Sunday, March 27, 2011

الثورة وشلل التحليل









فماذا إذا كان الشعب يريد إسقاط النظام

في تونس وفي مصر وفي ليبيا وفي اليمن وفي الجزائر وفي السودان في موريتانيا

وإذا كان الشعب يريد تغير النظام

في ساحل العاج وفي السعودية وفي البحرين وفي سوريا وفي الكويت وفي العراق وفي المغرب وفي الأردن وفي فلسطين ،

وإذا كانت الثورة نص يكتبه الشعب فكيف نقرأه ؟وبأية عدسات وبأية لغة؟

نعم لقد فككت الثورة الواقع وبددت النظام ولكن أين السلطة؟


نص

في السلطة

كلمة "سلطة" هذه يمكن أن يتمخض عنها سوء فهم كبير، سواء فيما يتعلق بتحديدها أو شكلها أو وحدتها.فأنا لا أعنى بالسلطة ما دئبنا على تسميته بهذا الاسم وأعنى مجموع المؤسسات والأجهزة التي تمكن من إخضاع المواطنين داخل نظاما من الهيمنة يمارسه عنصر على آخر ، أو جماعة على أخرى ، بحيث يسرى مفعوله ، بالتدريج في الجسم الاجتماعي بكامله . إن التحليل الذي يعتمد مفهوم السلطة لا ينبغي أن ينطلق من التسليم بسيادة الدولة أو صورة القانون أو الوحدة الشاملة لهيمنة معينة ؛ فهذه ليست بالحري إلا الأشكال التي تنتهي إليها السلطة يبدو لي أن السلطة تعني بادئ ذي بدأ علاقات القوى المتعددة التي تكون محايثة للمجال إلي تعمل فيه تلك القوى،مكونة لتنظيم تلك العلاقات؛إنها الحركة التي تحول تلك القوى وتزيد من حدتها وتقلب موازينها بفعل الصراعات و المواجهات التي لا تنقطع، وهى السند الذي تجده تلك القوى عند بعضها البعض،بحيث تشكل تسلسلا ومنظومة،أو على العكس من ذلك، تفاوتا وتناقضا يعزل بعضها عن بعض؛وهي أخيرا الاستراتيجيات التي تفعل فيها تلك القوى فعلها،والتي يتجسد مرماها العام ويتبلور في مؤسسات أجهزة الدولة وصياغة القانون وأشكال الهيمنة الاجتماعية.إن شروط إمكانية السلطة،أو على الأقل، إن وجهة النظر التي تسمح بفهم ممارستها وإدراكها حتى في أكثر مفعولاتها "هامشية" والتي تسمح كذلك بتوظيف آلياتها كمنظور لفهم الحقل الاجتماعي، إن وجهة النظر هذه لا ينبغي البحث عنها عند نقطة مركزية تكون هي الأصل، وبؤرة وحيدة للسيادة تكون مصدر إشعاع لباقي الأشكال الثانوية التي تتولد عنها؛ وإنما ينبغي رصدها عند القاعدة المتحركة لعلاقات القوى التي تولد دونما انقطاع، وبفعل عدم التكافؤ بينها، حالات للسلطة ولكنها دوما محلية وغير قارة. السلطة حاضرة في كل مكان، ولكن ليس لأنها تتمتع بقدرة جبارة على ضم كل شيء تحت وحدتها التي لا تقهر، وإنما لأنها تتولد، كل لحظة، عند كل نقطة، أو بالأولى ،في علاقة نقطة بأخرى.إذا كانت السلطة حالة في كل مكان،فليس لأنها تشمل كل شيء وإنما لأنها تأتي من كل صوب. وليست السلطة بصيغة المفرد، بما لها من استمرار وما فيها من تكرار وقصور وخلق ذاتي، ليست إلا نتيجة عامة ترتسم انطلاقا من جميع هذه الحركات، وليست إلا الرباط الذي يستند إلى كل حركة فيسعى إلى تثبيتها. لاشك أننا ينبغي أن نعتنق هنا النزعة الاسمية فلا ننظر إلى السلطة على وضعية إستراتيجية معقدة في مجتمع معين. هل ينبغي عندئذ قلب العبارة التي تقول إن الحرب سياسة لاتعتمد وسائل السياسة للقول بأن السياسة حرب لا تعتمد نفس الوسائل؟إذا أردنا أن نبقي على الفصل بين الحرب والسياسة فربما وجب أن نقول ،بالأحرى، إن هذا التعدد لعلاقات القوى يمكن أن يعبر عنه – في جزء منه وليس في مجموعه مطلقا – في صيغة "الحرب"أو في صيغة "السياسة"؛ فهاتان إستراتيجيتان متباينتان (ولكن يمكن لإحداهما أن تحل بسرعة محل الأخرى) لضم علاقات القوة، تلك العلاقات التي يطبعها اللاتوازن والتنوع والتوتر وعدم الاستقرار. بإمكاننا ،على غرار هذا النهج أن نقترح عددا من القضايا: إن السلطة ليست شيئا يحصل عليه وينتزع أو يقتسم، شيئا نحتكره أو ندعه يفلت من أيدينا ؛ إنها تمارس انطلاقا من نقط لاحصر لها وفي خضم علاقات متحركة لا متكافئة لا تقوم علاقات السلطة خارج أنواع أخرى من العلاقات (العلاقات الاقتصادية والعلاقات المعرفية والعلاقات الجنسية)، وإنما هي محايثة لها؛ إنها النتائج المباشرة التي تتمخض عن التقسيمات واللاتكافؤات والأختلالات التي تتم في تلك العلاقات؛ وهي الشروط الداخلية لتلك التمايزات. لاتقوم علاقات السلطة في بنية عليا، ولا يقتصر دورها على الحظر والتجديد، بل إن لها، حيث تعمل عملها، دورا خلاقا. إن السلطة تأتي من أسفل ؛ وهذا يعني أن ليس هناك، في أصل علاقات السلطة وكطابع عام، تعارض ثنائي شامل بين المسيطرين ومن يقعون تحت السيطرة، بحيث ينعكس صدى هذا التعارض من أعلى إلى أسفل، وعلى جماعات يزداد ضيقها إلى أن يبلغ أعماق الجسم الاجتماعي. ينبغي بالحري أن علاقات القوة المتعددة التي تتكون وتعمل في أجهزة الإنتاج والأسر والجماعات الضيقة والمؤسسات تكون حاملا للانقسامات التي تسري في الجسم الاجتماعي بمجموعه. حينئذ تشكل هذه الانقسامات العمود الفقري الذي يخترق المنازعات المحلية ويربط بينها؛ وكرد فعل ، فهي تقوم، بطبيعة الحال بإعادة توزيع تلك المنازعات وتنظيمها ومها وتوحيدها والربط فيما بينها وجمعها. وما أشكال القهر الكبرى إلا نتائج الهيمنة التي تدعمها على الدوام شدة كل تلك المواجهات والمنازعات. إن علاقات السلطة هي ، في ذات الوقت، علاقات قصديه ولا تصدر عن ذات فاعلة، والواقع أنها إن كانت علاقات معقولة، فليس لأنها،بالمعنى العلي، مفعول مستوى آخر، هو الذي من شأنه أن "يفسرها" وإنما لأن هناك حسابات تسري فيها، فلا وجود للسلطة من غير مجموعة من المقاصد والأهداف. ولكن ذلك لا يعني أنها تتولد عن اختيار ذات فردية وقرارها؛ فلا ينبغي أن نبحث عن الهيئة العليا التي تكون مصدر معقوليتها، فلا الفئة الحاكمة، ولا الجماعات التي تسهر على تنظيم شبكة السلطة التي تعمل في مجتمع معين (وتدفعه الى الحركة والعمل). إن معقولية السلطة هي معقولية التخطيطات التي غالبا ما تكون صريحة في المستوى المحدود الذي تتم فيهن وهذه التخطيطات تترابط فيما بينها وتتناشد وتنتشر واجدة دعامتها وشروط وجودها خارجا عنها، فترسم في النهاية تشكلات جماعية: هناك يكون منطق العمل واضحا صريحا كما تكون المقاصد بينة ظاهرة، وبالرغم من ذلك فقد يحدث أن لا يظل هناك من يكون قد تصورها، وأن لايبقى إلا القلة القليلة لصياغتها : تلك هي الخاصية الضمنية للاستراتيجيات الكبرى مجهولة الاسم التي تكاد تكون خرساء، والتي تنسق فيما بين التخطيطات الثرثارة التي غالبا ما يكون "واضعوها" أو المسئولون عنها براء من كل نفاق. حيث تكوم السلطة ،تكون مقاومة. ومع ذلك، أو على الأصح، بسبب ذلك فإن هذه المقاومة لاتقوم خارج السلطة، فهل يجب القول بأننا لابد وأن نكون "داخل" السلطة، وإننا لا "نفلت من قبضتها" ,إن لا وجود لخارج مطلق بالنسبة للسلطة لأننا لابد وأن نخضع للقانون؟أم ينبغي القول بأنه لما كان التاريخ مكرا للعقل، فإن السلطة مكر للتاريخ – وهو المكر الذي تكون له الغلبة؟من يذهب إلى هذا القول يتجاهل الطابع العلاقي لعلائق القوة. إذ لا وجود لهذه إلا بدلالة نقط مقاومة كثيرة. وهذه النقط تلعب في علاقات السلطة دور الخصم والهدف والدعامة والمتكأ. ونقط المقاومة هذه حاضرة في كل مكان من شبكة السلطة. فلا وجود إذن بالنسبة للسلطة لمكان وحيد هو مكان الرفض المطلق – وروح الثورة وبؤرة جميع التمردات والقانون الخالص للثوري. بل هناك مقاومات وهي حالات تنتمي إلى أنواع كثيرة: فهناك المقاومات الممكنة والضرورية وغير المحتملة والتلقائية والمتوحشة والمنعزلة والمدبرة والمستكينة والعنيفة والمتضاربة والميالة إلى الصلح، والهادفة الى مصلحة وتلك التي لا تتوخى هدفا بعينة ، وهذه المقاومات لا يمكن أن توجد ، تحديدا، إلا في حقل استراتيجي لعلاقات القوى. ولكن هذا لا يعنى أنها ليست إلا رد فعل وصدى، إنها تشكل بالنسبة للسيطرة الأساس وجهها الآخر المنفعل على الدوام والمعرض للهزيمة اللامتناهية. لا تنشأ المقاومات عن أسباب مغايرة،ولكن هذا لايعني أنها خديعة أو وعد لابد ألا يوفى به، إنها تشكل الطرف الآخر في علاقات السلطة، أنها ترتسم فيها كالمقابل الذي لايمحي، لذا فهي كذلك موزعة بطريقة لا انتظام فيها:إن نقطة المقاومة وبؤرها مشتتة تختلف كثافة حسب الزمان والمكان، فأحيانا تقيم جماعات وأفرادا لتواجه بصفة نهائية، وتوقظ بعض المناطق من الجسد، وتنعش بعض اللحظات من الحياة وتحي بعض أنواع السلوك والتصرفات ، فهل بإمكانها أن تحدث انفصالات كبرى جذرية، وانقساما ثنائيا هائلا؟أحيانا. ولكن في أغلب الأوقات نجد أنفسنا أمام نقط مقاومة متحركة مؤقتة تقحم في المجتمع صدعا متنقلا، فتعدد وحدات وتضم شتات جماعات، وتحدث انفصاما في الأفراد ذاتهم وتشتتهم وتعيد صياغتهم راسمة عليهم، وعلى أجسامهم ونفوسهم ، مناطق لا تمحي ،مثلما أن شبكة علاقات السلطة لابد وأن تشكل نسيجا سميكا يخترق التراتبات الاجتماعية والوحدات الفردية. وما من شك أن التنظيم الاستراتيجي لهذه النقط هو الذي يجعل الثورة ممكنة مثلما أن الدولة تقوم على ضم علاقات السلطة في مؤسسات. ففي هذا المجال لعلائق القوى ينبغي لنا أن نحاول تحليل آليات السلطة. وبذلك نتحرر من نظام القانون الأعظم الذي طالما سحر الفكر السياسي. وإذاا صح أن ماكيافيل كان من القلائل الذين حاولوا أن يفهموا سلطة الأمير بدلالة علاقات القوة ،فربما وجب أن نتقدم ،على غراره، خطوة أخرى فنستغني عن شخص الأمير في فهم السلطة لنتقصى آليتها انطلاقا من استراتيجية محايثة لعلائق القوة

ميشيل فوكو



----------------


إضاءات


شلل التحليل :نوع من التحسب يمعن فى المآل والعواقب بأكثر من اللازم ما يعيق الفعل ويزعزع اتخاذ القرار


علائقي


Relationally


إنْ تَقْطَعِ الأيّامُ منك عَلائِقي, فأنَا المُواصِلُ بالودَادِ الصَّادِق. أرضَى من العهِد القديمِ بِرَعْيهِ, ومن الزيارة بالخيال الطارق


أسامة أبن منقذ


محايث


Immanent


والمقصود بالتحليل المحايث أن النص لا ينظر إليه إلا في ذاته مفصولا عن أي شيء يوجد خارجه. والمحايثة بهذا المعنى هي عزل النص والتخلص من كل السياقات المحيطة به. فالمعنى ينتجه نص مستقل بذاته ويمتلك دلالاته في انفصال عن أي شيء آخر ومع ذلك، فإن المحايثة لها أصول أخرى غير ما أثبتته البنيوية في تفاصيل تحاليلها. فالمحايثة هي ما هو معطى بشكل سابق على الفعل الإنساني وتمفصلاته، فهي، كما يشير إلى ذلك لالاند في قاموسه،مرتبطة بنشاطين : نشاط يحيل على كل ما هو موجود بشكل ثابت وقار عند كائن ما ( والأمر يتعلق برؤية ستاتيكية )، وآخر يحيل على ما يصدر عن كائن ما معبرا عن طبيعته الأصلية ( رؤية دينامية). وفي الحالتين معا نحن أمام مضامين سابقة في الوجود على الإنسان ومعطاة مع الطبيعة ذاتها. وفي هذا السياق فإن المحايثة هي رصد لعناصر لا تفرزها السيرورة الطبيعية لسلوك إنساني مدرج داخل الزمنية التريخية باعتبارها مدى يخبر عن المضامين وينوعها. المحايثة إذن تأكيد على أن الأفكار لا تسقط علينا من السماء كما يرغب المثاليون أن يجعلوننا نعتقد بل تأتينا من الأرض كما من الجسد في تفاعله مع التاريخ، فوحدها الأفكار التي تأتينا ونحن ماشون ذات قيمة على اعتبار أن عملية التفكير لا تحصل لوحدها ولذاتها بل تتوقف على سلطة من القوى وتستجيب لعدد من الضغوطات. مسرح الفكر إذن خارج ما دأبنا على تسميته بالذات أو الوعي فهو دوما موصول مباشرة بشيء "خارج " عنه un dehors ".ونحن لن نبدع مفاهيم إلا في ارتباط بهذا "الخارج"أي هذا الشيء الذي يستدعي الفكر ويحثه إلى مواكبة السير في تلك الدروب الموصدة، تلك الدروب التي لا تؤدي إلى أي مكان رغم أنها تؤدي إلى كل الأمكنة على اعتبار أنها مكمن تلك الفرادات les singularités التي على حد تعبير دولوز ما أن نحدد العلاقات ونفك ألغاز الروابط الكامنة ما بينها حتى نستخرج المفاهيم

11 comments:

علان العلانى said...

هوامش على النص1

السلطة في اللغة ، القدرة والقوة علي الشيء، والسلطان الذي يكون للإنسان علي غيره وجمع السلطة سلطات ، وهي الأجهزة الاجتماعية التي تمارس السلطة التربوية والسلطات القضائية وغيرها
يعرف المعجم الفلسفي السوفيتي السلطة علي أنها إحدى الوظائف الأساسية للتنظيم الاجتماعي للمجتمع، أنها القوة الآمرة التي في حوزتها الإمكانية الفعلية لتسير أنشطة الناس بتنسيق المصالح المتعارضة للأفراد أو الجماعات وبإلحاق تلك المصالح بإدارة واحدة عن طريق الإقناع أو القسر وليس ببعيد عن هذا التعريف ما يذهب اليه ج.بيتى من أن السلطة هي القدرة علي التأثير في الأشخاص ومجريات الأحداث باللجوء إلي مجموعة من الوسائل تتراوح بين الإقناع والإكراه
تشير هذه التعريف إلي حقيقتين على الأقل وهما
أ‌- السلطة أمر
ب‌- السلطة واقع اجتماعي
السلطة واقع اجتماعي .ولعلنا لا نعدم ما يؤكد هذين البعدين في تعريفات كثيرة للسلطة فـ "السلطة عموما سياسية أو غير سياسية لا تقوم إلا في جماعة، وعلى ذلك فإن ظاهرة السلطة عموما هي ظاهرة اجتماعية. فليست السلطة السياسية وحدها هي التي تتمتع بخاصية الاجتماعية وإنما يشاركها في ذلك السلطات القائمة في التجمعات الإنسانية الأخرى
ويقصد بالسلطة غير السياسية أو بالسلطة الاجتماعية" التواصل من خلال علاقات تقام مع الآخرين إلى الحصول على خدمات الآخرين أو الظفر بطاعتهم. ومصادر هذه السلطة الاجتماعية متعددة كالثراء المادي والمركز الاجتماعي الذي يحتله شخص ما ، والذي يكون ناتجا عن شغله لوظيفة حكومية، وقد يكون مصدر السلطة أيضا هو العلم والثقافة أو الفن، فكبار العلماء والخبراء والفنانين" يتمتعون" بسلطة يمكنهم بواسطتها أن يؤثروا على سلوك الآخرين 4
هذه المعاني ذاتها أشار إليها من قبل جان مينو( J . meynaud )حينما عرض لكثير من وجهات نظر المهتمين بعلم السياسة (Science Politique)مبينا أن السلطة هي ممارسة نشاط ما على سلوك الناس، أي القدرة على التأثير في ذلك السلوك وتوجيهه نحو الأهداف والغايات التي يحددها من له القدرة على فرض إرادته.
ولن تكون وسائل السلطة في تحقيق الأهداف بواسطة الحظوة أو الصيت أو الموقع الاجتماعي وحتى بواسطة السلوك الذي يعده المجتمع سلوكا . فاضلا فيرفعنا إلى مرتبة النموذج أو القدوة

إن هذه الملاحظات ، على الرغم من محدوديتها، تقدمنا خطوة أخرى في اتجاه فهم السلطة كعلاقة، لا كمجرد قوة مسلطة—من خارج الجماعة—على الجماعة، ورغم أن عالم اجتماع كماكس فيبر، يعتبر العنف هو الوسيلة الطبيعية للسلطة،من حيث احتكارها وشرعتنها،إلا أن تأكيد ماكس فيبر على احتكار السلطة للعنف يبرره هاجس البحث عنده عما يجعل هذا الاحتكار مشروعا أو شرعيا.ذلك نجده يبحث عن أسس لهذه الشرعية ، ويحدها في ثلاث نماذج للسلطة:
الأول- نموذج تقليدي يستند إلى نفوذ "الأمس الأزلي" ويتمثل في سلطة الأعراف وقداسة الاعتقاد في "السلف"
الثاني – نموذج السلطة الكارزماتية أو اللدنية Charismatique)) المبنية على الاعتقاد الانفعالي في قدرات شخص استثنائي بسبب قداسته أو بطولته أو ميزاته المثالية.
الثالث –السلطة القانونية المستمدة من "الاعتراف" بمعقولية التشريعات والقوانين
إن هذا التصنيف الذي يقيمه فيبر ، هو في الواقع إجابة على أسئلة كان طرحها بخصوص السيطرة والخضوع أي في أية شروط يخضع الناس وعلى أية وسائل تستند السيطرة التي تخضعهم

يذهب جورج بالانييه إلى القول أن سوسيولوجية فيبر السياسية هي كلها تفصيل منطلق من هذه الأنماط الثلاثة لشرعنة علاقة الأمر والطاعة
فالشرعية التي يبحث عنها فيبر هي ما تبحث عنه كل سلطة، أي أنها تبحث عن الاعتراف بها،لا فقط بمعرفتها والتعرف عليها،بل أيضا بتجسيدها وممارستها،

لقد حدد بالاندييه للسلطة خصائص يجملها كالتالي: المحافظة ،واللاتساوق ، والقداسة واللبس. فالسلطة تدعوا إلى اجتراء القواعد وتحث على طاعتها لتؤمن الاستقرار وتتعرض إلى أقل ما يمكن من التحولات ،ولتتقى كل أشكال القوى الممكنة،وهي إذا تفعل ذلك بكل الوسائل المتاحة لها، إنما تقوم به لتحافظ على مراتيبية اجتماعية معينة يتدخل في تحديدها الجنس،والعمر والموقع الاجتماعي والاختصاص والصفات الشخصية أي أنها تحافظ على هرمية معينة وتعمل على إعادة إنتاج العلاقات الاجتماعية التي تولد المهيمنات والتبعيات. هذا التفاوت واللاتساوق في العلاقات الاجتماعية يولد قداسة كمونية حارة دوما داخل السلطة فـ الفرد بمجرد أن يمارس سلطة على الآخرين، فإنه يشعر بسمو ذاته وأن إرادته تعلو على إرادة الخاضعين. ويطلق جوفنيل على هذه الحالة التي تنتاب الفرد حينما يتولى السلطة اصطلاح "الأنا الحكومية"

علان العلانى said...

هوامش على النص 2

ومضمون فكرة "الأنا الحكومية"أن ممارسة السلطة تخلق لدى الحكام شعورا بالسمو، وحتى لو كان الحاكم فردا عاديا من أفراد الشعب فإنه بعد ممارسة السلطة يتولد لديه إحساس بأنه مختلف عن أمثاله من أفراد الشعب وانه يتمتع بإرادة من طبيعة سامية
إن هذا التعالي والتسامي هو الذي يولد فعليا الإيمان بقداسة السلطة وحتى بقداسة من يمارسونها. وقد أشار إلى ذلك ماكس فيبر خاصة في النموذجين الأولين من نمازج السلطة (النموذج التقليدي والنموذج الكارزماتي). كما أنه بإمكاننا الرجوع إلى فرويد في _الطوطم والحرام – أو راد كليف براون في كتابه "البنية والوظيفة في المجتمع البدائي" أو دوركهايم في "الأشكال الدنيا للحياة الدينية" أو ميرسيا الياد في "المقدس والدنيوي" فالدراسات السوسيولوجية والانتروبولوجية تؤكد كلها ودون استثناء هذه الرابطة الحميمة بين السلطة والمقدس، من احتفالات التنصيب مرورا بمراسم الطاعة والولاء والتعظيم، وصولا إلى الخوف المطلق من لعنة انتهاك المقدسات. "ما معنى البروتوكول " المفروض اليوم في كثير من الدول على من أراد اللقاء مع الرؤساء والتعامل معهم؟ ما معنى الألقاب ومنها "الجلالة" و"الفخامة" والسيادة والنيافة والسعادة؟ إن هي إلا بقايا "علمانية" من عبادة الملوك في الأمس البعيد. فالاسكندر المقدوني الذي هزم داريوس ملك الفرس وفرض على الجميع الانحناء أمامه حتى الأرض, حيث الانحناء "شعار العبادة" هو الاسكندر الذي جعل من نفسه ابنا لزفس – آمون حين دخل مصر، حتى يظهر للمصريين أنه ليس غريبا عنهم ،وأنه ليس محتلا،بل هو سليل آلهتهم، فيكسب بذلك ودهم ويؤمن طاعتهم
تلك هي الخاصية الرابعة من خاصية السلطة خاصية اللبس، حيث القران بين القوة والضعف، بين العنف والمهادنة بين "الملك والمهرج"ففي نفس الآن الذي تسعى فيه السلطة لزيادة هيمنتها وتوطيد استمرارها، فإنها تعمل على تحقيق الأهداف والمصالح الجماعية.فللسلطة سمة التأرجح والتراوح بين طبيعتها النرجسية، وبين ما يؤمن هذه النرجسية ويناقضها في نفس الآن، أي الغيرية القائمة في الأهداف الجماعية.فــ"طغاة الفراعنة الذين تركوا لنا الأهرامات كشاهد على أنانية صارخة هم أنفسهم الذين وضعوا مقاييس النيل وشقوا الترع واستصلحوا الأراضي الزراعية للفلاحين
ولسنا بهذا المثال إزاء "حيلة العقل "الهيجلية فالأمر ليس تجاوزا للمصلحة الخاصة، بل هو مراهنة عليها وسعى لتحقيقها،وتوق لسكنى" مدينة الأمر" فاللبس قائم في جوهر السلطة ،فهي مرفوضة في نفس الآن الذي تقبل فيه وهي ماسخة ممسوخة كما يقول هنري لوفيفر، بل الأدهى "أن الدهاء الأقصى للسلطة هو في اعتراضها على ذاتها طقسيا لكي تتوطد فعلا بصورة أفضل"
وخطورة آليات استمرارها واستثمارها.فهي تتأكد وتترسخ حتى في حالة نفيها لذاتها أو حالة نفي الناس لها."فمن يصرخ : لا،لسلطة الدولة هو ذاته من يهمس : نعم لحزبه وفعل السلطة قائم في/ ووراء هذه أل"لا" وهذه أل "نعم" ذلك هو فعلها في العمق وعلى السطح، في ذلك التراوح بين قوة الفعل وقمة الانفعال

علان العلانى said...

هوامش على النص3


هل السلطة مجرد علاقة بين دولة مهيمنة ومواطنين خاضعين ؟ ،هل السلطة مجرد هيمنة طبقة؟
لم يطرح ميشل فوكو سؤال : ما هي السلطة؟ولم يشتغل بالبحث عما هي ولم عند عتبة الاهتمام بمأتاها

لقد اهتم بكيف تظهر السلطة وهو يعني" بالكيف" هنا الممارسة أي كيف يحدث الأمر عندما يمارس أفراد سلطتهم على آخرين "ما يقال"
هذه الممارسة لا تطلب إقامة نظرية في السلطة بقدر ما تحتاج إلي مطارحة وصفية، تحليلية تبين خصائص السلطة كما تمارس فعلا، لا كما يجب أن تمارس، وهو رهان لن يكون مرددوه بخسا كما سنرى. فمتابعة السلطة في أدق جزئياتها وتفاصيلها يخلص البحث من زعم التنظير السياسي، والتشميل المذهبي والتبشير الخلاصي الذي يجعل الدولة مجال التسلط والمجتمع مجال التحرر. إذ يكفي أن نصلح الدولة لنلغي أشكال القمع واللاتحرر فمشيل فوكو يصف مواقع وجهات ويعين مراكز ويقترح فرضيات عمل وتجريب انه يتعامل

بصبر كادح مع الجزيئات وتحديد البؤر والعلاقات والسياقات ومجالات الصراع والرغبة والتداول والمواجهة وهو تعامل بحث على بحث موضوعة السلطة نقديا، فلا نفهمها كملكية، أو كامتياز ، كتعاقد أو كاستحواذ.

أن السلطة- ليست شيء يحصل عليه وينتزع أو يقتسم ،شيئا نحتكره أو ندعه يفلت من أيدينا ، إنها تمارس انطلاقا من نقاط لا حصر لها وفي خضم علاقات متحركة لا متكافئة
هذه السمة العلائقية للسلطة كان أشار إليها من قبل" كتاب المراقبة والعقاب" حين تحدث عن البحث "الميكروفزيائي" للسلطة، أي عن لعبة الأجساد والمؤسسات، والمواقع والتقنيات وشبكة العلاقات المتحولة والصراعات المستديمة، عن أشكال الاستثمار والتغلغل في عمق النسيج الاجتماعي الذي يمنع فهم السلطة كمجرد علاقة بين دولة مهيمنة ومواطنين خاضعين ، أو اختزال السلطة إلى مجرد هيمنة طبقية، ذلك أن الطبقة ذاتها لا يمكن أن تهيمن إلا إذا تشكلت كطبقة ، وهو ما يفترض آليات سلطوية تمارسها على مجموع أفرادها ، وإجمالا يجب إن نسلم أن السلطة تمارس بدلا من أن تمتلك، وأنها ليست "الامتياز" المكتسب أو الدائم للطبقة المهيمنة بل هي الأثر العام لمواقعها الإستراتيجية
كثيرا ما يستعمل فوكو كلمة "إستراتيجية" ولكنه قلما يحددها فكأنها مفترض بها أن تكون بداهة لكثرة استخدامها وتداولها. ولكن فوكو ، حتى عندما لا يحددها فإنه يستخدمها من شبكة من المفاهيم التي تحيل إلى إدراكها كتخطيط عام يحدد المقاصد والوسائل الأكثر نجاعة في كل حلبات الصراع مع ترك ذلك التخطيط مفتوحا للإضافات وقبلا للتحوير وتغيير المواقع والاتجاهات رغم قصدية المنحى. وربما يكون فوكو تفطن إلى غياب التعريف المحدد فحاول تدارك النقص بتعريف إجرائي ومدقق حينما بين الاستعمالات المختلفة لكلمة "إستراتيجية"وكيفية تدخلها في عمل آليات السلطة وعلاقاتها وما يتعلق بها من أشكال الصراع والمجابهة والتمرد أو التثبيت والمحافظة والترسيخ،إذ "تستعمل كلمة الإستراتجية " عادة بثلاثة معان أولا للتدليل على اختيار الوسائل المستخدمة للوصول إلى غاية معينة ، ثانيا ، للتدليل على الطريقة التي يتعرف بها أحد الشركاء، في لعبة معينة،تبعا لما يعتقد أنه سيكون الآخرين ولما يخال أن الآخرين سيتصورون أنهى تصرفه هو ، باختصار الطريقة التي نحاول بها التأثير على الغير. أخيرا ، للتدليل على مجمل الأساليب المستخدمة في مجابهة ما لحرمان الخصم من وسائله القتالية وإرغامه على الاستسلام، والمقصود حينئذ هو الوسائل المعدة لإحراز النصر
هذا التعريف المنهجي للإستراتيجية في إلحاحه على الوسائل والأساليب و الغايات. وكأنه يغادر مجال السياسة إلى مجال الحرب. ولكن من قال إنهما مختلفان؟
وما الذي لا يجيز أن تكون السياسة حربا بوسائل أخرى؟
إن فوكو لا يجهل تاريخ المجتمعات الغربية وتراثها، وهو لا يتغافل عن ماكيافيل ونيتشه تحديدا. بل لعله يثمن إلى أقصى الحدود "واقعية" ماكيافيل السياسية حيث واجه ماكيافيل الواقع بالوعي العاري للواقع مخلصا "الواقعية السياسية" من زيف التناول الأخلاقي المعطى متبنيا ما نصطلح عليه اليوم بــ بالتكنيك الذي هو جزء من الإستراتجية . فماكيافيل نظر إلى السياسة بوصفها صراعا مستمرا من أجل السلطة فكل السياسات في معياره هي سياسات سلطة
أما نيتشه فغير خفي تهكمه من "السلم الأبدية" وإعلانه الحرب على "الذين لا يرون فيها غير الشر الذي يجب العمل على التطهر والخلاص منه. هذه الأصوات التي عملت على عدم إحلال رغباتها محل الواقع، بل أافة وعي البؤس إلى البؤس، ليست غريبة عن فوكو.لذلك يكتب أحد المميزات الأساسية للمجتمعات الغربية هو أن
علاقات القوى التي وجدت طويلا في الحرب ، في كل أشكال الحرب وتعبيراتها استثمرت تدريجيا في نظام السلطة السياسية

علان العلانى said...

هوامش على النص4

إذا كان فوكو حدد مفهوم الإستراتيجية ليمنحنا مفهوم ديناميا اصطراعيا للسلطة فما ذلك إلا لأن السلطة تقوم في تعدد علاقات القوة في تنوعها وتوترها وعدم تكافئها .فما القوة؟ إن فوكو يتحدث عن علاقات القوى وبالتالي عن أشكال من المواجهة والتصادم. إذن لن تكون القوة واحدة بل متعددة. وقد أظهرت العلوم الفيزيائية منذ نيوتن هذا الطابع العلائقي في ما يعرف بمبدأ العطالة،حيث القوة هي الفعل الذي يتم به التأثير في حركة أو سكون الجسم والمحافظة على توازنه ما لم تتدخل قوة أخرى تغير وجهته أو تحد من سرعته أو تخرجه من سكونه. ولكن إجرائية هذا التعريف، لا تجعلنا مع ذلك نماثل مماثلة آلية بين الفيزيقي والاجتماعي.


، فالقوة في مجال استعمالاتها البشرية تكون مقرونة " بالإرادة" والأهواء ومواقع النزاع "إرادة القوة"
القوة ليست سلبا خالصا ولا شرا مستديما، ليست القوة مجرد عنف تحطيمي مضاد لعرش العقل المؤسس و المشرع للحقيقة والفضيلة كما طورها التراث الميتافيزيقي.
وليست القوة مجرد وسيلة تستعملها السلطة حين عجز بقية الوسائل
بل القوة الواثقة من ذاتها، ذكاء،وقدرة وتحطيم أصنام ورغبة جامحة في الحياة وتعزيز لكل ما يشعر بالحياة وقوتها وفيضها. فالقوة جمالية وأسلوب وجود حتى وإن بدت سياسيا عنفا وتسلطا واستبدادا وقد عرف جوليان فروند على أنها
مجموع وسائل الضغط والقسر والتحطيم والبناء التي تضعها الإرادة و الحنكة السياسيتان القائمتان علي المؤسسات والتجمعات، موضع عمل،لاستيعاب قوى أخرى في ظل احترام نظام اتفاقي، أو لتحطيم مقاومة أو تهديد، كما لمصارعة قوى معادية أو أيضا إيجاد أتفاق أو توازن بين القوى المتواجهة
وما نظن أن فوكو لا يوافق على هذا التعريف ،بشرط أن نفهمه كبحث في ماهية القوة ، وبشرط أن لا نفهم القوة كممارسة مؤسسة تتيح لنا فهم العلاقات السلطوية ،بل نذهب بالعكس إلى القوة كتجل وفاعلية" وأثر" والى السلطة في مواقعها المحلية والموقعية ،والى العلاقات السلطوية التي تتيح فهم وتحليل كيفية عمل المؤسسات ،وليس العكس.ذلك أن هذه المؤسسات هي ما تنتهي إليه السلطة ، وليست هي ما يكون السلطة. وقد كتب فوكو لإزاحة الغموض "أنا لا أعنى بالسلطة ما دأبنا على تسميته بهذا الاسم ، وأعنى مجموع المؤسسات ونوعا من الإخضاع الذي قد يتخذ في مقابل العنف ن صورة قانون، ولست أقصد أخيرا نظاما من الهيمنة يمارسه عنصر على آخر، أو جماعة على أخرى، بحيث يسري مفعوله، بالتدريج في الجسم الاجتماعي بكامله
إن ما يقوم به فوكو هو تفجير للوحدات ودحض لفكرة النواة المركزية التي عنها تصدر الإشعاعات . فإن كان ذلك ممكنا فيزيائيا فإنه غير متيسر في مجال علاقات السلطة، إنه رد الاعتبار للهدم المتواتر للنواة، إن نقطة أخميدس ترحل اليوم عبر دوائر بلا مراكز، كذلك هي السلطة أيضا تغادر مكان الولادة الذي حددته خطابات التراث الفلسفي ن لتحدد الآليات الموزعة، المتشابكة والمتلافة، ليس فقط في أعلى الهرم، بل في قاعدة المجتمع.ففي كل كتاباته كان فوكو يفكك الوحدات ويضعها موضع سؤال ليضع في اعتباره "كثرة الحوادث المتفرقة" فعمله كنقابfouilleur)) وكأركيولوجي يتمثل في إظهار المقاربات المحدودة والقطاعية وتجسيد خصوصية المواقع، فـ "ليس للمقارنة الأركيولوجية فاعلية توحيدية، بل رهانها تعددي" ففكو يحفر - بحفرياته – قبر العقل التوحيدي والثبوتي ، ليستعيض عنه بكثرة الأحداث المتحولة وبالعقلانيات القطاعية والمحلية، في مواجهة كل السلطات الحاضرة في كل موقع. و"إذا كانت السلطة حالة في كل مكان، فليس لأنها تشمل كل شىء وأنما لأنها تأتي من كل صوب وما دام الأمر كذلك فما الذي يمنع انبثاق المعارات والمقاومات والنضالات من كل صوب أيضا، خاصة أن مكانها ومكان السلطة واحد؟

علان العلانى said...

هوامش على النص5

إنه" حيث تقوم السلطة، تكونه مقاومة.... ونقط المقاومة هذه حاضرة في كل مكان من شبكة السلطة. فلا وجود إذن بالنسبة للسلطة لمكان وحيد هو مكان الرفض – المطلق- وروح الثورة وبؤرة جميع التمردات والقانون الخالص للثوري. بل هناك مقاومات وهي حالات تنتمي إلى أنواع كثيرة. فهناك المقاومات الممكنة والضرورية وغير المحتملة والتلقائية والمتوحشة والمنعزلة والمبتسرة . والعنيفة والمتضاربة والمثالية إلى الصلح والهادفة إلى مصلحة، وتلك لا تتوخى هدفا بعينه ، وهذه المقاومات لا يمكن أن توجد تحديدا، إلا في حقل استراتيجي لعلاقات القوى
إن العلاقة بين السلطة ومقاومتها كما يكشفه هذا النصن ليست علاقة خارجية.فالمقاومة لا تقوم خارج السلطة،وإذا لم تكن السلطة موحدة ، فكذلك النضالات التي تواجهها. ومع ذلك ليست المقاومة غير رجع صدى لآليات السلطة العاملة كقدر لا إمكانية للخلاص منه ، فالذين تستثمرهم السلطة بإمكانهم توجيه السلطة ضد ذاتها. ذلك أن أهداف السلطة غير محدده بكيفية مسبقة في طمأنينة المعقول التاريخي، وقواعدها ليست ثانية ثباتا لا تدخله الحركة ولا تهزه الصراعات. فالتاريخ ذاته لعبة من القواعد، ,إذا كان هيجل يعتبر التاريخ هو مكر العقل، فهل نعتبر "السلطة مكر التاريخ – وهو المكر الذي تكون له الغلبة دوما؟ من يذهب إلى هذا القول يتجاهل الطابع العلائقي relational) ) لعلائق القوة"
هذا الذي كتبه فوكو في "إدارة المعرفة" كان الاهتمام الجينيالوجي حدسه وكشفه منذ 1971بشكل يمكن أن نعده خطاطة عامة لما سيقع تفصيله تخصيصا في "المراقبة والعقاب"وفي إرادة المعرفة حيث تبين لفوكو في قراءته لنيتشه "أن أية هيمنة قد تحتوي المهيمن نفسه هنا،القواعد في حد ذاتها فارغة وعنيفة وغير مقيدة بأية غاية. لقد صنعت لتكون مسخرة لهذا الأمر أو ذاك، لحساب فلان أو فلان. لعبة التاريخ الكبرى تتمثل في من يفوز بالقواعد ويستأثر بها ويستعملها في معنى مغاير ويعكسها لترتد إلى نحور الذين فرضوها.اللعبة تعتمد على من يقدر أن يغشى الجهاز المعقد ليوظفه توظيفا يقيد معه المهيمنين بقيود قواعدهم الخاصة"
يذكرنا هذا القول لفوكو – ولا شك – بالنص الشهير لرسو حول حق الأقوى . وحالما يمكن عزله أو إقصاؤه، فليس له ما به يحتج على العنف. "فالفتنة التي تنتهي بقتل سلطان خنقا أو الاطاحة به ، هي فعل له نفس الشرعية التي للأفعال التي كان السلطان بالأمس يتحكم بها في حياة وممتلكات رعاياه. فالقوة وحدها كانت تسنده، والقوة وحدها تطيح به" لكن رغم هذا التشابه القصي، فالمقصد مختلف. فإذا كان روسو ينطلق من حق القوة ليؤسس ، قوة الحق،فإن حق القوة ليس سلبيا تماما عند فوكو ،بل هو أرض ميلاد التاريخ.لذا لم تنته اللعبة بعد، فالأمل مباح، والمعركة مستقبلية، لكن دون تفاؤل فج، إذ يجب اعتبار النضالات على ما هي عليه، لا على ما يجب أن تكون. فنقط المقاومة متعددة ومتحركة ومتنقلة " وما من شك أن التنظيم الاستراتيجي لهذه النقط هو الذي يجعل الثورة ممكنة، مثلما أن الدولة تقوم على ضم علاقات السلطة في مؤسسات"
تحليلية فوكو لهذه العلاقات بين النضالات والسلطات، يمكن فهمها دون اختزال كعلاقات بين السلطة والحرية. لا بالمعنى الذي تستبعد فيه الأولى الثانية أو تواجه فيه الثانية الأولى . فالعلاقة بينهما ليست مجرد علاقة استبعادية، بل هي علاقة متشعبة. "فالسلطة اغتراب، بما أنها نتيجة الاتصال والاجتماع، والحرية، هي قبل الاجتماع، هي درجة الصفر لكل اجتماع ممكن"
معنى ذلك أن السلطة لا تمارس إلا على أناس "أحرار" ولا يكون ذلك الا عبر الاعتراف بالآخر كصنو للأنا في المجتمع المدني. لكن ليتم الاعتراف لابد أن أكون مالكا لذاتي أولا حتى يكون لي الحق في امتلاك الأشياء التي يمكن لقوة عملي أن تنتجها. وهنا يدخل موضوع التقاسم مع الآخرين، فيقع تمفصل الحرية والسلطة . لذلك يعتبر فوكو أن هذا التمفصل غائب في حالة الاسترقاق الآن مجال الممكنات غائب . فعلاقة السلطة بالحرية لا تقوم إذن إلا في مجالات الفعل وإمكانات التدخل والتصرف أمرا واستجابة. في هذا الحيز"ستظهر الحرية كشرط لوجود السلطة...لكنها تظهر أيضا كما لو أنها لا يسعها إلا أن تقاوم ممارسة السلطة التي تنزع في النهاية إلى تحديد هذه الحرية كليا" بهذا المعنى لا تكون الحرية حالة قارة نستطيع ضبط بديتها ونهايتها، فلو كانت كذلك لما زادت على كونها فكرة تتضخم في الفكر وتندر في واقع الحياة اليومية. ولكن مع ذلك يبقى الممكن أثرى وأوسع من الواقع وفسحة التأسيس المتجدد غير مستحيلة شريطة العمل "على جميع مستويات المعرفة وكل أصعدة الوجود"

علان العلانى said...

النص والهوامش
النص فى السلطة
ترجمة أحمد السلطاني/عبد السلام بنعبد العالي
كتاب ميشيل فوكو -جنيالوجيا المعرفة دارتوبفال للنشر المغرب
الهوامش من االى 5كتاب ميشال فوكو المعرفة والسلطة"بتصرف" الفصل الثانى "السلطة" الطبعة الأولى المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع- بيروت

علان العلانى said...

أفتتاح للمناقشة
حسنا
لقد حسم أمر السلطة يوم 28يناير2011فوق كبرى قصر النيل هذا على مستوى الرمز وهو فعل مثل إرادة شعبية ذو بعد عالمي فما هى آليات تفعيله ليرقى الى مستوى علامةتأسيسية

ayman_elgendy said...

فما هى آليات تفعيله ليرقى الى مستوى علامةتأسيسية ?

بالفعل أخي علان ، يوم 28 يبدو كأنه عتبة و علامة بين حقبتين تفكك بينها الواقع و اعاد صياغة السلطة، هو بداية مهمة لتحليل فعل الثورة بعده و لفترة طويلة و كانه علامة علي مستوي المسيرة الكفاحية من اجل التحرر و تفكيك الرمزية النفسية الجماعية و الفردية لهذا اليوم قبله و بعده

.. في النص

في السلطة ..



كلمة "سلطة" هذه يمكن أن يتمخض عنها سوء فهم كبير، سواء فيما يتعلق بتحديدها أو شكلها أو وحدتها.فأنا لا أعنى بالسلطة ما دئبنا على تسميته بهذا الاسم وأعنى مجموع المؤسسات والأجهزة التي تمكن من إخضاع المواطنين داخل نظاما من الهيمنة يمارسه عنصر على آخر ، أو جماعة على أخرى ، بحيث يسرى مفعوله ، بالتدريج في الجسم الاجتماعي بكامله . إن التحليل الذي يعتمد مفهوم السلطة لا ينبغي أن ينطلق من التسليم بسيادة الدولة أو صورة القانون أو الوحدة الشاملة لهيمنة معين

و بعد ، اخي علان .. لو كان من اهم منجزات فوكو هو التنظير بشأن العلاقة بين المعرفة و السلطة من ناحية ، و من ناحية أخري أسهاماته البارزة في النظام المعرفي و تحليل الخطاب و لكن ...

إن كل جدال فلسفي هو في العمق صراع سياسي –صراع طبقي يمارس علي المستوي النظري .. ألتوسير

يبدو أن أهم الأنتقادات التي وجهت لأفكار فوكو هي تلك التي طالته من الماركسيين البنيوين الجدد و بعض المابعد حداثيين مثل هابرماس .. منهج تحليل الخطاب لا ينفلت منه أذن الخطاب الفوكوي في مسار تحليله للسلطة - و إن كان عذرا لكل الكلمات التي تموه المعني بين دالة عائمة و مدلول غائم فانه بحسب فوكو :
كلمة "سلطة" هذه يمكن أن يتمخض عنها سوء فهم كبير ... ألخ

ayman_elgendy said...

هل أهمل فوكو خلال تحليله للسلطة الأجهزة القمعية العليا للدولة من اجل التركيز علي فكرته الهامة بشأن السلطة : أنه ( لا يمكن ) أن نتحدث على السلطة باعتبارها ذلك الجهاز الذي يقبع على قمة المجتمع والدي يدعى الدولة أو السلطة السياسية العليا بل ( يجب ) أن نتحدث عن السلطة باعتبارها شبكة علاقة القوة المزروعة في كل جسد المجتمع والمنبثقة في كل مؤسساته وخلاياه . دفاعاً عن تلك الفكرة يبدو و كأنه لا يمكن بالفعل أنكار أن فوكو أهمل النظر و التحليل و التفكيك للمؤسسات القمعية العليا للدولة ( تاريخ العيادة و الجنون هو تحليل للقاعدة السلطوية للمعرفة و التي بحسب فوكو : إن السلطة تأتي من أسفل ؛ وهذا يعني أن ليس هناك، في أصل علاقات السلطة وكطابع عام، تعارض ثنائي شامل بين المسيطرين ومن يقعون تحت السيطرة، الا يبدو اظهار تلك الفكرة علي أطلاقها ( السلطة تأتي من أسفل ) الا تبدو عند الاقتراب منها عن كثب بصدد تحليل خطاب فوكو وكأنها نوع من الدوجما الفكرية ( يجب و لا يمكن !! ) التي تري ان السلطة دائما ما تأتي من اسفل و المبرر هو مبرر متهافت لو تمت تفكيكه فكرية حيث : أنه لا يوجد تعارض ثنائي شامل بين المسيطرين و من يقعون تحت السلطة .. المسيطرين ؟ الواقعين تحت السلطة ؟ ربما بالفعل هنالك تعارض ثنائي بينها شامل أو غير شامل .. يبدو وكأنه تعارض ينبع من الصورة الأبوية السلطوية - و التي تفرض علي المحكمومين الخنوع العائلي و القبلي للسلطة العليا و تمنع فعل الثورة _ التي ترثها الاجهزة البوليسية و الحكومية و الرئاسية من تفويض ديني أو سياسي أو حتي فلسفي ( كالماركسية مثلا ) ما يفترض عندئذ التفكير في هذا التعارض المحتمل بين قمة الهرم و أسفله و ان السلطة تاتي من أسفل مثلما تأتي أيضا من اعلي في صورة أجهزة الدولة القمعية و التي أهمل فوكو و كأنه متعمداً تحليل خطابها و هو ما يأخذه عليه بعض نقاد ما بعد الحداثة

من هنا نستنج فكرة أساسية هي أن السلطة التي يمتلكها (الحطاب ) كيف ما كان نوعه لا يمتلكها من ذاته, بل هي سلطة تلك المؤسسة التي أنتجته وهذه المؤسسة لا تخرج في نهاية المطاف عن الأجهزة الإيديولوجية للدولة, وبالتالي فهذه السلطة التي يتحدث عنها فوكو ماهي إلا تجلي ميكروسكوبي للسلطة المكروسكوبية التي هي سلطة جهاز الدولة الطبقي ...

نيكولا غريما


ومع ذلك فإنّ مفهوم السّلطة يوشك أن يقع إفراغه من معناه. وقد كتب "ريتشارد رورتي" (Richard Rorty) في هذا الصّدد :"كانت لي بمعيّة "فالزير" (Walzer) و"تايلور" (Taylor) و"هبرماس" (Habermas) ردودُ فعل متباينة ولكنّها متشابهة جوهريا إزاء فوكو. فمن جهة نكنّ له التقدير ونعترف بمكانته، ذلك أنّ فوكو كشف جملةً من المخاطر الجديدة التي ظهرت في صلب المجتمعات الديمقراطية، وقدّم خدمةً جليلةً لهذه المجتمعات من خلال وصفه للنَّزَعات والنماذج التي يتعيّن عليها الحذر منها. ومن جهة أخرى فإنّنا مع ذلك نرى- نحن المحافظين الليبراليين- أنّ أعمال فوكو يشقّها التباس يسبّب الشلل بسبب استخدامه كلمة "سلطة" اعتبارها تارةً ذات شحنة سالبة وتارةَ أخرى بما هي عبارة محايدة وواصفة. وبمقتضى هذه الدّلالة الواسعة والفارغة فإنّ دراسة أيّ موضوع (سواء تعلّق الأمر بالعلاقات في الكيمياء أو في الرياضيات أو في لعبة الشطرنج أو في المؤسّسات الاجتماعيّة) قد تغدو دراسة "لاستراتيجيات السّلطة" (1). إنّ مفهوما للسلطة يغطّي كلّ شيء ويشمل العالم كلّه يفقد أهميّته باعتباره موضوعا للتحليل النقدي والمقارنة ....كارلو فريشيرو
Carlo Freccero

ayman_elgendy said...

وما من شك أن التنظيم الاستراتيجي لهذه النقط هو الذي يجعل الثورة ممكنة مثلما أن الدولة تقوم على ضم علاقات السلطة في مؤسسات. ففي هذا المجال لعلائق القوى ينبغي لنا أن نحاول تحليل آليات السلطة. وبذلك نتحرر من نظام القانون الأعظم الذي طالما سحر الفكر السياسي

نلمح مرة أخري محاولة تهمييش دور الدول السلطوي في مقاربة سطحية بين دعوة للتحرر من نظام القانون الأعظم و الذي - فيما أري - خاصاً بصورة معاصرة ، يختلف تماما عن صورة سلطة الدولة و قمة الهرم التي يبدو و كأن خطاب فوكو مستمد من واقع حداثي قد ذابت فيه أحجار هذا الهرم السلطوي بحيث لم يصيير لسلطة الدولة هذا الشكل الهرمي و لكنه شكل آخر للسلطة التي توجد في كل مكان و كل نقطة و هذا من أثر عصر التنوير و الحداثة و لكن الآن يظهر سؤال هام : هل يمكن المقاربة بين صورة السلطة في مجتمعات الحداثة و بين الدول العربية التي يبدو و كأن قمة الهرم السلطوي تشهد قطيعة حادة بينها وبين الطبقات التي تحتها و ما تشمله تلك الأنظمة من تحكم و توجيه بالاعلام و استغلال الدين و التوجه الرأسمالي لأعضاء ناشطة في قمة الهرم السلطوي ؟ .. بالطبع الثورة خلخلت هذا الهرم و أذابت أحجاره بحيث يتم انتاج مزيد من الأسئلة حول البحث في ماضي تلك المؤسسات القمعية من شرطة و جيش و أمن دولة و حتي السلطة الدينية من أجل صناعة عقد اجتماعي جديد للسلطة تظهر ترشيداً لا يكرر صورة الماضي القمعي للدولة

ارجو ان أكون اقتربت برأيي من أجل تناص بيننا يثمر نتائج مرجوة في تحليل لصور السلطة التي أهتم بالنظر إليها وهي كما أسلفت اجهزة الدولة القمعية العليا

خالص ودّي
و من قبله و بعده الاحترام

علان العلانى said...

أخي العزيز أيمن
ما يقارب الست سنوات ونحن في تواصل تدويني شكلت النصوص له أثر و الأثر مرة أخري لا هو حضور ولا غياب الأثر يتنافى
مع أنماط الزمان التقليدية بما فيه المفهوم الجدلي،أن بنية التأجيل والتأخير تمنعنا من أن نجعل من الزمن مجرد تعقيد وتركيب جدليين للحاضر الحي،و التدوين للمدون إلى ما دون له فمن كان تدوينه هم معرفي ورغبه في تواصل بعيدا عن حتميات الإحن وشدائد الأوجاع أومن وجد فيه طريقة لاختراق الذات بغياب الأسم والرسم ثم بتحديقه بعد ذلك في نصوصه ليرى كيف بدا له مابدا بين نصه وشخصه على الحقيقة لنفسه أولا فمعرفة النفس غاية يبذل لها وترجي و، ومنهم من كان تدوينه لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فتدوينه إلى ما دون إليه وهذه الخيارالاخير لا أذكره على سبيل السخرية ولكني أراه أمر طبيعي وقد يرى فيه بعض المدونين أحدى الحسنيين
ويظل التدوين كما وضحت في تدوينة الحكي التدوني هل هو نوع أدبي جديد؟ وكما كتبت لك في تدوينة أشواق الضوء للظلال قائلا

إذا كانت الخصائص السياقية والنصية تمثل إطار عام داخل الحكي التدويني فإن هذا الأطار تعكس نقوشه الخارجية ظلال فرادة المدون وما تشكله قراءته لمدونة الزمن من خلال زمنه الخاص، فى حين يكون جوهر هذا الإطار شفرة المدون المعرفية وموقعه الايدولجي إلى جانب ما يتراسل داخل المدونة نفسها من نصوص بصرية وسردية وصوتية على ضوء رؤية المدون الخاصة للتدوين كوسيلة للتواصل والتلقي
وعلى اية حال التدوين والحكي التدويني والفعل التدويني وشبكة تفاعلاته بين العوالم الفكرية والوجودية المختلفة من سياسية وعاطفية وجنسية مازال فضاء لم يرصد منه الا القليل من المتروك ولكن تلك المقدمة ضرورية لانها المرجعية الأساسية لحوار الاخـ تلاف بيننا الذي نحافظ عليه
وبعد
لقد كان نص فوكو تختة رمل وليس مركز رؤية بمعني انه عدسة توسيع لضيق التعامل مع المفهوم فهناك من يتعامل مع السلطة وكأنها ضابط ومخبر وسياسي
لن اعيد معك حوارات سابقة عن الفرق بين الترجمة والتحويل،

حادث قصر النيل28 فبراير التأسيس له ينطلق من إدراك درجة صفر دفعة تكوينه الداعمه ولأنه فعل شعبي فلن يستطيع إن يدرك كنهها الا من اختلط وجدانه بمزاج هذا الشعب العريق وهذا ينقلنا لحادث في درجة صفر التفاعل وهو صمود الطالب إمام البلطجي دفعة التدعيم نتصار "التلموذ "على البلطجي انتصار حامل أداة العصر الكيبورد على حامل البلطة. وتفكيك أسطورة التكبيل التي لها امتداد متواصل من زمن المماليك حتى حرافيش نجيب محفوظ
وسينما الانفتاح وصحافة الرموز وللحديث بقية