أغلبية فيها قد تآكلت وتتآكل كل أرصدتها ومصداقيتها بسبب ازدواج وتفكك خطابها السياسى تحت غلاظة ممارسة الهيمنة الأمريكية عليها، وبالنسبة للحركات التى تواجة مشروع الهيمنة فى المنطقة "متعدد المسميات" فإن هذه المشاريع الفاشلة نفسها هى السبب المباشر والفاعل لهذا التغيير، على سبيل المثال حزب الله لم يقدم خطابه الحالى على المستوى السياسى ولم يقم بدوره الاجتماعى ونشاطه المدنى من خلال محاورات دينية فى أروقة قم او عتبات النجف ولكن من خلال صراع مباشر ووجها لوجه مع قوى عالمية وأقليمية مهيمنة على المنطقة ومختطفة لمراكز صنع القرار السياسى فيه ومخترقة لدوائره الأمنية بحيث أنه بدا واضحا للعيان أن جيوش وأجهزة أمن المنطقة تعمل لحساب تلك القوى المهيمنة فى تعاون لم يسبق له مثيل فى كل الحروب التى خاضتها هذه القوى للدفاع عن مصالحها الاستراتيجية بعد حرب أكتوبرأى منذ ثلاثة وثلاثون عاما لدرجة أن نتنياهو لم يستطيع اخفاء اندهاشه من السلطة الفلسطينية عقب تسلمه أسرار الدولة من بيريز وقال بالحرف : لم يكن هناك كثيرا لاأعرفه، .شىء واحد كان بمثابة مفاجأة لم أتوقعها وهو حجم التعاون بين الأمن الفلسطينى والأمن الإسرائيلى، وهذه نقطة تحسب لهم!!!-1-" وكان ذلك منذ عشر سنوات ومع السلطة الفلسطينية صاحبة القضية المركزية، قد يعطى هذا بعض التصورللظروف المحيطة بحماس و لنوع التعاون بين دول الشرق الأوسط المعتدلة بالمقاييس الأمريكية والقوى المهيمنة فى المنطقة لدرجة-- تهديد المحقق الأمريكى فى جوانتنموا للمعتقلين بإحالتهم للتحقيق فى بلدانهم ان هم لم يتعاونوا فينفذ صبره. إن قوى المقاومة التى تواجه هذه الهيمنة وجدت نفسها أمام حتمية تجويد وتحديث كل آلياتها أمام مواجهة لاحدود لخطورتها وفى ظل اختراق لم يسبق له مثيل فكان عليها استيعاب أدوات وآساليب المهيمن نفسه وإدراك مواطن قوته قبل ضعفه ويعنى هذا فى الأساس دراسته موضوعيا واستيعاب أفكار العصروشروط وموازيين الصراع فيه كما هو الحال مع حزب الله وحماس فقداصبح وجودهما يعتمدعلى تطور وسائلهما وخطابهما بآلية تواجه الواقع أى بقراءته من خلال قوانينه الحقيقية قوانين الصراع وليس خطابات الحقوق فرغم وجود قضية حقيقية وواضحة الحجج والبراهين إلا إن عنصر القوة كان هو العنصر الوحيد الذى سيطر على مسار هذه القضية وما لم تتغير موازين القوة فلا جديد فى هذا الشرق المريض ويظل السؤال عن الواقع له الحاحه المشروع، فى وقت تتخذ بعض التيارات العلمانوية والثقافوية موقف بافتراض حسن النوايا هاملتي البنية -2- وتحاول أن تلبس الواقع أزمتها الوجودية* فى عماء إرادى وهذيان يخلط السفسطه بالسياسه ولا يستطيع القراءة الا من خلال هوامش دفاترالنكسة مكرسا لايقونات تجاوزتها الوقائع ولا تليق الا بالمتاحف ومبشرا بمستقبل مزعزع الرؤية سقيم الوجدان لايستطيع قراءة نصر الله الا من خلال جمال عبدالناصر ولم يقرأ الطفرة النوعية لقتال رجال المقاومة الا من خلال جيش عبد الحكيم عامر، والسؤال المباشر الذى لم يجد اى إجابة هو ما الذى يمكن أن تجنيه القوى السياسية المعارضة من تلك السقطة الاستراتيجبة العالمية والإقليمية التى تحركت لها الجماهير وكيف توظفها إيجابيا بعيدا عن تلك الآفانات الوجودية التى مازالت تبحث عن الذات!؟ وإلى أن تتكشف إجابة نظرية او عملية تظل الشريحة الثقافوية فى منطقة الشرق الأوسط فى متاهة السبيل.

الهوامش ا-1-هيكل المفاوضات السرية بين العرب وإسرائيل- الجزء الثالث ص463 ا-2- يرى كولردج
الشاعر والناقد الرومنسى مشكلة هاملت هى مأساة الفكر، أو مأساة التناقض بين الفكروالفعل، انها مأساة رجل شجاع ذكى تمنعه تأملاته فيما ينوى فعله عن تحقيق ذلك الفعل
* يقول المثل اليابانى: يشير الأصبع للقمر وينظر الأحمق للأصبع

Wednesday, August 09, 2006

الواقع المتبدد


بين الوهم المتبدد والوعد الصادق تشابه أكبر من أن تحجبه فظاعات المجازر، وأعمق من أن تحتويه معالجات التنظير، ليس لأن العدو فى الحالتين كيان واحد بل لأن الفعل فيهما قد خرج عن النص غيرالمكتوب والذى أصبح يلف المنطقة والعالم، ليمثل مرحلة معاكسة بعد أن اُستهلكت حدود فاعلية مابعد الحادي عشر من سبتمبر كحادث تأسيسي ناقص التكوين تلقفته إمبراطورية جاهزة للتدشين وصنعت منه الأسطورة المثلى للدفاع عن النفس ضد المجهول وتهيئة المناخ السياسي العالمي لسياسة حافة الهاوية والذي في سياقه تبنى المشرّع والسياسي الأمريكي مصطلح الإرهاب وأبقاه دون تحديد للاستفادة من سيولة التعريف بحيث يتشكل كما يريد مستخدمه، وهو مصطلح يعود تاريخ استخدامه الحديث إلى هتلر والنازيين في حربهم ضد مقاومي الاحتلال في أوروبا. إلا أن القوى الأمريكية الحاكمة قد أهدرت ما تبقى من زخم الحادى عشر من سبتمبر فى حرب العراق، وفى الوقت الذي تُستنزف فيه مصداقية كل ما هو أمريكى فى زحمة ألاف الأخطاء التكتيكية فى العراق على طريقة التضحية بالجنين والأم لإنجاح العملية والتي اعترفت بها كوندليزا رايس، تتكشف الحرب على الإرهاب كفعل قتل وإبادة واستحلال فى ظل تواطؤ إقليمي عريض، ويظهر للعيان جليا خبل استعمال كلمة حرب في العراق المتهالك على امتداد ربع قرن من الحروب والحصار أمام امريكا وإنجلترا وقوات التحالف.

على خلفية هذه الأحداث جاءت عملية الوهم المتبدد التى كانت ذروة الفعل المُكبّل في فلسطين بعد أن تحولت الأراضي المحتلة إلى ساحة يتم فيها تمزيق ما تبقى من ضمير إنساني فى عرض مباشر وعالمي لأحدث تكنولوجيات الفتك الأمريكى بالأنسان الفلسطينى وبهدف الإسقاط النهائي لمفهوم المقاومة في المنطقة العربية، جاءت عملية الوهم المتبدد بعدما تم الخلط عمدا بين مفهوم المقاومة ومصطلح الإرهاب الزئبقي الذى ترفض الولايات المتحدة تعريفه قانونيا، وبعد شهور وشهور من حرب الإبادة الشاملة لمفهوم المقاومة والمدافعين عنه داخل الأراضي المحتلة عقابا للشعب الفلسطيني على خياره في انتخابات ديمقراطية وسط محيط عربي ودولي تعدى مرحلة الصمت إلى التناسي وتمني زوال الضحية كي لا يؤرق وجودها بقايا ضميره الهلامي، لتكون بعد كل ذلك علامة على تبدد وهم سيطرتهم على الواقع وتجدد طاقة المقاومة رغم إغواءات عقلانية اليأس المتنكر فى ثوب السياسة، والعجز المتخفي بزي الواقعية التى أصبحت تعني الركوع والتوسل، على حد قول وزير خارجية عربى، وتلتها عملية الوعد الصادق في لبنان لتتوالى الأحداث وتضع الأمة أمام أسئلة لن تكون الإجابة عنها على الطريقة الأمريكية باختيار الأجابة الصحيحة من إجابات معدة سلفا بل ستعتمد الإجابة أساسا على الذاكرة وقدرة التفكير التي تم أستئصالها من مواقع صناعة القرار العربي منذ أصبح السلام هو الخيار الاستراتيجي حتى وإن أعلنت علينا الحروب، وهنا يكمن المأزق.