قراءة فى تشكل وانحسار التأويلات على هامش الحدث
نص مترجم
النظام
أن وضع الانقطاعات ليس سهل التحديد بالنسبة للتاريخ بشكل عام وأقل سهولة بلاشك بالنسبة لتاريخ الفكر . هل نريد رسم خط فاصل ؟ ربما كان كل حد ليس سوى ، قطع اعتباطي في مجموع متحرك بلا حدود . هل يراد تقسيم مرحلة ؟ . ولكن هل يحق لنا إقامة انقطاعات متماثلة ، في نقطتين من الزمان ، لكي نظهر بينهما نسقاً مستمراً وموحداً؟ . من أين يحدث إذن أنه يتكون ، ومن أين يحدث بعد ذلك أن يمحى وينقلب ؟ والى أى نظام يمكن أن يخضع في آن واحد وجوده وتلاشيه ؟ . وإذا كان يملك في ذاته مبدأ تماسكه ، فمن أين يمكن أن يأتى العنصر الغريب الذى يمكن أن يرفضه ؟ وكيف يمكن لفكر أن ينسحب أمام شىء آخر سوى نفسه ؟ . وماذا يعنى القول بشكل عام : عدم استطاعتنا التفكير بفكرة ما ؟ وتدشين فكر جديد؟
أن المنقطع .. واقعة أنه خلال عدة سنوات أحياناً تكف ثقافة ما عن التفكير على النحو الذي قامت به حتى ذلك الحين وتعكف على التفكير بشىء آخر وبطريقة مختلفة..
الكلمات والاشياء
ميشيل فوكو
تناص ومحاولة للتحويل
ماذا يفعل بالضبط حدث 25 يناير؟ وماذا يريد النظام ؟ وأين إرادة الشعب؟
هذه الاسئلة الثلاث لاتخضع لترتيب قصدي فيجوز أن يكون السؤال الأول أين إرادة الشعب ؟
ولكن تماسك الإرادة في طبقات وجدان الشعب على أمتداد رقعته الجغرافية وتوحدها إرادة جامعة على مطالب محددة عملية ملبدة بالغموض و مجهولة التفاصيل تراكمت فوق قاعدة من مظالم لاتحصى واستباحات مستحيل رصدها فوق بنية استبداد تأكلت بنياتها التأسيسية وأهترات أحبولة ضرورتها وتحولت الى بلطجه عارية وممنهجه أخذ القانون فيها أجازة مرضية ودخل غرفة الأنعاش على سرير الطوارىء على مدى حكم المخلوع كله . وعندما تكاملت للشعب إرادة واستجاب القدر توحدت هذه الإرادة مع رمزية حدث نقش علامته وطبع بصمته على وجه التاريخ وفي وجدان الناس فاصبحت هناك علامة فارقة فى تاريخ مصر تفصل بين زمانين
زمن ما قبل الحدث الثوري الشعبي وما بعده .شاء من شاء وأبى من أبى وقضى الأمر
هذه الاسئلة الثلاث لاتخضع لترتيب قصدي فيجوز أن يكون السؤال الأول أين إرادة الشعب ؟
ولكن تماسك الإرادة في طبقات وجدان الشعب على أمتداد رقعته الجغرافية وتوحدها إرادة جامعة على مطالب محددة عملية ملبدة بالغموض و مجهولة التفاصيل تراكمت فوق قاعدة من مظالم لاتحصى واستباحات مستحيل رصدها فوق بنية استبداد تأكلت بنياتها التأسيسية وأهترات أحبولة ضرورتها وتحولت الى بلطجه عارية وممنهجه أخذ القانون فيها أجازة مرضية ودخل غرفة الأنعاش على سرير الطوارىء على مدى حكم المخلوع كله . وعندما تكاملت للشعب إرادة واستجاب القدر توحدت هذه الإرادة مع رمزية حدث نقش علامته وطبع بصمته على وجه التاريخ وفي وجدان الناس فاصبحت هناك علامة فارقة فى تاريخ مصر تفصل بين زمانين
زمن ما قبل الحدث الثوري الشعبي وما بعده .شاء من شاء وأبى من أبى وقضى الأمر
وبين ما قبل الحدث وما بعده أدخل الحدث (النظام) بين قوسين واحكم الحصار فيجوز أن ترتب الاسئلة معكوسه ..أين إرادة الشعب؟ ماذا يفعل النظام ؟ ماذا يفعل حدث 25 يناير ؟ بمعنى أن النظام هو سبب مباشر للحدث وسبب مباشر لإرادة الشعب إسقاط النظام كحتمية ثورية وعتبة مرور الى مستقبل جوهر الفعل فيه يستحيل الا أن يكون شعبياً
فالاستحقاقات التى هتف بها الشعب في الميادين يستحيل أن تتحق الا على قاعدة من أجماع جوهره قناعة واستعداد جبار للكفاح لانتزع هذه الاستحقاقات ليس من قبضة النظام العميل التابع ولكن من القبضة الداعمة لبقاياه التى تمول وتدعم وتوفر الغطاء لعمليات ترميمة وللحيلوله بينه وبين السقوط بمدد من داخل الأقليم و بغطاء من قوى الهيمنة فى العالم
فالحدث متخطى لمجال وحيز وهامش وآفق الحراك السياسي قبله ، لم يقوده أو يدعيه حزب سياسي معارض أو جماعة أى كانت مرجعيتها أو زعيم ملهم جاء ليعلم الناس الكرامة ولامفكر جهبز جاء بنظريات و (حل) يبشر بالمن والسلوى ، ولكنه حدث يعبر عن إرادة شعبية ما فوق سياسية تملى وتتكشف وتتبدى و تتشكل كرؤية للمستقبل لاعلى مجرد الشكل السياسي ولكن على جوهر الوجود في ومع العالم على محك المصير لسؤال جوهري هل هو شعب حر ويريد على الحقيقة والفعل كما أعلن على العالمين وفعل أم أنه مجرد قطيع يساق وتحدد له الوجهة على فضلة معونه وما تيسر من القروض الحسنه وغير الحسنه متسولا على هامش التاريخ
وهنا إذا يبدو أنه مهم جداً أن يكون واضحاً ماهو النظام ؟ أو بالدارجي الشعبي المختصرة لنفس المعنى " أيه النظام؟ " ولماذا لايريد أن يسقط ؟ أو لماذا هو غير مأمور بالسقوط ومفوض هكذا فى قتل ماشاء من الشعب على عين العالمين
هنا لابد من أنتباه للكلمات فهى لاتعبر عن شىء مجانى أو تنشد مجرد بلاغة استعارية ولكنها تقارب توصيف لحالة حرجه وهى فى حال توصيفها وبين فاصلة وأخرى يجوز أن تكون وفى نفس اللحظة تتزامن مع لحظة أنطلاق رصاصة أو انفجار مفخخ محصلته سقوط شهداء للحدث أو ضحيا تدافع بإستماته عن النظام
هناك معانى ملتبسه تصاحب أى حدث كبير وبعيدأ عن التعقيدات الفلسفية لمفهوم الحدث وتؤيلاته فهو بأختصار يمتلك خاصية - أرجاء الفهم- فلا يكتسب الحدث مفهومه كحدث الا بهذه الخاصية وهو ما شهدناه وعشناه وما زلنا جميعاً وليس نحن فقط من تعلقت قدرته على أحتوائه وفهمه بل شاركنا العالم كله فى تلك الحالة من " تعليق الفهم " وحتى هذه اللحظه لايزال الحدث مشفر نعم هناك سيل من التأويلات للحدث وهذا مفهوم وطبيعي وحتمي ولكن كل هذه التأويلات هي مجرد تأويلات لم يقدم منها أى تأويل للحدث ما يؤكد أختراق لشفرة تكوينه ولكنها كلها تأويلات تكاد تكون دبلماسية للحدث لاتؤكد ولاتنفي ولا تثبت العكس .
لقد سكن التحسب وشلل التحليل الجميع بعد أن تعلقت الانفاس بأمواج الحدث الأولى الغامرة والكاسحة التى لم تنحصر الا وقد خلع الفرعون عن عرشه وبدت أوتادة مكشوفة الغطاء وبين مداهمة وأنحصار الموجه الأولى للحدث على النظام وأركانه وسدنته . تلاحقت ردود أفعال عفوية وعشوائية بين التنفس والغرق والاستماته والأنبطاح والمماطله والتسويف والهرب وبين الدهشة والانقباض فالحرية ليست شعور كما يعتقد البعض مريح بل هى أثقل شعور من الممكن أن يتحمله الأنسان السوي فهى تستجلب معها وفى الحال شعور موازي بالمسؤلية لاعلى المشاع حيث مرادفات على شاكلت لم أكن أعرف أو لم يكن فى مقدوري أو مبهمات من قبيل رحرحة (معلش) المزمنه أو تسويف لم يكن (قصدي!) ولكنه محك جاد مفرغ من الفهلوة محسوم بالدماء والشهداء على محك الفعل والوجود على نهج موت برفعه وكرامه ولاعيش بذل واستباحة وبالفعل الموثق بملايين الشهود وملايين الوثائق والمشاهد والاف الشهداء وليس على ظهرها من يستطيع أن يقول لم أكن هناك أو لم أرى بعينى
والأهم والجوهري هو ما حدث على مستوى الفرد وذاته ووعيه . وفي هكذا حال تتولد طاقه حتمية تتسابق كل القوى المحلية والأقليمية المدركه بفزع مآل الحدث بعدما أعلن عن استحقاقاته في محاولة أحتوائه وتطويقه بدوافع اضطراراية واستراتيجية وفى ظروف تاريخى غير مستقر و الأقليم كله في مهب الريح وعلى شفا جرف هار وفى أجواء تؤشر بسقوط ممالك دكتاتورية وانهيار منظومته (المهيمن عليها ) المعتدله والمعتمدة والمروضه
وهذه الطاقه المتشظيه التى فعلها وفجرها الحدث أخلت فعلا بمعادلات التوازن فى الأقليم وهى متخطية للحدود المصنوعة والوهمية فى الحقيقة لهذا كان لابد من عزلها وحصارها واحتوائهافى الداخل واذا لم تستثمر فى الانتباه لابجديات الحدث المعلنه فأنها تتحول كما نرى جميعا كطاقه لاتنفذ لتفعيل الاستقطاب قشة النظام الذى يتوقى بها الغرق الذى قد يغنى عن سقوط بقاياه العسكرية المدججه بالسلاح و لاتملك الا الانكار والإدعاء بالتماسك والتظاهر بالقوة أمام طوفان بشري لم يستقر على حال تعلم يقينا انها لاقبل لها به و لاسبيل أمامها الا التسويف والمماطلة ومحاولت ألهائه وتشتيته واختراقه وتفريقه وأغرقه فى الاف التفاصيل والاستماته فى تيأيسه
ورغم أن تشتيت هذا لطوفان وتبديد الطاقة التى ترتتبت على الموجه الأولى للحدث قد يؤدى الى كبح سرعة تجمع أمواج الموجه الثانية القادمة لامحالة ، فهى قادمه من بحر لايدرك أحد قراره ولامداه وهي بحتمية الحدث لاقدرة لأى فعل تشتيتى على أيقافها ولم تتوفر وسيلة تخمين بعدد موجاته فالحدث يملى ولا يملا عليه فهو حدث فلت من قبضة التاريخ ورصد قوى الهيمنة فعلاً وقبض زمام المبادره وكل ما يجرى ردود أفعال عشوائيه ومتخبطه عليه
وحتميات موجاته القدمة لاراد لها فبقدر غياب شفرة الحدث التى مازالت تتفاعل عناصره وتحركه معادلات متراكمة غائبة تحت سطح واقع لم يبقى فوقه الا أوتاد عارية تتظاهربالرسوخ ومؤسسات تتقنع بالشموخ والثبات ولا تنتبه أن الموجة الأولى أزالت الاقنعه وإزابة الصباغ وتركت الوجوه بكل تجعيدها الكئبه وأخذت فى أنحسارها كل بواريك السلطه الهرمة المتصابية التى لا تفعل الا تكديس القوانين فوق القوانين لتقيد إرادة الشعب ومواجهة طوفانه بسند من زندها الخليع الفاسد في القضاء ومؤسستها الدينية المخنعة ونخبها الرخيصه الفاسدة . في محا ولة لاستعادة هيبة فتك بها الحدث ورهبة بددها دم الشهيد
ولم يتبقى فى المشهد الا (هيكل) ككاهن أوحد احترق معبده ويرتل كهانات على انغام مستهلكة بلا مراجعه كعهده دائما ينطق بالحكمة المطلقة وفصل الخطاب المتماهى دائما وأبداً مع سلطة المستبد ومقام الرئاسة وهيبة الدولة تلك الدولة التى ساهم فى هندسة نظامها ويراه بعينه يتهاوى وينسف كعجل بنى اسرائيل فبدأ يهزي وبعد قال لى ميتران وقلت له ، وكسينجر وأنا اصبح يقول : قال لى ضاحى خلفان وقلت له ! ، لقد فقد وقاره المصطنع بعدما أدرك أن الحدث الثورى الشعبي يستهدف أجتساس الاساس الذى بنى على قاعدة من الاستبداد العسكري وبجمهور من نخب سكن العجز مفاصل بنيتها وتحت قيادة قزمها العسكري المتطاول بذبح العزل و الذي يتلهى بأضغاث أحلام لن يسيقظ منها ألا وسيف الحدث الثوري فوق رقبته يبدأ بها القصاص
الحدث الثورى ل25 يناير يلهو بالنظام ويستعرض مخازية وأجرامه وأعوانه وسدنته على مهل وبدأب النمل أمام شعب يريد وعلى عين أجيال شابه قدمت ولا تزال تقدم الرصيد الأكبر من الشهداء فى الميادين وتقاوم بجساره الترويض والترويع والتشويه من كلاب حراسة النظام المرخصة فى الاعلام وتلفظ من داخلها كل متحول ومتخاذل وساقط وعميل وتكافح بصمود محاولات كسر الإرادة فى سجون سفاح مروض توسط لتعديل مسار ديمقراطي فكسره بإنقلاب اختطف به احتجاج مدنى ديمقراطي وأمتطى منصة الزعيم العسكري الملهم وطلب تفويض بفض أعتصام أرتكب فيه أعنف مجزرة دمويّة ضدّ اعتصامٍ سلميّ في التاريخ الحديث. ثم حول التفويض المسبب بمجازر متتالية الى كارثه حصدت أرواح الاف الشهداء وبعد أن اتسع عليه الخرق وبفزع المرعوب حوله بقرار تلفيقى أرهابي الى حرب على الارهاب ليجعله سيف مسلط على كل من يعارض انقلابه فى نظام موتور ومفزوع ، القانون فيه يصنع فى المصانع الحربية وقضاء بين مدنى فاسد للنخاع وعسكري جاهل أعمى القلب والضمير يقضى بالأمر لصالح من يمنحه راتبه الشهري وزيه الرسمي وامتيازاته الدائمه
وهكذا تبدل التفويض بفض اعتصام في يد السفاح الى تفويض من الشعب بقتل الشعب، ثم يحلم بسيف المملكه فى يد وفى اليد الآخرى ساعة نجمة دواد يضبط على توقيتها زمان عالمية التسول و تنهال عليه وعود ملك الديكتاتورية المحمية والشيوخ التى ملائتها الشروخ العملاء الممكنين وتنهمر عليه المنح والمعونات وتنفرج الحالة مع احتفالات بشائر الخير والفتح على وجه أبد الفتاح و تنصيبه فرعون فيرشى الشعب ويدفع دية الدماء لمن يقبل ويستبيح من يأبى وكأن الشعب خرج ثائراً ليتسول وخلع فرعون عجوز ليستمتع بجبروت فرعون من سلالة السيسي أو غيره متخفى فى قبو المؤسسة العسكرية أو مسخ مدني مروض وأنه بهكذا فهلوة ستكسر المؤسسة إرادة الشعب وتحكمه
انتصر الشعب فلا تستعجلوه