مجال(1) تشكلات السؤال
التدوين" حدث" انتشر ومازال يتشكل متخففا من قيود التكوين ولعل هذا هو سر الحميمية فيه وشفافيته، فرغم تكونه فى سياق مركزية العقل الغربى وعلى هامش تفاعلاته الداخلية، الا انه" أفلت" متخففا من تلك المركزية بحكم حتميات السوق ، فشكل ثغرة تاريخية لنوع من التواصل خارج آليات وحدود الخطاب بشكلها المعروف ،ما شكل فرصة نادرة لاختراق خطابات المركز المختلفة، ولعل هذا يفسر المحاولات المستميتة لتدجينه سواءالمباشرة (2) كرد فعل طبيعى من المركز، وغير المباشرة بمحاولا ت احتوائه من الداخل بالتعامل معه كسلطة منفلته خارج السيطرة يجب تقنينها وضبطها، مما يستدعي الانتباه قدرالوسع ليظل قطاع منه مثل البرق يلمع حيث هو خارج الجهة، متخلصا ما أمكن -فى حدود الوعي- من سلطة الكتابة والبقاء خارج سجن الإسم والرسم الافتراضي: فروضه وفرضياته وفرادته
على امتداد الشهور الماضية كان مدون هذه السطور يتلمس نوع من القراءة المتأنية الراصدة لما يعتقد انه نوع أدبي جديد هو شكل من أشكال الحكي أتاحه عالم التدوين، ورغم أن حلقة من الحلقات المبكرة لبدايات هذا الرصد وتراكم تطوره قد اختفت من على شبكة التدوين باختفاء مدونة الفنان الكبير والأخ العزيز فلان الفلانى- حكايات فلان الفلانى ولكن هذا اللون الأدبي وإن بدا شديد الوضوح فى مدونة فلان الفلانى إلا أنه له تواجده وتطوراته فى الفضاء التدويني ولعل هذا من ناحية أخرى ما أكد لي أن هناك نسق ما تجلى عن توافق تركيبة التدوين وبروز هذا النوع الأدبي وكان أن تابعت البحث فى المدونات وهناك ثلاث مدونات أخرى إلى جانب مدونة فلان الفلانى منها مدونة أبوالليل ، ومدونة أيمن الجندى حريق الابجدية، ومدونة بعدك على بالى كان لي حظ الانتباه إليهم والتواصل مع مدوناتهم، التي سأقتصرعليها في محاولة تطبيق القراءة التي أشير إليها. وهناك الكثير من المدونات التى تعتمد الحكي كوسيلة- خارج الشكل التقليدى للقصة القصيرة أوالأقصوصة (القصة القصيرة جدا)- يبدو فيها ظاهرا التراسل بين الفنون وإذا كانت كلمة "رواية باللغة الإنجليزية "
التي تعود في أصلها اللاتينى إلى
بمعنى جديد، غير معتاد، خارق للمألوف، قد اصطلحت في الأدب الأوروبي كإسم لنوع من الكتابة السردية يختلف عن الأشكال الأدبية المتعارف عليها منذ القرون الوسطى وحتى القرن السادس عشر، فإن جديد هذا الحكي التدوينى هو ما وفره التدوين من خصائص منها سيولة بنيته الواسعة الأفق إلي جانب خلخلته /زعزعته للسلطات المحيطة بعملية الكتابة. وسوف أتناول المدونات التى كان لى حظ القراءة فيها على ضوء الافتراض بوجود هذا النوع الأدبى ، والذي سأسميه(3) الحكي التدوينى
مكاشفات أولية فيما قبل
بين زمن التدوين وتدوين الزمن "كنت" فى البداية أحاول أن اقترب قدر الإمكان من بنية المدونة كنص متحرك مع الزمن ومتابع ومحدق فى الواقع وخطابه المهيمن ملاحق له ومعلق عليه فههنا مدونتان مدونة الكاتب /المدون ومدونة الزمن(بتموقعات المتخيل فيه) ، وكانت عملية الرصد لما أعتقد بوجوده وتشكله داخل تلك النصوص تسير إلى جانب ما أحاوله فى نفس الوقت من صياغة شكل من أشكال القراءة أتاحها عالم التدوين فيما بين الفنان والقارىء فما أقوم به هو قراءة فى حكايا اتاحت لها صدفة تاريخية المرور متخففة من قيود ثقافة المركز وتعريفاته وشروط الانتماء له وألقت بعرض الحائط باعترافه وقطعت شعرة الوالي ابن هند بانتزاعها سلطة جديدة للمدون /الراوي وهى سلطة النشر وبدا شيئا فشيئا أن هناك اختلافا بين تلك النصوص والأشكال المختلفة للقصة القصيرة، بدا لى فى مدونة فلان الفلانى أن هناك ثلاث عناصر أساسية فى القراءة، تشكل عدسات مختلفة للتحديق في الرؤية أحدها العنوان وشبكة دلالته ثم النص الذى يبدو (كتعليق على الاحداث)، لتكون بعد ذلك التعليقات التى تتحول من التعليق على النص نفسه إلى التشابك مع نسيجه بين القارىء والكاتب/ والكاتب/ والقارىء فى حوارهما "مع/في النص"، لينتصر كل ذلك فى النهاية للرؤية والأثر، فيعيد الكاتب/المدون بالتعليق سلطة النشر ليس للقراء هذه المرة ولكن للمعنى ولصالح الرؤية والاختلاف وإنتاج الأسئلة بل ومعاودة مسائلة الأسئلة نفسها عن مصداقيتها والانتباة لثغرات نسيجها الدلالي ومواقع التماسك فيه وظلال الواقع التى تظهر فى تقاطعات النسيج المشكل لها أى بين "المرجع والدلالة" داخل بنية النص/ الحكي المعلنة والمضمرة، فى عملية توليد تعيد القدرة على الدهشة تخلخل العلاقة الأيقونية (4) بين الكاتب والقارىء القائمة على الإعجاب أوالتنافس فالعلاقة بين المدون والقارىء علاقة ابداع وتواصل في الرؤا وتبادل مواقع وهذا التواصل يكون فى صالح ما يشكل بنية الرؤية نفسها بآليات تناص يصعب أن تتم بتلك الديناميكية والسرعة فى أي كتابة أدبية أخرى مما وفر مساحة تتناسج فيها النصوص فى تحولات نوعية وكيفية ككقراءة منتجة خارج آليات المركز واغواءته وسلطته
و هذا ليس ابتداعا لأسلوب جديد فى الكتابة، إنه ابتداع لنوع جديد من الفن له بنيته وتركيبته التي تنتصر للقارىء ويتنازل فيها المدون فى مقابل سلطة النشر عن سلطته الموهومة كمالك للمعنى ومحدد لهويته لصالح القارىء، ليس هذا فحسب بل يتيح التعليق للكاتب/ المدون تبادل الأدوار مع المعلق و متابعي النص الممتد ليعيد معهم إنتاج وتأويل المعنى فى انتصار لفعل القراءة، وبهذا يقتسم معهم فعل القراءة (والكتابة أيضا) بل وينحاز معهم أحيانا أمام النص في إحاطه لمراوغات المعنى، فعندما يواجه القراء النص تفجرالمواجهة المتماس من النص مع الزمان الحاوي للكل والمشترك فى المعاش والواقع والمواجه للظرف التاريخى من جهة والزمن الخاص بالفنان ورؤيته من جهة أخرى ما يسمح له بالتأمل فيها، فعندما ننظر فى النصوص التي تولدت على جوانب بعض الحكايا التدوينية سوف نلاحظ (5) الإزاحات والإضاءات والإضاءات المضادة والمعارضات والتناص والتماهي والتحاجج والنفي والإثبات والتحريض والإغواء فكل هذا يلقي بظلاله على النص فى زمن قياسي وفى تماثل لمجموعة مختلفة وعشوائية من الذوات تمثل فى نفس الآن أعمارا متفاوتة ومن الجنسين والسؤال هنا كيف يحدث التزامن بين مشاعر وتكوين المدون الذى يمارس التدوين وبين محاولات القراء وتخبطاتهم و"تطفلهم المتخيل" على عالم التدوين؟—فمفهوم"التطفل" في الحقيقة لا معنى له داخل عالم التدوين ففائض الحرية داخل العالم التدويني يسمح بالتدخل المباشر وتبادل الأدوار بين الكاتب و القارىء مما يشكل أحيانا نوعا من النزاع على النص بسب تفاوت الرؤى والوعي، ما قد يؤدي أحيانا لنوع من الصراع على النص فى ظل خطاب متداعي المفاهيم تقريبا، فعالم التدوين لا يختلف نوعيا عن عالم المركز فيما يتعلق بإشكاليات التخلف المعروفة والأوهام المستقرة. وهنا يتبدا قدر المدون ومحك مصداقيته الحقيقى ليس بينه وبين القراء ولكن بينه وبين نفسه بين رؤيته وواقعه، فانفصال المدون عن نصه بوعى يرصد القراءات التى تتحرى قصدية النص من جهة ومنتبها لتخمين قراءات أخرى للاوعيه الملتف بنسيج الحكي ، محتفيا بعمليات إعادة انتاج النص لتعاود تأسيس الوجود/وجود النص على هامش ما هو موجود بالقوة داخل بنية دلالاته وأفقها لا ما هو قائم بالفعل فى تشكلات حروفه وفضاءات عبارته الممكنة
خصائص الحكي التدويني
وإذا كان لنا أن نستقي مما سبق بعض الخصائص المميزة للحكي التدويني نستطيع أن نقول إنه يتشكل من عناصر أساسية تتكون من العنوان-الصورة/الرسم- النص إلى جانب الموسيقى أحيانا وهي عناصر تشكل صوت المدونة كنص متحرك مع الزمن ومتابع ومحدق فى الواقع ومنتبه بقدرالإمكان للخطابات المهيمنة راصدا لها ومسلطا عليها الأضواء أحيانا وناقدا ومعارضا أحيانا أخرى وساخرا غالبا، وفى داخل خطاب التدوين يتوفر" للحكى التدوينى" ميزتان منتزعتان من خطاب المركز يمثلان عنصر تثوير داخله: أولهما " سلطة النشر" وثانيهما" سرعة النشر" (6) مما سمح بنوع من التعليق المباشر على مدونة الزمن (وأقصد بمدونة الزمن ذلك السيل من الأخباروالأحداث التي تشكل الحاضرالمراقب والمهيمن عليه من سلطة المركزبكل تفاعلاته) وفي عالم التدوين تشكل المدونة بكل ما فيها من مرادفات وسياقات النصوص وحوارات المدون مع المعلقين فى تبادل بين قارىء/كاتب/قارىء وما يتولد عن ذلك الحوار من دلالات موزعة في جنبات التدوينات الخاصة بمدونة ما وتعليقات كاتبها على التعليقات إلي جانب أرشيفه اللغوى الذى يعكس تكوين مخيلته ووعيه المتراكم داخل هوامش عالمه التدويني، مكونا ما يشكل بوضوح شفرة المدون الأيدولوجية وقناعاته واللامفكر فيه(7 ) لديه. وأشيرهنا لخصائص الحكي التدويني منها:
The contextual 1)
خصائص سياقية أوعلاقته بما وراء التدوين
من حيت السياق: استقلال سلطة النشر وسرعته
من حيث المضمون: التعليق المباشر على الحاضر السياسي والاقتصادي والثقافي
The textual 2)
خصائص نصية
من حيث الشكل: عنوان- صورة- نص - صوت أحيانا
من حيث التلقي: العلاقة العضوية بين الحكاية والتعليق (بين نص المدون و قراءة المعلقين وقراءة المدون للتعليقات وتعليقه بدوره عليها والتي تسمى بالإنجليزية Reception قراءة في خصائص الحكي التدويني سوف أكتفي هنا بقراءة لحكاية أبو الليل فوزي في الغواصة الخصائص السياقية
يسبق نص "فوزي فى الغواصة" ستة نصوص تغطى المساحة الزمنية بين الأربعاء 21 مارس 2007 وحتى الجمعة 6 أبريل بداية من نص الاستفساء وحتى نص" فوزي في الغواصة" هناك خمسة نصوص عم ناجي وقمة عربية ونص فوزي ولعبة دوايرو جوجل يا مدلعنا ورغم أن هناك الخط العام الذى يشكل شفرة المدونة ورؤيتها والذى لم يتركه المدون للتخمين فهو أعلنه بوضوح كنقاط مرة ومواقف مرات ومعارك أحيانا إلا أن عنصر استقلال سلطة النشروسرعته في تفاعل مع السياق السياسي يبدو بجلاء. لقد لخص المدون الموقف السياسي حينها بكلمة واحدة (استفساء) أعتقد أنها سوف تكون رديف لاي عملية استفتاء قادمة ثم قام المدون بالعزف المتنوع على تلك الكلمة مطورا لها من حدث داخلى "عم ناجي" إلى حدث أقليمى "القمة العربية" الذى دعمه المدون بنص صوتي ثم نقد ذاتي "نص فوزى" ثم تأملي "لعبة دواير" ثم عالمي "جوجل يا مدلعنا" ليعود لصياغة كل هذا فى بوتقة الحكي التدويني في "فوزي فى الغواصة". كان لابد لفوزي أن ينفذ من حصار المركز بالغوص فى الأعماق لإعادة إنتاج الرؤية خارج شبكة التواطؤ بين العجز وهيمنة السلطة، وإذا كانت الكتابة الأدبية لا تخلو من أثرها التطهرى فالراوى لا يعطى المتلقى تلك المساحة من وهم الاعتراف والأقرار لكنه يقاوم هذا بنوع من السخرية الحادة من نصه نفسه مصمما التعرية بل متعمدا كشف العورة ليكون النص هو "وهكذا يجب أن يكون" ذلك الفعل الساخر الذي يشخر للأب السياسي حيث نستطيع أن نسمع رنة الصوت ونغمته النشاذ الموجزة وهكذا---- إذا كان عالم المركز يجبر المدون أن يستخدم مساحة حريته المتاحة للدفاع عن الحريات والتجاوزات كضرورة حتمية ،فإن هناك حاجة إلى الانتباه للمناطق التى تهمشها هذه االحتمية رغم مشروعيتها ونبلها ، لكى لا يقع التدوين فى أحبولة رد الفعل على توقيعات وعزف المركز.
الخصائص النصية
"نقلت توتري و حالتي المزاجية السيئة لكل كائنات تلك الجزيرة المجهولة، و التي اضطررت للرسو على شاطئها بعد أن نفذ مخزون الأكسجين و الوقود من غواصتي الخضراء الصغيرة" "فوزي فى الغواصة" هكذا يبدأ الراوي الحكي على خلفية العنوان (فوزي فى الغواصة) والصورة (الغواصة) مباشرة، فهو يبدأ متواصلا مع العنوان والصورة كنص مترابط يكتفى فيه بالإشارة "لكل كائنات تلك الجزيرة المجهولة" ليكون موضع كلمة "تلك" كحلقة ربط فى نسيج السرد/الحكي بين العنوان والصورة والنص، فإذا كان العنوان يهيىء المشهد فالصورة علامة أساسية تنتخب الحقل الدلالي الذي سيتم من خلاله سرد الحكاية والحقل الدلالي هو مجموعة الكلمات والمعاني والصور التي ترتبط برسو غواصة على جزيرة مجهولة وبين العنوان والصورة قوة مغناطيسية شديدة الجاذبية تحيط بكل جوانب النص، لهذا فليس غريب أن يدور النص فى جانب منه حولها مباشرة فى غير موضع
: فوزي : نفذ مخزون الأكسجين والوقود من غواصتي الخضراء الصغيرة
وحيد القرن : بعدين إيه الغواصة العرّة بنت الوسخة اللي انت راكبها دي؟
فوزي : ذهبت إلى غواصتي أفتش عن ما تبقى من طعام و شراب
الفيل : إيه الغواصة المسخرة اللي جايلنا بيها دي؟
الأخ غوريلا : "ها ها ها ها إيه الغواصة بنت القحبة اللي راكنها عالشط دي,شكلك عبيط ياد
جميع حيوانات الجزيرة : طرقات على نافذة غواصتي الخضراء الصغيرة
ثم تأتي التعليقات بعد ذلك لتؤكد وتدعم هذا الافتراض ليكون للغواصة نصيب ملحوظ من الانتباه، وليس بعيدا عن التأمل أن الغواصة تمثل الوسيلة أو الوسيط النموذجي بين العالمين بخاصيتي الابتعاد والاختفاء
واحد مصري: انت جايلهم من المهروسة بغواصتك الخضراء النميسة
WaNSaN ياأبو الليل ممكن استلف غواصتك خالد جرار
Fawzi is using more advanced graphics programs with time, i noticed
:Daktara
ايه يا عم الجمودية دي التصميم رائع
لقد أضطر الراوي التدخل موضحا
: أبوالليل الغواصة المرسومة مش من تصميمي, لقيتها بالصدفة المحضة في أحد مواقع ورق الحائط لا مؤاخذة و للأسف مش مكتوب إسم المصمم ربنا يستر و ما يكونش بيقرا عربي و يحطني في حديد بتهمة الهبر من ملكيته الفكرية لا مؤاخذة مجهول يقول
على فكره انا خدت بالي من عمق الغوص المكتوب على الصورة و هو 179 متر و الرقم ده اكيد مقصودبيه المادة اياها
. viva Egypt
بعد الفشخه الدستوريه التى اصابت صميم الحركه الدوديه للعضو اياه المغروس فى مؤخرة الغواصه الخضراء عمر يقول...
حلوة جددداااابس الغواصة اللي في الصورة مش خضرة او انا اللي عامل دماغ فسكونيا
تمر حنة تقول
بالمناسبة دى غواصة تخرج بيها؟ كسفتونا الله يحرقكوا
Lordjamy ماله الحمار الحصاوى البرمائى ...و عمره ما يشتكى...و وقوده طبيعى
لقد أوضح الراوى أنه عثر على الصورة بالصدفة المحضة، ولكن أليس لهذه الصدفة المحضة ضرورتها التى تتيح الفرصة لهذه" اللقية " فبين عثورالراوي علي الصورة التي تمثل العلامة للنص وتكوين النص ذاته ما يوضح تلك العلاقة البصرية بين النص وحقل تخصيبه في مخيلة الراوي، فليس كل رأس تسقط فوقها ثمرة مؤهلة لصياغة قانون الجاذبية، و على أية حال لا أعتقد أن علاقة الصورة والعنوان بالنص هنا تحتاج لمزيد من الإضاءة ونستطيع أن نراجع هذا فى جميع الفوزيات ولا أستثنى فى ذلك "فوزى لا غضاضة" فقد كان اللنك المباشر بديلا عن الصورة وهكذا هناك غير تلك التعليقات العشرة التى تتناول الصورة مباشرتا سبعة وثلاثون تعليق لا تتناول النص فقد ولكنها تعبر عن أوجه التلقي المختلفة والمتباينة للمعنى والنص وتضيف اضاءات مختلفة بعضها يمس قصدية المدون مثل التعليق الذى يشير الي عمق الغاطس (179) ودلالاته ومنها من حفز النص عنده التواصل مع الكاتب لمجرد إبداء الرأى والتعليق علي الأسلوب ومنها من لمح لمعالم لنوع جديد من الأدب
و--- بعد
الى جانب التعليقات التى استخدمت فيها هذا النهج فى المدونات المذكورة فى الشهور السابقة سوف أتابع التفكير والحوار حول هذا النوع الأدبي الجديد بمزيد من القراءة والانتباه والتفاكرمن خلال تناول النماذج المختارة المشار اليها التى ساهمت في تشكلات هذا السؤال . ----------------------------------------------------- الهوامش
(1)
لكل قراءة( مجال) لأفقها وأهتماماتها وبالطبع "حيز" لحدود وعي صاحبها وبنيته المعرفية ولا تسقط هذه القراءة الهوامش التى تلف أفق وضفاف فضاء التدوين وتشكلات جدلية علاقته فى تلامسه مع حيز المكان وخاصية سيولة تكوينه فالتدوين في أيران والذى توفر عنه بعض الدراسات يختلف فى حيز تشكلاته عنه في مصر التى يختلف عنها فى أماكن أخرى فى الوطن العربى فالتدوين رغم وسع أفاقه الا ان له خواص ما يسمى بالعولمة أن لم يكن أحدأنعكاستها فهى الحاضر الغائب يحدها تموقعها فى المكان وفى المكان يكون للسياق هوامشه الطبقية* والتطبيقيه بالنسبة للفئه الفاعلة التى تشكل له خصوصية الموقع وتطبعه بطبعها لا بالأمكانيات الكامنه فيه وحدود أفقه
*
تتميز المجتمعات التي تكون فى طريق النمو بتعايش فئتين من السكان مرتبطين بقطاعين اقتصادين وبناظمين للقيم وبمنطين للسلوك وبمستويين للحياة.ثمة أقلية تشبه
سكان المجتمعات المتقدمه،فلها المستوى الثقافي والتقني نفسه والمثل نفسها وطريقة الحياه نفسها وهي تتمنى أن تطور هذا التماثل إلى حده الاقصى، هذه الأقلية ضئيلة العدد جدا في المجتمعات المتخلفة، وبعيده جدا عن سائر السكان. وهى أكثر عددا في المجتمعات نصف النامية، حيث تتنوع،ولا سيما بنمو طبقه وسطى تجعل الانقطاع بين فئتى السكان أقل حدة موريس دوفرجيه – علم إجتماع السياسة ترجمة د سليم حداد المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع بيروت ص302
(2) عن القدس العربى :القاهرة ـ يو بي آي: يبحث وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم بالقاهرة الاحد 03/03/2007 مشروع قرار تقدمت به مصر لمكافحة جرائم شبكة الإنترنت وقال دبلوماسي عربي ان مشروع القرار يدعو الدول العربية إلي سن وتطوير التشريعات اللازمة لحظر ومكافحة استخدام مواقع الإنترنت لاغراض إرهابية وتابع ان القرار سيدعو ايضا الي إعداد اتفاقية عربية لمكافحة جرائم الحاسوب في إطار مجلسي وزراء العدل والداخلية العرب । وتنشط شبكات تنظيم القاعدة وخاصة في العراق وبلاد الشام والخليج العربي في استخدام مواقع الإنترنت لاغراض الدعاية الإعلامية والتعبئة والإتصال.وكانت منظمة مراسلون بلا حدود قد ذكرت في تقرير في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي ان دولا عربية من بينها مصر والسعودية وليبيا من بين اسوا 11 دولة علي مستوي العالم في مجال قمع حريات الإنترنت راجع تعليق الفوريجي بعنوان خناقه داخل أمن الدولة بتاريخ Sun, 2006/01/29 - 02:10
تدوينة ( أمن الدوله ترحب بيك في وطنك) مدونة منال وعلاء
(3)
الحكي التدويني كما أعتقد بعد طول تحديق في النص التدوينى لغة وأسلوب، يتميز الى جانب تراسله وأرتباطه عن مجموعة من الألوان الأخرى الأدبية وتوظيفه لفنونها وأسالبيها المتراكمة، بنوع من التجانس مع عوالم "الحلم الرؤيه—فالمدون أمام لامعقولية الواقع كما يتبدى له، وأشكاليات التواصل المقيمة خارج التدوبن" وأيضا داخله!" (*) يكون كمن رأى حلما يعرض على زواره تفسيره" منصتا الى ما يتطابق مع ما يجلى دواخله" بحيث يبدوا ما يحيط به الي جانب لا وعية طرف من أطراف المفكر فيه أى لحظة الإنشاء وما سبقها داخل المدونه من مقدمات وما تزامن وتشابك معها من أثار أمواج خطاب المركز وظلاله
(*)
فى هذا أرى ان التدوين كتطور لتواصلات سابقة من وسائط مختلفة التسميات والتقنيات أنتقل اليه ما نشأ من مجموعة سلوكيات وحزمة من القواعد نستطيع القول عنها "سياق المحتمل التدوينى" وهذا يحتاج الي تحديق من المخضرمين- أقصد-الذين لهم تجربتهم وخبراتهم وممارستهم المتراكمة في عالم التواصل عبرالإنترنت، للتحديق في هذا "المحتمل التدوينى" وما فيه من ظلال خصائص لما سبق من سمات تواصل عبر الوسائط الشبيهة والتى تطور عنها التدوين
(4)
هناك سمات عامه تشكل هذه العلاقة داخل خطابات المركز بقيود الرقابة والمنع وآليتها المباشرة والغير مباشرة وحتى الذاتيه المتراكمة بين الكاتب والقارىء التى تحاكى فى بعض انماطها العلاقه بين المعلم والتلميذ ، او الحكيم والمريد ،تنشد التأثير على حساب التفكير ولكن هذا جانب واحد ظاهرى مما يشكل هذه العلاقة فى بنيتها العامة ولكن هناك جانبها الأخر الذى يحيط بالمعرفه كسلطة ولكل سلطة تموضعاتها وأغوائها وصرعها الحتمي وأنحيازتها،ما يجب أن ينعكس علي عملية التحديق فى العلاقة بين الكاتب والقارىء وتمثل العلاقة بين الكاتب/المؤلف والقارىء قضيه من قضايا اللامفكر فيه وهى تعكس بشكل مانوع من التماهى بين صورة المؤلف وصورة المستبد راجع فى ذلك محمد لطفي اليوسفي --فتنة المتخيل- الجزء الثالث فضيحة نرسيس وسطوة المؤلف المؤسسة العربية للدراسات والنشر يقول اليوسفي:ص 396 المرجع السابق:لقد تبيين لي فى هذا الكتاب بأجزاءه الثلاث،أن طبائع الاستبداد المترسبه في أصقاع الذات العربية ، هذه الطبائع البغيضة الموروثة عن أحقاب من القهر والبطش والدماء كثيرا ما تستبد بالمؤلف فيشرع في ممارسة سطوته على اللغة وعلى الكلمات وعلى الجنس الأدبى، فيما هو يمارس أعتى أنواع القهر والسطوة على متلقيه المفترض ثمة نوع من التماهى المروع ينشأ في لحظة الكتابة بين صورة المؤلف وصورة المستبد. حتى لكأن المؤلف في الثقافة العربية المعاصرة إنما يصدرعن الأحساس الفاجع باستحالة الخلاص، فيمارس الكتابة العربية، لا باعتبارها نشاطا له دوره التاريخي في تجديد أسئلة الثقافة العربيه ،بل يتخذ منها فلك نجاة ليحقق خلاصه الفردي فيما هو يوهم بأنه مشتغل بالخلاص الجماعى، او لكأنه إنما يوهم بأنه مشتغل بالبحث عن سبيل الخلاص الجماعي،ليعلي نفسه ويمجدها متخذا من المتلقين جميعا وسائل لتحقيق استيهاماته الفردية فيما هو يتكتم على افتتانه بالغلبة والقهر والاستبداد،وافتتانه بصورة المستبد --- أنتهى ولعل التدوين بما يوفره من ممكنات منها-التلقائية-الأنفلات من اثر قواعد خطاب اللغة لشروط الكتابة،والانطلاق من القناعات الخاصة وسرعة التعامل مع القضايا ما يتيح صياغات تسائلية الى جانب أنفتاح أفق ردود الفعل المباشر والغير مقيد يساهم فى خلخلة هذا المسكوت عنه وتعريته قد "أقول قد" يساعد علي التخفيف من أغواء تلك السلطه المتلاعبة بالكاتب (سلطة الكتابه) ما يوفره تبادل الأدوارالسابق ذكره في مواجهة نصه مع القارىء أشيرالى ذلك الفائض العريض من الحرية والسيولة فى البنية خارج بعض قيود الخطاب ، كما أشار أليها ميشيل فوكو، وكما قام بتسليط الضوء عليها، جاك لاكان، لوران بارت، جوليا كرستيفا دريدا عدا ما هو خارج الوعي من الغير مفكر فيه،الى جانب الممتنع عن التفكير فيه انظر علي هوامش ذلك إنتاج ومجهودات علي حرب،اليوسفي،عبد السلام بنعبد العالى، يمنى العيد
(7)
أذا كان التدوين يتيح الوسيلة المادية للمدون للإنعتاق من سيطرة المركز على النشر، " فاللامفكر فيه لديه" هنا أقصد به ما يتعلق بمحاولة المدون الإنتباه للتحرر من سلطة أفكاره هو بالذات والتى صاغها المركز نفسه بكل مؤسساته وآليات سيطرته.