Tuesday, October 15, 2019

الجوكر ولعبة الوجود


قراءة


في تاريخ استحالية العدالة

ما بين مفهوم الخطاب البنيوي في جوهره وسيولة التفكيك معادلة كميائية صاحبة مشاهدة فيلم الجوكر هناك بالطبع تلك الانحيازات المسبقه التى شكلت عدسات الرؤية فمعظم الاخبار الواردة عن الفيلم والنصوص الخائضه فيه رجحت عدسة رؤيته كنص عن استحالة العدالة .
فإذا كان فيلم الماتريكس في تأويل له _مشروعية _جسد بشكل ما مفهوم الخطاب والسلطة "وأثرهما " على صياغة الوجود كما وصفه الفليسوف الفرنسي ميشيل فكو فمن الممكن قراءة الجوكر كهامش تفكيكي لمفهوم العدل بالاحالة لمعاصره الفرنسي جاك دريدا ومنهجه التفكيكي

وإذا كان للكتابة أدوتها وقواعدها فللقراءة كذلك منهجها وقواعدها والنص" أى نص" سواء كان مكتوب أو مسموع أو مشاهد يعكس أفق وعي مبدعه ويحمل ايضاً في تلافيفه هامش لاوعي مبدعه ، القابل للقراءة بقدر ما يتيسر من فهم ممكن الخطاب الذى يصدر عنه ولهذا (كنت أرى ) ان النص ليس فقد يضمر لذته كما يري لوران بارت ولكنه اخطر من هذا يضمر عورته ويداريها ولعل شىء من هذا يفسر السر في الامتناع عن الكتابه عند بعض الحكماء في التاريخ من سقراط وحتى النفري
فيلم الجوكر بين الحيدة وعورة النص
بالطبع هناك قصديه فى حشد كل هذه الاشارات والمعاني والعلامات والرموز أعلاه ليس بغرض ضبط مرجعية القراءة ولكن لأشهار عدسات التحديق المستخدمه في النص ليسهل التميز بين الادوات المترجمة ومواضع تحويلها فإذا كانت الرؤية الكلية تستمد من تلك العدسات بعض الابصار فإن محاولات "التبصر" تستدعى إدواتها العرفانية والتى تنطلق من مفهوم الحيدة والعورة
فإذا اتفقنا على تعريف " الحيدة " أنها تعميتك الحق عن قناعة بأستحالته ، فإن العورة يقصد بها محاولة توصيف لعملية جوهرية الا وهى تقبل تلك المساحة المراوغة التى تصوغ ثقل الوجود على الكائن الحي و معاذيره التى هى بطريقة ما تحفز الكائن أن يستبده (من بداهه ) ويرجح غريزة البقاء على جوهر الوجود
التمثيل والتمثل والمثلة
فى تجسيد شخصية مكتوبه لتعبر عن رؤية تبدو العلاقة بين الممثل والشخصية علاقة اشكالية فبقدر أختفاء الممثل تتجسد الشخصية ما اصطلح على التعبير عنه بالاندماج تبدو حالة الاندماج في فيلم الجوكر استثنائية بأمتياز و بقصدية مبدعه لأختزان المعنى وتحويله شجن  في اول مشهد قام الممثل بأستعراض اجراءات رسم القناع الخارجي فوق الوجه ونزعه في ذات الوقت من تحت الجلد بمشاعر القهر التى افلتت مجسده دمعة مزجت الداخل بصبغة الخارج ملخصة جوهر الرؤية في الفيلم وكأنها محاكاة معاكسة لتقنية (فمتو ثانية ) لتكثيف ساعتان من المشاهدة في مشهد واحد  كعلامة على خصوصية عملية الإنصهاربين الشخصية ومن يجسدها
وبصرف النظر عن تاريخانية شخصية الجوكر في قصة السينما الحديثة وتعدد التأويلات لها فإن مآل شخصية الجوكر في الرؤية هنا هومآل تفكيكي بأمتياز فإذا كان الجوكر يمثل في ثنائية الخير والشر فالرؤية هنا تسائل المفهوم المنتج لهم ذاته الاوهو مفهوم العدل ليس من زاوية قضية تلاشى مفهوم العدل وتعارضه الجوهرى مع الخطاب الرأسمالى كزريعة تبريرية اعتذارية ولكن من من زاوية الخلل البنيوي الذى آلت له النظم في العالم نتيجه لهيمنة الرأسمالية دون منازع ، وحقيقة أن بديلها يستعصى على التشكل لتغول قدرتها على سحق أى أمكانية لقيامه في العالم ،ولكن ببساطه لأن مفهوم العدل نفسة تشبع بخطاب الرأسمالية وإرادة القوة والانحياز لاسباب التمكين فلا تفسير لمجانية استحلال العنف وشرعنة القسوة واستباحة العاجزين والتعامل معهم كنفايات بشرية بدون ، استبطان تجريم افتقارهم لشروط النجاح في داخل النظام
هنا المشكلة لم تصبح مشكلة اصلاح نظام بقدر ما هى مسألة تغولة كخطاب واقع شبه ميتافزيقي ، ما يسيتدعى استحضار سؤال وجودي عن مآل ماهية الانسان داخل هذا الواقع أوالانتباه لسؤال ما هو الانسان اصلا وجوهر وجوده في الحياة ، اهومجرد كيان استهلاكي بمعنى أن وجوده و"كرامته" وقيمته مستمد من كونه مطلق انسان ، أم أنه وجوده وقيمته يتوقف على قدرته من التأهل والاستجابه لقانون السوق أى أنه هو بالضبط ما ينتج ويستهلك ، وما يستطيع أن يراكم بينهما بما يوفر له شراء حجم وجوده من المهيمنين عليه ممن صنعوا وروجومعاييرمظهرة الوجود وفق مؤشراتهم وان قدر الانسان يتمثل في قدرته على تمويل صحته واستغلال الواقع بكل تفاصيله لصالحه فى تلك المساحة استطاع المخرج أن يجسد القهر على الشاشة كسبب أكثر من شرعي للانفجار
القهر والقاهر والمقهور
وفي الشَرِّ نَجَاةٌ حينَ لا يُنْجِيكَ إِحْسَانُ
وبَعْضُ الحِلْمِ عندَ الجَهْلِ لِلذَّلَّةِ إِذْعَانُ
الفِنْد الزماني
شاعرجاهلى شارك في حرب البسوس

القتل العشوائى في الفيلم لايبدو كتوظيف لاختلال المعايير واستقرار التمييز والظلم وحسب ولكنه رمز لتفسخ منطق الوجود نفسه ، - فالصرصار يفزع ويتخبط فى كل وجهة هارباً من سحق الحذاء محتفياً بوجوده كصرصار أنها غريزة جوهرية اساسية في  صراع الوجود لكل كائن حي ـ فشهوة الحياة كما عبر عنها اونوريه دي بلزاك 
 فى روايه بهذا الأسم بداهة وجودية  لهذا ففي اللحظه التى يتردد المشاهد أمام فعل القتل ويرتبك بين الجاني والضحية بين القاهر والمقهور يحدث خلل ما يصل من خلاله النص/المخرج الى تفعيل الانتباه لجوهر نفعية التعاطف وقوة الإحسان والتراحم "والتضايف "   كخيار وجود كان كفيل بحفظ حياة هؤلاء الشباب اصلا ضد وحش هم بذاتهم يصنعوه فخيار الفضيلة ليس خيار أخلاقى فقد ولكنه خيار صحيح ونفعى بأكثر مما يتخيل المتعاليين عليه ثقة في قدرة موهومة فليس أخطر على الوجود من الذين يتساوى عندهم الموت والحياة ومن يستقر في ضميرهم أن بطن الأرض أهون كثيراً جداً من جحيم الحياة وقسوة الانسان فالنزوع الى العدم وجه من وجوه الوجود او وجه من اوجه الدفاع عن الوجود
( ضد من ومتى القلب في الخقان أطمآن)
فلنتأمل على سبيل المثال استشراف شاعر على أفول نسق حضاري ما بعد استكمال ذروته فى القرن الرابع الهجري وتأكل تركيبته العصبية أمام بزوغ عصبيات مغايره يقول أبو الطيّب المتنبي (303هـ - 354هـ) (915م - 965م) :
فما لي وللدّنْيا! طِلابي نُجومُها ومَسعايَ منها في شُدوقِ الأراقِمِ
من الحِلمِ أنْ تَستَعمِلَ الجهلَ دونَه إذا اتّسعتْ في الحِلمِ طُرْقُ المظالِمِ
وأنْ تَرِدَ الماءَ الذي شَطْرُهُ دَمٌ فتُسقَى إذا لم يُسْقَ مَن لم يُزاحِمِ
ومَنْ عَرَفَ الأيّامَ مَعرِفتي بها وبالنّاسِ رَوّى رُمحَهُ غيرَ راحِمِ
فَلَيسَ بمَرْحُومٍ إذا ظَفِروا به ولا في الرّدى الجاري عَلَيهم بآثِمِ
إذا صُلْتُ لم أترُكْ مَصالاً لفاتِكٍ وإنْ قُلتُ لم أترُكْ مَقالاً لعالِمِ

الهوية والوجود
تمثل العلاقة العاطفية الحميمة التى صنعها المخرج كمناوشة جانبية بين "البطل " وجارته داخل وهم البطل تبدو هامش على هوية البطل الجنسية ومدى مساحة الكبت الذى يعانية أى انه فى ذاته كان مستسلم لاستحالة أن يعيش هويته الجنسية ،كان خجلا من مشاعرة ، كان مستبطن لضائلته ورافضها في ذات الآن ، لقد كان الانحياز للجسد هوية
استطاع الجوكر أن يستخدم جسده كوسيلة تعبير ولغة مبدعه وان يستعيض من خلال لغة الجسد احتجاب لغة العين تحت الماسك وانتزع بأقتدر رسائل مبدعه على هامش ذاكرة السينما من احدب نتردام حتى الجميلة والوحش
نجح النص/المخرج من رصد القسوة من خلال تفشيها فى بنية المجتمع وليس فى طبقة واحده أى انه رصدها فى كل ما يحيط بوجود الجوكر في طبقته فى محيط عمله قبل أن ينتقل الى أعلى سلم المجتمع وبهذا قدم تقرير وافى عن جوهر خطاب العنف ومدى تفشية ومشروعيته المكتسبه، فليس هناك تبرير لقتل زميل العمل الذى أعطاه المسدس الا هذا التسمم المتفشي والانتهاك المجاني والاستهتار المميت

شر البلية ما يضحك
هو تعبير صاغه العرب يناسب تلك المساحة من الارتباك بين التتراجيديا والكوميديا التى تتلبس وجود الجوكرفرغم تحول الجوكر لمكينة قتل الا أنه لم يمارس القتل كمتعه ولكنه كاد ان يمارسه كملاذ أخير أمام استحالة التواصل اصبح القتل تعبير عن الفرار من الشعور بالعدم انه العلامة الوحيدة أو الاستهلاك الوحيد الذى ينتصر به على عدمه
لقد كان عجزه عن التواصل مع حقيقة كونه متبنى عجز حتمي ويجعل من وجوده وعاهته مآساة عبثيه ومجانيه لقد شكل هذا العجز أتساق لدوافع ترجيحه للتحول" الانحياز" لكيان الجوكر لقد هدم بقتله للأم الافتراضية وجوده المفترض وحطم الحاجز الأخير لأكتمال ميلاد كيانه العدمي
الشرط الكافي للجنون
عندما تعجز البرجماتية عن تفسير الغاية يكون من المناسب لها رسم حدود الجنون ، ففي  عملية القتل المشفرة قصدياً بين الوهم والتهويم في المشهد الاخير للمشرفة الطبيه التى تمثل المؤسسة والتى تستدعي في مشهد سابق بأن نسق النظام لايأبه" به او بها " فى حين أنها على الحقيقة تتواطىء مع النظام ما يطرح سؤال معلق عن مدى حقيقة جنونه اصلا وان كون الجنون كان وسيلته الاساسية في الانتقام أم انه  كان وسيلته الوحيدة في الحضور /الوجود  كجوكر بعد "مسرحة اشتشهاده المعلن  " التى انحاز  فيها لجوهرالوجود على غريزة البقاء وهو يطلق رصاصة تدشين ميلاده كجوكر على رأس مثله الأعلى  
هنا وعلى هامش خطاب العنف شىء ما يلقي بظلال ما على مفهوم الارهاب وتوظيفه فى الخطاب السياسي المعاصر منذ الحرب العالمية الثانية عندما اطلقه النظام النازي المحتل على المقاومة الفرنسية للاحتلال ففي الرؤية هامش قراءة لمفهوم الشر المطلق ليس فقد الشر القادم من الأخر المختلف وهذا يمثل نوع من النضج في التعامل مع مسئلة الوجهة الصحيحة في مقاومة القبح هل هو قبح الآخر الحاقد أم القبح الذاتى المتولد من اسلوب الحياة ونسق الوجود الغربي نفسه ، الذى يتحكم في عملية صناعة الرأى العالمي ووضع الأوليات ويحدد ،نوع القضايا الجديره بالاهتمام ويحدد ايضا اسلوب مقاومتها ومدى تجريمها شاء العالم أم أبي بحكم تحكمه في التقنية
الرقص مع المشاهد
الرقص واللامبالة أو استعادة التحكم في الجسد على هوى المشاعر كانت بحد ذاتها لغة شفرية مركبة في الفيلم بين الجوكر والمشاهد تعكس ايقاع الواقع داخل كيان الجوكر  وزحف هذا الكيان ليتلبس الشخصية 
فبين ساحة الرقص "كادر السلالم "بين الخروج والدخول لمنزله تطور ايقاع الرقص في طرح تصاعدي ونسقية تعبير كانت في مجملها بيان ومؤشرعن مدى تمساك بنية الشخصية في مواجهة المصير منذ اول مشاهد الرقص حتى آخر مشهد بابتسامة الدم دمه هو كمسيح اللانتقام من الصالبين لوجوده

Thursday, May 09, 2019

الشاعروالهوية


عندما تكون الحقيقة عاجزة إلى درجة 
لاتستطيع معها الدفاع عن النفس ، 
فإن عليها أن تتحول الى الهجوم 
Bertolt Brecht
بين العنوان وأخر بيت فى النص شجون 
تظل علامة العنوان (الشاعر ) معلقة حتى آخر بيت فى النص
" لِيُعَلِّمَ أَعداءَكَ اللُّغَةَ العَرَبِيةْ "
فالعلاقة بين العنوان وآخر بيت فى القصيدة تحمل في طيتها جوهر خطاب يدمج الشعر بالهوية المقاومة فإذا كانت السماء في جوهر عقيدة الأمة لم تترك بينها وبين البشر المكلفين رباط الا نص محفوظ فالنص في جوهر العقيدة هو أصل رسالة النبي ، والشاعر في نصه حين يخاطب (همة الآمة) فأنما يقوم بوعى أو بغير وعي بدور نبي ولعل بعض من هذا "اشكل" على صورة المتنبي كشاعر من أكثر الشعراء تأجيجأ لهمة الأمة
أَنا تِربُ النَدى وَرَبُّ القَوافي وَسِمامُ العِدا وَغَيظُ الحَسودِ
أَنا في أُمَّةٍ تَدارَكَها اللَـهُ غَريبٌ كَصالِحٍ في ثَمودِ
يميز أفلاطون في كتابه "الجمهورية " عند تناوله لنص الألياذة بين الأماكن التى" يتكلم فيها هوميروس بلسانه هو ، ولايدعنا نعتقد أنه يتكلم بلسان أى شخص آخر" وتلك التي " يحاول بشتى الطرق أن يوهمنا أن المتحدث ليس هوميروس" ، أما حين يتكلم بلسان شخص آخر فإنه يتشبه بتلك الشخصية التى يحاول بشتى الطرق أن يوهمنا بأن المتحدث ليس هوميروس
ما يعيبه أفلاطون على المحاكاة هو أخفائها للهوية، وتبعاً لذلك التحوير، الذى يدخله الشاعر على صوته كي يكون ملائم لمزاج الشخصيات. يتولد عن هذا التشتت وهذه التقمصات المتعددة وهم في ذهن القارىء الذى يظن أن الشخصيات هى التى تتكلم ، في حين أن الشاعر ، والشاعر وحده هو صاحب الكلام (1)
قراءة في
القصد والقصيدة بين القطع والوصل
فبين الممكن والواقع والمستحيل يفجر النص الرؤا
ويكيد للمعنى كيداً حميداً فى زمن الاستباحة المعلنة فعلى لسان الرواى 
يحكي الفتى بوضوح استراتيجيته في استيلاد حق من أضلع مستحيل
يحكى قصة ترفعه عن التوحش وهو يقاوم المتوحشين يحكى كيف كان يقامر على قلامة عدل فى خلايا الجريمة وكيف يفكك طوق العجز عن رقاب الضحية
ـــــــــــــ
رأيت الفتى ذات صًبحٍ على مُهرةٍ في سماءٍ نَديةْ
يقول، لقد كنت أكتب شعراً كسَحبةِ نايٍ أمام الجيوشِ
وكنت أُهَدهِدُ نفسي الحمامة بين يديَّ
لكي لا تصاب بلونِ الدخان،
وكنت أخاطبُ روحَ العدوِّ التي في أغاني سليمان
حتى أُنَظِّفَ ريش الغراب، عسى أن تُراودَه رغبةٌ في البياض، 
وكنت أُفصِّلُ وجه الضحيةِ في حُلُمي
ثم أرفعه علماً وأُربي الهُوية
يقول الراوي في نص الصراع والقصيدة
إن القصيدة التى تصور الصراع، تمنحه معنى، وإن عمليات عسكرية جرت منذ آلاف السنين فى ساحل آسيا الصغرى، لن يبقى منها بعد أن تتغير اللغات والأديان والهويات والخرائط، إلا الإلياذة، لأن الإلياذة ترفع تلك الكومة المشعثة من الأحداث إلى مَعْنَى ما يُعين اللاحقين على تَشَعُّثِ حياتهم. ثم إن الشاعر لم يضف الإلياذة إلى التاريخ، بل نقب التاريخ عنها، كانت الإلياذة هناك بين أقدام الجنود، قشر عنها السياسة فبقى لُبُّها. نعم إن الناس «يتقاتلون على الثريد الأعفر» كما كان الحسن البصرى يقول فى أهل الفتنة الكبرى، ولكنهم فى قتالهم، وتحت غبار المعارك، يكتبون نصاً ما، قصيدة ما، سواء علموا أم يعلموا، يسعون لجمال ما، لبلاغة ما، لدرجة من الاختيار والحرية يهزمون بها اضطرارات الحياة والموت (2)
وقد كنت أكتب أسماءكم فوق سُنبلةٍ تاجُها في الغيومِ
وفي كفِّ فلاحة تَفرُكُ القَمحَ والهال أوَّلُها 
وهي تترك لوناً ورائحةً يُشبهانِ السلام
وكنت أرى شبهاً بيننا، بين من مات منَّا ومن مات منهم قديماً
أذكر، بالبشرية فيهم، وإلّا بما يشبه البشرية
........
قطع..
أن الانتصار الحقيقى للوحش هو أن يقوم بتحويلك لوحش 
(لستم بأكفائنا لنكرهكم وفي عداء الوضيع ما يضع) (3)
.......
أقول لهم، إن أَسفارَكُمْ لن تكون كشِعريَ في حب هذي البلادِ
سأكتب للشعبِ، شعبي الكتابَ المقدسََ خاصتَه،
سوف أهديه ملحمة في ثلاثين جزءاً وجُزءاً
أتيتُ أنافسُ، رَبَّ الجنودِ، ونافستُه، واستقامَ الكلامْ
أغني على مَهَلٍ، وعلى أَملٍ
أن يرانا المصوّر في النشرة الأبدية، 
عسى أن يقولَ المُراسلُ
إنّ هنا بشراً، لا أساطيرَ، 
إن هنا ولداً طيب النفس يعرف كيف يربي الحمام
أقول رأيتُ القتيلَ، يقول كفى
فغُرابُ الأعادي من الفحمِ
لن يتغيرَ، وَالنَّصرُ يُغنيكَ عن شَرحِ أسبابِهِ
لقد كُنتُ سَمْحَ المُحَيّا، ورَحباً، وأَحتمِلُ الظُّلمَ حتى أُبَيِّنَهُ كالمسيحِ
ولكِنَّهُم حَمَّلُوا القَلبَ أكثرَ مما تُطيقُ القُلوبُ
ومَرَّتْ على رأسِ عيسى الحروبُ فلا تَتْرُكوهُم،
خُذوا الدَّينْ، أقصدُ, شِعريَ الجميلَ استعيدوهُ مِنهُمْ
وأقصِدُ بالشِّعرِ، مِشيةَ شعبي إلى الصَّلبِ مَشيَ النبيّ الوديعِ الضَحِيّة
.................................
قطع..
فَلَمَّا صَرَّحَ الشَّرُّ *** وأَمْسَى وهو عُرْيَانُ
ولم يَبْقَ سِوى العُدْوانِ *** دِنَّاهمْ كما دَانُوا
شددنا شدة اللَّيْثِ *** غَدَا واللَّيثُ غَضْبَانُ
بِضَرْبٍ فيه تَوْهينٌ *** وَتَخْضِيعٍ وَإِقْرَانُ
وَطَعْنٍ كَفَمِ الزِّقِّ *** غَذَا والزِّقُّ مَلآنُ
وفي الشَرِّ نَجَاةٌ حينَ *** لا يُنْجِيكَ إِحْسَانُ
وبَعْضُ الحِلْمِ عندَ الجَهْلِ *** لِلذَّلَّةِ إِذْعَانُ
الفِنْد الزماني
....................................
وصل ..
أقولُ استعيدوا قليلاً من العنفْ،
بعضَ الوُضوحْ،
فَثَمَّةَ مُتَّسَعٌ للكِنايةِ بعد انحِسارِ المذابحِ،
يا ولدي، ليسَ هذا حِواراً مع الآخرِ الأزَليِّ، 
ولا هوَ بِالجَدَلِ الفَلسَفيِّ
هو الموتُ في الشّمسْ، لا لَبْسَ فيهِ
هيَ الحَربُ، حاورْ بما تَقتَضيهِ
ولا تنتظرْ يومَ يَقرَاُ خَصمُكَ شِعرَكَ، 
لن يقرؤوهُ
ولا تَلبِسِ اليَومَ ثَوبَ التقيةْ
وخَلِّ السِلاحَ، وإن كانَ حِفنَةَ رَملٍ رَمَيتَ بها رَتلَهُمْ،
لِيُعَلِّمَ أَعداءَكَ اللُّغَةَ العَرَبِيةْ
ــــــــــــــــــــــــــــ
قطع ..
لكن " رايخهم الثالث " يذكر بقلعة "تار " الاشورية
التي ‘كما تقول الاسطورة ‘ما استطاع جيش اقتحامها
غير انها تهاوت ترابا بكلمة مدوية واحدة..
نطقت بداخلها
برتولت برشت
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- الكتابة والتناسخ/ عبد الفتاح كليطو
2- مقدمة البردة تميم البرغوثي
3- قصيدة إن سارَ أهلي فالدّهر يتّبعُ

Wednesday, April 17, 2019

أعراس تميم


قراءة
بين المطلق والمحدود

المدينة الجاهلية، هي التي لم يعرف أهلها السعادة، وكل ما عرفوه هو مجرد غايات جسمانية ولذات حسية، وعليه فإنّ تحقيق هذه اللذات هو السعادة، والحرمان منها هو الشقاء. وهذا ما يبرر قول ابن سينا: "ولهذا يجب أن لا يتوهم العاقل أنّ كل لذة فهي كما للحمار في بطنه وفرجه"
ابن سينا: الشفاء - الإليهات، ص 424

فجوهر الرؤية تكمن فى بداية النص أو أفتتاحيته وهى الصورة المثالية للعاشق والمعشوق .. للثائر والثورة 

فلقطر الندا قصتان واحده شعبيه تغنى كتراث شعبي اقتنص من الأسطورة التى كلفت الشعب دم قلبه ما يرضيه ويرضى عنه ومن الموال حنته ،

أما الثانية فرسمية تدون غلاظة السلطه وسفهها  وسحق كل جميل تحت أقدام صناعة النفوذ والمحاصصة ، فخطاب قطر الندى المنادى عليها على الحقيقة خطاب لصاحبة وجيعة بين حب "الألفة والإيلاف"  والزواج الطقوسي

إلفانِ يا قَطرَ الندى شَأني وشَأنَكِ
لَمْ يكونا يُدركانِ من الهوى مَن منهما الثاني
ويَقْطُرُ منهما عَرَقٌ على نَحرَيهِما
إذْ تُصبِحُ الدنيا انتِشاءً كُلُّها



بالضبط بعد هذا المقطع يشرع تميم في بناء برزخ بين عالمين وزمنين  قبل أن يطلق على المشهد ياجوج وماجوج الوجود المستلب
لتكون كلمة السر للهجوم  هى يتزوجان

يَتَزَوّجانْ
فَيَكسُوانِ العِشقَ بالأختَامِ
مِثلَ وثيقةٍ مّرَّت على كلِّ الدوائرِ والحكومةُ شاهدٌ عّدْلٌ


وتاريخ الزواج فى المخيلة العربية يحتاج الى مراجعة فعلى سبيل المثال  بالنسبة لهذا الجيل الستيني الذى يسيطر على مفاصل الدول العربيه  في جانب من مخيلته تنتهى (جل) الافلام العربية الدرامية وغيرها بمشهد الزواج كختام وتتويج لنهاية كل اشكال الصراع وحل عقدة الدراما وأسعاد المشاهد ما يضمن نجاح الفيلم وغلق الباب على العروسان كمسك الختام ونهاية ابدية للشقاء

وهنا بالضبط يبدأ النص حيث ينقب  هناك عن هذا المسكوت عنه والقابع فى تلافيف المخيلة المترهلة بزحام الوهم والتوهيم  يسترسل النص في تفاصيل تدقق بكل عمق في بنية الزيف المقيم ومظهرية الأقنعة وتعليب وتصنيع وتغليف الفرح وتلفيفه برقائق  الزهو و لزوجة المظهريات المتهالكة التى تمسرح البهجة خلف قناع الادعاء والتزيف والمفاخرة ،
وسورٌ مُستديرٌ من عيونِ المُخبرينَ وراءَ صَفحاتِ الجرائدِ
ينظرون من الثقوبِ الَتَفَّ حولَهُما
ويَأتي الدينُ والدُّنيا
رِجالُ الأمنِ والوُجَهاءُ
عُمالُ الفنادِقِ, مُخرِجُ الحَفَلاتِ
والعماتُ والخالاتْ
والأعراس مِثلُ مَصانعِ الأصباغْ
شالاتٌ عليها أيُّ شَيءٍ لامِعٍ
ومُمَزَّقاتٌ بينَ رَغْبَتِهِنَّ في إظهار ما أبقى الزمانُ من المَلاحةِ
واحتِشامٍ من كلامِ الناسِ والشَيبِ الذي يَمتّدُّ الّا.. لَونُهُ
فَتَرى الملابِسَ كالضِمادِ على الكُسورِ
تَلُفُّ حولَ الجِسمِ أجمَعِهِ
لِيَبدو وهوَ لا يَبدو ويَخفى كَسرُهُ فيَبينُ أكثَرَ
والبَناتُ يَقِفْنَ أو يَرقُصْنَ مِثلَ حشائشٍ في حَقلِ صَمْغٍ
كَيْ يُرَيْنَ ولا يُرَيْنَ أَشّدَّ مما ينبغي
والكُلُّ يَجلِسُ للطعام
وكُلُّ مَدْعُوٍّ وزَوجتهُ هنا يَتَفاديانِ تَبادُلَ الأنظَارِ والتَفكيرَ فيما كانَ أو هوَ كائِنٌ
وَكَأنَّ أسراباً منَ الَبَيضِ المُلَوَّنِ جالِسون إلى الموائِدِ
كُلُّ شَيءٍ مُستَديرٌ أَملَسٌ
صَوَرٌ مِنَ المُستَقبَلِ المَنظورِ للإلْفَينْ
مِن كَرْشٍ وَمِن صَلَعٍ وَفَصِّ الخاتِمِ الوَهَّاجِ حَولَ البِنْصَرِ المَنفوخْ


لايترك الراوي من تفاصيل تغول عمليات الاحتفاء والاحتفال الصاخبة فوق ملائكية بداهة ورهافة وشفافية " الألفة والإيلاف "  أى تفصيل لم يترك أى مظهر من مظاهر "التطبيع " لم يجرده من قناعه ويمسرحه فى ساحة العرس حتى الوصول الى تدوين دستور الزواج  أوصك الشرعية

·         و يطوى الراوي النص ويختم( الفيلم)  بالمشهد الخالد في مخيلة الجيل الستينى القابض على الشرعية  بيده الغليظة ورؤيته المكبلة القعيدة

ثُمَّ يُسَلِّمونَ عَريسَهُمْ رَسَنَاً
يَشُدُّ بِهِ إِلَيهِ عَروسَهُ لَوْ نَسَّقَتْ زَهرَاً على شُبَّاكِها
 . والرسن ..حبـلٌ يُوضع في أنف الدَّابَّة   

وَيُسَلَّمونَ لَها لِجاماً مِثلَهُ
حتَّى تَشُدَّ بِهِ إِلَيْها لَوْ أَحَبَّ صَبِيَّةً أُخرَى
وَيُطْرَقُ بابُ غُرفَةِ فُندُقٍ
وَتَدُومُ خَلْفَ البَابِ تّعْزِيَةٌ عَلى قَتْلٍ تَواطَأَ ذلِكَ النّادي عَلَيْهِ
تَنَكَّرَتْ في شَكْلِ عُرْسِ باذِخٍ عَالِي المَقَامْ
حتَّى اذا اخْتَلَيَا مَعَاً فَوْقَ السَّرِيرِ
تَمَذَّدّ القانُونُ بَيْنَهُما, وَنامُوا .. بِانْسِجامْ !

اتساع الرؤية وضيق العبارة
وهكذا من براح الألفة الى صك الملكية ينطلق النص ليحكى قصة أغتيال الخيال بكمين الإجراءات ولينتبه من كان له قلب والقى السمع انه
في الحب والثورة والإيمان التعريف واحد هو
بما وقر فى القلب وصدقه العمل

Tuesday, January 30, 2018

مجرد تأملات فى بهجة الحضورالسابع


خطاب العجز العقيم والحدث الثوري

بين خطاب الاسلام السياسي الاعتذاري والمرواغ من جهة وخطاب النخبة عموماً الاستشراقي فى جوهرة والذي ينشد الاعتراف من خلال القطيعة مع جذوره ومكونات حضارته أنفجر (الحدث الثوري ) للشعوب العربية ليواجه كل هذا العجز المقيم ،
هذا الحدث الثوري الذى ابتدعته الشعوب العربية كما يتجلى فى جدله مع الواقع المصنوع قبله يبدو كأن عدوه الاساسى الذي يواجهه ليس هذه النظم المهترئه الذي شاخت فى
أماكنها وهى ساقطه لامحالة بعد أن هزت الثورة أركانها المتآكله والمسألة مسئلة وقت
فهذه نظم أنتهى زمنها الأفتراضى منذ عشرات السنين وها هى تصارع للبقاء بفزع
الملدوغ وتخوض الحروب على شعوبها وتمارس السياسة المدنية بالمجازر وهى مدججه بالسلاح ضد مواطنيها فى مشهد عبثى سريالى جوهره اليأس ، هذا الحدث الثوري يتبدا وكأنه جاء ليقتلع خطابات ويمثل قطيعه مع قيوده وكأنه شىء أكبر بكثير من مجرد سياسة يبدو وكأنه يسائل قيمة الوجود نفسه ولعل هذا يفسر هذا الاحتفاء
فيه بالشهادة وكان هناك شىء ما يصرخ في كيان هذه الاجيال الشابة أن مانحن فيه مجرد عدم تتساوى فيه الحياة مع الموت لهذا أمتهن الموت ضاعت هيبته واشتعلت الثورة بالشهداء ولن تزيدها مقاومة النظم الا اشتعال ،لقد كان أول من أشار الى أن هذه الثورة ما بعد حداثية فى أيامها الأولى الشاعر تميم البرغوثي ولم يكن هذا القول منه نوع من انفعال الشعراء فهو من القلائل الذين لا يلقون القول هكذاعلى عواهنه ولكنه كان يتكلم حينها
بلسان الأكاديمي فى العلوم السياسية المتوحد مع مظلومية هذه الأمه المستهدفه والأسيرة لنظم عميلة
بداية ما معنى الحدث الثوري
فكر الحدث عند هيدجر
Ereignis
ليس فقد يشير إلى تملك الخصوصية
( Eigen )
( Enteignis )
بل الى نزعها أو ما يسميه بالمصادرة
(و يقول "دريدا " الامتحان الذى يمر به " الحدث " يكمن في تلك المساحه بين انفتاح
على التجربه وصدها فى نفس الآن أو هو عدم القدرة على تملك ما يحدث . الحدث هو الشىء الذى يحدث وهو في أثناء حدوثه بمقدوره أن يفاجئني أن يفاجىء وأن يعلق الفهم نفسه ..فالحدث قبل كل شىء هو ما لا افهم بشكل أولي بل هو يكمن قبل كل شىء في
الا افهم بشكل أولى .أي (حقيقة) أنني لاأفهم ، أي عدم فهمي هذه هى الحدود الخارجية والداخلية معاَ ..تلك هى النقطه الجوهرية ،ورغم حتمية وضرورة هذا الميل إلى الاستيعاب . إلا أن"الحدث " الجدير بهذا الأسم لا يتواجد إلا حينما تخور قوى هذا الاستيعاب على حد
من الحدود . لكنهاحدود لاجبهة لها ولامجابهة ، حدود لايصطدم عدم الفهم بها وجهاً لوجه ، لانها حدود لاتتخذ شكل الجبهة المانعة ، وذلك لأنها تفلت من حيث أنها تظل دائماً منفتحه ومرواغه إلى جانب كونها غير محددة المعالم . ومن هنا تمنعها على الاستيعاب واستحالة التنبؤ بها. ومن هنا أيضا تمثل المفاجأة المطلقه التى تمنتع على الفهم ، وهنا إمكانية التعرض للخطأ ، والجدة التى لم يسبق لها مثيل وتفردها الصافي النابع من غياب أى أفق للتأويل)(1)
الثورة لا تأتى لتتحاور مع الواقع. أنها محولجي التاريخ فى قطار الزمن هى فى فعلها التاريخي لا تأتى لتنحاز الى ظالم أو مظلوم ولكنها بخلخلتها للفعل في الزمن وتعريتها لهشاشة السلطة وتمزيقها لاسطورة سطوتها تفعل حالة من التمكين لقوى مكبله وتفك
قيدها وتملكها الوسائل للحضور الفاعل والمؤثر فى مركز السلطة وهذا فيه شىء من
تفكيك الواقع فإختصار الواقع الى نظام هو اختصار مخل فهذا النظام لم يكن مجرد
مجموعة من الأشخاص بعينهم أنه خطاب له مركز وهامش وله شبكته الداخلية وتشابكاته الإقليمية والعالمية وكل تلك التركيبه هى عنصر مشارك فى الصراع بحتمية لامهرب منها
لقد بدأت الثورة بتمكين الأعزل والمهمش من الحضور والظهور فى المشهد السياسي هذا الشباب الذى كبله النظام وقلص وهمش وجوده تماما فاصبح مستقبله يصاغ وفق تحكم
شبه كامل من قوى الهيمنة وذراعها الإقليمى والمحلي وطبيعي أن جزء من النواة الصلبه
فى الفعل الثورى ممن يمثلون خطاب الهامش وتشكلاته المختلفة بدأمن التدوين ثم
الفيس بك و التويتر اى كل الوسائل الغير خاضعه لتحكم خطاب المركز،
حاول واحد من أكبرمنظري اليسار المصرين الاحياء تصنيفها كعنصر من عناصر التكتل الثوري تحت عنوان ( "الشباب المسيس" والمنظم في شبكات مرتبطه ببعضها بعض ،
يصل أعدادها الى مليون شاب يمثلون ما يمكن أن نطلق عليه الجيل الجديد. تنحدر أصول
هذا الشباب من الفئات الوسطى أساساً بما فيها الفئات الوسطى الدنيا القريبة من الفئات الشعبية ، لكن دون أن يوجد بينهم جناح شعبي بالمعنى الصحيح للكلمة أى أبناء عمال وفلاحين فقراء..ألخ لقد سيس هؤلاء أنفسهم خارج الاحزاب وفي إطار نظام ألغى الحياة السياسية لعقود ، وهو أمرفي حد ذاته يستحقون عليه الثناء ، لايكون هؤلاء الشباب قطعاً كتلة متجانسة ، لكن التيار الغالب بينهم يطالب بما يتجاوز المطالب الديمقراطية البسيطة ، لاتقف المطالب عند مجرد الانتخابات النزيهة والمتعددة الأحزاب ،متجاوزة ذلك الى حرية التعبير وحرية الممارسة الاجتماعية ، فهى إذا مطالب ديمقراطية صحيحة وكاملة ) (2) .
وهنا فتأويل حدث 25 يناير ما هو الا أنتباه لأحد عناصر فعله التاريخي فإرادة الشعب هى ممكنه التاريخي المتراكم بين عبقرية المكان وجاهزية قاطنية تاريخيا لتحمل عبأهم
الوجودي في ومع العالم خارج معادلة الفرعون والفلاح ،فجوهر 25 يناير كان أجماع على رفض نهج الفرعنة وهذا الاجماع (أى أجماع الشعب على ما لايريد ) كان جوهر تمكين الأعزل (3) وهكذا بمعادلة الميدان والشهيد كان مأزق النظام ولايزال هو خروج الناس ، لهذا فحدث 25 يناير حاضر بمحاولات تغييبه وليس بقدرة مؤيديه لايزال 25 يناير قائم يرعب خصومه وليس بتكتل أصحابه فليس لـ 25 يناير أصحاب غير الشهداء وهذا هو مصدر استعصائه على أعدائه في الداخل والخارج ،ولا تمكين لـ 25 يناير الا بالقصاص للشهداء ومعضلة هذا القصاص هو حتمية مواجهة المؤسسة العسكرية التى تم أختراقها بالكامل فهى تدار بأوامر مباشرة من الإدارة الإمريكية ومن خلال وكلائها الدائمين أقليمياً بالتمويل ودعم نظام على رأسه العميل المدرب والمرضي عنه صهيونيا وواهم من يعتقد
أن حدث 25 يناير لم يبدأ في تفكيك المؤسسة العسكرية العميلة منذ أن أوكل اليها في بداية الحدث الإشراف على السلطه بعد الفرعون لقد كان الفرعون بذاته أكبر حجاب لها وهى في نظر رجل الشارع الأن تبدو كوتد عارى بدون خيمته وهذا هو بذاته أول سبيل الى تحييد الجيش عند أول حراك شعبي كاسح مجمع على القصاص للشهداء سيسقط هذا المجلس العسكرى العميل تماما ويسمح بظهور رجال من القوات المسلحة تنحاز الى
الشعب على الحقيقة وتعيد الجيش لدوره الإساسى تحت رؤية واضحة للأمن القومي وكما أسقط الشعب وحده الفرعون سوف يسقط بكل يقين في بضع سنين "هى في عمر الشعب بضعة أيام" الخونه من جنوده وكلابه المدربة . فلم يكن 25 يناير مجرد هبة أو حركه شعبية ولكنه إرادة تمت على مهل و قدر وستستمر على بصيرة حتى اسقاط النظام مهما
تفنن سحرة الفرعون وعاندة أوتاده فلا فرعون بعد المخلوع ولا أوتاد بدون فرعون
صناعة الفرعنة
الفرعنة رغم كل شىء ليست مجرد فهلوة وحديث ناعم واستخدام عشوائى للبطش أنها صنعة لها كهانة وطقوس أعقد وأدق من أسرار التحنيط..وهذا نظام شائخ فاشل ركيك .. المؤسسة العسكرية العميلة لن تستطيع السيطرة على بنية الجيش الى الأبد لقد قتل الجيش الوطني !!! فى شهور من المواطنين المدنين العزل والنساء والاطفال عدد أكبر من الذين قتلهم جيش الأحتلال البريطاني فى 70 سنه ،.السيسي استهلك فرصته كفرعون وهو
يتعجل بفهلوة التفويض من الشعب فكسر بغشوميه ركن من أركان الفرعنه من حيث
لايدرى ولن يدرى فهو مجرد بلطجي سفاح ..ولا أوتاد بغير فرعون ما يحدث هو تفكك
كامل لبنية الفرعنه رغم كل مسرحيات الملايين المعدوده من الفلول ومركزها في القاهرة عاصمة الفرعنة العتيده والموالسه مع النظام بعنصريه ضد كل ما ينتمى الى الهامش ،هذا نظام استقر على عقيدة من البلطجة والاستباحة ورزق البلطجية على المذعورين فالبلطجى ليس له ولاء ولا عقيده ولائه لمن يدفع أجره أو يملك ملفه أمام طوفان من آجيال شابه
أسقط حدث 25 يناير الثوري الشعبي ببراعه متناهية أمام عينها فى ”بضع سنين“ كل أوهام السلطه وسدنتها وقضائها ومسوخها من رجال الدين ونخبها وحتى معارضتها
المدجنه وكشف الغطاء فلا راد لهذه الآجيال بمعسول الكلام أو ببطش مذعورسيدمر هذا الجيل لعنة الفرعنه وسينتزع مستقبل حر... وينتصر بدمائه الشريفة النقية وبشهداءه أصحاب الحدث الحقيقيين الذين لايفاوضون ولا يساومون ولا يهزمون .
انتصر الشعب فلا تستعجلوه
هوامش
(1) ترجمة لحديث لحديث لجاك دريدا دار في 22 أكتوبر 2001
مع جيوفانا بورادوري ترجمة صفاء فتحي ص 59/60
المشروع القومي للترجمة
(2) سمير أمين
ثورة مصر وعلاقتها بالأزمة العالمية
الطبعة الأولى دار العين للنشر 2011
ص 15 ،16

Tuesday, December 13, 2016

الحلقة الثامنة مع تميم الضيم جنسية

الضيم جنسية
شالتنا جرافة كشيل الداية للولدان 
ومثلما تكب التراب بماحل الوديان 
كبتنا في شارع على شارع على شارع 
وكل شارع صب في الميدان 
الف سرب غزلان

غزلان تلا غزلان 
تكرم ولا تنهان 
لو شافها ع الخلق 
يطمن الرحمن

غزلان صفوف صفوف
بين الغضب والخوف 
تحمل سبع سموات 
ع زنودها والكفوف

غزلان وردية
تنده ياغربية 
وياكل صاحب ضيم
الضيم جنسية

غزلان قمرديني 
تهديك وتهديني
وتهدي لكل مظلوم 
لقب فلسطيني


قراءة
ماذا تقص علينا غير أن يــدا قصت جناحك جالت فى حواشينا
إن المصائب يجمعن المصابينـا
أنْدَلُسِيَّة ٌ: أمير الشعراء
أحمد شوقى بن على بن أحمد شوقى بك (16 أكتوبر 1868 - 14 أكتوبر 
1932)
في هذا النص مع تميم الضيم جنسية
تحيط كلمة الضيم بالحكي احاطة السوار بالمعصم ، والضيم كلمة كثيفة الدلالة عن الظلم المستوطن والمقيم الضَّيْمُ الظلم وقد ضَامَهُ من باب باع فهو مَضيمٌ و اسْتَضَامَهُ فهو مُسْتَضَامٌ أي مظلوم وقد ضُمْتُ بضم الضاد أي ظُلمت وبين الضيم والإِضْمَامَةُ قرب ونسب و الإِضْمَامَةُ الجماعة من الناسِ وغيرِهم ينضمُّ بعضُهُم إِلى بعض ليس أَصلُهم واحدًا .
فبين شيل الداية للولدان بكل ما يحمل المعنى من الانتباه والرعاية والفرح والإلفة والحنين وبين عنف وغشم وغشامة وتشتيت وتمزيق وخشونة الجرافة يكثف الراوى المعنى ويحفر بينهما للضيم أخدود ويوشم وعى المتلقى بالصورة ويهيأ للنص مُتَكَأُ
ورغم أن النص بكل تركيبته لايختلف عن نصوص كثيرة توصف التهجير والتقتيل ومظلمومية الفلسطيني الا ان المفارقة والإحالة هنا "لاتولد" من الدال مدلول مختلف ومغاير فحسب، ولكنها تفتح الأفق لخطاب مغاير لا يكتفي باستنكار وشجب الضيم ويستظلمة ولكنه يواجهة ويتحداه ويحاوطه فالرؤية هنا تصدر عن وعي مغاير له بصمه مغايرة عن رؤية مغايرة لاتسترخي على حائط العدل وبداهته ولاتستصرخ القانون وتنفض أهوائه وتحيزه ولكنها تستنهض الوسيلة للصراع وتحررها وتدفع الناس بعضهم ببعض كما أراد الله وشاء
يا أُمَّتي أَنَاْ لَستُ أَعْمَىً عَنْ كُسُورٍ في الغَزَالَةِ،
إنَّهَا عَرْجَاءُ، أَدْرِي
إِنَّهَا، عَشْوَاءُ، أَدْرِي
إنَّ فيها كلَّ أوجاعِ الزَّمَانِ وإنَّها
مَطْرُودَةٌ مَجْلُودَةٌ مِنْ كُلِّ مَمْلُوكٍ وَمَالِكْ
أَدْرِي وَلَكِنْ لا أَرَى في كُلِّ هَذَا أَيَّ عُذْرٍ لاعْتِزَالِكْ
وهذا هو بالضبط موقع الأخت ـلاف فى نصوص تميم البرغوثى وما يميزالرؤية التى يصدر عنها كرؤية تحويل وليست رؤية ترجمة رؤية تأصيل وليست رؤية تأويل رؤية انحياز صريح لاتدثر بخرافة الموضوعية وزيفها فى مقاربة صراع وجود لالبس فيه ولامواربه
ومثلما تكب التراب بماحل الوديان
كبتنا في شارع على شارع على شارع
كلمة (الكب) هنا لاتبدو محايد ولامبالية فهى فى موضعها تعميق لدلالة فقدان الحيلة والايحاء بالاستلاب والاستسلام والتكبيل بين أجساد الناس وفولاذ الجرفة العملاقة" الكب" هنا دلالته القهر ولاتكافىء القوى وهكذا يكثف الراوى من التأكيد على قوة وجبروت الظالم واستبدادة وقلة حيلة العزل وتشتتهم
وكل شارع صب في الميدان
الف سرب غزلان
غزلان تلا غزلان
وهكذا تتحول المظلومية المُسْتَضَامٌه بالتراكم الى أسراب
وههنا ينقلب الخطاب رأس على عقب بين الأعزل والأعزل بين المظلوم والمظلوم حتى يلامس عنان السماء فلم يكتب الله على نفسه الظلم
تكرم ولا تنهان
لو شافها ع الخلق
يطمن الرحمن
عن أبي ذر رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه عز وجل أنه قال : يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرما فلا تظالموا
هذا الحديث خرجه مسلم من رواية سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن زيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر ، وفي آخره : قال سعيد بن عبد العزيز : كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه . وخرجه مسلم أيضا من رواية قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يسقه بلفظه ، ولكنه قال : وساق الحديث بنحو سياق أبي إدريس ، وحديث أبي إدريس أتم . وخرجه الإمام أحمد والترمذي وابن ماجه
غزلان صفوف صفوف
بين الغضب والخوف
تحمل سبع سموات
ع زنودها والكفوف
هنا يحول الشاعر في عناصر الاشياء ويعيد ترتيب الكون فيقوم بتخصيب الغضب ويعدل فى معامل رؤيته عناصر طاقة الخوف لتناسب معادلها الكونى في الأرض والسماء ليصل الى خلاصة الرؤية وخلاصها فإذا كان هذا العالم قد استقر على الظلم فالمظلومين فى الأرض أغلبية مطلقة وما فلسطين الا عاصمة لهذه الأمبراطورية المظلومة غير الموحدة
غزلان وردية
تنده ياغربية
وياكل صاحب ضيم
الضيم جنسية
غزلان قمرديني
تهديك وتهديني
وتهدي لكل مظلوم
لقب فلسطيني

Monday, December 05, 2016

الحلقة السابعة مع تميم النادل

خادم أقدم في الفنادق للزباين كل شي:
إم الرجيم أعطي لها كنافة
وإم الخواتم في أصابعها الخمس أسكب عليها الشاي
والسائق الهلكان أهيئ له تخت في المقعد الخلفي
والشرطي أعطي له هدوم مخططة بالعرض
والمعتقل أعطي له رتبة ع الكتف ونجوم
وام العروس وبنتها اللي مضبطة الماكياج
كنّ وجوههن من بوسلان
أرمي عليهن منشفة
وام العشر أطفال أهديها ثياب العرس
واعطي رجلها موظف الديوان
أرجيلة
والطفلة أعطيها عرش أو صولجان
وأصب للحاكم قناني من هوا
وأشلحه الحق المقدس
والقاتل اعطي له كفن
واعطي القتيل اللي انغدر
ساعة تشفي في العدى
والشاعر المهمل هناك بأبعد الأركان
فلت له مرحبتين
واطلَّعت بعيونه
حطيت قدامه المسدس


قراءة

من الصعب تحديد الوقت الذى تنتهي فيه حكاية ، الوقت الذي يشعر فيه المتلقي ،انه أمام حكاية تامة وكاملة .إنها مسألة تتعلق بالعصر وبالنوع السردي وبالتقاليد الأدبية .
عبد الفتاح كيليطوا
نادل تميم يمارس سلطة غامضه تحت ستار خدمته فيها شكل من أشكال البذل والعطاء ولكنه مريب فهو لايبدو محايد بين الفندق و الذبون أنه يمارس نوع غامض من "الفعل والاختيار" مكن النص من التشكل في بنية مفارقة بين وظيفة النادل التى تتلخص فى النقل على "قاعدت الذبون دائماً على حق" وهذا النادل الذى يعيد ترتيب الكون وترتيب الاشياء لاتتبدى عبثية النادل مجانية أو عشوائية أو ساخرة فحسب ولكنها تتصاعد من بداية النص الى آخره تتقنع بالغرابة على هامش فعل التبادل والتوافق بين مطلب الذبون وتخمين الملائم ، فهو نادل يمارس إرادة ويدفع زبائنه دفعاً الى الدهشة ورغم كل تلك الغرائبيه المتصاعدة التى تبدو عبثية فى أول الأمر وطريفه الاأنها مع تتالى ابيات النص تستجلب الحذر والانتباه فهذا النادل لايتخبطه الخرف ولكنه يبدو ذو إرادة هادفة ورؤية فى واقع مستلب ومَشِيء وهذا بالضبط ما يخيف في النص وليس المسدس