قراءة فى تشكل وانحسار التأويلات على هامش الحدث
يحدث فى مصر الآن وعلى مشارف الحضورالرابع لحدث 25 يناير تحديداً ،إذا لم تمدح الجيش فعليك الا تنتقده ولكن في كل الاحوال احترازاً عليك ان توضح بجلاء أنك عندما تعلن اعتراضك على ما يحدث من انتهاكات يومية على بداهات المواطنه أن تدعم قولك بمصداقية لعنك الإخوان
ما يراد له أن يكون بديهي هو أن لعن الإخوان والتنصل منهم أصبح شفرة التواصل وصك الإنتماء "الوطني " ضد كل ما هو شر فالإخوان هم سبب فساد النظام بل هم الفساد والكذب الارهاب وكل ما يهدد الحاضر والمستقبل والثورة وهم وجه التخلف الدائم ضد كل ما هو وطنى وثورى ومتقدم ومدني هم القاتل والمقتول هم الهمجى بل هم بذاتهم الخوارج هم الثورة المضادة ليس داخل مصر فقط ولكن فى كل العالم هم المؤامرة الدولية والكونية التى تهدد سلام العالم .
هذه المتلازمة التى تطفو على سطح الخطاب كطقس للسباحة في بحيرة صناعية من استقطاب يستوطن كل ما هو منطوق ومعلن ، بآلية خطاب مضاد للحدث الثوري يتشكل بقصدية كطوق نجاة اضطراري للمؤسسة العسكرية ولكنه طوق نجاة متعدد الثقوب تسارع به المؤسسة للوصول لى شواطىء النجاة بفزع يكافح الغرق في بحر الشعب الذى ابتلع الفرعون وهيبته ومقامه ...
في مثل هكذا مناخ هناك ألف سؤال مشروع وألف أجابه ممتنع عن التفكير فيها فتلك الجماعة ليست جماعة هبطت من السماء بل جماعة نمت على عين النظم منذ العصر الملكي ولها تحالفات وتفاهمات موثقه مع القوى السياسية التى كانت تتحكم في القرار والمشهد السياسي
فماذ حدث ؟ وعلى أعيننا لتتحول إرادة الشعب من إسقاط النظام الى أستئصال الجماعة وكل من يري فيها غير الرؤية الرسمية والمعلنة للإنقلاب
تناص
متلازمة الولاء والبراء بين الجيش والإخوان هذه . تحمل فى تكوينها كل اشكال القهر و عشوائية البطش المتعمدة من النظام التى صاحبت الحدث منذ أندلاعه تحت عنوان الطرف الثالث لتدارى الأسس الهشّة للخضوع لمؤسسة صنعت على عين الفرعون وتحت أشرافه وقيادته ، وفي نفس الوقت توارى الأسس الهشة للسلطة. إنها متلازمة تدار بمكينة الاعلام خلف واجهة من الوطنية الموهومة والمتماهية مع السلطة. وهذا "الشيء" أو تلك المعانى الهائمة غير الخاضعة لأى تعريف والخاوية أيديولجيا ليست إلا طريقة مخادعة تحتمها آلية الاتباط بالأقليم والعالم مفتوح الفضائات. إنها تربك المتابعين في الخارج و توفر لجمهور الدخل في العواصم وهومشها ، وهم أنه مازال له إرادة ويريد وهم أن له هوية، له كرامة، وله أخلاق في نفس الوقت الذي تجعل من السهل له أن ينفصل عن جوهر كل هذه المقولات . وكمستودع لشيء متجاوز وموضوعي، تسمح للناس بأن يقوموا بخداع ضميرهم وإخفاء موضعهم الحقيقي وتواطؤهم المهين من العالم وكذلك من أنفسهم. إنها طريقة براجماتية، لكنها في نفس الوقت تمجيدية لشرعنة ما هو فوق، وما هو تحت، وما هو موجود في كل جانب. إنها موجهة إلى الناس وإلى الله. إنها حجاب تستطيع الكائنات البشرية أن تخفي ورائها وجودهم المنحط، سخافتهم، وتكيفهم مع الوضع القائم. إنها عذر بإمكان الجميع التعذر به، ممن لايدرك وعيهم عارهم الى البسطاء الذين يبهرهم السيسي وكلامه المعسول ووهم المستبد العادل تحت مقولة عمود الخيمة الى الراقصين على أنغام تسلم الإيادي ، الى الذين يخفون خوفهم من أن يتحولوا الى ضحايا في حدث مستغلق وغامض ، إلى هؤلاء الذين يمثلون الطبقات التى توافقت مع منظومة الفساد وهامش النفوذ الذى توفره بنيته بأستباحة طبقات الهامش العريضه ، إلى من مصلحتهم المباشرة في بقاء السلطة والنظام على نفس الأسس وذات البنية بلا أى تغير
. إذن، الوظيفة التبريرية الرئيسية لتلك المتلازمة هي أن تزود الناس – سواء كانوا ضحايا أم أعمدة للنظام الفرعوني العتيد - بوهم أن النظام متناغم مع التراتب البشري وتراتب الكون…
النظام الفرعوني يلامس الناس في كل خطوة، لكنه يفعل ذلك رافعاً شعار المقاومة والتحررمن مؤامرة كونية. وهذا السبب الذي يجعل الحياة في نظام كهذا يتخللها النفاق والكذب بالكامل: الحكم بالبيروقراطية تسمى الحكم الشعبي، الطبقة المسحوقه تستعبد باسم الطبقة المسحوقه، الحط الكامل من شأن الفرد يقدم باعتباره تحريره النهائي، حرمان الناس من المعلومات يتم تسميته بتوفيرها لهم،
استخدام السلطة من أجل السيطرة تسمى التحكم الشعبي بالسلطة، والاستخدام العشوائي للسلطة يعتبر احتراما لنص القانون، كبح الثقافة تسمى تنميتها، توسع السيطرة واستمرار الهيمنة والتبعية يقدم باعتباره عونا للمظلومين، انعدام حرية التعبير تصبح الصورة العليا للحرية، انتخابات هزلية تتحول إلى أعلى شكل للديمقراطية، قمع الفكر المستقل يصبح أكثر رؤى العالم علميّة، الاحتلال العسكري يتحول إلى مساعدة بطولية. ولأن النظام أسير لأكاذيبه، فعليه تكذيب كل شيء. إنه يدعي أنه لا يملك أجهزة قمع وحشية. إنه يدعي أنه يحترم حقوق الإنسان. إنه يدعي أنه لا يعذب أحدا. إنه يدعي أنه لا يخشى شيئا. بل إنه يدعي أنه لا يدعي شيئا.
إن الأفراد ليسو مطالبين بتصديق كل هذا الخداع، لكن عليهم أن يتصرفوا كما لو أنهم يفعلون، أو على الأقل أن يتسامحوا معه بصمت، أو أن يتعاملوا بشكل جيد مع أولئك الذين يتعاطونه. ولهذا السبب عليهم أن يعيشوا عبر كذبة. ليس عليهم أن يقبلوا الكذبة. إنه من الكافي لهم أن يكونوا قابلين لحياتهم معها وداخلها. ولأجل هذه الحقيقة المجردة، فإن الأفراد يؤكدون النظام، يشغرون النظام، ويصنعون النظام، بل إنهم هم النظام.
No comments:
Post a Comment