Friday, June 29, 2007

بغتة المعنى بين الذاكرة والخاطر




فتنة الحكي

في مساء صيف من أصياف الثمنينات بين الفندق فى مدخل المدينة ومقام السيد أحمد البدوي وصدى إيقاع حدوات الخيل على الأسفلت يدوي
، حكى سائق الحنطور حكاية بين الشعر والنثركان قد سمعها من جدته تحكيها عن جدتها لزبونه المغرم بالحكي وصديقته، تقول الحكاية
مرة ثلاثة ولاد برغتش
اتنين عمي وواحد ما بيشوفش
اللي مابيشوفش لقى ثلاثة خردة
اتنين ممسوحين وواحد مابيروحش
اللي ما بيروحش جاب ثلاث طواجن سمك
اتنين فاضيين وواحد مفهش
اللي مفهش كفى ثلاثة
اتنين غضبوا وواحد مكلش
لم تبارح تلك الحكاية موقعها من الانتباه والتأمل بين الذاكرة والخاطر رغم أنها انتقلت لي شفاهة وعنعنة عن سائق الحنطور عن جدته عن جدتها منذ كانت هناك عملة فى الديار المصرية تسمى عشرين خردة سارية القيمة ولا زلت أشعر بهذا الخدر الذى لف كياني أول مرة سمعتها للحظات على أثر دوي المعنى عندما ينسج اللامعنى على نول الزمن وكأنها عملية انعتاق من أسر الزمن وانشطار في صمدية المكان، لقد انتقلت الحكاية بعدما تعاورها الرواة وقلصت حوافها الأزمنة ومص رحيقها وباء فقدان الخيال المكتسب، ولكن هكذا الحكي/النص المحنك له أحابيله منهاغرامه بالشكل والترتيب، فهناك ظلال لنظام سردي مرتب بصرف النظر عن اللغة والدلالة --- ثلاثة ثم اثنين ثم واحد-- نظام يعمل كحجاب يستبطن السخرية وفى نفس الوقت يحيط باللا جدوى المرصودة والعجز المقيم
اتنين عمي وواحد ما بيشوفش
اتنين ممسوحين وواحد ما بيروحش
اتنين فاضين وواحد مفهش
اتنين غضبوا وواحد مكلش
ليصوغ ذلك نصا حمال أوجه متعدد الحقول منفتح المواسم، يحكي و ينسج أحبولته ويرسم دائرته متهكما على الفعل الذى يحاكي طواحين الهواء باذرا مقدمات عاجزة حاصدا المستحيل ساخرا من اللغة نفسها موقعا النغم فى بحر من الغم ، ثلاثة فاقدين الرؤية يقوم بفرزهم فى مساحة لغوية تختلف فى الشكل والتشكيل وتشترك فى المعنى والتأويل ليقوم بتوظيف الشكل ضد المعنى
اللي مابيشوفش لقى ثلاثة خردة
اللي ما بيروحش جاب ثلاث طواجن سمك
اللي مفهش كفى ثلاثة
وهنا يفسح مبدع النص المجهول للتأويل أحجية فكونه " مابيشوفش" لا يعنى استحالة أن " يلقى " متكأ على رصيد ومدد من المخيال الشعبي عماده أمثال ومأثورات وحكم تمثل بنية وشبكة تحيط بالوعي مثل " تيجي مع العمي طابات" والحظ لما يآتى يخلي الأعمى ساعاتي" و"قيراط حظ ولا فدان شطاره" وأدينى حظ وأرمينى فى البحر- بختك يا أبو بخيت ، لهذا ايضالامانع أن يروح يوما ما اللي ما بيروحش ، مخصبا المعنى لاستيعاب أن يكفي اللي مفهش ، متعمدا الانحياز لللامعنى واللا معقول غير محتاج إلى أن يطلع الشجرة ليأتي ببقرة ، منشىء سردا لايبالي بمآل هذا الحظ الحاضر الغائب الذي يسير فى طريق دائري حابكا نسيج استدارة حكايته ليكورها فتغدوا سردية قابلة للاستمرار لما لانهاية دائرة مع اللغة والمعنى قدر ما تطيق اللغة ويتسع المعنى، ولايخطىء من يصيخ السمع ، أن يرصد صدى " وكأننا يابدرلا رحنا ولا جينا " مدمجا خلاصة سيرة بحجم سيرة بني هلال، وكأنك يأبو زيد ما غزيت، مطاردا بها كل أبو زيد فى أى زمان إلى جانب رصيدا من التناص بحجم اللامبالاة المقيمة
أحيانا يتسرب ضوء هذه الحكاية منعكسا من الذاكرة مباغتا الخاطر، فأعاود التأمل فيها مستحضرا الأثر ومحدقا في المعنى على ضوء ما استحدث من رؤا فتكشف بدورها عن بعد من أبعادها أحيانا أحاول الإضافة بدأ من واللي مكلش--- في ممكنات مختلفة و في رحلات مختلفة ولكن فى نهاية كل رحلة دائما ما أعود وأفكر في هؤلاء الثلاث الذين أبدعهم الراوي ليستنفذوا يومهم في الحصول على طواجن السمك الفارغة ليناموا فى النهاية من غير عشا

Thursday, June 21, 2007

فلان الفلاني والحكي التدويني







يقول لوقيان : البداية نصف كل شىء


فلان : كل مايحزننى ياوداد هو العمر الذى راح هو صمتك اللانهائى ، ربع قرن الان و لم يهدأ حزنك ابدا ، انا مستعد لاحتمالك حتى الموت وفى الباقى من ايامى سأجلس كما اعتدت الى جوارك و سااحكى لك بالتفصيل كيف استطعت وحدى الوصول اليك ، وكيف بقينا معا حتى الان ، رغم حسنى مبارك ، ورغم الآلام التى يسببها لى صمتك الابدى ورغم قلبى الذى مات نصفه من زمان .. ؟ من حكاية نصف قلبى مات علان : بين كل الحكايا وممهدات الحكي يتقاطع الزمن مع المعاش ولكن هذا المعاش بكل زخمة وتموضعاته وابتذالاته يتحول فى الحكايا الى ما يمكن القول عنه إعادة تركيب المعنى والزمن، ولكن أى زمن؟ فهنا يجب الانتباه! فعبارة الزمن الجميل يتداولها الإعلام منذ آمد فى تواطىء غامض على الزمن والذاكرة لتكون تلك العبارة لها فعل السكين فى الزمن تحفر أخاديد للتحسر والتباكي على الأوهام ---- فهى عبارة مجرمة تأسس للانقطاع، يتنكر فيها العجز فى ثياب الحنين، تلك العبارة المبتذلة عاطفيا والمهلهلة فكريا التى أصبحت لازمة فى التباكي على الزمن الجميل ويعقبها التحسرعلى ما لم يكن له وجود اغتيالا لماضي حقيقي كان و إهدارا لحاضرموجود مهدر الإمكانية، يواجه فلان هذا بسلاح الموت وهذا هو سر الموت عند فلان ، فالموت عند الراوى – الذي أصبح محولجى لقطارات الأزمنة داخل الحكايا- الموت /الحقيقة الوحيدة التى لاجدال فيها ولا مراء أصبح هو فاصلة العبارات داخل الحكايا...... يقول الراوي : ومن يريد النجاه إذا كان الموت هو شرط الوجود فى واقع (1) ميت




فلان(2) : قولها يا أخي قل أني متشائم


علان :التشائم أخى الحبيب أكثر تفائلا مما نظن فهو حيلة من حيل شهوة الوجود،هو أحد سجون الزمن السرية، الفنان يحتاج التشاؤم فهو المرآه التى يتجاوز من خلالها الممكن أن الأيجابى فى التشائم هو إدراك العجز بنيويا فى المقدمات فتخبو دهشة الترقب وتتحول لمتابعة لامبالية ، فالتشائم كالتفائل هامش من هوامش الوجود يقول المتنبى الالاارى الأحداث مدحا ولاذما-- فما بطشها جهلا ولاكفها حلما إن واقع الشرق فى تراجع منذ القرن الرابع يا فلان ورغم ذلك شهوة الحياة لازالت تملأ جوانب هذا الشرق العتيق ، هناك مستويات من الوعى تبتلع التشائم والتفائل معا وهذا هو دور الفن مع الفنان- إلا ليت شعرى هل أقول قصيدة – فلا أشتكى فيها ولا أتعتب-- فأحلامنا ظلت أحلام لأنضواء مفهوم الصراع فى بنية الوجود الشرقى والأرتكان إلى مفهوم الحق والعدل ،عندما حضر كرومر أحتفال وسمع المغنى يغنى ولاحظ أنسجام وتفاعل الحاضرين فسال عن المعنى فترجموا له قول المغنى حبيى فين يا ناس هاتوه فتعجب من هذا العاشق الذى يريد ان يحضروا له الحبيب ولكنه لم يكتف بالتعجب بالتأكيد، ولم يدرى حينها ان هذا المعنى له مثيل أقدم منه حيث يقول الشاعر :الا ليت ربى يأتنى بليلى ويبطحها ويلقينى عليها... وهكذا المعجزة هى المشكلةعندما تتحول الى عجز، وصف هيجل عمانويل كانط عاجزلأنه يطلب المستحيل وبالتالي لاينتهى إلى أى شىء واقعى. إن هذا الوصف يصدق أيضا على المتنبى الذى يعى بعمق أنه يطلب المحال من الزمن—أريد من زمنى ذا أن يبلغنى- ماليس يبلغه من نفسه الزمن--- ورغم علمه بالهزيمة سيعاود القتال إذا كان له فى هذا الدهر حق لن يقعد دونه مستكينا لنا عند هذا الدهر حق يلطه—وقد قل اعتاب وطال عتاب وهكذا يا أخى لا يسعنى القول لك أنك متشائم فما معنى قولى لفنان أنت(3) فنان


فلان: حين تحب المرأة رجلا تحبل منه ويمكنها ان تنجب طفلا يشبهه ، وحين تعشقه تحب لياليها معه


وتستطيع التمييز جيدا بين الليل الحقيقى والليل المزيف .. لكنها الوحيدة فى العالم التى تسمع زوجها وهو يشخر فى سره (4) دون ان يصدر عنه اى صوت ..؟ علان: النص يوحى بلون أدبى جديد تحول فيه التحليل السياسي من شكل المقالة الي المحكية التي تشبه القصة القصيرة فى عملية تهجين تحول فيها المعاش واليومي الى شكل يتراوح بين تقرير الواقع وتخيله من خلال الفن، بين المباشر والمفارق فى محاولة مستمرةلاقتفاء أثر المعنى واعتقال اللحظة قبل ان يغرقها الزمن ويدخلها مولد النسيان..... ما أقوله وما كنت أفكر فيه تحول من فكرة عابرة لم تبارح مكانها عندى منذ بوست هذا آوان الهلوسة 10/ 3 /2006 بوست الخبل .....؟13/3/ 2006 و ترواح النص عند فلان بين هذا الشكل الجديد والمقالة وكانت الصورة والعنوان نصوص موازية ومتناغمة فى كل بوست فى انسجام بين المرأى والمقروء، بين الصدمة والسخرية فى الحاح ودأب يشبه الصدمات الكهربائية لقلب متوقف ويبدوأن اللون الجديد كسب الجولة مع المقالة فى بوست جامعة الدول الوهمية ومؤتمر القمة المهلبية/3/2006 29 الذى هاجم بنية المعنى بتدمير اللغة نفسها ومنذ ذاك المقال وقّع الفن عقد توكيل مع الفنان لإنتاج هذا النوع الأدبي الجديد (genre) الذى يستحق الاحتفاء من النقاد، لم تختف المقالة التى وصلت معه الى ذروتها بل أصبحت لها وظيفتها التمهيدية والتفسيرية أحيانا كوسيلة ترسم طريقا للمعنى وتصقل شكلا لفن كشف أدواته لوعي الكاتب واحتفظ بأسراره داخل لاوعي الفنان وليدشن نوع من الكتابة ينتصرللفن من شح المعنى ويخطف العلامة والمعنى من بحيرة البجع ليضىء بها بحيرة الوجع....... لازلت فى شاطىء القراءة فى نصوص فلان---- (5) منذ أن تبدل الأسم من فلان الفلانى إلى حكايا فلان الفلانى حسم الفنان الأمر مع الكاتب ، ولكن الكاتب ولأنه فنان لم يستسلم وظل الفنان فيه يحكى للفنان ويحكى حتى جعل الفنان الكاتب يوافق ان يشاركه الكاتب الفنان البوح كشاهد رابع فى واقعة لا يعرف الى الآن ان كانت واقعة زنا (6)أم أغتصاب


فلان: أريدك أن تسمعني جيداً فتلك شهادتي الأخيرة، انظر: من أجل الحياة زينت رأسي مثل المجانين، فعلت مثلما فعلت الممثلة زينات صدقي في الأفلام المصرية القديمة، وضعت في شعري زهوراً يابسة وعصافيراً من ورق وكتاكيت وألعاباً صغيرة ولمبات ملونة ومضيئة، وقطع عملات معدنية عديمة القيمة، زينت رأسي أنا المنتحر الذي يملك وعياً ولا يملك نظرية معينة، هل من اللازم أن يصدر الناس أحكاماً على الناس وهل يفعل الذين يغرقون في أنفسهم هذه الأشياء، ربما أردت أن الفت أنظار الذين أحبهم،بعد لحظات قليلة لن أكون موجوداً، سوف اهرب وحيداً دون أثر أو(7) علامة علان: وهكذا بدون مقدمات موت معلن واع ومدرك ضعيف أمام الخلود لذلك حرص حرصا شديدا على تحديد الشهود وتحري الدقة فى الاطمئنان الى ان شهادتهم سوف تننتبه للفرق بين الجنون وأشياء أخرى، فإذا كان هناك أحياء بالمعنى الوجودى هم أموات فى حقيقة الأمر فبين الموت والحياة علاقة خلاسية بعض الشىء فالغرق من أسوأ خيارات الانتحار، يناسب أعمق الانتباهات للوجود من جهه أخرى ويتلائم مع معوقات الوجود، فإذا لم يجد الموت من اللذات ما يهدم ومن الجماعات ما يفرق فهو لا يجد ما يميت فقد أصابه ما أصاب العصر من بطالة مقنعة ويبدو أنه أصبح مكتئبا، مما يغري بوضع برامج ترفيهية له وتهيئة المسرح وإنتاج الدعايا وتقديم الدعوات. كانت النباتات أول من فض الأشتباك، أما النباتات فبينها وبين البنات ما بين النغمة والشجن وما ظهرت النباتات لكى تختفى ولكن أختفت لتظهر بمقولة هذا ليس أنا، فإن كنت قويا لاتنقذنى من هذا اليم فأنا أعرف جيدا فن الغرق كما تعرف أنت فن العوم!!!! وفى مواجهة نظريات اللاوعى سوف أظل متمسكا بوعيي لأننى ومنذ النشوة الأولى تعلمت كيف يكون اللامفهوم دفاعا عن المجهول، وحيلة أن تعرف عني مالاأعرف فأعرف عنك(8) ما لاتعرف


،فلان: عذاب ان تمسك بأدواتك وان تبحث عن طريقتك .. يصاحبنى هذا الغلب منذ العامود الذى كنت اكتبة فى جريدة الدستور الاولى - ذلك الاصدار الذى اغلقوه وكان وقتها صوتا متفردا وجديدا لازلت حتى وقتنا هذا افتش عن طريقة اعبر بها عن نص يخصنى عن شئ لااعرفه وربما كان ذلك هو السبب فى تغيير العنوان من فلان الفلان الى حكايات او الاصح كما قلت انت لغويا حكايا ..(9) رغم هذا فلست متأكدا بعد علان: أرتكزت القراءة على العلاقة بين دلالة العنوان والصورة والنص في بنية معنى الحكايا التي تجسد الذات/الموضوع والتدوين/التأريخ، فقد ساعد حرص الكاتب على التفرد-وليس التميز- داخل عالم الكتابة على ان يتميز فعلا وذلك من خلال لحظة لا تبتعد كثيرا عن قانون الصدفة والضرورة حيث تزامنت رحلة البحث الدؤوب عن المعنى والشكل وفضاء ظهورهما مع ظهور فضاء المدونات التى تتلاقى وتتقاطع بصورة تهدد مباشرة مراكز صناعة الموافقة عالميا وبالطبع محليا، فمن طبيعةالأفكار التى تؤدى للتغيير فى التاريخ وتمهد للقطيعة المعرفية أنها أفكار تنشأ فى هدوء وتنزلق لفعلها التاريخى بسلاسة دون أن يبين أثرسلطتها في الخطابات المؤسسة إلا بعد تمكنها، ، لذا ليس غريب أن تبدو بعض النصوص التدوينية وكأنها منشور سياسي- الكلمة صاحبة الإمضاء المجهول والعنوان الرمزى- الذي يحاول كشف المسكوت عنه والممتنع عن التفكير فيه وإزاحة التموية والتدليس قدرالأمكان عن واقع أو وقائع اللحظة التاريخية محاولا تثويرها/تغيرها ،وقد ملكنا التدوين- كتابا وقراء - فضاء نمارس فيه سلطة النشرالمباشر دون قيود سوى تلك التي تسربت إلى بنية وعينا من خلال الخطابات المهيمنة، وهذا ما يجعل البحث عن الأسلوب باب من أبواب الفعل التاريخى الحقيقى فهذا موقع وحقل شديد(10) الخصوصية والفرادة


وهكذا استمر الحوار بين فلان وعلان فى شهور طويلة تراكمت فيها تشكلات الأسئلة عن التدوين، والحكي التدويني،فى تواصل بين الإفتراضى وفروضه وفرضياته وفرادته وسوف أكتفى هنا بوضع حكاية واحدة من حكايات فلان وقراءة علان لها لرصد البدايات الأولى لتشكلات معالم القراءة فى الحكي وكيف كان التواصل مع مدونة الزمان والحال والمآل أوالشأن الجارى، بهذا الخيط الفريد من السرد وكأنه يكتب سناريو تدوينى على هامش المتخيل الجماعي لناس أصابتها الحبسة ،ففقدوا القدرة على البوح ينوء خيالهم بطبقات كثيفة من المعاش والعوز والحاجة تحيط بالوعى أحاطة الطوق بالرقبة منتجتا لامبالاة الغريق بماء المطر،مما جعل نص فلان يبدو وكأنه يبدأ من تلك المساحة التى أشار لها سارتر في الغثيان ،وما عبر عنه بعد ذلك بكون الحياة تبدأ من أقصي جوانبها قتامة لقد ساهمت خطابات متقاطعة وصدفه تاريخية "التدوين" ورؤية كانت تبحث عن وسيلة ساهم كل هذا فى ابداع هذا النوع الجديد من الأدب وكان فلان قادرا دائما على تحويل المعنى لصورة والصورة لرسالة مبينة العنوان مفتضا جسر بين كل هذه المكونات والوسائط مراسلا بينها ، في أحد التعليقات الأخيرة فى مدونة فلان قلت له بعد أن تشكلت معالم للرؤية ها أنت تسجل وتنقش شهادة على هوامش دفتر ضمير المصريين المحدثين ها انت تتأمل فى المساحة الخطرة بين التغابي والتغافل والتخادع والخضوع تلك الشعرة التى تبدو كالصراط الذي على أصحاب الهم المعرفي العبور عليه كل صباح حكاية أخواتى النباتات حكى فلان


بالمناسبه ،انا لست موضوع ما اكتب ، لذلك حين اخبركم ان امى تحولت الى حقيبة لاداعى لأن يسخر منى احدكم ويقول : يابن الحقيبه ، انا الان اقف امام المرآة ، اجرب الكلام الذى سأقولة للنباتات التى ستطلع فوق قبرى ، اسمعوا : اخوتى النباتات ، من قال ان ميتا يحزن حين تنمو فوق رأسه الورود كل مايشغلنى يااخواتى العزيزات جذوركن الطويلة التى تضرب فى الارض ، لانها اذا لامست بطنى فسوف اضحك ، فالموتى يضحكون ويبكون ويشعرون ، يقول بعض العارفين بالاسرار ان الزلازل تضرب الارض حين يصرخ الموتى معا فى وقت واحد ، اخواتى النباتات ستأتى أمى لزيارة قبرى فى العيد ، سوف تعرفونها دون اى خلط او جهد، هى ليست امرأة ككل النساء، هى حقيبة جلدية كبيرة يرقد بداخلها من كان يوما ابى ، استقبلوها فى فرح يا اخواتى النباتات واكرموها، كانت طيبة وكانت تحبنى حين ولدتنى كانت تضعنى على كف يدها الصغيرة وتنظر الى دون ان تنطق بكلمة واحدة، كأنها تنظر الى مأساة ، يالها من حلم جميل امى التى ماتت ، كانت تتشاجر مع ابى وكان يشاجرها ثلاث مرات فى اليوم، قبل الاكل واحيانا بعده ، فتصرخ كعادتها وتهدده بأنها ستضع على قبر ابى اكليلا من اللعنات ، وفردة الحذاء الحمراء التى كانت تحتفظ بها لسبب غير مفهوم ، منذ ولدتنى وحتى تحولت الى حقيبة من الجلد، كانت تكتب على ظهرى كل الاحداث المأساوية التى سأعيشها فى المستقبل ، احيانا انظر الى ظهرى فى المرأة واقرأ المكتوب ، ارى بوضوح عنوانا عريضا فى اعلى الظهر تحت عنقى مباشرة : كل شئ مقرر منذ الازل ، اريد ان اصوغ كلامى اليكن اخواتى النباتات بصورة غير ملتبسة ،لذلك احتاج لاعادة صياغته مرة اخرى ، فأنا لم اذكر لكن شيئا عن حياتى في مصر الخفيضة ومصر العالية ، او مصر القابضة ومصر الباسطه ، ولم ات اطلاقا على ذكر لمصر الخانقة ،ايضا لم اذكر لكن اننى لا اريد ان يكتب احدا على قبرى ولد ثم عاش ثم مات أوكتب ثم نشر ثم مات،اوقال ثم قرأ ثم مات ،اريدكن ان تحكين حكايتى للزائرين ايتها النباتات الطالعة على قبرى فالحكايات تختلف تماما حين ترويها الورود قولوا كان ياما كان ، حتى ينصت اليكن السامع ويمتلىء بالشغف والحنين ، اخواتى النباتات لو داعبت بطنى جذوركن الرفيعة الطرية وانا مستلق على ظهرى فى القبر سوف اضحك، فأنا رغم الاحداث المأساوية المكتوبة على ظهرى اضحك لاهون الاسباب، ضحكت على الاخرين وضحكت من نفسى،كنت استيقظ فى الليل العب مع احلامى الملونة واضحك، ضحكت كثيرا حين روت لى امى حكاية فردة الحذاء الواحدة الحمراء ، كان ابى فقيرا ومرهقا ، يخطف القرش من فم الاسد ،ولما طلبت منه امى حذاء جديدا ، لا ، سأرويها لكم بطريقة اخرى ، كان ياما كان فى سالف العصرو الاوان رجل أناديه ابى ، تزوج امرأة جميلة اسمها امى وذات يوم قالت التى اسمها امى للذى كان ابى اريد حذاءا جديدا احمر اللون ، فاشترى لها فردة حذاء واحدة ، ووعدها ان يشترى الاخرى حين يجرى فى يده القرش ، طال انتظارها عمرا بأكمله وظلت تحتفظ بفردة الحذاء الحمراء الوحيدة وتنتظر ، ذات يوم مات الذى هو ابى فجأة ، فصنعت التى هى امى من نفسها حقيبة ووضعن ابى فيها، ولم تنس قبل ان تغلق نفسها عليه ان تأخذ فردة حذاءها الوحيدة الحمراء ، قالت وهى تودعنى ، الذى بداخلى هذا ابوك ، سوف استرة فى موته لانه افنى حياته من اجل فردة حذاء واحدة ، أخواتى النباتات سأعيد صياغة حكايتى اليكن من جديد ، لاننى اغفلت اشياء فى غاية الاهمية ، بعضها بسبب الخجل والبعض بسبب الكذب ، سوف اكشف لكم مأساتى المكتوبة على ظهرى ، تماما كما كتبتها امى ، ستعرفون عنى كل الاشياء الحقيقية ، لان الورود لايروقها خجل الميتين ، والنباتات لاتزهر على قبر الميت الكداب 20/5/2006


قرأ علان


شفرة فلان ومتاهة النقطة بين النبات والبنات ومثلما يصالح الليل القمر فيكتمل له القمر بدرا. بادر أبو يوسف(11) ، ليعيد لعالمه أيقاعه وها هى المرأة تتجلي فى خفة الوجود الممكنة ، وصمدية الأمكنه فى القلوب ما لم يحولها محولها... تكتمل الدائرة والخط والشامة وتفكفك للعلامة شفرتها تلك العلاقة المنسوجة بين الأسم والصورة والعنوان لتتوسط بين الحرف وبين العبارة بين الزمان وبين المكان بين أبو يوسف وبين شريك الأسم.. لم يخبرنا أبو يوسف وكعادة الفلاح الفصيح والذى هو أريب فلا يكشف سر الحبيب ولا سر القبل فيدوم عالم التقبيل والقبل وتتورد الخدود وتلتقط العيون تلك النظرة الخاطفة التى تفضح الصب- أيحسب الصَّبُّ أن الحبَّ مكتتمٌ :ما بين منسجمٍ منهُ ومضطرمِ " أن الشروط للدخول عالم الوصل ان تكون كتوم... ولكن هذا نص جدير بالأحتفاء نص عاطفي شديد العزوبة يتسسلل الى البوح – ورغم كل الأسباب السبعة لحب فيروز(12) ، ونبع الحب الصافى لبهية ، الا ان لهذا النص قراءة موصولة بأعادة الاتزان يهل العنوان وكأنه قفز من البوسط السابق نافضا لجاجة الهامش وغبار الشبهة(13) ، الى أصل الوجود وأستقر به المقام بين البنات والنباتات بين نعومة الوجود وعبق الورود وطبيعة الصمت ذو الرائحة والندى وزهزهت الوصل وارتعاشات الأمكنة فى تلامسات خارج النوع خارج الفصل خارج الرؤية لم يستطع فلان أن يتحمل الأقتراب مع لا وعى مواقع عدو المرأة تلك الجملة الغبية التى راجت فى وقت ما فى زمن عدو لنفسه كيف يكون المرأ عدو لذاته.. وهكذا فلت العنوان نافضا غبار المسكوت علية تلك "الآفة" أما مع او ضد.. انت معايا ولا معاه هكذا المدخل الى عالم الصراع الحتمي مازال هذا السؤال المجرم يطل من أعوام الدراسة الأولى هذا السؤال الذى ينفي الأنا ويهرسها هرس ليؤدى فى النهاية لدهس الرأس بالنعال، اه من هذا الصمت أه " به استطاعوا خلفه دفنا-- لماذا النبات... لانه لايدافع عن نفسة لأنه صامت كتوم رسول العشاق .. و كما يلبد المطاريد فى الذرة أختبأ ابو يوسف واجاد الأختباء ، فالأختباء غير الأخفاء كما هو لأختلاف بين الذات وبين الكنز بين الخبيئة ... ونعود لشفرة فلان الصورة فتقديم الراس نهاية فتنه بداية فتنه . فلتقديم الرأس علامة فى تاريخ الدلالة لاتنتهى ، وقت مستقطع للجدل بين الفتنة والأخرى وليس كما قال الشاعر.. ألقت عصاهاوأستقر بها النوى--كما قر عينا بالأياب المسافر... بين الدفن والزرع شجون عودة البذرة لموطنها هذا الحضن الضام – بين الرأس وبين السيف مقام ، ورفعت الرؤوس على الرماح وحمل الرأس الى الخليفة— وعبث يقضيب كان فى يده بالشفتان— لطالما رأيت سيد الخلق يقبل هذا الفم وبكى... دون الماء رأسك يا... راس الفتنة.. وأية فتنة وكل الفتنة وهنا تخرج المرأة من الأنثى.. الشرف والدم المسكوب .. مسكوت عنه أخر بين الصورة والعنوان وكأن الفلاح الفصيح يحاول أخفاء الأسم كعادة المصرى القديم فأسم الأم هو مفتاح الشفرة وباب القلعة المحكم ومنفذ سحر الساحر يفعل الحجاب وينشط العمل المعمول ويكشف المستور ويتمم العدد ولكن كيف يصالح فلان الجمال بدون أن تفضح الصب عيونه .. فهذا يأخذنا الى داخل النص ورغم أن الأعتراف سيد الأدله .. وقد قام فلان بمد ظلاله على النص فى تعليقه على أحد المعلقين.. والظلال تحت الأشجارولكنها أيضا أمواج البحر من معنى من معانيها.. لهذا وجدت فى ذلك فرصة للقراءه" بين الرؤيه وبين الأثر" ينتصر وينحاز فلان للأم كما ينحاز لبهية تتبادل الأم وبهية الأدوار والموقع ونستطيع ان نلاحظ تلك العلاقة الملتبسة بين الأب وبين الأبنه/ الأبن – فالجزمة الحمراء- علامة ليعود للنقطه بريق بين البنات والنبات ،العلاقات فى هذا النص تتلامس بطرف خفى مع مملكة النحل وعندما يتحرك الأب حركاته الهامشية فى نص فلان يأتي ملبوسا بالقسوة سريعا ويغادر او يأتى ليموت ليكون بموته نواة الأسطورة للأم الشنطه الجلدية-- وهى غير شنطة الجد (14) ليكون الموت منصة تتويج لعطاء الأم اللانهائى— أمى هى ليست ككل النساء هى الحقيبة/الحقيقه، هى الوعاء الحافظ، وهى الأمن، والأمانة، وهى طيبة، وتحب، وحنونه فى صمت، هى الحلم الجميل، – يظهر الأب بعد الموت ليتشاجر ثلاث مرات فى اليوم الواحد كعلاج وكأنه فى تبادل أدوار مع الترياق وتحالف مع الألم يظهر ليحول الحياه الى جحيم الأم هى المستقبل فهى وان لم تكتب على الجبين الا انها تكتب فى مساحة اعرض على الظهر/الدهر فى تناص مع قدسية القدر المرسوم وفى تلك اللحظة تظهر بهيه/مصر بكل مستوياتها/ الخفيضه/ العالية/القابضه/الباسطه/الخانقه..." كنت أستيقظ فى الليل العب مع أحلامى الملونة" يظهر الأب مصاحبا للفقر/ والتعب/ والأرهاق ومع ذلك يخطف القرش من فم/ الأسد /الأب /الحاكم /الخطاب المهيمن/ الشيطان/وهكذا أبو يوسف ورغم الأختفاء المتعمد كان رقيقا كان حنونا وكان طيبا وكان مفتاحه فى هذا الصدق لهذا تكلمت معه النباتات وخليق به ان تحيه البنوتات فقد أنتصر لهم فى هذا النص بأكثر من محاولات البعض خمسين عاما فهذا نص يعيد للوجود أحلامه الملونه لهذا صدقناه وأنتبهنا الى نقطة الضوء فى عين الموناليزا كل المحبة والتقدير 21/5/2006


فلان : علان يا أخى لم ابك وانا اكتب عن امى-- بكيت حين قرأت كلامك لك السلام كلما اتيت -- ولك السلام فى كل (15) حين


علان: ها هى اللمحة في مدد الرؤا تنقش فى فضاء الاحتمال موقعها وتنتخب النشيد،تلتحم المعانى والمبانى تتقاسم الكلمات قوت الانتباه ترتدي صمت يُعَوِّزها الأشارة، لتستجيب الأحجية قول وبوح،--بوح يلائم الخاطرتلائمه الخواطر يرسل فى سماء الوصل ترنيمه،تستحيل شجونها رؤية وتنتخب العلامة لتكون واحتها السؤال ويكون منفاها الاجابة يتبادل الأسمان خلف النقش ظل للزمان وألف وجه يعزف اللحن القديم فتستهيم الأغنية،يعلن الوادى الهيام، صباحات تلملم من مزاجات السؤال متشابهات الأجوبة وتلفلف المعنى خبيئة بين وطء الاعتلال ، صورة تمحو من المعنى ثبات القول تنتخب الفضاء وتبتهج، نص يدور مع الزمان دورته ويلهمه التوكأ، يستفيق الجذب خلف حياد ظل الوجه بين الأسم والمعنى يلمس فى فضاء النقش منفاه ، يستعيد الأغنية مدد ووصل، بغتة المعنى من حيث لا يدرى الأثر


لك السلام أينما ذهبت - ولك السلام فى كل حين يا أخى فلان 21/6/2007


وبعد سوف اكتفي بهذا القدر من الحوارات بين فلان وعلان آملا أن يكون قد لامس كيفية تشكل وتراكم عناصر الرصد لهذا النوع الأدبي فى حكايا فلان الفلاني ؟ السؤال الذى أنتجه البوست السابق له ،مفسحا المجال فى هذا البوست لسؤال عن مجموعة من أدوات الفحص والمفاهيم تراكمت من خلال التأملات في عوالم التدوين، والقراءة في الحكي التدويني ، ما صبغ الرؤية لمنظور مدون هذه الكلمات لعالم للتدوين عموما واستمرت هذه الأفكار بفاعليتها قراءة وتأمل في عالم التدوين فضائه ونجومه آهليه والعابرين والمتلصصين والمتسامرين وأصحاب المآرب الأخرى واستمر التواصل مع الحكايا فى مدونة المبدع أبو الليل المنحاز كليا للهامش حتى الآن شفاه الله وعافاه وكذلك صاحب حريق الأبجديه أيمن الجندى والفاضله بعدك على بالى لنرى معا في قادم إن شاء الله ماهية هذه الأفكار والمفاهيم وعلاقتها بالقراءة وكيف عبرت الى نصوصهم ومواطن رسوها ------------------------------------------- الهوامش


(1)


علان تعليقا على - بوست جل من لا يشخر— لفلان الفلاني أبريل2006


(2) فلان تعليقا على تعليق لعلان في بوست بعنوان لا أحد يفصل الماء بالعصا ابداً 18/6/2006


(3) تعليق لعلان بوست لا أحد يفصل الماء بالعصا ابدا


(4) تعليق لعلان أبريل 2006 جل من لا يشخر


(5) تعليق لعلان بوست مغلق للتحسينات


(6) تعليق لعلان مغلق للتحسينات


(7) لا أحد يصرخ لا أحد يهرب لا أحد يبكى


(8) من تعليق على بوست لا أحد يصرخ لا أحد يهرب لا أحد يبكى


(9) فلان تعليق جل من لا يشخر


(10) علان- تعليق بعنوان بين الكاتب والقارىء مغلق للتحسينات29/6/2006


(11)


لقب لفلان الفلاني


(12) حكاية لفلان بعنوان سبعة أسباب لكراهية فيروز


(13) سبقت تدوينة أخواتى النباتات تدوينه شديدة السخرية عن عملية تغيير النسب من الأب الى الأم تناولت نوال السعدوي والدور الذي تقوم به بعض مدعيات الدفاع عن حقوق المرأة ، ولكن عند التحديق فى خطاباتهن وتفكيكها تبدوا في اغلبها خطابات نرجسية وشوفينية ملتبسة تنشد الخلاص الفردي متخذه من قضية حقيقية معبرا وجسر لفرض استيهاماتها ويأسها واحتقراها لمجتمعها مغاذله بذلك مراكز عالمية لها اجندتها الغامضة التى تقوم على مركزية العقل كما يتجلي فى الرؤياالأوربية والأمريكية له وهى للمفارقة رؤية مستغلة ومعاديه للمرأة فى جوهرها راجع خطابات "الفمنست" الفكر النسوي بالغرب


(14)


فى حكاية سابقه ضحك ولعب وجد وحب لفلان تكلم الراوى عن شنطة جده الجلدية المغلقه التى لا تخرج منها الهدايا


(15) تعليق لفلان فى 21/5/2006