Sunday, July 17, 2011

محاولات في قراءة قصيدة تميم البرغوثي يا شعب مصر4





أيها الناس أنتم الأمراء


بهذا النداء أعلن من شرق الجزيرة تميم البرغوثى نبوأته ورؤيته لأمته
والنداء حينها أخذ على أنه حماسة الشعراء وهيامهم ووجدهم ولم يؤخذ كرؤية
وإذا كانت الرؤية تراكم ينسال بين الحدث واليقين فما هو ما صدق هذه الرؤية ، "ونرى" -أن كان لنا أن نرى فيما يرى القارىء "-- أن الرؤية يشهد لها الواقع أو يشهد عليها فشرط معراجها هو أختراق فضاء الخطاب المكبل بسياج العجز لهذا فتشكل الرؤية يتبدى كعملية تخصيب للوعى لانها أنفلات من الزمن بدون تفتيت ذراته
ولكن كيف الأنفلات من" الزمن" الدهر
نص
يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ
دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ
تناص
في القدس بين سياج الوعى والاوعى بين جدل الواقع ووهمه وفى تلك المساحة بين إسراء اللغة ومعراجها بالرغم من قوانين المعقول والمدرك نتلمس كيف استطاع الفتى أن يكشف لثام الدهر وكيف تتبع خطواته ومن أين أتى بذلك التماسك الفولاذي الذى أخترق به ظاهر المدينة المصنوع والمهيمن على المشهد والمشاهد ليلامس أصيلها الملثم والمنكر ، هل الحق حجاب حقيقة المهزوم؟ هذا الارتكان الى وضوح الحق ، يخلخل تماسك المظلوم وويشتت قبضته/قضيته ، ولكن كيف تأتى للفتى فى محيط ذلك الوجد الكاشف أن يرى ويزيح الستار عن حجب الغشاوة ليكون البصر حديد رغم الغطاء السميك؟
بأى براق نفذ كلشهاب من كثافة ثقل الواقع المُمكن بهيمنة القعود والتقعيد؟
وبعد
يا مصر حقك تملكي بدل السما اتنين
واحدة هدية وواحدة تانية صانعها مصريين

فتلك الهدية الهادية هى السما التى ظهر فيها هلال الرؤية لدخول زمن الأنعتاق والتى أنعكست على صفحتها المصقوله إرادة الشعب وشاهد على صفحتها العالم كله مصر وهى تتحدث عن نفسها بنفسها بدون وكلاء
الثورة تأتى بناسها وتأتى لناسها وهناك من يذهبون الى الثورة وهناك من تذهب الثورة لهم تعرفهم ويعرفونها كما يعرفون يقينهم ويعيشوه وهل كانت الثورة الا تراكم فى قلوب الناس وضميرهم
الرؤية والقصيدة والنداء
موال كده وكده ومهرجان النغم والتنغيم
سايق عليك النبي ما تقول كفاية يا شيخ
الملحمة لما تخلص يبدأ التاريخ
وبكرة جاية حروب فيها بكا وصريخ
وفى الحرب
أعرف عدوك لتعرف ديته ولك بعدها أن ترى فى ذلك ما تشاء ..."حراُ "
أعدائنا خوفهم لهم مددٌ**لو لم يخافوا الأقوام لانقطعوا
فخوفهم دينهم وديدنهم **عليه من قبل يولدوا طُبعوا
ستون عاما ما بكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
وبكرة نصرك يخض الشمس من لهبه
أين الفرعون وأبنه وسدنته؟ من وضعهم فى السجون؟ أليس أنت؟ يا شعب مصر
سايق عليك النبي ما تقول كفاية كده
من النهاردة انتصاراتك حتبقى كده
يا شعب مصر اللي رجالته وبناته كده
حلال عليه لبن العصفورة لو طلبه

الحرلا يساوم على حقه أو يتنازل عنه تحت الإذعان
لا تصالح
فما الصلح الا معاهدت بين ندين فى "شرف القلب" لا تنتقص
والذى أغتالنى محض "لص" يدافع عنه جربيع العرب والخانعين
سايق عليك النبي ما تقول كده كفاية
إفرح وكمل وما تقولشى كده كفاية
الثورة دى بداية زى الهجرة والميلاد
الثورة دى بسملة كمل بقى الآية
والمعنى قد يتجوهر بتأبيه بأكثر مما يتجوهر بحضوره، فبين الحقيقة والحق يتعرج الثائر حتى يأنيه اليقن بانه صدق الرؤية بالحق فيدمغ بها دخوله وحينها يتأمل فى مقام مازاغ القلب وما غوى
مع كل مرة قراية حسنها يزداد
والآية تجرى تسلم أختها الراية
من غير نهاية وحتى الوقف مش معتاد
وبكرة أيامنا تبقى حكاية ورواية
بين الصورة والمشهد والميدان تتوه الدلالة فتستعصم بالعلامة" الأمارة" يتغلب الشاعر على استعصاء المعنى على الخيال لجلال المشهد "بكلمة" واحدة وهاهنا وبحيدة /حيلة تستمد من معين الشعب فعندما يتيه الخيال على المعنى يلجأ الشاعر للمخزون الشعبى "ليكون منه له" فكانت كده وجائت كده
قصيدة يا شعب مصر لايوجد بينها وبين الناس حجاب، وكأنها عفو الخاطر وطن يحدث عن وطن...
وهكذا في يوم كان مقداره ملايين الأصوات مما يهتفون كانت الإرادة فعل، فإذن الناس للناس أنهم ظلموا وحق لهم أن يحكمواويحاكموا جلاديهم ومستعبديهم فكانوا هم الأمراء


والله أعلم

Friday, July 08, 2011

محاولات في قراءة قصيدة تميم البرغوثي يا شعب مصر 3







في كفها وجبينها من الشعر والتاريخ نص مرمز
تتالى عليها الحاكمون كأنهم
هم الخرز المنظوم والعمر مخرز
ويشرح ميزان القوى كل حاكم لها منذ الاف السنين فيعجز
تهد اعتبارات السياسة كلها
اذا ذهبت تحت القنابل تخبز
وقد وضعت حكامها في مناخل
وقامت تنقي ما تشاء وتفرز
وفي قولها عند الخصام فصاحة
ادق من العقد الفريد واوجز
يرى العقاد إن أبا الهول في مشروع تمثال نهضة مصر لا يشبه في شيء من ملامحه أبا الهول القديم الذي بناه الفراعنة‏,‏ وإنما هو صورة منقولة عما في معابد البطالسة اليونانيين من هذا التمثال‏,‏ وإنه لمن الخطأ في قصة الفن والتاريخ أن نختار لتصوير نهضة مصرية تمثالا بنته في مصر أسرة أجنبية وعندنا تمثالنا ذلك العريق المهيب‏.‏

أخذ الفنان مختار بنقد العقاد وقام بتعديل تمثاله الذي تمت إقامته في ميدان باب الحديد رمسيس الآن سنة‏1928,‏ وذلك قبل نقله سنة‏1955‏ إلي موقعه الحالي في مدخل شارع جامعة القاهرة‏,‏ وفي تحية التمثال يقول العقاد‏:‏ إن من ينظر الآن إلي وجه أبي الهول الذي أميط عنه الستار في هذا الأسبوع يحمد للأستاذ مختار أنه أخرج أبا الهول في صورة مصرية فرعونية تدل عليها الشفتان والأنف والذقن والخدان والعينان‏,‏ ولم يجعله يونانيا كما كان عليه في مشروعه الأول منذ ثماني سنوات‏,‏ أي سنة‏1920.‏
بجداتنا سرٌ
عجيب
كأنه حجاب الاهيٌّ وحرز محرّز
يحيرني اطمئنانهن كأنما
لديهن حل اللغز والدهر يلغز
وبعدفى هسهسة اللغة تبدو غربلة الشاعر للإيقاع تتعدد الأصوات فى قصيدة ياشعب مصر بين المواويل الشعبية التى يتجاوب فيها الجمهور مع الراوى ويتبادل معه القافيه ، وإيقاع المولد الذى يتجاوب معه الجسد بنفضات لا إراديه وسلام النقطة فى الفرح الشعبى وبهجة لحن شيخ البلد، تتنوع الألحان ويزاحم بعضها بعضا فى ضفائر صوتية مغزولة على نول حباله مفتولة بدموع الفرح ولكن الصوت الغالب هو صوت الأم المصرية التى ضربت شجرة الدر بالقباقيب وهى التى تسوق النبى على إبنها لتعلى همته بمزيج من الحنان والانتباه والحزم وهى التى تتحرى عن زوج ابنتها وتسأل عليه المكوجى وتسأل عليه طوب الأرض.
تستدعى قصيدة يا شعب مصر مقولة المتنبى" مجهولة السند" فى ابن جنى ، ابن جنى أعلم بشعري مني وها هى مصر تقول ابن رضوى أعلم بشعبى منى لهذا لا يتورع ابن رضوى أن يتلطف فى مخاطبته أمه مصر قائلا يامى أنتى عارفه وأنا عارف
يا مصر لسه ولسه الثورة بلة ريق
ما ينتهيلك طريق الا ويبدا طريق

الثورة تستدعى مقولة النفرى "سلنى عن كل شىء ولا تسلنى عني" فكنه الثورة سرمدى المدى وبمقدار تعقد شفرتها يكون مداها الثورة المصرية فرضت بشروقها تهيب عصى على الاحتواء لا تستطيع العين التحديق فيها وأن تجاسرة بالشوق ستصاب بالعمى، الثورة ليست مفعول به أنها الفاعل بيد الفعال لما يريد

بلة الريق جملة ذات دلالة فى المخيلة الشعبية و تكون بعد نشفانه من عطش أو خوف مطبق وقد تكون بعد "مشوار "غير ذى زرع يجمع الحالين


يا شعب مصر تعالى نتفق يا شقيق

الاتفاق والوفاق أسبابه وعى مدرك بيقين حاسم أن هناك حالة ستدوم بين جار وجاره بين شريك وشريكه وهو عقد غير مكتوب ومرجعيه ملزمه بين الغرباء ولكنها بين الأشقاء معقودة بالدم
رج الملك قبل ما تنعم عليه بلقبه
رجه كده شوفه ان كان الملك شغال
واسأل عليه المكوجي واسأل عليه البقال
واهم حاجة في صفاته انه يكون يتشال
متربي عال لما يمشي يلتزم ادبه
رئاسة الجمهورية فى مصر تستدعى الانتباه بداية: فهناك شىء ما فى هذا المنصب لا يخرج عما هو معروف فى علم السياسة - شىء ما مفرعن حول من قبل كافور الأخشدى من عبد مخصى يلطم على قفاه الى طاغية يتلاعب بالمتنبى "ويطلع روحه" بحيث يرضى من الغنيمة بالفرار، فكلنا نتعبد بقوله سبحانه فى كتابه العزيز "أليس لى ملك مصر وهذه الأنهار تجرى من تحتى
صلاحيات رئيس الجمهورية فى مصر لا تتوفر لكل ملوك الأرض فى عصرنا الحالى
"أليس هذا يستدعى المراجعة يا شقيق"
بتكون في احسن حالاتك وانت مش محكوم
بتبقى رايق ولا ظالم ولا مظلوم
كيف ولماذا؟
الصوت هنا هو صوت الموال الشعبى بحيث أن الشاعر بمجرد أن يتوقف عند لا ظالم سيرد الجمهور بدون تردد ولا مظلوم ، فههنا حيدة "حيلة" لا تعتمد على استدعاء مرادفات اللغة بين ظالم ومظلوم ولكنها تستمد رؤاها من بداهة فى الذهنية الشعبية عن الحاكم فما بالك بتحول هذا الحاكم ببنية السلطة التى سوف يغرق فيها بوعى او بلاوعى فتصيغه فرعون تام التكوين،
بعدين ده ايه الغبي ده اللي يهددك بالشوم
يا مخلي الف احتلال ينزل على ركبه

تلك اللغة لها ذائقة غير كميائية أنها لغة تتوسد تلقائية تثائب حوار ما قبل النوم لغة المهاودة بين الأم المطمئنة لحبة قلبها وعزمه وعفيته المحروسة بالصلاة على النبى
يا شعب انت اللي كارم كل من حكمك
الدولة دي عارفة تحكم بس من كرمك
كشر لها وهي حتجيلك تبوس قدمك
مافيش حاجة اسمها مليون راجل اتغصبوا
الرؤية ليست فكرة أنها تراكم ينسال بين الحدث واليقين
نعم هو صوت ليس حالم ولا متمنطق ومدعى: أنه صوت يقف على الأرض
يا أمنا أنا لست أعمى عن كسور فى الغزالة


ويدرى أن "الرأى" هو جوهر السيادة يا أمنا لا تفزعى من سطوة السلطان أية سطوة ، وأن وهم قوة الحاكم وهم مصنوع لايوجد السلطان الا فى خيالكوالله أعلم