الجمعة الأخيرة
قبل رمضان تكتسب شجون من نوع آخر وتمثل علامة--- وغدا ناظره قريب
مداخلات
قيل وسوف يقال الكثير
عن أقوال البابا وهناك قراءات استطاعت أن تجتاز سياق نمطيةالتحليل لتلك الأقوال منتبهة "للظرف التاريخى " الآن وأثر تشكيله وظلاله- فيها وعليها
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2006\09\09-21\qpt1.htm&storytitle=ffتصريحات%20البابا:%20تأملات%20وتذكير%20ببعض%20المنسياتfff
الا ان هناك ملاحظتان تستدعيان الانتباه
الأولى : إذا صحت المعلومات بكون قداسته كان من شبيبة هتلر ورغم أنها كانت منظمة إجبراية كما يقال الا أن أثر الخطاب النازى لا يتوقف عند الوعى وبالتأكيد له جذور فى بنيةإنتاج هذا الرجل الألمانى الذى عاش صعود وانكسار بلاده يعود على قمة من قمم العالم ليخطب فى عقر داره
والثانية : مغزى الاستشهاد الذى استشهد به البابا واختياره لحوار بين الأمبراطور والرجل "الفارسى" كما قيل فى أجواء التحضير لتركيع" إيران" من قبل اليمين الجديد الذى لاتخفى روائحه النازية والذى يفقد فى هذه الحالة زخم الحادى عشر من سبتمبر الذى تم استنزافه فى العراق وتفكك فزاعة الإرهاب التى تكاد أن تصبح أضحوكه
--------------------------------------------------------------------------------------------------
مقارنات
رمضان منذ ما يقارب مئتى عام
وشهر رمضان هو أهم الأوقات التى ينغمس فيها المصريون فى المسرات ومختلف ضروب اللهو، فهو فى مجموعه شهر صيام وشهر مهرجانات. وقد يبدو من الغريب أن يختاروا مثل هذا الوقت للقيام بممارسات متناقضة: التوبة وتطهير النفس من ناحية ،والملذات من ناحية الأخرى،ولكن،فلعل المشرع قد أراد بذلك أن يخفف من وطأة تلك التوبه المهلكة فعمل على أن تصاحبها أوقات تخصص للمسرات (كذا!) إذ يستطيع الناس بشكل أفضل أن يتحملوا من ضروب الحرمان تلك التى تعقبها المسرات والملذات، ------ ويرى المرء فى هذا الصوم حمالين يسيرون -كما فى الأيام العادية- وهم يحملون أحمالا ضخمة أو يعملون بطريقة شاقة أطول وقت من النهار ،ودون أن يرطب حلقهم الجاف قطرة ماء ودون أن يتناولوا وجبتهم الصغيره المعهودة لتنشيط قواهم التى هدها العرق والتعب. ولكن ما أن ياتى المساء حتى يتغير المشهد،إنهم لم يعودوا نفس الرجال ،فالليل بطوله ينقضى فى الولائم وضرب اللهو والفجور.فى النهار يفعل كل امرىء قدر طاقته كى ينهى أعماله بسرعة ليخصص بضع ساعات للنوم فترى الفلاح راقدا بالمثل تحت النخلة بعد أن أنهى فى فترة الصباح عمله وترى التاجر يرقد على بنك دكانه والعامه ممددين فى الشوارع بجوار جدران مساكنهم بينما الغنى راقد بالمثل . نعسان ينتظر على أريكته الفاخرة الفتره التى تسبق غروب الشمس----- وأخيرا تأتى تلك الساعة التى طال أنتظارها فينهضون على عجل ويهرع كل امرء للحصول على مكان مرتفع وتتجمع النساء فى شرفات منازلهن ليرين حركة أختفاء الشمس ، وتبدأ الشمس تشحب رويدا رويدا ويتأكل قرصها ليختفى وراء الأفق وتنمحى والناس فى مشقة الأنتظار------ حتى أن العامه وسكان القصور والقابعات فى معاقل الحريم وكل هؤلاء يحيون بصوت جماعى، تلك النهاية التى تلكأت طويلا---- وتعلن الأغنيات الجذلانه حلول وقت المسرات ووقت الطعام، وتدوى فى كل المساجد أصوات المؤذنين الجادة تنادى الناس للصلاة، وتحدث همهمة واضطراب عام فيتفرق الناس على الفور، وتنفض الجماعات ويتبعثر المتجمعون إما إلى المقاهى وإما إلى البيوت والمساجد والميادين العامه،ويأكل كل امرىء بشراهة،ويقيم الأثرياء مآدب باذخة ويقدمون للفقراء فضلات موائدهم ويقدم الطعام للجميع بلا تميز،لكل الحاضرين،وهذه العادة،الحميده بلا شك،تطبق فى كل ولايات السلطان. ويعقب الطعام الأحتفلات والألعاب. وتسيطر الخلاعة الجامحة على كل ضروب اللهو فى ليالى الفسق هذه، وتظل المساجد مضاءة حتى بزوغ النهار، ويقض أفاضل الناس ليلهم فى حديث الرواة والمنشدون يقصون بحماسة ملتهبة،مغامرات عجيبة تخلب الألباب بطريقة فريدة،ويهرع البعض إلى الحمامات ، فهناك على وجه الخصوص تزدهر الملذات وتتم لقاءات الغرام، والعاملون بالحمامات المعتادون على هذا النوع من الأمور،هم على الدوام عصب هذه المغامرات العاطفية، وهكذا ينتقم الجنس من سجانه وطغاته، ولكن ينبغى أن تحاط مثل هذه المغامرات باكبر قدر من السرية وإلا فإن غضب الزوج المطعون فى كرامته لن يعرف حدودا ويمكن القول إن الميادين العامه الأماكن التى تعرض فيها اكبر مشاهد الدعارة والفسق مدعاة للخجل فهناك يقدم بعض الحواة والمشعوذين مشاهد شهوانية تنتهى بلوحات بالغة الأنحطاط والفظاظة تشكل فسادا مدهشا للتقاليد ، والممثلون الرئيسيون فى هذه اللوحات هم على الدوام شيخ وطفل وبرغم ذلك : فلو أننا حكمنا على تقاليد الأمه بأكملها عن طريق الميل الذى يبدية أبناء الشعب عادة نحو هذه العروض، لكونا بالتأكيد فكرة خاطئة وظالمة ،فمثل هذه العروض،الماجنه لا تجذب إلا السوقة والرعاع،ومثل هؤلاء الناس فى كل مكان،نهمون لرؤية مشاهد الغلمة والفسق بكل عريها لكن ما يدعو إلى الأسف حقا هو أن تسمح السلطات بمثل هذه العروض. بل أن مباهج رمضان تصل إلى معاقل الحريم ففى رمضان يسمح للسيدات باستدعاء العوالم وبعض الموسيقيين،ويجلس الزوج باسترخاء ولامبالاة على أريكته،ومبسم أرجيلته فى فمه،وإلى جانبه أحب زوجاته إلى قلبه ليستمعا بمتعة شديدة إلى أغنيات العوالم وصوت الموسيقى،ويحيط الزوجين بعض العبيد،واقفين من حولهما أو جالسين القرفصاء على حصيرة. ولابد أن يبدى المرء إعجابه بذلك التمثيل الصامت (بانتوميم) للعالمة الشابة وهى تصور فى خلاعة وشهوانية الصراع بين الفسق وبين العفة، ويحيط بقامتها الرشيقة حزام معقود برخاوة،يبدو كأنه الحاجز الوحيد الذى يصد عنها هجمات الحب. وتعود لتعقد من جديد برخاوة أيضا كلما بدا أنه قد بدأ يستجيب من جديد رويدا رويدا. عندئذ تنتبه العفة فجأه بعد أن نومتها الشهوة، فتعقد الراقصة الحزام من جديد وبنفس الرخاوة ويتخذ الرقص مظهرا أكثر جدية ووقار. لكن ذلك يخلى مكانه مرة أخرى لحيوية الإحساسات والشهوة التى تبدو العالمه فريسة لها ---- وتتجدد نفس الظروف وتضعف العقده الرهيفة التى تحول دون الحب وتعقدها الراقصة من جديد ،لكن الحب ينتصر ولا يعود أحد يعترض على أنتصاره وتستجيب العالمه فى النهاية لعواطفها،فتبطىء من حركتها وتبدو غارقه فى هيام لذيذ ويصفق الحاضرون لها بحماسة وإعجاب ويحدث تمثيلها الشهوانى الصامت أثر يفوق الوصف على مشاهديها، وبخاصة الزوجة فتخرج عن طورها – كما شاهدنا ذلك عدة مرات- متأثره بتلك الرقصه الشهوانية .فتصل صوتها بصوت المغنبن وتقلد حركات العالمة
قبل رمضان تكتسب شجون من نوع آخر وتمثل علامة--- وغدا ناظره قريب
مداخلات
قيل وسوف يقال الكثير
عن أقوال البابا وهناك قراءات استطاعت أن تجتاز سياق نمطيةالتحليل لتلك الأقوال منتبهة "للظرف التاريخى " الآن وأثر تشكيله وظلاله- فيها وعليها
http://www.alquds.co.uk/index.asp?fname=2006\09\09-21\qpt1.htm&storytitle=ffتصريحات%20البابا:%20تأملات%20وتذكير%20ببعض%20المنسياتfff
الا ان هناك ملاحظتان تستدعيان الانتباه
الأولى : إذا صحت المعلومات بكون قداسته كان من شبيبة هتلر ورغم أنها كانت منظمة إجبراية كما يقال الا أن أثر الخطاب النازى لا يتوقف عند الوعى وبالتأكيد له جذور فى بنيةإنتاج هذا الرجل الألمانى الذى عاش صعود وانكسار بلاده يعود على قمة من قمم العالم ليخطب فى عقر داره
والثانية : مغزى الاستشهاد الذى استشهد به البابا واختياره لحوار بين الأمبراطور والرجل "الفارسى" كما قيل فى أجواء التحضير لتركيع" إيران" من قبل اليمين الجديد الذى لاتخفى روائحه النازية والذى يفقد فى هذه الحالة زخم الحادى عشر من سبتمبر الذى تم استنزافه فى العراق وتفكك فزاعة الإرهاب التى تكاد أن تصبح أضحوكه
--------------------------------------------------------------------------------------------------
مقارنات
رمضان منذ ما يقارب مئتى عام
وشهر رمضان هو أهم الأوقات التى ينغمس فيها المصريون فى المسرات ومختلف ضروب اللهو، فهو فى مجموعه شهر صيام وشهر مهرجانات. وقد يبدو من الغريب أن يختاروا مثل هذا الوقت للقيام بممارسات متناقضة: التوبة وتطهير النفس من ناحية ،والملذات من ناحية الأخرى،ولكن،فلعل المشرع قد أراد بذلك أن يخفف من وطأة تلك التوبه المهلكة فعمل على أن تصاحبها أوقات تخصص للمسرات (كذا!) إذ يستطيع الناس بشكل أفضل أن يتحملوا من ضروب الحرمان تلك التى تعقبها المسرات والملذات، ------ ويرى المرء فى هذا الصوم حمالين يسيرون -كما فى الأيام العادية- وهم يحملون أحمالا ضخمة أو يعملون بطريقة شاقة أطول وقت من النهار ،ودون أن يرطب حلقهم الجاف قطرة ماء ودون أن يتناولوا وجبتهم الصغيره المعهودة لتنشيط قواهم التى هدها العرق والتعب. ولكن ما أن ياتى المساء حتى يتغير المشهد،إنهم لم يعودوا نفس الرجال ،فالليل بطوله ينقضى فى الولائم وضرب اللهو والفجور.فى النهار يفعل كل امرىء قدر طاقته كى ينهى أعماله بسرعة ليخصص بضع ساعات للنوم فترى الفلاح راقدا بالمثل تحت النخلة بعد أن أنهى فى فترة الصباح عمله وترى التاجر يرقد على بنك دكانه والعامه ممددين فى الشوارع بجوار جدران مساكنهم بينما الغنى راقد بالمثل . نعسان ينتظر على أريكته الفاخرة الفتره التى تسبق غروب الشمس----- وأخيرا تأتى تلك الساعة التى طال أنتظارها فينهضون على عجل ويهرع كل امرء للحصول على مكان مرتفع وتتجمع النساء فى شرفات منازلهن ليرين حركة أختفاء الشمس ، وتبدأ الشمس تشحب رويدا رويدا ويتأكل قرصها ليختفى وراء الأفق وتنمحى والناس فى مشقة الأنتظار------ حتى أن العامه وسكان القصور والقابعات فى معاقل الحريم وكل هؤلاء يحيون بصوت جماعى، تلك النهاية التى تلكأت طويلا---- وتعلن الأغنيات الجذلانه حلول وقت المسرات ووقت الطعام، وتدوى فى كل المساجد أصوات المؤذنين الجادة تنادى الناس للصلاة، وتحدث همهمة واضطراب عام فيتفرق الناس على الفور، وتنفض الجماعات ويتبعثر المتجمعون إما إلى المقاهى وإما إلى البيوت والمساجد والميادين العامه،ويأكل كل امرىء بشراهة،ويقيم الأثرياء مآدب باذخة ويقدمون للفقراء فضلات موائدهم ويقدم الطعام للجميع بلا تميز،لكل الحاضرين،وهذه العادة،الحميده بلا شك،تطبق فى كل ولايات السلطان. ويعقب الطعام الأحتفلات والألعاب. وتسيطر الخلاعة الجامحة على كل ضروب اللهو فى ليالى الفسق هذه، وتظل المساجد مضاءة حتى بزوغ النهار، ويقض أفاضل الناس ليلهم فى حديث الرواة والمنشدون يقصون بحماسة ملتهبة،مغامرات عجيبة تخلب الألباب بطريقة فريدة،ويهرع البعض إلى الحمامات ، فهناك على وجه الخصوص تزدهر الملذات وتتم لقاءات الغرام، والعاملون بالحمامات المعتادون على هذا النوع من الأمور،هم على الدوام عصب هذه المغامرات العاطفية، وهكذا ينتقم الجنس من سجانه وطغاته، ولكن ينبغى أن تحاط مثل هذه المغامرات باكبر قدر من السرية وإلا فإن غضب الزوج المطعون فى كرامته لن يعرف حدودا ويمكن القول إن الميادين العامه الأماكن التى تعرض فيها اكبر مشاهد الدعارة والفسق مدعاة للخجل فهناك يقدم بعض الحواة والمشعوذين مشاهد شهوانية تنتهى بلوحات بالغة الأنحطاط والفظاظة تشكل فسادا مدهشا للتقاليد ، والممثلون الرئيسيون فى هذه اللوحات هم على الدوام شيخ وطفل وبرغم ذلك : فلو أننا حكمنا على تقاليد الأمه بأكملها عن طريق الميل الذى يبدية أبناء الشعب عادة نحو هذه العروض، لكونا بالتأكيد فكرة خاطئة وظالمة ،فمثل هذه العروض،الماجنه لا تجذب إلا السوقة والرعاع،ومثل هؤلاء الناس فى كل مكان،نهمون لرؤية مشاهد الغلمة والفسق بكل عريها لكن ما يدعو إلى الأسف حقا هو أن تسمح السلطات بمثل هذه العروض. بل أن مباهج رمضان تصل إلى معاقل الحريم ففى رمضان يسمح للسيدات باستدعاء العوالم وبعض الموسيقيين،ويجلس الزوج باسترخاء ولامبالاة على أريكته،ومبسم أرجيلته فى فمه،وإلى جانبه أحب زوجاته إلى قلبه ليستمعا بمتعة شديدة إلى أغنيات العوالم وصوت الموسيقى،ويحيط الزوجين بعض العبيد،واقفين من حولهما أو جالسين القرفصاء على حصيرة. ولابد أن يبدى المرء إعجابه بذلك التمثيل الصامت (بانتوميم) للعالمة الشابة وهى تصور فى خلاعة وشهوانية الصراع بين الفسق وبين العفة، ويحيط بقامتها الرشيقة حزام معقود برخاوة،يبدو كأنه الحاجز الوحيد الذى يصد عنها هجمات الحب. وتعود لتعقد من جديد برخاوة أيضا كلما بدا أنه قد بدأ يستجيب من جديد رويدا رويدا. عندئذ تنتبه العفة فجأه بعد أن نومتها الشهوة، فتعقد الراقصة الحزام من جديد وبنفس الرخاوة ويتخذ الرقص مظهرا أكثر جدية ووقار. لكن ذلك يخلى مكانه مرة أخرى لحيوية الإحساسات والشهوة التى تبدو العالمه فريسة لها ---- وتتجدد نفس الظروف وتضعف العقده الرهيفة التى تحول دون الحب وتعقدها الراقصة من جديد ،لكن الحب ينتصر ولا يعود أحد يعترض على أنتصاره وتستجيب العالمه فى النهاية لعواطفها،فتبطىء من حركتها وتبدو غارقه فى هيام لذيذ ويصفق الحاضرون لها بحماسة وإعجاب ويحدث تمثيلها الشهوانى الصامت أثر يفوق الوصف على مشاهديها، وبخاصة الزوجة فتخرج عن طورها – كما شاهدنا ذلك عدة مرات- متأثره بتلك الرقصه الشهوانية .فتصل صوتها بصوت المغنبن وتقلد حركات العالمة
من كتاب وصف مصر
الدولة الحديثة مقتطفات من ص191الى ص195
دراسة فى عادات وتقاليد سكان مصر المحدثين
تأليف ج. دى شابرول ترجمة زهير الشايب