Thursday, September 21, 2006

متابعات ومداخلات ومقارنات




متابعات
إذا كانت الجمعة اليتيمة هى الجمعة الأخيرة من رمضان لها خصوصيتها فما بال هذه
الجمعة الأخيرة

قبل رمضان تكتسب شجون من نوع آخر وتمثل علامة--- وغدا ناظره قريب



مداخلات

قيل وسوف يقال الكثير

عن أقوال البابا وهناك قراءات استطاعت أن تجتاز سياق نمطيةالتحليل لتلك الأقوال منتبهة "للظرف التاريخى " الآن وأثر تشكيله وظلاله- فيها وعليها
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2006\09\09-21\qpt1.htm&storytitle=ffتصريحات%20البابا:%20تأملات%20وتذكير%20ببعض%20المنسياتfff

الا ان هناك ملاحظتان تستدعيان الانتباه
الأولى : إذا صحت المعلومات بكون قداسته كان من شبيبة هتلر ورغم أنها كانت منظمة إجبراية كما يقال الا أن أثر الخطاب النازى لا يتوقف عند الوعى وبالتأكيد له جذور فى بنيةإنتاج هذا الرجل الألمانى الذى عاش صعود وانكسار بلاده يعود على قمة من قمم العالم ليخطب فى عقر داره
والثانية : مغزى الاستشهاد الذى استشهد به البابا واختياره لحوار بين الأمبراطور والرجل "الفارسى" كما قيل فى أجواء التحضير لتركيع" إيران" من قبل اليمين الجديد الذى لاتخفى روائحه النازية والذى يفقد فى هذه الحالة زخم الحادى عشر من سبتمبر الذى تم استنزافه فى العراق وتفكك فزاعة الإرهاب التى تكاد أن تصبح أضحوكه
--------------------------------------------------------------------------------------------------
مقارنات
رمضان منذ ما يقارب مئتى عام

وشهر رمضان هو أهم الأوقات التى ينغمس فيها المصريون فى المسرات ومختلف ضروب اللهو، فهو فى مجموعه شهر صيام وشهر مهرجانات. وقد يبدو من الغريب أن يختاروا مثل هذا الوقت للقيام بممارسات متناقضة: التوبة وتطهير النفس من ناحية ،والملذات من ناحية الأخرى،ولكن،فلعل المشرع قد أراد بذلك أن يخفف من وطأة تلك التوبه المهلكة فعمل على أن تصاحبها أوقات تخصص للمسرات (كذا!) إذ يستطيع الناس بشكل أفضل أن يتحملوا من ضروب الحرمان تلك التى تعقبها المسرات والملذات، ------ ويرى المرء فى هذا الصوم حمالين يسيرون -كما فى الأيام العادية- وهم يحملون أحمالا ضخمة أو يعملون بطريقة شاقة أطول وقت من النهار ،ودون أن يرطب حلقهم الجاف قطرة ماء ودون أن يتناولوا وجبتهم الصغيره المعهودة لتنشيط قواهم التى هدها العرق والتعب. ولكن ما أن ياتى المساء حتى يتغير المشهد،إنهم لم يعودوا نفس الرجال ،فالليل بطوله ينقضى فى الولائم وضرب اللهو والفجور.فى النهار يفعل كل امرىء قدر طاقته كى ينهى أعماله بسرعة ليخصص بضع ساعات للنوم فترى الفلاح راقدا بالمثل تحت النخلة بعد أن أنهى فى فترة الصباح عمله وترى التاجر يرقد على بنك دكانه والعامه ممددين فى الشوارع بجوار جدران مساكنهم بينما الغنى راقد بالمثل . نعسان ينتظر على أريكته الفاخرة الفتره التى تسبق غروب الشمس----- وأخيرا تأتى تلك الساعة التى طال أنتظارها فينهضون على عجل ويهرع كل امرء للحصول على مكان مرتفع وتتجمع النساء فى شرفات منازلهن ليرين حركة أختفاء الشمس ، وتبدأ الشمس تشحب رويدا رويدا ويتأكل قرصها ليختفى وراء الأفق وتنمحى والناس فى مشقة الأنتظار------ حتى أن العامه وسكان القصور والقابعات فى معاقل الحريم وكل هؤلاء يحيون بصوت جماعى، تلك النهاية التى تلكأت طويلا---- وتعلن الأغنيات الجذلانه حلول وقت المسرات ووقت الطعام، وتدوى فى كل المساجد أصوات المؤذنين الجادة تنادى الناس للصلاة، وتحدث همهمة واضطراب عام فيتفرق الناس على الفور، وتنفض الجماعات ويتبعثر المتجمعون إما إلى المقاهى وإما إلى البيوت والمساجد والميادين العامه،ويأكل كل امرىء بشراهة،ويقيم الأثرياء مآدب باذخة ويقدمون للفقراء فضلات موائدهم ويقدم الطعام للجميع بلا تميز،لكل الحاضرين،وهذه العادة،الحميده بلا شك،تطبق فى كل ولايات السلطان. ويعقب الطعام الأحتفلات والألعاب. وتسيطر الخلاعة الجامحة على كل ضروب اللهو فى ليالى الفسق هذه، وتظل المساجد مضاءة حتى بزوغ النهار، ويقض أفاضل الناس ليلهم فى حديث الرواة والمنشدون يقصون بحماسة ملتهبة،مغامرات عجيبة تخلب الألباب بطريقة فريدة،ويهرع البعض إلى الحمامات ، فهناك على وجه الخصوص تزدهر الملذات وتتم لقاءات الغرام، والعاملون بالحمامات المعتادون على هذا النوع من الأمور،هم على الدوام عصب هذه المغامرات العاطفية، وهكذا ينتقم الجنس من سجانه وطغاته، ولكن ينبغى أن تحاط مثل هذه المغامرات باكبر قدر من السرية وإلا فإن غضب الزوج المطعون فى كرامته لن يعرف حدودا ويمكن القول إن الميادين العامه الأماكن التى تعرض فيها اكبر مشاهد الدعارة والفسق مدعاة للخجل فهناك يقدم بعض الحواة والمشعوذين مشاهد شهوانية تنتهى بلوحات بالغة الأنحطاط والفظاظة تشكل فسادا مدهشا للتقاليد ، والممثلون الرئيسيون فى هذه اللوحات هم على الدوام شيخ وطفل وبرغم ذلك : فلو أننا حكمنا على تقاليد الأمه بأكملها عن طريق الميل الذى يبدية أبناء الشعب عادة نحو هذه العروض، لكونا بالتأكيد فكرة خاطئة وظالمة ،فمثل هذه العروض،الماجنه لا تجذب إلا السوقة والرعاع،ومثل هؤلاء الناس فى كل مكان،نهمون لرؤية مشاهد الغلمة والفسق بكل عريها لكن ما يدعو إلى الأسف حقا هو أن تسمح السلطات بمثل هذه العروض. بل أن مباهج رمضان تصل إلى معاقل الحريم ففى رمضان يسمح للسيدات باستدعاء العوالم وبعض الموسيقيين،ويجلس الزوج باسترخاء ولامبالاة على أريكته،ومبسم أرجيلته فى فمه،وإلى جانبه أحب زوجاته إلى قلبه ليستمعا بمتعة شديدة إلى أغنيات العوالم وصوت الموسيقى،ويحيط الزوجين بعض العبيد،واقفين من حولهما أو جالسين القرفصاء على حصيرة. ولابد أن يبدى المرء إعجابه بذلك التمثيل الصامت (بانتوميم) للعالمة الشابة وهى تصور فى خلاعة وشهوانية الصراع بين الفسق وبين العفة، ويحيط بقامتها الرشيقة حزام معقود برخاوة،يبدو كأنه الحاجز الوحيد الذى يصد عنها هجمات الحب. وتعود لتعقد من جديد برخاوة أيضا كلما بدا أنه قد بدأ يستجيب من جديد رويدا رويدا. عندئذ تنتبه العفة فجأه بعد أن نومتها الشهوة، فتعقد الراقصة الحزام من جديد وبنفس الرخاوة ويتخذ الرقص مظهرا أكثر جدية ووقار. لكن ذلك يخلى مكانه مرة أخرى لحيوية الإحساسات والشهوة التى تبدو العالمه فريسة لها ---- وتتجدد نفس الظروف وتضعف العقده الرهيفة التى تحول دون الحب وتعقدها الراقصة من جديد ،لكن الحب ينتصر ولا يعود أحد يعترض على أنتصاره وتستجيب العالمه فى النهاية لعواطفها،فتبطىء من حركتها وتبدو غارقه فى هيام لذيذ ويصفق الحاضرون لها بحماسة وإعجاب ويحدث تمثيلها الشهوانى الصامت أثر يفوق الوصف على مشاهديها، وبخاصة الزوجة فتخرج عن طورها – كما شاهدنا ذلك عدة مرات- متأثره بتلك الرقصه الشهوانية .فتصل صوتها بصوت المغنبن وتقلد حركات العالمة
من كتاب وصف مصر
الدولة الحديثة مقتطفات من ص191الى ص195
دراسة فى عادات وتقاليد سكان مصر المحدثين
تأليف ج. دى شابرول ترجمة زهير الشايب

9 comments:

tota said...

المعتكف العزيز

متابعات ومداخلات ومقارنات اخذت منى ساعات للقراءة

لكن بكل تقدير لكل كلمة تكتبها ايها العزيز تصبح القراءة لدى نهم
متابعات :
اليوم هو يوم الجمعة المخيفة المترقبة للاحداث ولو انى لا اعتقد ان الخوف له مبرر فاسرائيل تحاول ان تبدو فى صورة الحمل الوديع المظلوم امام العالم واستبعد اى محاولة لتشويه هذه الصورة
مداخلات :
موقف البوب بيندكت المتعنت ومحاولة اللاعتذار الواهية التى كلما زادت كلما استفذت الشعوب
فالبوب اعتذر عن سوء الفهم وهو اتهام اخر لنا بعدم القدرة على الفهم بالاضافة الى ما ذكره فى المحاضرة

ثم عاد مرة اخرى ليضيف انه استخدم مصطلحات سلبية عن الاسلام

فتعجبت اما يكفيه ما قاله واتهامنا بسوء الفهم ثم اضافة التعمد باستخدام مصطلحات سلبية ليأكد لنا انه ليس سوء فهم كما قال ولكن تعمد

ولو كان سيادته قد ارتجل المحاضرة لكان له العذر ولكنها مكتوبة ومنقحة وتم مراجعتها مرارا لذك وجب عليه كأستاذ دارس توضيح الحقيقة التى تعمد ان يضللها لنفس ذات الناس
ومع الكاتب طبعا فى موقفنا الحضارى المتردى وان النهوض من كبوة التخلف التى يعشيها العالم الاسلامى هو اكبر رد على كل من يسب الاسلام والمسلمين

مقارنات :
فى البداية تصورت ان الكلمات هى نوع من انواع الوصف المقنع لحالة رمضان فى وقتنا هذا
فتقريبا ما يوصف هو نفس الحالة التى نحتفل نحن فيها برمضان من موائد عامرة وموائد الرحمن التى ينعم بها الاغنياء على الفقراء
الخيم الرمضانية والشيشة والمغنيين هو نفس ما يوصف فى كتاب وصف مصر

عجبا نحن نسلك نفس الطريق فقط نصبغه بصبغة التطور ومتغيرات الزمن التى لا تلبث ان تجمل ولكن لا تلغى الجوهر
فنحن شعب يرفض التغيير الجذرى وفى الواقع نرفض اى تغيير من اى نوع اللهم الا التغيير الشكلى

استاذى المعتكف
بين كل بوست لك تنهض فكرة وتتشابك كلمات ويخرج نص ننتظره ونترقبه
الا تعلم ايها العزيز كم نرتقب كلماتك كما يرتقب المسلمون هلال رمضان والشىء بالشىء يذكر
كل عام وانت بخير وعسى الله انت يتقبل منك ومن المسلمين اجمعين
وخالص تحياتى للقريب البعيد
القريب قرب المشاعر والبعيد بعد المسافة

علان العلانى said...

توتا العزيزة

تضيف أضاءتك ولا أقول تعليقاتك لأى نص تتفضلين بأضائته وضوحا للرؤية ودلالة للمعنى وتتميز بما هو أعمق الا وهو روح صافيه تلتمس من المعنى ما يلائم ويحدد للعلامة وجهه ولا يتوافر على ذلك الامن يكون الهم المعرفى شاغلا لهم ، مع مصابرة وجلد الباحث/الباحثه لا أقول الحقيقى فلا أزعمها لنفسى ولا لغيرى ولكن أقول الباحثه الجاده والمهتم /المهتمه الجاده التى قرائتها أعادة كتابة للنص تعيد أنتاجه قراءة تفكر وتتامل فتضيف وتثرى ولا أتكلم عن تعليقاتك هنا التى أتشرف بتلقيها والأستفادة منها، ولكن أيضا عن تعليقاتك التى يسعدنى الحظ وأصادفها عندماأزور أحد الأخوات أو الأخوان، على اختلاف التوجهات والرؤا مما يدل على أتساع دوائر الأهتمام وثراء الرؤية وجذالة الفكر وأهم من ذلك ما يصاحب أضائتك من ذوق أصيل لروح كريمة،حفظها الله

وفى البداية أعتذر عن الأطالة وكثرة الروابط فى هذا البوست وما ذلك الا بسب شعورى باننا نمر فى هذه المرحلة بمحاولات ترميم وأعادة ترميم عديدة للبناء ورغم كل هذة المحاولات المستميتة فالبناء آيل للسقوط تلك حتمية أكتملت كل عناصرها

المتابعات

لا يعتقد الكيان الصهيونى أن حسن نصر الله هو المشكلة بل يتمنى أن تحجب شخصية نصر الله" وحضورها الكرزيمى " نموذج المواجهة المتمكنة التى تشكلت فى بنية وكيان يعبر عنه حزب الله ، فى حين أنها خيوط تتشابك منذ ما يزيد عن الألف عام لا مجرد رجل مهما كان، وأن كان هذا لايقلل من قيمة وقامة الرجل ولكن تلك البنية هى التى أنتجت الرجل /السيد وسوف تنتج غيره وغيره ويدرك الصهاينه أن هذه لحظه فاصلة سيكون لها ما بعدهاوأعتقد أنهم فى هذة اللحظه التاريخية يدركون بصرف النظر عن رؤيتنا وقدرتنا أنهم فى مرحله مختلفة تحكمها موازين مختلفة وأن دورهم لم يعد يمثل للقوى العالمية نفس الأهمية فلم تتساهل القوى المهيمنة امام رغباتهم الا فى أطار منظومه ومصالح محددة المعالم وهذا ما تكشفه الوثائق المتوفره وتجليه السياسات القائمة

وفى المداخلات

رغم بيزنطية خطاب قداسته الا أنه يقامر بأعتقاد أن غياب الأيدولجى قد يعزز الاحتياج للميتافزيقى
ولعل كاتب هذا المقال تلامس مع بعض من المسكوت عنه فعلا
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2006\09\09-22\qpt1.htm&storytitle=ffالمسكوت%20عنه%20في%20خطاب%20البابا%20بينيدكت%20السادس%20عشرfff

والمقارنات

محاولة للتحديق فى المساحة بين البنية والخطاب ومعادلة الزمن
وها هى أثمرت عن ملاحظتك وأضائتك التى تكفى كجدوى و تفيض

كل عام وأنت بخير ومن تحبين ومن يحبك

لك خالص التحية وأصدق التقدير
وقبل ذلك وبعده عميق الأحترام

ayman_elgendy said...

كل عام وانت بخير يا استاذ علان

قرأت مقالك وحواشيه واستمتعت جدا بتعليق العزيزة توتا

اعجبني بشدة تلك القرآة المقارنة لرمضان منذ مائتين عام فهي تحمل بداخلها معني جلي الا وهو تشابه سلوك الناس منذ مئتين عام مع سلوكهم في وقتنا الحالي مع اختلاف الزمن واساليب المعيشة و مادية العصر الحالي الزائدة

مودتي

علان العلانى said...

كل عام وأنت بخير أخى العزيز أيمن
وأسرتك الكريمه
أعادالله عليكم هذا الشهر الكريم بالخير واليمن والبركات
يسعدنى حضورك الكريم وملاحظاتك الثريه واهتمامك

مودتى

قارئة said...

لقد قرأت هذا الكتاب المأخوذ منه النص منذ إحدى عشر سنة مع أعز وأغلى أصدقائي وكان لهذا النص بالذات فضل كبير علي في تبديد سطوةأسطورة الماضي المجيد المثالي المبكي عليه ممن سبقونا وأنتفحوا بآخر نفحاته.لفد انتبهت فيه لأن التاريخ ليس منحدرا كما هو موجود في مخيلة عامةالناس بل هو يدور في دوائر لها نقاط ارتفاع وانخفاض وقد شكل ذلك لدي رؤية جديدة أراجع من خلالها خطابات وطنية وثقافيةوشعبية تمجد كل ماينتمي للماضي واتاحت لي إعادة القراءة رؤية بنية تلك المخيلة الماضوية النافذة في مختلف خطابتنا حتى تلك التي تدعو للحداثة، ومن سماتها أسطرة الصورة المبتغاة للماضي والتعامل معه برومانسية تظهر على أشد ما يكون من الابتذال في أعلامنا عندما يتناول موضوعات كتاريخ السينما وتاريخ الموسيقي والأدب العربي الحديث، مرسخة بذلك شعورا محبطا من الحاضر يرى المستقبل أشد انحدارا.

الأستاذ العزيز علان،
كتاباتك واختياراتك تفجر الكثير من التأملات داخلي كقارئة حتى يصعب علي أحيانا أن ألملم أفكاري لأكتب تعليقا أو مداخلة، أرجو أن يمتد حبل عطاءك لمن يقرأوك ويتعلمون منك دائما،

مع تقديري،

ayman_elgendy said...

اخي ومعلمي علان

ارجو منك ان تترك لي بريدك الالكتروني

مودتي

علان العلانى said...

العزيزة قارئة
تحية وتقدير وشكر
على وقتك الذى تبذليه فى قراءة وتحليل ما يدور هنا، رغم علمى بمدى الانشغال فى بداية العام الأكاديمى، ... وبعد
هوالنص !؟ هذا الكائن المتحول ، عندها يتحول الى مادة التاريخ التى اعتقلت فى حروف وكلمات هذا الفعل الإنسانى المؤنسن للوجود بقيد "المعنى "--- ثم المعنى نفسه هذا العكاز الذى يتكىء عليه الفكر ليلتقط أنفاسه وينتبه للمكان فى انتظار رياح الزمن، نعم أيتها القارئة على الحقيقة ليس التاريخ منحدرا وليس أيضا صاعدا و ليس بالضرورة حلزونيا ولكنه قد يكون كل ذلك وأكثر مما لا تطيقه مخيله ولا يحويه خاطر وإن كان تصوره يدور في دوائر لها نقاط ارتفاع وانخفاض تصور يثير التأمل ويفجر الرؤا --- لا أدرى لماذا عندما أحاول تجسيد الزمان مادة يتشكل فى مخيلتى بهيئة ابتسامة محايدة ، ولكن" الآن" هذه اللحظة هذا الوقت هذه المرحلة الحالية فكما يقول الخيام: غدأ بظهر الغيب واليوم لى-- وكم يخيب الظن فى المقبل--- ولست بالغافل/ المنتبه وقد ضاق الصدر بما لا يقال، وهنا هل اليوم لنا هل مازال رمضاننا رمضان وإن لم يكن فهل ما تبقى منه يكفى لانتاج رمضان أو تمثيل رمضان قادم ليكون للزمن علامة
يقول عنتره العبسى الشاعر والفارس الأسطورة ، مفتتحا أبيات قصيدته التى أصبحت معلقة فيما بعد
هل غادر الشعراء من متردم
أم هل عرفت الدار بعد توهم
وكأنه ومنذ ما يقرب من الألف وخمسمئة عام يأرق الشاعر مفهوم التجاوز بين المعنى والعلامة وكأن المعنى لكى يتأسس لا بد وأن يشكل لنفسه وجودا وبصمة غير مسبوقة
هل غادر الشعراء من متردم
هل تر ك الشعراء شىء لم يقال أو طريق لم يسلكوه وراء المعنى
ولكن لماذا على الشعراء أن يتركوا ما لا يتناولوه
وكيف هى الحدود التى ندرك عندها أن شعراء عصر ما قد أحاطوا به فلم يدعوا فيه ما لايقال
وكيف كانت تلك الملاحظة هى بعينها ما لم يرد عليه الشعراء-- ليكون عنتره واردها وليكون السؤال إجابة ولما لا فالسؤال كان دائما معبر السبيل ومفتاح المعنى وبين وعى عنتره بمواطن الشعر ومقالة الشعراء ،علينا أن نحدق—فقد كان عصرا كاملا يتأهل للمغادرة كانت هناك مقدمات قطيعة معرفيه تقترب لتطوى بنية ما قيل عنه فيما بعد-- ما قبل الإسلام-- أو تلك الكلمة الغامضة" الجاهلية "وكأن هناك سورا قام فاصلا وبتر الزمن وقسم المكان والذات الواحدة ، فهل حدث ذلك حقا والى متى ظل هذا الحادث حادثا
ولكل عصر بهلوناته وبكاشينه ومزيفينه وسدنة خطاباته وأنبيائه الكذبة وهؤلاء الذين يحبون أكل الثريد ، من الذى يكتب التاريخ إذا وكيف يتم استخلاص التاريخ من ركام النصوص،فإذا كانت معظم نصوص الأمم المتحدة أثناء الحرب الأخيرة على لبنان لم يرد فيها أسم حزب الله، فمن كانت تحارب إسرائيل إذا؟ السنيورة"!!!!!؟؟؟"
وكيف سوف يؤرخ على سبيل المثال لزيارة تلك المرأة الأمريكية التى مازالت يدها مبتلة من الدم الحار فى لبنان وها هى فى ضيافة البلد الحرام هذه الدار المعروفة دون توهم تزورها وفى العشرة الأوائل من رمضان الذى وافق السنة الألف وأربعمئة وسبعة وعشرين
ترى ماذا سوف يخط المؤرخ المجهول وماذا سيقول ويصف؟
كيف جلست تلك المرأة الأمريكية بجوار الشيخ الوزير لخادم الحرمين الشريفين لتهدد بلدا عربيا ,وتمهد لشرخ جديد يأخذ الأمه فى آتون حرب مذهبية لاتبقى ولا تذر ، والشيخ يبدوا واجما مقتبا الجبين و السؤال يلح على المشاهد الى متى سوف يظل" آل نحوس" جسرا تمر عليه كل الكوارث التى نبتلى بها هل هكذا سيؤرخ للحدث الذى سوف يكون له ما بعده " لاغفر الله لهم"

وخلى الذباب بها فليس ببارح-- غردا كفعل الشارب المترنم
هزجا يحك ذراعه بذراعــه-- قدح المكب على الزناد الأجذم
وهل غادر الشعراء من متردم ؟؟؟؟
هل ترك هؤلاء الحكام والمسؤولين العرب شبهة واحدة تحول بينهم وبين رجمهم بالنعال وإن لم يكن فلماذا هذا الصمت والي متى تكون هذه الشعوب سمح مخالقتها إذ تُظلمِ!!؟ ولماذا إذا ظلمت فإن ظلمها حلو مذاقه شهي المطعم؟ و لماذا هذه المخاتله؟ وعلى كل حال فالشعر هو بعض التاريخ فى حالة الحضارة العربية الإسلامية فقد كان الشعر ديوان العرب –ولكى يكتمل للتعليق المعنى فسوف اتركك مع هذا النص لمحمد الماغوط

المروحة والغبار
سؤال أيها الشاعر هل تريد هدم القصور على رؤوس أصحابها ؟
جواب : لا، أريد فقط أن أتنهّد أمام أسوارها .
سؤال : أيها الصحافي هل تريد هدم السجون ؟
جواب : لا. أريد فقط أن لا أكون من نزلائها.
سؤال : أيها المسرحي, هل تريد الاستيلاء على كرسي وزير أو سفير ؟
جواب : لا, حتى عند الحلاق صرت أجلس على طرّاحة.
سؤال : أيها الكاتب، بشكل عام , هل تريد مزرعة وجيادا وكلاب حراسة ؟
جواب : لا, ولكن لاأريد أن أنبح معها.
سؤال : أيتها المرحلة العربية المباركة, ياذات القلب الأبيض والأظافر الحمراء
إن الخروف يعيش على الكلأ
والأرنب على الجزر
والثعلب على الدجاج
والغراب على الأطلال .
والكاتب الذي ليس خروفا, ولا أرنبا , ولا ثعلبا, ولا غرابا، وإنما إنسان له أنف وعينان, وأذنان, ومعدة, وبنكرياس , وحجاب حاجز, وأظافر وزائدة دودية وكرامة.. على ماذا يعيش ؟
ــ على الخطابات.
*******
لأنني منذ رأيت الطيور تأكل الحب , والإنسان يأكل الطيور، علمت أن المعدة هي برلمان العالم.
ثم إن القاتل يعبر عن رأيه بمسدسه والجلاد بسوطه والحداد بمطرقته والغانية بحواجبها والراقصة بخصرها.
والكاتب الذي ليس قاتلا, ولا جلادا , ولا حدادا , ولاغانية ولا راقصة، بماذا يعبر عن رأيه ؟ وكيف؟
صهيلا كالجواد ؟ أم عواء كالذئب ؟
*******
في نهاية كل سطر, يقف جندي نازي بمعطفه الرمادي وبندقيته الطويلة .
في نهاية كل قصيدة, حاجز تفتيش.
في نهاية كل رواية, مجلس طوارئ .
وفي نهاية كل مسرحية, مؤتمر قمة.
فإذا لم يستطع الكاتب العربي, وفي أدق مرحلة تمر بها أمته, أن يعبر عن رأيه،لا في الماضي
ولا في الحاضر ولا في المستقبل ولا في حرب لبنان ولا حرب الخليج , ولا في حرب الصحراء
ولاعن كامب ديفد , ولاعن المقاومة . فماذا يكتب ؟
عن وحام الأميرة ديانا ؟
ثم في هذه المرحلة بالذات حيث تفيض الأرض العربية بالدماء والأشلاء ,
والسماء بالرائحين والغادين , لعقد صفقات البيع والشراء .
إذا لم يستطع أن يتحرك لاأدبيا, ولا مهنيا, ولا إقليميا, ولا وحدويا، فهل يضع سلة بيض في زاوية المكتب أوالمطبعة, ويرقد فوقها كالدجاجة حتى تمر هذه المرحلة ؟
محمد الماغوط
أيتها القارئة الفاضلة
لك كل التقدير والاحترام والشكر
على تشريفك واهتمام

علان العلانى said...

أخى العزيز أيمن
أرسلت لك إميل
أتمنى أن تكون والأسرة الكريمة فى خير حال
لك التحية والسلام

علان العلانى said...

متابعات

الكاتب الاسرائيلي يوري أفنيري يرد على بابا الفاتيكان


سيف محمد

ترجمة: خالد الجبيلي

منذ أن بدأ الأباطرة الرومان يلقون بالمسيحيين طعاماً للأسود، طرأت تغيرات كثيرة على العلاقات بين الأباطرة ورؤوس الكنيسة.

وبدأ قسطنطين الكبير، الذي أصبح إمبراطوراً في سنة 306 – أي قبل 1700 سنة تماماً – يشجع على اعتناق المسيحية في إمبراطوريته، التي كانت تشمل فلسطين كذلك. وبعد عدة قرون، انشقت الكنيسة إلى قسمين لتصبح كنيسة شرقية (أرثوذوكسية) وكنيسة غربية (كاثوليكية). وفي الغرب، طلب أسقف روما، الذي حاز على لقب البابا، أن يقبل الإمبراطور سيادته وتفوقه.

وقد لعب الصراع بين الأباطرة والباباوات دوراً محورياً في التاريخ الأوروبي، وأدى إلى تقسيم الشعوب والأمم. وقد شهد هذا الصراع تقلبات كثيرة. فقد أقدم بعض الأباطرة على عزل أو طرد أحد الباباوات، وقام بعض الباباوات بعزل أو طرد أحد الأباطرة. وكان الإمبراطور هنري الرابع "قد توجه إلى كانوسا سيراً على الأقدام، ووقف أمام القلعة التي يقيم فيها البابا مدة ثلاثة أيام حافي القدمين في الثلج، إلى أن تنازل البابا وألغى أمر حرمانه وطرده من الكنيسة".

إلا أنه مرت فترات في التاريخ عاش فيها الأباطرة والباباوات في وئام وسلام. ونحن نشهد مثل هذا الفترة في أيامنا هذه. إذ توجد بين البابا الحالي، بنيديكت السادس عشر، والإمبراطور الحالي، جورج بوش الثاني، مرحلة رائعة من الانسجام والاتفاق. إذ تتوافق الكلمة التي ألقاها البابا في الأسبوع الماضي، والتي أثارت عاصفة عالمية، مع الحملة الصليبية التي يشنها بوش ضد "الفاشيين الإسلاميين" في سياق "صراع الحضارات".

ففي المحاضرة التي ألقاها في إحدى الجامعات الألمانية، وصف البابا الـ 265 ما يراه اختلافاً شاسعاً بين المسيحية والإسلام: ففي حين تقوم المسيحية على العقل، فإن الإسلام ينكره. وفي حين يرى المسيحيون منطق أعمال الله، فإن المسلمين ينكرون وجود هذا المنطق في أعمال الله.

وبصفتي يهودياً ملحداً، فإني لا أريد أن أدخل في هذه المساجلة. إذ إن فهم منطق البابا يفوق قدراتي العقلية المتواضعة. غير أني لا أستطيع أن أغفل فقرة وردت في كلمته، وهي تخصني أنا أيضاً، كإسرائيلي يعيش بالقرب من خطّ الاحتكاك هذا بين "حرب الحضارات".

ولكي يثبت البابا انعدام العقل في الإسلام، فهو يؤكد أن النبي محمد أمر أتباعه بنشر العقيدة الإسلامية بحد السيف. وحسب ما جاء على لسان البابا، فإن هذا شيء غير منطقي، لأن الإيمان يولد من الروح، لا من الجسد. فكيف يؤثّر السيف على الروح؟

ولإثبات مقولته، لم يجد البابا أحداً أفضل من أحد الأباطرة البيزنطيين، الذي كان ينتمي بطبيعة الحال، إلى الكنيسة الشرقية المنافسة، ليستشهد بكلامه. ففي أواخر القرن الرابع عشر، دار حديث بين الإمبراطور مانويل الثاني بالايولوجس - أو كما قال (إذ يشك في أن يكون هذا قد حدث فعلاً) - مع عالم فارسي مسلم لم يذكر اسمه. وفي غمرة النقاش المحتدم، ألقى الإمبراطور (كما قال هو نفسه) الكلمات التالية في وجه خصمه:

" فقط أرني أشياء جديدة جلبها محمد، ولن تجد سوى أشياء شريرة وغير إنسانية، مثل وصيته التي يأمر فيها بنشر الدين بحد السيف".


تفضي هذه الكلمات إلى طرح ثلاثة أسئلة: (أ) لماذا قال الإمبراطور هذه الكلمات؟ (ب)، وما مدى صحتها؟ (ج) ولماذا استشهد البابا الحالي بكلامه؟


عندما كتب مانويل الثاني أطروحته، كان على رأس إمبراطورية تحتضر. فقد تبوأ السلطة في سنة 1391، التي لم يكن قد بقي منها سوى بضعة أقاليم من الإمبراطورية التي كانت ذائعة الصيت ذات يوم. والتي أضحت كذلك تحت رحمة التهديد التركي.


في ذلك الوقت، كان العثمانيون الأتراك قد وصلوا إلى ضفاف الدانوب، واحتلوا بلغاريا وشمال اليونان، وهزموا الجيوش التي كانت قد بعثت بها أوروبا مرتين لإنقاذ الإمبراطورية الشرقية. وفي سنة 1453، وبعد موت مانويل بسنوات قليلة، سقطت القسطنطينة (استنبول حالياً) بيد الأتراك، وهكذا انتهت الإمبراطورية الذي دامت لأكثر من ألف سنة.


وجاب مانويل خلال فترة حكمه عواصم أوروبا للحصول على دعم منها. وكان قد وعد بتوحيد الكنيسة مجدداً. ومما لا شك فيه أنه كتب أطروحته الدينية هذه لكي يحرّض الدول المسيحية ضد الأتراك، وليقنعها بشن حملة صليبية جديدة. كان الهدف ذا طابع عملي، وكان الدين يعمل لخدمة السياسة.


لذلك فإن هذا الاستشهاد يخدم مآرب الإمبراطور الحالي، جورج بوش الثاني. فهو أيضاً يريد أن يوّحد العالم المسيحي ضد "محور الشرّ" المسلم. كما أن الأتراك يقرعون أبواب أوروبا ثانية، لكن بسلام هذه المرة. ومن المعروف أن البابا يؤيد الدول التي تعارض انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوربي.

هل توجد أيّ حقيقة في الحجّة التي أوردها مانويل؟

كان البابا نفسه قد ألقى كلمة ليكون في حيطة من أمره. فكونه عالماً دينياً جدياً ومشهوراً، فإنه لا يستطيع أن ينقض النصوص المكتوبة ويكذّبها. لذلك، اعترف بأن القرآن قد حرّم بوضوح نشر العقيدة باستخدام القوة. فقد اقتبس من سورة البقرة، الآية 256 (من الغريب القول بأنه معصوم عن الخطأ بصفته البابا، وأخطأ وقال الآية 257) التي تقول: "لا إكراه في الدين".

كيف يمكن للمرء أن يتجاهل مثل هذا التصريح الواضح والجلي؟ لكن البابا يجادل بأن النبي محمد كان قد جاء بهذه الآية عندما كان لا يزال في بداية رسالته، وكان لا يزال ضعيفاً لا حول له ولا قوة، لكنه عندما اشتد عوده أمر أتباعه باستخدام السيف لنشر العقيدة. إلا أن هذا الأمر لم يرد في القرآن. صحيح، أن محمد دعا إلى استخدام السيف لمحاربة القبائل التي حاربته وعارضته - مسيحيون ويهود وآخرون - في الجزيرة العربية، عندما كان في طور إنشاء دولته. بيد أن هذا كان عملاً سياسياً، وليس دينياً. كان في جوهره صراع على الأرض، لا من أجل نشر الدين.


قال المسيح: "من ثمراتهم يعرفون". إذ يجب الحكم على الطريقة التي عامل فيها الإسلام الديانات الأخرى وذلك بإجراء اختبار بسيط: فكيف تصرف الحكّام المسلمون منذ أكثر من ألف سنة، عندما كانوا يملكون القوة ويستطيعون "نشر الدين بالسيف"؟

حسناً، فهم لم يفعلوا ذلك.

فقد دام حكم المسلمين على اليونان قروناً عديدة. لكن هل أصبح اليونانيون مسلمين؟ هل حاول أحد أن يرغمهم على اعتناق الإسلام؟ على العكس، فقد تبوأ المسيحيون اليونانيون أعلى المناصب في الإدارة العثمانية. وعاش البلغاريون والصرب والرومانيون والهنغاريون وشعوب دول أوربية أخرى لفترات متفاوتة تحت حكم الدولة العثمانية، وتمسكوا بدينهم المسيحي. إذ لم يرغمهم أحد على اعتناق الإسلام، وظلوا جميعهم مسيحيين أتقياء.

صحيح أن الألبانين اعتنقوا الإسلام، وكذلك البوشناق. لكن لا يستطيع أحد أن يدّعي بأنهم اعتنقوا الإسلام بالإكراه، بل اعتنقوه لتكون لديهم حظوة لدى الحكومة وليتمتعوا بخيراتها.

في عام 1099، غزا الصليبيون القدس وأعملوا في سكانها المسلمين واليهود قتلاً وذبحاً بدون تمييز، وذلك باسم السيد المسيح المتسامح الرقيق الجانب.

في ذلك الحين، كان قد مضى على احتلال المسلمين لفلسطين400 سنة، وكان المسيحيون لا يزالون يشكلون غالبية السكان في البلاد. وخلال هذه الفترة الطويلة، لم يبذل المسلمون أي جهد لفرض دينهم عليهم. أما بعد أن ُطرد الصليبيون من البلاد، بدأ معظم السكان يتكلمون اللغة العربية وأخذوا يعتنقون الدين الإسلامي - وهم أسلاف معظم فلسطينيي اليوم.

لا يوجد أي دليل على الإطلاق على وجود أي محاولة لفرض الإسلام على اليهود. وكما هو معروف تماماً، فقد نعم يهود أسبانيا، تحت حكم المسلمين، بازدهار لم يتمتع به اليهود في أي مكان من العالم حتى وقتنا هذا تقريباً. فقد نظم شعراء مثل يهودا هاليفي (الشاعر الأندلسي المعروف باسم أبو حسن اللاوي) باللغة العربية، كما كان يفعل الفيلسوف اليهودي موسى بن ميمون العظيم. وفي أسبانيا الإسلامية، شغل اليهود مناصب وزراء، وكانوا شعراء وعلماء معروفين. وفي طليطلة الإسلامية، كان العلماء المسلمون واليهود والمسيحيون يعملون معاً وقاموا بترجمة النصوص اليونانية الفلسفية والعلمية القديمة. كان ذلك حقاً عصراً ذهبياً. فهل من الممكن أن يكون النبي قد أمر "بنشر الدين بالسيف"؟

لكن ما حدث بعد ذلك لهو أشد أثراً في النفس. فعندما احتل الكاثوليك إسبانيا ثانية واستردوها من المسلمين، فرضوا عهد الإرهاب الديني. إذ كان أمام اليهود والمسلمين خياران قاسيان لا ثالث لهما: فإما أن يعتنقوا المسيحية، أو أن يقتلوا أو يغادروا البلاد. وإلى أين هرب مئات الآلاف من اليهود الذين رفضوا أن يتخلوا عن دينهم؟ لقد استقبلوا جميعهم تقريباً بحفاوة في البلدان الإسلامية. إذ استقر اليهود السيفارديم ("الإسبان") في جميع أرجاء العالم الإسلامي، من المغرب غرباً وحتى العراق شرقاً، ومن بلغاريا (التي كانت جزءاً من الإمبراطورية العثمانية آنذاك) شمالاً وحتى السودان جنوباً. ولم يتعرضوا للاضطهاد في أي بقعة انتقلوا إليها، ولم يعرفوا شيئاً مثل التعذيب الذي كانت تمارسه محاكم التفتيش، وأعمال الحرق علناً في الساحات العامة، وعمليات القتل والذبح، والطرد الجماعي الفظيع الذي حدث في جميع البلدان المسيحية تقريباً حتى وقوع المحرقة.

لماذا؟ لأن الإسلام حرّم صراحة ممارسة أيّ اضطهاد على "أهل الكتاب". فقد كان اليهود والمسيحيون يتمتعون بمكانة خاصة في المجتمع الإسلامي. صحيح أنه لم تكن لهم حقوق متساوية تماماً مع السكان المسلمين، إلا أنهم كانوا يتمتعون بجميع الحقوق تقريباً. فقد كانوا يدفعون الجزية، لكنهم كانوا معفيين من الخدمة العسكرية – وهذه مقايضة لاقت ترحيباً كبيراً لدى الكثيرين من اليهود. وذُكر أن الحكّام المسلمين كانوا يرفضون أيّ محاولة لجعل اليهود يعتنقون الإسلام حتى بالحسنى - لأن ذلك كان سيؤدي إلى خسارة الضرائب التي يدفعونها.

لا يمكن لأيّ يهودي صادق يعرف تاريخ شعبه جيداً إلا أن يشعر بالامتنان العميق للإسلام والمسلمين الذين قدموا الحماية لليهود على مدى خمسين جيلاً، في الوقت الذي كان فيه العالم المسيحي يضطهد اليهود، وحاول في أحيان كثيرة "بالسيف" أن يجعلهم يتخلون عن دينهم.

إن قصة "نشر الدين بحد االسيف" أسطورة شريرة وآثمة، إنها إحدى الأساطير التي ظهرت في أوروبا في أثناء قيام حروب كبرى ضد المسلمين - استرداد إسبانيا على يد المسيحيين، الحملات الصليبية، وطرد الأتراك الذين أصبحوا على أبواب فيينا. إني أشكّ في أن البابا الألماني أيضاً، يؤمن بهذه الخرافات حقاً. وهذا يعني أن زعيم العالم الكاثوليكي، الذي يعد عالماً في الدين المسيحي عن جدارة، لم يبذل أي جهد في دراسة تاريخ الديانات الأخرى.


لماذا قال هذه الكلمات على الملأ؟ ولماذا الآن؟


لا مفر من رؤيتها من زاوية الحملة الصليبية الجديدة التي يشنّها بوش وأتباعه الإنجيليون، بشعاراته "الفاشية الإسلامية" و"الحرب العالمية على الإرهاب" - عندما أصبح "الإرهاب" مرادفاً لكلمة المسلمين. فبالنسبة لأعوان بوش، فإن هذه مجرد محاولة سافرة لتبرير هيمنتهم على منابع النفط في العالم. فليست هذه هي المرة الأولى في التاريخ التي تنشر فيها عباءة دينية لتغطية عريّ المصالح الاقتصادية؛ ليست هذه هي المرة الأولى التي تتحول فيها الحملات اللصوصية إلى حملة صليبية.
إن الكلمة التي ألقاها البابا تندرج في هذا المسعى. لكن من يستطيع أن يتنبّأ بالعواقب المريعة؟


خالد الجبيلي، مترجم سوري مقيم في نيويورك
al-jbaili@un.org

http://www.kikah.com/indexarabic.asp?fname=kikaharabic\live\k4\2006-09-25\450.txt&storytitle=