Thursday, April 28, 2011

محمد حسنين هيكل والصندوق الأسود


عندما أكمل الدكتور الفاضل والجليل عبد الوهاب المسيري رحمه الله "موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية"، تقدم بإهداء إلى المفكر والأديب والصحفي الأستاذ محمد حسنين هيكل الصديق والمعلم. والدكتور عبد الوهاب المسيرى يعني ما يقول ويدرك دلالته وهناك الكثير من أبناء مصر والوطن العربي يشاركونه هذا الرأي القائم على الاحترام والتقدير للمجهود الإنساني والالتزام المهني الخارق للعادة ورسوخ الموقف واحترام الذات. والإعجاب والاحترام ليسا لهما قيمة إن صدرا عن انبهار فقط فقراءة الأستاذ هيكل تستوجب من القارئ مجهود موازي ينزل الكلمات منازلها ويضع الخطاب في سياقه ويفهم أفق التحيز.
وفي قراءة لموقف الأستاذ محمد حسنين هيكل من الثورة المصرية والعربية نجده متوترا بعض الشيء، فقد علق الأستاذ على الثورة المصرية في بدايتها تعليقات كان لها أثر مهم وإيجابي ومؤيّد بدا فيها لأول مرة يخرج عن تحسبه وتحفظه الذي ألزم بهما نفسه. ولقد كان الزمن سخيا مع الأستاذ كما وصف، ونشهد له - بعد متابعتنا إياه على مدى تاريخه – بأنه تبادل مع الزمن هذا السخاء بدوره في إلزام نفسه بمهنية غاية في الدأب واحترافية غاية في الدقة بحيث أنه يكاد أن يكون صحفي الوثيقة، ولأن الثورة في ذاتها لا توجد لديها وثائق ولا شبكة اتصالات محلية ولا عالمية بل هي مزيج من الفعل التاريخي الذي يرتبط بوجدان الأمة ولا يدبر بليل ولكنه ينطلق كزلزال يحدث أحداثا يؤرخ لها، فلعل الأستاذ غلبه التحسب المهني فآثر الصمت.

وأظن -وليس كل الظن إثم- أن الأستاذ وفي هذا الظرف التاريخي الذي يجوز فيه مالا يجوز في غيره عليه ألا يكتفي بالإشارة عن العبارة وأعتقد أن استئذانه بالانصراف عن الكتابة إلى الكلام منذ عدة سنوات كان قرارا صائبا ولكن يجوز فيه الاستثناء الصائب أيضا لإن الكتابة تختلف عن الكلام وإن كان الكلام وثيقة بأدوات العصر أكثر إنباء من الكتب، إلا أننا نريده أن يخرج عن صمته للكتابة لا للكلام ليكتب موضحا ومفصلا عن موضوع الصندوق الأسود لطائرة النظام الذي أشار إليه في حديثه مع عمرو واكد منذ عدة أسابيع. والصندوق الأسود هو الذي يزود المحققين بالمعلومات المطلوبة بعد تحطم الطائرة لمعرفة أسباب وقوع الكارثة. فبالتأكيد هناك معلومات عن النظام المصري لم يستطع الأستاذ هيكل أن يتعامل معها أو يقترب منها في ظل بطش النظام وبلطجته. وإذا كان الأستاذ استطاع أن يمشى على حد السيف في السنوات الماضية ليقوم بتفكيك وقع كارثة 67على وجدان الأمة ووفى بعهده مع جمال عبد الناصر بقدر الممكن، فعليه الآن أن يكون كما كتب من قبل لمصرلا لعبد الناصر.

إن الصندوق الأسود يتعلق بحقيقة التزامات الدولة المصرية مع قوى الهيمنة في العالم ومنها ما باح به الأستاذ هيكل هو نفسه بخفه وحذر كوجود سفارة صغيرة في مصر لدولة نكرة ترتبط بشركة بلاك وتر المتورطة في العراق وغير ذلك من بعض المعلومات التي نشرها هنا وهناك عن الأمن القومي. فلعلنا إذا كتب الأستاذ هيكل عن الصندوق الأسود للنظام أن نجد تفسيرا مثلا لحادثة السيارة الدبلوماسية البيضاء التي سحقت المواطنين بجوار السفارة الأمريكية في فعل هستيري أثناء الثورة، فماذا كانت تحمل؟ هل كانت تحمل صندوق السفارة الأسود؟ ولماذا سارعت الولايات المتحدة بالإعلان عن سرقة السيارة كحيلة مراهق سرق سيارة والده وارتكب بها حادث؟ أو لعلنا نفهم ترشيح مصر الثورة لمصطفى الفقي كأمين للجامعة العربية فهل هذا الترشيح هدية أم رشوة؟ ولمن؟ ولماذا؟ والأهم من هذا وذاك أنه إذا تناول الأستاذ هيكل مضمون الصندوق قد نستطيع أن نفكك الثورة المضادة المحلية والإقليمية والدولية.
وأخيرا لأستاذنا الكبير هيكل التحية والسلام
وقبل ذلك وبعده الاحترام

Monday, April 25, 2011

حتى لاتبهتُ شعلتها في الضلوع

الكلمات والثورة
فيما سبق
الثورة تأتي فتفكك الواقع وتنفض الساكن وتكشف المسكوت عنه وتشرعن القول في الممتنع، وهى كالشمس تفعل فعلها بتخللها كل شيء فيظهر المخبوء وينجلي المدارى، وفي عجيج مولد الثورة، في تلك المساحة الزمنية التي يتأرجح فيها الفعل الثوري بين التأثير والتغيير تتوالي الحوادث ويتخلخل الزمن ما يؤجج لصراع الإرادات بين الشعب يريد وماذا يريد؟ بين من يخاطبون الشعب للتأثيرفي إرادته ومن يحاولون واهمين أو راهبين استلابها من جهة، وبين من يمزجون إرادتهم بإرادة الشعب من جهة ثانية وبين من لا يريد للشعب إرادة - ما اصطلح على اختصاره بالثورة المضادة - من جهة ثالثة. الثورة بتكوينها فعل تطهير وخاصية التطهير في الثورة لا تبدو كعملية هدم وبناء ولكن فيها من خواص الظواهر الطبيعية التفاعل والصهر والإذابة والتشظي والانفلات، واستلاب العادي لصالح الجوهري، وخلخلة الثابت لصالح النافع، وانتهاش الرسمي لصالح الشعبي،
فيما بعد
إذا كان هذا هو فعل الثورة وقد كان في بعض منه فما هو سبيل المتربصين بها والذين سلبتهم الثورة إرادتهم ونفوذهم وسلطتهم لصالح الشعب؟ فالدهاة منهم لايبدون صفحتهم في مواجهة الناس بل يسايرون الناس وإذا كان الناس ينسون خالقهم فكيف بخلقه والثورة بعض خلقه والنسيان آفة الإنسان أخرج أبويه من الجنة أفلا يخرجه من الثورة؟ وإذا كانت الثورة في الأساس قامت ضد الظلم فهل نأخذ الناس بالشبهات، وفي ذلك كل الظلم؟ وبالطبع لا نستطيع أن نشقق قلوبهم و لا نستطيع أن نعرف بدقه نواياهم ولا ما في نفوسهم ولا نأمن من كيدهم وما زالت أسرار الدولة وشبكة تواصلاتها السرية مع قوي الهيمنة الأقليمية والدولية وصندوقها الأسود في أيديهم فما العمل؟وكما قال الشاعر: متى يبلغ البنيان يوما تمامه إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟ نعم في وضوح الهدف والمثابرة واليقظة والانتباه ما يشكل سياج ضد الثورة المضادة، ولكن الديمقراطية هي الهدف الاول للثوارة وهي ايضا وسيلة الثورة المضادة في نفس الوقت لتكبيل الفعل الثوري، فالمتابع لوسائل التواصل الاجتماعي يلاحظ أن هناك خطاب يتشكل ببطء في التشكيك والتثبيط والتيئيس دوافعه مختلفة ومصالحه مختلفة ولكنه يشترك في عدائه للثورة يركب قطار الديمقراطية وفي قاطرته الأولى و يتزيا بزيها ويستخدم عبارتها ويتحصن بمنطقها وهو ليس منها في شيء فهل يعجزنا ذلك؟ وننتظر قاعدين حتى يفعل الزمان فعله كما فعل مع من هم مثلنا وخير منا، ولنا في التاريخ عبرة وأثر، هل هذا يجعلنا نشكك في جدوى الديمقراطية وننتظر المستبد العادل سواء كان مؤسسة أو حزب أو فرد ملهم؟
ونعيد الكرة مرة أخرى ونكون كما قالت العرب كالباحث عن حتفه بظلفه، التاريخ يقول لنا أنه وفي أتون ثورة الشعب المصري التي قيل عنها "هوجة" عرابي واختلف المؤرخون في شأنها، أنه بعد شهر من قيام الزعيم الوطني أحمد عرابي بصف قواته أمام قصر الخديوي وإجباره للنظام على قبول مطالبه الشعبية،نشر في القاهرة كتاب عنوانه "رسالة الكلم الثمان" ناقش الكتاب معني ثماني كلمات "دائرة على ألسن شباب زماننا" هي الأمة، الوطن، والحكومة،والعدل،والظلم، والسياسة، والحرية،والتربية. وقد كتبه حسين المرصفي الأستاذ الكبير بدار العلوم ، وعنوان الكتاب "الكلم الثمان" لايشير إلى المصطلحات السياسية موضوع النقاش، ولكنه يشير أيضا إلى السياسة ذاتها، ففي مقدمة أبن خلدون عندما عرض نظريته عن المجتمع الإنساني، وهي نظرية تخاطب أزمة عصره السياسية.كتب يقول إن مجمل نظرية حكم المجتمعات الإنسانية إذا درست بما تستحق من الاهتمام، يمكن فهمها باعتبارها تعليقا على حلقه من ثماني كلمات والمرصفي الذي ربما أخذ عنوانه من هذه الفقرة كان يكتب بدوره في فترة أزمة سياسية. وأزمة عصر المرصفي فريدة بالطبع، من وجوه عديدة، لأن تغلغل رأس المال الأوروبي قد أحدث ضعفا غير مسبوق في نوع السلطة المحلية التي أراد وصف طبيعتها.لكن ضروب ضعف هذه السلطة كانت شيئا خلقياً كانت سلطة تبدوا بالدرجة الأولى وكأنها غير مستقرة بطبيعتها.تميل إلي التوسع باستمرار،حتى تبدأ قوتها في التدهور فتتجه إلى التفتت وتصير مبعثرة. وفاعليتها تتناقص دوما باتجاه أطرافها، فتكون أضعف في الريف منها في المدينة وأضعف ما تكون حيثما يلاصق الريف الصحراء. قوتها تكمن في قوة من يحكمون، وقوة الروابط بينهم. وهي ،ثانيا، سلطة تستخدم بشكل خاص التفسير المرجعي للنصوص.كذلك تحمل النصوص سلطتها الخاصة، وهي سلطة تعكس سلطة السياسة في ميلها للتدهور بمرور الزمن لتصير فاسدة. وبهذا المعنى يكون الحفاظ على سلطة الكتابة وتفسيرها الملائمين موردا أساسيا للسلطة السياسية وقد خاطب ابن خلدون أزمة وسقوط السلطة السياسية ، بدورها، في علاقتها بتدهور وسقوط العلم. كان عمل وحياة المرصفي الثقافي جزءاً من محاولة،من جانبه ومن جانب غيره من الدارسين المتعلمين في الأزهر الذين دخلوا حلبة السياسة التعليمية، لتوسيع وتأمين السلطة السياسية في مصر، فهم المرصفي الأزمة السياسية التي كان يكتب في ظلها على أنها محاولة الجماعات الخاصة إضفاء معنى معين على الكلمات، من قبيل الحرية والظلم وهذه الكلمات عرضة لإساءة الاستخدام وإساءة التفسير. فمثل كل الكلمات، تحمل هذه الكلمات خطر وضعها خارج سياقها،أو التحدث بها بالمعنى الخطأ لها. وهذا الاحتمال اللفظي لم يكن نتيجة للاضطراب السياسي السائد، بل عرضاً وطبيعةُ للأزمة. لم يكن في هذا التناول فصل تحليلي بين الكتابة والسياسة، أو بين النظرية والممارسة. فكل فعل سياسي هو تفسير لكلمات، وبالتالي فعل نصي، قراءة. وهدف المرصفي نفسه هو تفسير"حقيقة" كل كلمة يتناولها، ومن هنا يرى ذلك المعنى وقد "تحقق" في الحياة السياسية. لم يكن العالم السياسي شيئا جامداً مستقلاً عن اللغة المكتوبة. ولم تكن الكلمات بطاقات تكتفي أن تسمى وتمثل الأفكار أو الموضوعات السياسية، بل تفسيرات يجب جعل قوتها واقعية.
حسناً ما هي الكلمات التي يستخدمها دهاه الثورة المضادة المسايرين للناس التي بدت في أفواههم والتي تدور على السنة الناس في الشارع وفي أجهزة الإعلام و الفضائيات التواصلات الأخرى لخلط الأوراق وزعزعة روح الشعب الثورية وتفتيت إرادته التي إراد بها الحياة؟
ولآن
فلنتأمل في تلك الكلمات على سبيل المثال ونفكر
الاستقرار، الفوضى، الأمن، الفتنة، هيبة الدولة، عفا الله عما سلف، حال البلد واقف، الحرية

Saturday, April 23, 2011

سوريا تحالف الفساد وديكتاتورية الحزب الواحد

ليس هناك ما يسيء إلى القيم مثل استدعائها إلى غير مجالها، فذلك يدفع إلى ميادين القتال جيوشا بلا خطط، ويحمل إلى المواقع ذخائر بغير مدافع، ويلقى على الأرض شحنات قابلة للانفجار دون قوة إطلاق تأخذ حمولات النار إلى هدف. هيكل.. الكتب وجهات نظر العدد الثامن عشر

يقول جون فوستر دالاس
إن سوريا موقع حاكم في الشرق الأدنى. هذه أكبر حاملة طائرات ثابتة على الأرض في هذا الموقع الذي هو نقطة التوازن تماما في الإستراتيجية العالمية... ثم يضيف: هذا موقع لا يجازف به ..أحد.. ولا يلعب فيه طرف

قلت في بداية الاحداث :نعم كان حافظ الأسد محنكا وبارعا في سياسته الخارجية ولكن على بشار أن يصنع معادله جديدة للسياسة الداخلية لسوريا وعلى تحالف الفساد وسدنة ديكتاتورية الحزب الواحد أن يدركوا أن الحرية كالمسمار كلما قرعته على رأسه كلما رسخ والشعب السوري كما يخبرنا التاريخ له صوله لا تبقي ولا تذر فلا تقطعوا شعرتكم التي
أخترعتوها مع الناس حينها كنا نظن أن هناك رؤية سياسية تحكم سوريا

، يحكي محمد حسنين هيكل عن موقف له مع ذلك الحزب عندما طلب منه حافظ الأسد الاجتماع برجال الحزب وفاجأهم هيكل بسؤال عن ماذا هم فاعلون إن اختفي حافظ الأسد وخيم الصمت على القاعة ولم يقطع الصمت سوى ضحكة من الوزيرة ، وبين جلجلة ضحكة الوزيرة في قاعة الاجتماع وصمت رجال الدولة تلخصت سياسة الدولة الداخلية، كانت سوريا تحكم بقبضة حديدية أموية الدهاء.

وعندما اختفي حافظ الأسد وجيء ببشار لحكم سوريا ولأكثر من عشرة أعوام فأين كانت السلطة ؟ في أول تعليق على انتفاضة الشعب السوري قال بشار انه لم يأمر بإطلاق النار فمن يطلق النار في سوريا؟
من الواضح أن هناك وضع شديد التعقيد في سوريا، عندما نطالع تلك الوجوه التي تعبر عن النظام في سوريا نشعر بنوع من الدهشة لغياب السياسة في هذا الخطاب الخشبي المتحذلق، نعم غاب الخطاب السياسي في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن وفي البحرين وحضرت القوة العارية والبلطجة و انتصرت إرادة الشعب في تونس وفي مصر وتسير على نفس الخطى في ليبيا وفي اليمن وفي البحرين في جدل وصراع داخلي وإقليمي وعالمي ستنتصر فيه الشعوب إذا أرادت ، ولكننا ومن خلال تموقع النظام السوري في موقع المقاومة والممانعة كنا نظن - وبعض الظن أثم- أننا سنجد للسياسة موضعا في الحالة السورية ولكننا وجدنا أن كل ظننا أثم في هذه الحالة. ها هي الحقيقة سافرة... بشار لا يملك من الأمر شيء وما هو إلا أسير تحالف الفساد وديكتاتورية الحزب الواحد، ويؤكد هذا مجموعة من الأحداث التي مرت عبر السنوات القليلة الماضية ومنها اغتيال عماد مغنية في سوريا وقبلها تصفية مستشار بشار الأسد العميد محمد سليمان وقبلها انتحار اللواء غازي كنعان فمن كان وراء هذه التصفيات؟ هل هي نفس اليد التي تطلق الرصاص الآن؟ يبدو الدخول في سيل التخمينات لن يفضي إلى شيء ولكنه يلقي ببعض الأضواء على مشاهد التصفيات العلنية للشعب السوري على قارعة الطرقات.

إذا كانت التصفيات الداخلية نجحت في تمكين قبضة الفساد وديكتاتورية الحزب في سوريا فإن تصفية الشعب السوري العلنية هذه ستضع السلطة في يد الشعب السوري لأول مرة منذ مئات السنين، فهبة الأمة هبة حقيقة لها مدها التاريخي والموضوعي أيضا، فالثورة ثورة الأمة وهذا ما لم تدركه كل النظم في المنطقة وهذا وهو نفسه سبب خروج أبواق هذه النظم بتلك الصورة الهزلية على شاشات الأعلام وهذا ما يجعلنا نوقن بأن الشعب السوري سينتصر وستنهض الأمة

Wednesday, April 20, 2011

يديرونني عن سوريا وأديرهم


ما يحدث في سوريا الآن للمتابع والمهتم بحال الأمة ومآلها شبيه بما وصفه هيكل بالمشي على حد السيف بعد هزيمة 67. وكأني بالأمة في كبوتها ونهوضها عليها مواجهة نفس التحديات التي واجهتها من قبل الثورات الشعبية التي هلت على الأمة بفضل شعوبها الشابة التي قررت أن تقطع شعرة معاوية مع النظم وتثور على الخريطة السياسية الإعلامية التي رسمت خطا فاصلا بين محور ما يسمى بالاعتدال ومحور المقاومة. وكان محور الاعتدال هو المحور الذي يخضع بالكامل لتعليمات الإدارة الأمريكية في تنافس انبطاحي أسقط كل أوراق التوت ما جعل المواطن العربي يشعر بنوع من استلاب الرجولة ("كيف تنظر في عين امرأة.. أنت تعرف أنك لا تستطيع حمايتها؟ كيف تصبح فارسها في الغرام ؟ كيف ترجو غدا .. لوليد ينام—كيف تحلم أو تتغنى بمستقبل لغلام وهو يكبر- بين يديك - بقلب منكس؟)
كان معسكر المقاومة يضم سوريا والشرفاء في لبنان وغزة وبعض فصائل المقاومة الإسلامية بمساندة إيران تحت شرعية الثورة الأخيرة في الإقليم وقناة الجزيرة وقناة المنار وبعض منابر الرأي الشريفة. أما على رأس معسكر الاعتدال كان آل سعود وتابعهم قفة آل الصباح وبقية غلمان زايد ونهيان في المنطقة وجيش مرتزقتهم من إعلاميين وسدنة - خلص الله الأمة من عارهم- إلى جانب سمسار مصر الذي حول قلب الأمة العربية إلى دولة عميلة تقوم بالمهام القذرة التي تستنكف أي دولة تحترم نفسها القيام بها. في ظل هكذا موقف بدا الذين يمثلون معسكر المقاومة بالنسبة للمهمومين بحال الأمة كما قال الشاعر" يديرونني عن سالم وأديرهم...وجلدة بين الأنف والعين سالم" .

لقد نجح إلى حد كبير معسكر المقاومة ولكن سبب نجاحه ليس قدراته التي لاراد لها فقط . نعم نجح رجال حزب الله نجاحا منقطع النظير في مقاومة أشرس آلة عسكرية وأخطرها على المنطقة وهى الجيش الصهيوني، ولم ينجح في استرداد أرضه المحتلة وأسراه وشهداء المواجهات بل واستطاع إذلال هذا الكيان الغاصب وكسر هيبته وإرادته واختراق سماء الأراضي المحتلة التي كانت مغلقة، ولكن من أسباب النجاح أيضا هذا التأييد الكاسح لحزب الله من شعوب الأمة والإعجاب الذي رصدته مراكز بحثية محترفة، وهنا موضع حد السيف فما تم إنجازه لا يخفي فيه فضل سوريا وإيران، لقد كانت سوريا بمثابة الشريان النابض لحزب الله والغطاء الاستراتيجي، ولكن وضع الأمة قد تغيروخسر معسكر الانبطاح في مصر وتونس وقام الشعب الليبي بتحييد هذا المحتنك بشياطين الجن والإنس الذي يدعي معمر وشغل أبو جهل بثورة شعبه عليه في اليمن عن انبطاحه لإرادة آل سعود. لقد تكفلت الشعوب العربية بطغاتها وأذهلتهم عن طقوس عمالتهم بثوراتها وفي هذا التوقيت الدقيق كان خيار الشعب السوري هو الثورة وإرادته بالتغيير،وهنا يجب أن يكون "سالما " هو الشعب السوري وليس أي "حجاج " فلم تترك لنا دماء الشعب السوري موضع مداوره أو عذر- قد كنت أغفر لو أنني مت...ما بين خيط الصواب وخيط الخطأ.

Friday, April 15, 2011

الثورة بين سلفي الوهابية وسلفي العلمانية

الثورة تأتي فتفكك الواقع وتنفض الساكن وتكشف المسكوت عنه وتشرعن القول في الممتنع، وهى كالشمس تفعل فعلها بتخللها كل شيء فيظهر المخبوء وينجلي المدارى، وفي عجيج مولد الثورة، في تلك المساحة الزمنية التي يتأرجح فيها الفعل الثوري بين التأثير والتغيير تتوالي الحوادث ويتخلخل الزمن ما يؤجج لصراع الإرادات بين الشعب يريد وماذا يريد؟ بين من يخاطبون الشعب للتأثيرفي إرادته ومن يحاولون واهمين أو راهبين استلابها من جهة، وبين من يمزجون إرادتهم بإرادة الشعب من جهة ثانية وبين من لا يريد للشعب إرادة - ما اصطلح على اختصاره بالثورة المضادة - من جهة ثالثة. الثورة بتكوينها فعل تطهير وخاصية التطهير في الثورة لا تبدو كعملية هدم وبناء ولكن فيها من خواص الظواهر الطبيعية التفاعل والصهر والإذابة والتشظي والانفلات، واستلاب العادي لصالح الجوهري، وخلخلة الثابت لصالح النافع، وانتهاش الرسمي لصالح الشعبي، كل هذا يكون جدار شاهق أمام من يتصدون لفعل الثورة بالإحاطة سواء بالتنظير أو بالفعل السياسي، فالثورة لا تنتمي لأحد والكل ينتمي لها ولا تتيح الركوب في سفينتها إلا لمن يؤمن بها وحتى في حالة الركوب يتكفل الموج تحتها باقتلاع من يحاول التصدر من مقدمتها ليوجهها، وعندما يتحدث من يتحدث باسمها تغرقه في تفسير كنهها. ولذلك اصطلح قول أن الثورة تأكل أبنائها والأصح الثورة تأكل المنتسبين لها. عل ضوء تلك التأملات، هناك فصيلان بدا منهما نوع من الجرأة على تحديد مسار فعل الثورة ، ما أوقعهم في محك ارتطام بمفاعيل الثورة هما سلفيي الوهابية من جهة وما اسميهم سلفيي العلمانية، ولما لا؟ فكما وللوهابية سلفييها للعلمانية سلفييها أيضا ، وما عرضهم لهذا الارتطام بالثورة تطرف في التحيز يعلي الفكرة على الإنسان بحيث ترتبط قيمة الإنسان بمقدار اقترابه أو ابتعاده عن الفكرة وهو بالنسبة لسلفي الوهابية نوع من الشرك الخفي يتلبس تعاملهم مع النص، يجعل صاحبه يعارض الإرادة الإلهية في تكريم بني أدم، فالخطاب السلفي لا يحترم الضعف الإنساني وقد خلق الإنسان ضعيفا، بل تراهم يتعاملون مع الناس و:كأنهم أيقنوا أنهم الفرقة الناجية بالفعل و فرغوا من يوم الحساب لا تجد فيهم هذا التواضع للناس ولا لله فيضيقون الواسع والإنسان في نظرهم كائن هش وسريع العطب يحتاج التكبيل وهي هي نفس الآليات نجدها عند سلفيي العلمانية فاحتفائهم بالعقل الإنساني يجعلهم في عماء حقيقي عن قيمة الوجود الإنساني نفسه وافتتانهم بالحرية يذهلهم عن رحابة مفهوم الحرية ما يجعلها صنما لا آلية لتحرر الإنسان، بحيث أن المواطن في نظرهم غير جدير بمعرفة قيمة الحرية ما لم تتفق رؤيته مع طقوس حمايتها التي يعتقدون بصوابها، وفي الغريمين كثير من الصلف والغرور غير المعلن ما يفيض في طريقة تعاملهم مع البشر فإما رؤيتهم وإلا العطب والقصور، فيضيقون الواسع بدورهم أيضا وكأنهم يصدرون عن القدر.وهذا ما يفسر الوصائية التي تكتنف أسلوبهم، أنهم يتكلمون إلى الناس أحيانا ولكنهم لا يتكلمون مع الناس أبدا. معادلة الثورة وانتسابها تلخصها عبارة واحدة بعيدا عن كل سيول التحليلات وركام التأويلات هي عبارة "الشعب يريد" وبمقدار الاقتراب أو الابتعاد عن تلك الإرادة سيقييم الفعل الثوري لا حسب تصورات وأحلام مشروعة أو متخيلة تقدمها أية رؤية أو تيار أو قوى فئوية أو حزبيه أو طبقية ولكن حسب رؤية هذا الشعب الذي يريد أي حسب رضى الإنسان المصري العادي الذي يمثل الشريحة الكبرى من كتلة هذا الشعب فهو من تحمل وأبنائه كل تبعات هذا النظام وجرائمه الموشومة على تكونه الوجودي دفع ثمنها صبرا جميلا بدمه وزمنه وصحته وكرامته وبذلا غير منقوص لإحقاب متتالية حتى استوت واكتملت زلزالا صدع جدار النظام وكسر أنف الفرعون الذي لم يقسمه من قبل غير الله ويد الله مع الشعب فهو الجماعة الجامعة لهذا فهو وهو فقط من يمتلك صك ملكيتها ليواجه بها مستقبله المستحق ومن يريد أن يكون مع هذا الشعب وإرادته فعليه أن يستمع إليه أولا باحترام وانتباه قبل أن يطرح رؤاه فإن لم يرض الشعب فعليه أن يراجع نفسه في تلك الرؤيا وإلا فسوف يسقطه الشعب من الجولة الأولى بالضربة القاضية فقبضة الشعب لا راد لها... فكما يعلم سلفيي الوهابية يد الله مع الجماعة وكما يعي سلفيي العلمانية الخطاب الثوري خطاب شعبي فأين تذهبون؟

ما الذي يخيفهم من هذا الصوت؟

Friday, April 08, 2011

الإسم المستعار والوجه المستعار





يختم الكاتب المحترم بلال فضل مقاله عن ثلاث مكالمات شخصية مهمة ।almasry-alyoum.com/article2.aspx?ArticleID=292797&IssueID=2098بقوله إذا كنت تقرؤني جيدا فلعلك تعلم أنني رغم كل تقديري للجيش وثقتي في قادته، قلت مرارا وتكرارا إنها ليست ثقة على بياض بل هى ثقة تقف على أرضية التعهد بتحقيق مطالب الثورة، ولعلك تعلم أن كل ما وجهته من نقد إلى المجلس العسكري فى أكثر من ملف شائك لم يقابل إلا بالاهتمام والاحترام والرغبة فى الحوار، الغريب أن ما تلقيته من هجوم كان من قراء أعزاء هم من ضحايا نظام التعليم المباركي الذي أنتج أجيالا لا تعرف الآراء المركبة ولا تعترف إلا بمن ينحاز عميانى لمن يقود البلاد أيا كان، هم يريدونك أن تحدد هل أنت ضد الجيش أم معه لكي يرتاحوا ولا يلجئوا للتفكير فيما تقول، ولهم أقول بكل وضوح وأنا رجل مستعد لدفع ثمن ما أكتبه ولا أختبئ خلف أسماء مستعارة: نعم نحن نثق فى الجيش ونحترم قادته ونقدر دوره الوطني العظيم ونعلم أنه العمود الفقرى الذي تستند عليه البلاد، لكن ذلك لن يمنعنا من التفريق بين الدور الوطني للجيش والدور السياسي للمجلس العسكري، وسنظل نوجه انتقاداتنا لأداء المجلس العسكري في إطار آداب الحوار، وسنبقى نحرس مطالب الثورة حتى تتحقق كلها دون أن تذهب دماء شهدائنا هدرا، والله من وراء القصد أو هكذا أزعم اعتبر نفسي من المعنيين بهذا المقال ككاتب تحت اسم مستعار أرسل لك ردا من خلال مدونته عن مقالة لك تتناول الموقف من الجيش http://baynalkitabah।blogspot.com/2011/03/blog-post_08.html


وبعد عندما طرحت سؤال مشروع هل الجيش المصري خائن؟ في مدونة بين الكتابة والكلام تحت عنوان اختبار كسر العظم http://baynalkitabah।blogspot.com/2011/02/blog-post.html


بتاريخ 3فبراير والتاريخ مهم تكلمت في إشارات اعتبرتها كافية عن بعض أشعار أمل دنقل ،وعن الانتباه للفتنة الشيعية السنية بسؤال متى كان المصرين أبناء عمرو ابن العاص ثم عن الكفاح في السويس ثم عن السياسة تحت قاعدة أن من تخادعتم له ونال منكم مأربه فقد خدعكم ثم أعقبتها بتدوينة اختبار كسر العظم2 http://baynalkitabah।blogspot.com/2011/02/2.html


وكانت عن الجيش حصرا كان السؤال (بجيب من الأخر) و في ضمير كل مصري معرفة الإجابة عليه وكان على قاعدة رؤية كلية وهي أن موقف الجيش المصري من الثورة هو رمانة الميزان ليس لإنهاء الثورة المصرية لأن الثورة المصرية لن تنتهي إلا بكسر إرادة الشعب المصري وهذا لن يتم بإذن الله تحت أي حال ولو اجتمع العالم كله ضد تلك الإرادة ولو قرأ ما تحت السؤال في تلك التدوينة سيجد أنني لم أتكلم عن الجيش المصري ولكن تكلمت عن الموقف الدولي أو موقف إدارة الهيمنة في العالم. والعقيدة القتالية الحقيقية له وعن عبد المنعم رياض فلأمر هنا ليس له علاقة بالتعليم المباركي إذا كان في عصر مبارك أساسا تعليم وليس تجهيل وتكتيم وتسطيح وتوبير وإذا كانت العقول لم تغادر بعد فيزياء نيوتن عن الفعل ورد الفعل إلى أفاق الفيزياء الحديثة والمابعد حديثة لما بعد اينشتين عندما اخترت التدوين للكتابة اخترته لأنه خارج هيمنة المركز والاسم المستعار له علاقة بالكتابة داخل عالم التدوين الذي أنتمي اليه والتدوين كما هو موضح في تدوينة حكايا التدوين والتعليقات التي جاءت عليها . http://baynalkitabah।blogspot.com/2007/04/blog-post_26.html


ثم ممن الخوف بالضبط إن من يخشى منهم على الحقيقة يعلمون في هذه اللحظة والثانية من أين أكتب وماذا أكتب ومن أنا بالتأكيد ولعل الكتابة تحت الاسم الحقيقي تحمي أكثر من الكتابة تحت اسم مستعار هذا خطاب لم ينتبه لمدى تغول السلطة المحلية و المهيمنة في العالم، ولكن أقول الكتابة هي في ذاتها سلطة أن كنت تدري أو لا تعلم. أقرأ لك ولكن لا اعتقد انك تقرأ لي فأنا لست من كتاب المركز ولكني من كتاب الهامش وأرى نفسي من العوام أليس لهم صوت أم أنه يجب أن يلجموا عن الكلام كما وصى أبو حامد الغزالي؟ الاحترام لمن يستحق فريضة ولم أكن أرد على من لا احترم فلاحترام عندي فعل تحسب عن قناعة ليس فيه رغبة أو رهبة. لا يقلقني موقف الجيش كما تعتقد فهو إن خرج عن إرادة الشعب وهو منها سنعني له بدلا عن مصر تتحدث عن نفسها أغنية ثورة الشك لأم كلثوم أيضا ، فقد حسم الشعب قضية السلطة في يوم 28فبراير فوق كبري قصر النيل على مستوي الواقع والرمز وسقطت كرة السلطة في قبضته وحسمها من بعده شباب الثورة عندما حطموا أسطورة البلطجي في الوجدان الشعبي وانتصر التلميذ على البلطجي انتصر حامل أداة العصر الكيبورد على حامل البلطة. وهو فعل ذو بعد عالمي مركزه هو ميدان التحرير وما يجري الآن من صراع هو على كيفية تفعيل ذلك وتجسيده في آليات تبلور إرادة الشعب وتطلعاته المشروعة والمستحقة،أما عن التنكر فالنص يفصح عن كاتبه بأبعد وأعمق بكثير مما تحمل صفحة الوجه أو ما يدعيه الكاتب عن نفسه لمن يفعل فعل القراءة لأن القراءة فعل وفعل شاق جدا كما تعلم. ملحوظة لقد علقت على التساؤلات في مقالك بالمصري اليوم بعنوان ابتسامة الغريب ولم ينشر كالعادة بالنسبة لي على الأقل بالقول لربما.. إذا التقت عيونكم بالموت في عيني : يبتسم الفناء داخلي لأنكم رفعتم رأسكم.. مرة "سيزيف" لم تعد على أكتافه الصخرة أمل دنقل


لك التحية والسلام وقبل ذلك وبعده


الاحترام

Sunday, April 03, 2011

انفجار الثورات واختلاق الأزمات



بين الثورة ،التونسية والثورة المصرية وفي تلك المساحة الجغرافية المشحونة بالبترول والدماء والمأسورة في أحبولة

الجنون والطغيان، انطلقت الثورة الليبية بكل عطش السنين للحرية والانعتاق من طوق هذا المخبول النزق وذريته اللعينة، وفى ظل تقدم الثورة تلقفت إدارة الهيمنة بزعامة الولايات المتحدة هنيهة ارتباك تسلل عبرها أذيالها وأزلامها الدائمين في العالم والإقليم ومكنوا لها فقامت بوضع اليد على مجريات الأمور لتأسر الذئب والحمل ويكون لها موضع قذف فيما بين الثورتين، وشاهدنا بعد ذلك خروج سماسرة النظام المعتمدين .سيحاول البيت الأبيض بقيادة

باراك حسين أوباما استخدام ورقة ليبيا في سياستها الداخلية. فهي ورقة تداعب المؤسسة العسكرية من جهة وترتدي قناع الإنسانية من الجانب الآخر وتكلفتها مضمونة نفطا ولها فيها مآرب آخرى لذلك سوف يختل زمن الثورة الليبية ما يناسب التوقيت الأمريكي وعلى الثورة الليبية أن تستعيد إيقاعها الزمني - نعم، تعيق أصابع الهيمنة الأمريكية الحركة الثورية في مصر وفي تونس بورقة الاستقرار وتبتز الثورة الليبية بمخالب الذئب المحاصر. ولما لا؟ فالحرب بكل مآسيها هي رأس الجبل الظاهر من أحبولة الهيمنة المقيتة هكذا يخبرنا التاريخ وبهذا تصرخ الجغرافيا، لقد واجهت الولايات المتحدة من قبل أنظمة ولكنها لم تواجه الشعوب العربية. وكأني بالتاريخ والجغرافيا يقولان لنشغلن المستكبرين عن وساوس الهيمنة بثورة شعوب العرب

ولكن ماذا عن دور تلك الدكتاتورية المحمية التي تسمى السعودية ودرعها الهذلي؟