كتلة الشعب
رغم كل التناقضات الداخلية بين قطاعات الطبقة الحاكمة (ربما أيضا بفضلها). فلقد كانت تمثل فى نهاية الأمرجبهة موحدة إذاء الكتلة المناقضة المضادة وهى كتلة المحكومين وجسم الشعب خاصة طبقة الفلاحين ، فالانقسام الطبقى الأساسى والتناقض الجذرى فى المجتمع إنما هو الذى وقع بين الحاكم والمحكوم ،اي بين الطبقة الحاكمة وبين سواد المحكومين وسوادهم الفلاحين ، ودور النظام العضوى ودورته الدموية الحيوية هى جوهرياً تحول فائض العمل من الطبقة الأخيرة الى الطبقة الأولى ، وليس فى المجتمع حقيقة سوى طبقتين : الحاكم والمحكوم ،دون أى طبقة وسطى تستحق الذكر أو تخفف من حدة الانحدار والتناقض بين القطبين المتنافرين .
رغم كل التناقضات الداخلية بين قطاعات الطبقة الحاكمة (ربما أيضا بفضلها). فلقد كانت تمثل فى نهاية الأمرجبهة موحدة إذاء الكتلة المناقضة المضادة وهى كتلة المحكومين وجسم الشعب خاصة طبقة الفلاحين ، فالانقسام الطبقى الأساسى والتناقض الجذرى فى المجتمع إنما هو الذى وقع بين الحاكم والمحكوم ،اي بين الطبقة الحاكمة وبين سواد المحكومين وسوادهم الفلاحين ، ودور النظام العضوى ودورته الدموية الحيوية هى جوهرياً تحول فائض العمل من الطبقة الأخيرة الى الطبقة الأولى ، وليس فى المجتمع حقيقة سوى طبقتين : الحاكم والمحكوم ،دون أى طبقة وسطى تستحق الذكر أو تخفف من حدة الانحدار والتناقض بين القطبين المتنافرين .
طبقة التجار
مثلا كانت دائما ضامرة ضعيفة، بل كان التاجر غالبا "موظفا" آخر
في جهاز الدولة المركزية الاحتكارية ، كذلك كانت أهم الورش والترسانات
الصناعية والحرفية ملكا للدولة ، وعلى
الجملة كان وزن التجارة والصناعة محدودا وقوتهما الاجتماعية ضعيفة نسبياً ، ولهذا
لم تتبلور طبقة وسطى صلبة أو جديرة فى المجتمع المصرى عموما طوال الفرعونية
بهذا بقى الطغيان الاوتقراطى محض رأسمالية دولة بلابرجوازية ،بينما تحول استقطاب الطبقات الاجتماعى الى استقطاب سياسي فى الدرجة الأولى ، فكانت ثنائية الطبقة التى تملك والطبقة التى لاتملك هى دائما ثنائية الحاكم والمحكوم ، الدولة بموظفيها هى أساسا الطبقة المستغلة فى جانب ،والفلاحون بكتلتهم هم الطبقة المستغلة أساسا في الجانب الآخر .
بعبارة أخرى ، كانت مصر تقليديا تنقسم أساسا ما بين فراعنة وفلاحين ، وبقدر قوة وقسوة وثراء ونفوذ الطبقة الاولى ، بقدر انسحاق وفقر وتبعية الطبقة الثانية ، والخلاصة النهائية أن المجتمع كان ينقسم تقليديا الى اقلية تملك ولاتعمل وأغلبية تعمل ولاتملك، الذين يملكون والذين يُملكون ، وفى النتيجة تدهورت الفرعونية الى دولة بولسية تحمى الاقطاع وحكم الملاك وتجعل الفلاحين فيه أشبع "بعبيد الأرض"
وكما يقول أوفرير ، فإن المعابد الضخمة تشير الى قوة كهنتها ، والمقابر الهائلة إلى سطوة فراعنتها ، وليس هناك سوى الملكيات المطلقة –بضرائبها والسخرة – تستطيع بناء آثار كالأهرام \ 1\ .. والواقع أن الأهرام – وهى عقيمة اقتصاديا – ليست في رأى البعض إلا نصبا تذكارياً هائلا للطغيان \2\، ولاترمز كما ترمز الى البناء "الهرمى " للمجتمع ، وسواء صح هذا أم لم يصح – البعض الآخر يراها علامة حب روحى مرتبط بالدين وأن الاستعباد لايمكن أن ينتج مثل هذا الاتقان ، بينما يرى البعض الآخر فيها نفس المغزى الرمزى للكاتدرائيات الكبرى فى العصور الوسطى باروبا المسيحية \3\ فان الفارق بين عظمة وخلود الآثار وبؤس وزوال المساكن العادية في مصر القديمة ليس إلا وظيفة للطغيان الفرعوني ودالة عليه
وكما كان الاستغلال المطبق هو القاعدة الأصولية ، كان الاستبداد المطلق هو "الأمراليومي " فلقد كانت السخرة والكرباج والتعذيب من وسائل الارهاب منذ الفراعنة \4\وحتى العثمانيين ، وكانت تتدرج على كل المستويات ابتداء من الحاكم خلال الباشا والعمدة حتى الغفير النظامى "\5\ وكما يقرر ماسبرو ، كانت العصا هى التى بنت الاهرامات وشقت القنوات وأحرزت الانتصارات الحربية ...إلخ ، ولذا دخلت تماما فى الحياة اليومية للناس ، يقول نص مثل فرعونى "" للانسان ظهر ،وهو ينصاع فقط حين يضرب \6\ وفى نص آخر لكاهن من القرن العشرين ق.م أنه "كل يوم يستيقظ الرجال فى الصباح لكى يعانوا ...وليس للفقير قوة تنقذه ممن يفوقه ..تمر المصائب اليوم ،ولكن أحزان الغد ليست ماضية بعد ".
بهذا بقى الطغيان الاوتقراطى محض رأسمالية دولة بلابرجوازية ،بينما تحول استقطاب الطبقات الاجتماعى الى استقطاب سياسي فى الدرجة الأولى ، فكانت ثنائية الطبقة التى تملك والطبقة التى لاتملك هى دائما ثنائية الحاكم والمحكوم ، الدولة بموظفيها هى أساسا الطبقة المستغلة فى جانب ،والفلاحون بكتلتهم هم الطبقة المستغلة أساسا في الجانب الآخر .
بعبارة أخرى ، كانت مصر تقليديا تنقسم أساسا ما بين فراعنة وفلاحين ، وبقدر قوة وقسوة وثراء ونفوذ الطبقة الاولى ، بقدر انسحاق وفقر وتبعية الطبقة الثانية ، والخلاصة النهائية أن المجتمع كان ينقسم تقليديا الى اقلية تملك ولاتعمل وأغلبية تعمل ولاتملك، الذين يملكون والذين يُملكون ، وفى النتيجة تدهورت الفرعونية الى دولة بولسية تحمى الاقطاع وحكم الملاك وتجعل الفلاحين فيه أشبع "بعبيد الأرض"
وكما يقول أوفرير ، فإن المعابد الضخمة تشير الى قوة كهنتها ، والمقابر الهائلة إلى سطوة فراعنتها ، وليس هناك سوى الملكيات المطلقة –بضرائبها والسخرة – تستطيع بناء آثار كالأهرام \ 1\ .. والواقع أن الأهرام – وهى عقيمة اقتصاديا – ليست في رأى البعض إلا نصبا تذكارياً هائلا للطغيان \2\، ولاترمز كما ترمز الى البناء "الهرمى " للمجتمع ، وسواء صح هذا أم لم يصح – البعض الآخر يراها علامة حب روحى مرتبط بالدين وأن الاستعباد لايمكن أن ينتج مثل هذا الاتقان ، بينما يرى البعض الآخر فيها نفس المغزى الرمزى للكاتدرائيات الكبرى فى العصور الوسطى باروبا المسيحية \3\ فان الفارق بين عظمة وخلود الآثار وبؤس وزوال المساكن العادية في مصر القديمة ليس إلا وظيفة للطغيان الفرعوني ودالة عليه
وكما كان الاستغلال المطبق هو القاعدة الأصولية ، كان الاستبداد المطلق هو "الأمراليومي " فلقد كانت السخرة والكرباج والتعذيب من وسائل الارهاب منذ الفراعنة \4\وحتى العثمانيين ، وكانت تتدرج على كل المستويات ابتداء من الحاكم خلال الباشا والعمدة حتى الغفير النظامى "\5\ وكما يقرر ماسبرو ، كانت العصا هى التى بنت الاهرامات وشقت القنوات وأحرزت الانتصارات الحربية ...إلخ ، ولذا دخلت تماما فى الحياة اليومية للناس ، يقول نص مثل فرعونى "" للانسان ظهر ،وهو ينصاع فقط حين يضرب \6\ وفى نص آخر لكاهن من القرن العشرين ق.م أنه "كل يوم يستيقظ الرجال فى الصباح لكى يعانوا ...وليس للفقير قوة تنقذه ممن يفوقه ..تمر المصائب اليوم ،ولكن أحزان الغد ليست ماضية بعد ".
تلك إذن طفيليات بشرية قديمة أزمنت فى كيان
المجتمع المصرى ، مثلما أزمنت الطفليات العضوية فى ايكولوجية بيئة الرى ، وكما
امتصت هذه الأخيرة دم الفلاح وحيويته ، امتصت تلك منه روحه والمادة ،ولذلك فإذا
كانت مصر اللااقطاعية لم تعرف نظام الاقنان ، فقد كانت السخرة بصورتها تلك هى
البدبل الموضوعى ، أى أن مصر والمصريين لم يفلتوا من وصمة العبودية الشخصية
الفردية الا بثمن فادح أيضا هو العبودية المعممة وغير الشخصية.
ولئن كانت مصر القديمة لم تعرف نظام الكاست ،فلقد عرفت طبقية صارمة جامدة تضعف فيها الحركة الاجتماعية كثيراً
ومع ذلك فان من حسن الحظ أن الطبيعة كثيراً ما كانت تتدخل لتصفى الاقطاع مؤقتا وتفرض عنصرا من المرونة الاجتماعية ، فكثيراً ما أثبت النيل الطائش طبيعياً أنه فى الحقيقة النيل النبيل اجتماعيا : فلقد كانت المجاعات والاوبئة التى تترب على جموحه أو جنوحه كثيراً ما يستتبعها اعادة توزيع قومية للثروة تحول الفقراء الى أغنياء ، ويضع عبد اللطيف البغدادي أيدينا على هذه الظاهرة التى تواترتكثيراً مع المجاعات الدورية ، فيذكر التفاصيل الغريبة للأغنياء الجدد الذين ظهروا من البروليتاريا بعد المجاعات بطريقة غامضة فجائية ، وكيف كان "موتان " الناس بالجملة يترك الثروات والعقارات مهجورة خاوية تبحث عن أى مالك أو محتل أو واضع يد جديد ...الخ \7\
ولئن كانت مصر القديمة لم تعرف نظام الكاست ،فلقد عرفت طبقية صارمة جامدة تضعف فيها الحركة الاجتماعية كثيراً
ومع ذلك فان من حسن الحظ أن الطبيعة كثيراً ما كانت تتدخل لتصفى الاقطاع مؤقتا وتفرض عنصرا من المرونة الاجتماعية ، فكثيراً ما أثبت النيل الطائش طبيعياً أنه فى الحقيقة النيل النبيل اجتماعيا : فلقد كانت المجاعات والاوبئة التى تترب على جموحه أو جنوحه كثيراً ما يستتبعها اعادة توزيع قومية للثروة تحول الفقراء الى أغنياء ، ويضع عبد اللطيف البغدادي أيدينا على هذه الظاهرة التى تواترتكثيراً مع المجاعات الدورية ، فيذكر التفاصيل الغريبة للأغنياء الجدد الذين ظهروا من البروليتاريا بعد المجاعات بطريقة غامضة فجائية ، وكيف كان "موتان " الناس بالجملة يترك الثروات والعقارات مهجورة خاوية تبحث عن أى مالك أو محتل أو واضع يد جديد ...الخ \7\
جمال حمدان
شخصية مصر الجزء الثاني
الفصل الثانى والعشرون
أصل الطغيان
كتلة الشعب ص 562 /-563/-564/-565
هامش المراجع
1- Leon Aufrere, “Paysagge sppirituel etc. “,loc. Cit..P. 452-3,
2- محمد فهمى لهيطه ,علم
الاقتصاد للمصريين :1939 القاهرة
ص 266
3- حسين فوزى ، سندباد مصرى ، ص
286
ص 266
3- حسين فوزى ، سندباد مصرى ، ص
286
4-Eeman ,P. 129,445.
5-A Mort ,\Le Nil et lacivlization egyptienne , 1926
6- Maspero, Life in ancient
Egypt& Assyria,p.7.
7-Abdollaatiphi historia Aegypti . Oxford . 1800 . P. 260 ff. Lane
Poole. P. 215-6.