Thursday, March 14, 2013

الشعب أَصْدَقُ إِنْبَاءً مِنَ الكتب .. في فعله الحدُّ بينَ الجدِّ واللَّعبِ



الثورة بطبيعتها لاتتفاوض مع واقع هي تشكله أنماهي تتموقع بين جدليتين جدلية "قطيعة "مع ما قبلها  وجدلية "تأسيس " لواقع يستجيب لشروطها  ؛ إذا أتفقنا على أن الشعب كيان متخطي النوع والفصل والجنس والطبقة والعقيدة، وهو كتوصيف مادي أساسه "الوجود معاً بصحبة الآخرين" وأنه  كقرار وإرادة ليس مع أو ضدالآخرين بل هو قرار من أجل أو ضد ذاتنا والانتماء فيه هو شكل من أشكال الاجابة فى مواجهة التاريخ، وهو بهذا مسؤولية فى مواجهة المصير العميق لوجودنا فى التاريخ ووجودنا هنا في هذه اللحظة.
 الثورة بوصفها فعل متراكم يتشكل ويحدث ثغرة تمثل قطيعة زمنية بين ما قبل وما بعد؛ فهنا وبقدر انتباه الشعب لفعله فى التاريخ يتشكل مصيره، "هنا والآن " وفى خضم هذه الخلخلة تلملم كل القوى المتصدية للفعل السياسي كل رصيدها من "الوعي" بالممكن التاريخي للأجابة عن سؤال المصير الذى لن يكون بدون رؤية متجاوزة لكل ما أنتج الثورة نفسها وجعلها هكذا واقع شعبي. •
فى هذا الفعل "الجد" الفائق الخطورة والمتخطى لكل شرعية سواه تتطاحن الشرعيات الهاوية فى الثغرة التى أحدثتها الثورة مستبيحة كل الوسائل بغريزة البقاء والحضور فعندما إراد الشعب على جناح الثورة أسقاط النظام ، كان يعبر عن الجدلية الأولى وهى جدلية القطيعة وهى جدلية تكسير عظام بطبيعتها وضريبتهاالمبذولة دم وهذا الدم هو العقد بل هوجوهر الإرادة الشعبية ؛ وحد الدم فيها نسيج المجتمع بكل عناصره وطبقاته  وتغيب "الدم "أو تهميشه  كان "الثغرة" لاختراق جدلية التأسيس لواقع يستجيب لاستحقاقات ثورة الشعب .
كان هذا الاختراق بداية الوهن وبداية الخلل فى التأسيس لواقع ما بعد الثورة. فطبيعة الصراع السياسي ما بعد الثورة إنما يكون على المستقبل المستحق والمستجيب للاستحقاقات الثورية والشعبية ، وحقيقة أنه لاتوجد قوى سياسية قادرة على الاستجابة للاستحقاقات الثورية بداهة سياسية فما حققه الشعب فى فعله الثوري هو ارتهان الشرعية بالاستحقاقات الثورية وهذا مستحيل بدون انتاج سياسات تنطلق من رؤية ثورية.
والحتمية المترتبة على آليات  التغيبب والتهميش" للدم " حولت الفعل الثورى لمجرد صراع على السلطة لا على المستقبل ، فما دون "الدم " هو مجرد أختلاف على "الشكل" لا الجوهر وهذا ارتداد لخطاب ما قبل الثورة وهذا هو ما يشكل مظاهر التيه التى تكتنف الفعل الثورى فى هذه المرحلة ، وهو لا يتم بإرادة قوى "الثورة المضادة الداخلية والخارجية وحسب"
 بل بدأ فى تخطى هذا الى القوى المعارضة للمخلوع الما قبل ثورية وسحبها  بقوة جذب الفعل ورد الفعل لأغرقها فى تفاصيل الشكل . لتشتيت التماسك والاحالة دون تشكيل خطاب جامع لها ما بعد ثوري يستلهم صحبة الميدان ،و عدم تشكلها هى ذاتها ككيان تحت ممكن سياسي يستلهم ويجسد إرادة شعبية، وبحكم غياب رؤية ما بعد ثورية ناهيك عن خطاب ما بعد ثوري فى مواجهة  خطاب يقاوم الأفول ويستميت بغريزة البقاء بتفجير صراع طاحن تشريعي وقانوني على المفاهيم  والتعريفات  التى استقرت فى ظل هيمنة خطاب المخلوع
هذه أحبولة  قوى الثورة المضادة الداخلية والخارجية؛ أما فخ قوى المقاومة ما قبل الثورية فهو  نفسه شرعية خطابها المقاوم المتصل تلقائيا من حقيقة  مقاومتها للنظام السابق فى سياق خطابه وهو خطاب أصلاحي  "غير ثوري" بقطبيه الأسلاموي والعلمانوي واللعب هنا يتموضع فى كون هذا الخطاب فى جوهره لم ينطلق  حتى الأن من "فائض القطيعة التى أحدثتها ثورة الشعب "ويكتفى بشرعية ما قبل الثورة كأنها شرعية متخطيه الثورة ذاتها وهذا يهيىء لذهنية أن الثورة جاءت لتحقق له التمكين ، فى حين أنه بوعى او لاوعي يعاود ترميم خطاب ما قبل الثورة على نفس الثوابت وأخطرها على الاطلاق (التبعية ) التى تكافح قوى الهيمنة لترميمها بما لها من نفوذ على جميع القوي فى الداخل مستخدمه فى ذلك لأختراق العريض لكيان وجسم دولة المخلوع ولكل أدواتها الخشنة قبل الناعمة في الداخل وفي الخارج بآليات مؤسساته النافذة دولياً وعملائه فى الأقليم.
 وبعد ،
البداية نصف كل شىء وفي تباريح البدايات قال الشاعرالمقاوم  تميم البرغوثي مخاطبا "الشعب" وهويدون بكل كيانه فعل الشعب  الثوري وقد حسبه الناس يخاطب الغاوين .. يا شعب ياللي دفع ثمن الشوارع  "دم "  ..  احفظ اسامي اللي ماتوا في الشوارع صم .. الشارع اللي اصطفي وقصر الامارة لم وحفظ الاسامي  أنما يكون بحفظ المعاني من وراء الفعل على ماذا ولماذا . فإذا لم نحفظ أسامي اللى ماتوا لكي نعيش أحرار! كيف لنا أن نستلهم فدائهم بأرواحهم عنا ليكون المستقبل لنا ولأبنائنا وأبنائهم ؟ وقد كانوا البداية اختاروا ووقعوا بدمائهم عنا فعلا ماذا نعول بعد الدماء؟