Tuesday, December 31, 2013

قراءة في قصيدة تميم البرغوثي يا شعب مصر 8


من يطارد من

 بين المارد وقمقمه شجون خصبها الزمن أخترق اليأس فيها  خامة الصبر بطاقة لاتنفذ من براكين الغضب  ، لتكتمل للأسطورة بنيتها وللنص أصالته
في تحليل عبد الفتاح كليطو لنص الصياد والعفريت من ألف ليلة وليلة يقول :    
يربط بعض الباحثين أسطورة سفانكس بغريزة المعرفة عند الطفل بالسؤال الذي يطرحه الطفل والذي يأبى الكبار عادةً أن يجيبوا عنه، السؤال الذي يمكن أن يكون أَنموذجاً للفضول المحرّم: من أين يأتي الأطفال؟ألم يطرح الصياد السؤال نفسه، بصيغة مختلفة؟ ألم يسأل عن الماضي والأصل والبدء؟ ألم يسأل عن سر الولادة وسر النشأة؟كلمة جني مرتبطة، صوتياً ودلالياً، بكلمات أخرى، بالجنون مثلاً (لأن الشخص المجنون يسكنه جني) وبالجنين• ليس هذا الربط بين الجني والجنين من باب اللعب بالألفاظ، وإنما هو من صميم اللغة• اقرأ في لسان العرب: >جن الشيء يجنه: ستره ••• وبه سُمّي الجن لاستتارهم واختفائهم عن الأبصار<• ثم يضيف ابن منظور: >ومنه سمي الجنين لاستتاره في بطن أمه<•تدل كلمة جنّ أيضاً على البداية، أي بداية شيء أو زمن: >يقال: كان ذلك في جنّ صباه أي في حداثته<•إنّ الصدفة وحدها هي التي جعلتني أتصفح لسان العرب وأنتبه إلى العلاقة بين كلمة جن وكلمة جنين• إذاك أخذت الخطوط العريضة لقراءتي للحكاية ترتسم وتتضح وتتأكد• وبالفعل فهناك بين الجني والجنين تماثل قوي• فكلاهما في البداية ملفوف في ظرف، في وعاء مائي• وداخل هذا الوعاء كلاهما بين الحياة والموت (كلمة جنين تعني فيما تعنيه المقبور:

والجنن بالفتح: هو القبر لستره الميت• كلاهما يخرج من ظلام دامس (عبارة >جن الليل< مشهورة؛ وفي اللسان: >جنون الليل أي ما ستر من ظلمته• كلاهما غارق في ماضٍ سحيق وغائب عن الواقع، أي كلاهما مجنون، إذا اتفقنا على أن الجنون هو فقط الصلة بالعالم الخارجي• الجنين لا يعي العالم الذي يُطرح فيه، والجنّي متأخر عن زمانه بألف وثمانمائة سنة•لنحاول الآن أن نفهم لماذا أراد العفريت قتل الصياد• لقد ملّ المكوث في القمقم، فصار يُكنّ العداوة للخلق كله، بدءاً بالشخص الذي سيُخلّصه• وإنّ ما يلفت الانتباه هو قوله للصياد: > ما أقتلك إلا لأجل ما خلصتني<• إذا كان للكلام معنى، فإن الجني يُشير بقوله هذا إلى أنه لم يكن يريد الخلاص، أي لم يكن يرغب في الخروج إلى الوجود• فكأنه أصيب بما يُسمى صدمة الولادة•إن أبياتاً شعرية عديدة، عربية وغير عربية، تصف هذه الصدمة، فتُصوّر الحياة في بطن الأم على أنها حياة استقرار وطمأنينة وسعادة، وتصور الخروج إلى الدنيا على أنه خروج إلى الشقاء والتعاسة• بهذا المعنى يفسّر ابن الرومي بكاء الطفل عند ولادته:

لِمَا تُؤذنُ الدنيا به من صروفها يكون بكاء الطفل ساعة يولد
وإلا فمــا يـبـكـيــه منهـــا وإنهـــا لأرحـب ممّـا كـان فيـه وأرغـد


25 ينايرحدث عصي على التصنيف هذا الحدث الذي لايكف عن التشكل وكلما وضع له خط  تجاوزه وكلما بنى له حائط تخطاه وكلما حاول  ركوب أمواجه  تيار قطعه وكلما أدعاه منتمي خلعه ، لم يظهر هذا الحدث فجأة ولكن المدهش أنه حتمية طال أنتظارها . تشوفه وتلمسه وجدان الناس على أمتداد تلك الرقعة الجغرافيا التى استوطنها الاستبداد بكل أشكاله وأنواعه  تلك  الرقعه الجغرافيه لم تسلم من استبداد الا على يد استبداد أشرس وأقصى وأكثر وحشية  حتى هرمت الاجيال التى ولدت وشاخت تحت هيمنة سطوتها
تناص

هرمنا

وتخرج زى كلمة حق من غير قصد مابترجعش لو طلعت

هرمنا في أنتظار هذه اللحظة التاريخية
أعتقلت  هذه الكلمات  التى لخص بها مواطن تونسى هائم على الاسفلت المحرر مشاعر جيل التطلعات التى سلمتها خيبات الآمال الى سكون العجز  وأوجزت

النص  
يا مصر و انتى لسه فى البدايات
بكرة اللى جاى أعظم من اللى فات
يا مصر قومى و بصى فى المرايات


نعم البداية نصف كل شىء كما يقول أحد الحكماء  ،ولكن ما هو المعين الذى رصد منه الشاعر هذا الاستشراف للأتي ؟

بكرة اللى جاى أعظم من اللى فات

وهو ومصر في البدايات ، وما تلك المرايا التى رأى فيها الشاعر تشكلات الحدث وهو يملى على العالمين إرادة الشعب  والعالم كله يرصد هتاف المارد وهو يتجسد بإرادة إسقاط النظام وتدمير القمقم

النص

كان كل واحد فى الميدان جايب معاه مراية
رافعها للسما
أشكال و ألوان كلها مرفوعة فى العالى
صبحت مراية واحدة بتلالى
و بقت يا مصر الأرض صورة للسما
لعبة بازل متكاثرة الأجزاء
لما البشر يتجمعوا تبان السما عالأرض
و لما البشر يتفرقوا تلقى السما بتنفض

 كما هى  الحوادث التى تربط الأرض بالسماء تلك الحوادث التاريخية التى  تخرج الفعل الأنسانى من ممكنه المتخيل الى فضاءات جديدة تفتض صحارى فى الرؤية لم يرعى فيها خيال الا تمنى ووهم ..انطلقت أشباح الوحي الشعري  تسترق السمع بين السماء والارض بين الميدان والشهيد بين الفرعون وجنوده بين قارون وكنوزه بين الفرعون والعرش وموضع الخلع ثم بين هامان وتفاهماته والله المستعان

لما البشر يتجمعوا تبان السما عالأرض
و لما البشر يتفرقوا تلقى السما بتنفض

هنا يحضر التدعى فى النص بين التفلت والثبات بين الجذبه والانفلات

تناص

يا شعب يا مشبك إيديك فى إديك
وكأنها خط الثلث فى آية القرآن
إديت لآدم معنى تانى زاد على كل المعانى
وربنا قال هو ده قصدى وده غرضى
كده بالظبط لا زيادة ولا نقصان


النص

تبقى السما متوزعة جوة الشقق
و تمر ليلة من التوجس و القلق
و ننام و نصحى تانى يوم ترجع سما
لما البشر يتجمعوا مع بعض

 معادلة فى غاية الوضوح في منتهى السلاسة ولكن على إرادة الشعب  المعلنة لازياده ولانقصان (إسقاط النظام )  لاعلى هوى جماهيرمشيئه ومستخف بها تلك الجماهيرالتى كانت دائما وفى كل مفرق تاريخي هى بذاتها صانعة الفرعون لاغيرها عندما تستبدل ما قوضته لها إرادتها بتفويض من يتخادع لها حتى يتمكن بها منها وبخصومها

النص 
يا مصر حقك تملكى بدل السما اتنين
واحدة هدية و واحدة تانية صانعها مصريين

هذا والله أعلم



1 comment:

علان العلانى said...


هامش قديم


كل ما نحتاج اليه هو أن تثبت هذه المعاني الواضحة التى صنعتها دماء الشهداء وعيون الثوار فهي الاساس الجوهري والشرعي فى الاستمرار والأنتصار
Thu Jan 12, 09:47:00 am 2012