- الثورة فى الأرض كالعبد الصالح مع موسى قال له لن تستطيع معى صبرا وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا أى كيف تستيطع أن تفهم العجب بدون أن تعرف السبب، فهى كرسالات السماء تأتى فتهدم القديم وتنشىء الجديد ولكل قديم سدنه وفلول ولكل جديد شهداء وشهود
طبيعي الا تتوقف محاولات وئد هذه الثورة والاحاطة بها ومحاولة تفكيكها ، فكل ثورة بحجم شعبها وقيمته وهذا شعب منذ فجر التاريخ وهو يواجه الاستبداد والطغيان والفراعين وراء الفراعين والمتربصين به فى كل عصركثرُ، وهذه هى أكبر ثورة شعبية فى تاريخ مصر منذ 2000 سنة قبل الميلاد ومن يشكك فى هذا فليعود الى المراجع المتوفرة وينظر فى تاريخ هذا الشعب .
الثورة لاتنتظر من أحد قصاص لشهدائها ، فهى بذاتها قصاص من التاريخ وهى حاصله على قصاص شهدائها يقيناً فهو سيف مسلط على قاتليهم لن يزول الا بزولها وهى باقية ومستمرة حتى تحقق كل وليس بعض أستحقاقتها، ولن يحصى شهدائها ولن يتوقف بزل الدماء لها الا حين يحقق الشعب لأول مرة فى التاريخ خارج هيمنة أى فرعون إرادته ابإسقاط هذا النظام العميل المحمي عالميا والممول أقليمياً فالثورات لاتساوم ولا تبالى منذ أن أنطلقت هذه الثورة والعالم ينتظر نهايتها ومآلها، ليس أعدائها فقط ولكن المؤمنين بها أيضا بين أشفاق وتشكك وتعجب وكأنها تتلاعب بالوعي وتكيد ،
هذه الثوره لاتتوقف عن أثارة الدهشه تلو الدهشة وفرضت على العالم والنظام منها موقف المترقب فى البداية ، وعندما أضطر النظام أن يدافع عن نفسه لم تجد بؤرة محددة يسحقها وينهى بها ما يظنه الى الآن مجرد أنتفاضة ، وبحساب الزمن فإن سنوات هذه الثوره أحدثت فى الشرق الإوسط زلازال سياسي لم يخمد ولا يعرف أحد على وجه الأرض كيف سيلقى بكتل حممه البركانية ؟وأين؟ ومتي؟
أن واحده من أسباب فشل المشروع الامريكى فى العراق رغم توفر أحدث الاسلحة في العالم وكل الامكانيات والدراسات والخطط والاموال اللازمة والقوى البشرية المدربة والمرتزقة المحترفون والمعلومات الاستخبارية كان هو الجهل . الجهل الحقيقى بشعوب هذه المنظقة .
نخب فاقده للهوية سقيمة الوجدان ومزعزة اليقين
كان تعامل قوى الهيمنة مع المنطقة بنظرية الأرشيف اعتماد على نظم تعطى لها أكثر مما تحتاج ولا أحد يدفع ثمن شىء حصل عليه بالفعل ،لم تكن تتمثل لها هذه الشعوب الامن خلال نظم طغيان تستبد على رأسها كل منها عميل و نخب خاضعة تماما للآخر الغربي تنشد أعترفه ومستلبه تحت آفق خطابه بحداثة ملفقة تفتقر المنطقة لوسائلها فضلا عن أنها مغايره لنسقها وبحمل معرفى مستأصل من منابته شديد الهشاشة والارتباك ويتبى مكائد تحبط أى محاولة للشروع فى التشكل خارج رؤيته وتجهضها وتجهلها ما جعله خطاب فجيعه يوهم أنه يتجاوز ويقطع مع القديم البالى ولكنه فى الحقيقة يتماهى مع كل وسائل الاستبداد التى تمارس مع الشعوب بسب طبائع الاستبداد المتأصلة فى ذاتها والتى شكلت كيانها على مدى أحقاب من القهر والبطش والدم والاستباحه المقننه بالعرف مرة وبالقانون كثيرأ وخارجه دائماً ، هذه الثورة قامت بالقصاص أولا من النخب التى أكتشفت فجأة قبل أن يكتشف غيرها أنها لاتعرف شعوبها ولا تستطيع تفسير ما حدث ولا التخمين بما سيحدث فتساوات مع جماهيرها أمام الحدث ، وكلما أوغلت الثورة فى تعريتها وفريها وخلخلة ثوابت دولة المخلوع كلما سقطت أقنعة الحكمة البالية وأنكشفت أبواق الدعاية المقنعه وتهاوت احابيل الحواه
الثورة قدر شعب إراد الحرية
أن القتل الهمجي والثأر الشخصى ليس فعل ثورة فحقيقة ما يحدث هو مجرد ردود فعل متخبطة بغرض مقاومة مسارها وكل مقاومة لها لاتزيدها الا رسوخ، وهى فى هذا مثلها مثل كل الظواهر الطبيعية أثارها فى محيط فعلها قدر من يتصدى لها على عقيدته فيها سواء كان مؤيد شهيد لها أو مقاوم ضحية لها ، الثورة فى أندلعها تهدم الثوابت الفارغة من القيمة مثال الفرعونية الصريحة التى كانت تحكم البلاد فقد كان مقام الفرعون بالأساس هو الهدف لاشىء شخصى هنا فالمقام بذاته ملعون ومستبد، وفى هذا الشأن على سبيل المثال أحدثت الثورة قطيعتها كاملة فلا فرعون بعد المخلوع، وهى تسير فى مسارها مع كل أوتاده تنزع بالاساس حجاب القداسة الوثني الزائف للمؤساسات وعلى رأسها القضاء إذ كيف يكون قضاء مستقل فى دولة عميلة فاسدة قد تكون نصوصه قانونية ولكن هذه النصوص عرضه للهوى والتلاعب والانحياز والتعنت وكل ما يفعلة البشر بالنص من كيد ،وفى كل الحيل التى يحاول بها النظام تكبيل الثورة ترتد حيله ومكائدة على شبكة مؤساسات دولته الفاسدة أما أدوات قمع النظام فهى سقط متاع .وليس لها الا أن تطهر وتلقى عقيدتها فى سلة مهملات التاريخ بمجردأن تصل كرة السلطة لحكومة ترضى عنها الثورة تستجيب لإرادة الشعب.
الجماهير والثورة
الثورة لها كيدها وعيونها و اياديها فى كل شبر فى البلاد والجماهير تصيب ويخطىء ، وهى هدف للنظام المستميت على السلطة فالى جانب جماهيره من الفلول وبالحرب النفسية الممنهجه قد يخدع قطاع كبير من الجماهير التى تتأول الثورة وتخطىء مسارها بعض الوقت ولكن هذا سرعان ما يتلاشى على وقع البداهة الثورية وحقيقة عجز النظام للاستجابة لاستحقاقات الثورة وأولها محاكمته لهذا سيظل النظام فى محاولات مستميته لتفكيك تلك البداهة الثورية برفع فاتورة تكلفتها وزرع اليأس فى قلوب الجماهير بالتلاعب بنظرية الفوضى وسقوط الدولة رغم علمه حقيقة أن مصر بالنسبه لقوى الهيمنة أكبر من أن يتحمل سقوطها النظام العالمي سواء بقى النظام أو ذهب
والجماهير بطبيعتها متعجله والثورةليست فى عجله فهى لم تأتى من اعماق التاريخ حامله تراكم من المظالم لاتحصى ولاتنزلت من السماء قدراً على عجل ، لقد تشوقت اليها أجيال وراء أجيال وتمنت أن تعيش فيها دقائق وتشتشهد فى سبيلها فللثورة مواقيتها وهى من يتحكم فى الزمن بعد أندلعها لا جماهيرعاصمة يتأفف سكنيها من كسرالثورة للحواجز الاجتماعية بين المركز والهامش أوتشوق طبقه متخمة الغنى من التخلص من رائحة الشعب ولا طبقه أخرى مغتلمه لممارسة ساديتها وسلطتهاعلى خلق الله
الثورة وفعلها الجوهري
لكل نظام خطاب تكمن فيه بنيةممكنه وحافة مستحيله والثورة كوسيلة لإسقاط النظام تقوم بتعريته قبل تفكيكه ففى خطاب أى نظام يتشكل (الرأى )الذى هو اساس الحكم فيه وكان (الرأى) المعارض قبل الثورة أفق ممكنه السياسي هو رفض التوريث من جهة ومطالبات بالاصلاح من جهة ثانية وأقصى اليسار أنهاء معاهدت كامب دفيد والخروج من فلك الولايات المتحدة كدولة عميلة تنفذ لها ماتريد فى الاقليم.
وعلى سبيل المثال الممكن السياسي لحركة الضباط الاحرار تكشف لهم تدريجيا ولم يكن قد ورد على خاطر الضباط عندما قاموا بحركتهم أسقاط الملكية وقيادة البلاد ،وكل المشاريع التى نفذها نظام جمال عبد الناصر كانت مشاريع تمت دراستها من حكومات فى عهد فاروق وقبل قيام انقلابه وعلى رأسها قانون الاصلاح الزراعي ولكن حكومات العهد الملكى لم يتوفر لها الممكن السياسي ولا الإرادة السياسية لاتخاذ القرار
الخطاب الثوري فى 25 يناير لم يخوض فى تفاصيل المستقبل ولكنه عبر عن إرادةالشعب اسقاط النظام كعتبه للمرور الى المستقبل لأن الشعب هو بذاته سيد قراره وصانع السلطة وصاحب الشرعية التى ستتشكل تحت إرادته وحجم تحقق هذالإرادة هو بالضبط حجم تحمل الشعب لنتيجة خياره فالشعب هو الوحيد الذى يستطيع أن يعبر للمستقبل لاأى نظام وهذا لن يكون الا تحت أجماع شعبى كاسح ومستعد للتضحية فى سبيل تحقيق إرادته على قلب رجل واحد وهذه وحدها قوة الدفع اللازمة والوحيدة للعبور للمستقبل وسبيلها عقد اجتماعي يحسم مرة واحدة ونهائية وسيلة تدوال السلطة
فالسلطة فى هذا الظرف التاريخى مسؤولية وجودية فى مواجة العالم يسؤال من نحن وماذا نريد مستحيل أن تقوم بها أى حكومة غير معبرة عن اجماع شعبى يمثل معظم الناس ، لا تحت هيمنة الاستقطاب ...وهنا كانت بالضبط الحلقة التى بدأ منها النظام ثورته المضادة ففى قناعته أن الشعب فى حالة فورة تستوجب التحسب وتحتاج وقت منه للسيطرة وأعادة التقيم عندما أدرك أنه لاقبل له بالوقوف أمام إرادة الشعب كانت الثغرة الأولى هى الاستقطاب حول الدستور التى ترتب عليها أنتخابات تحت إذعان بين شفيق ومرسي فإذا فاز شفيق حدث الاستقطاب وإذا فاز مرسى حدث الاستقطاب والاستقطاب كان الضامن الاساسى للنظام لاحتياج الفائز لكل أدوات الاجبار فى الدولة
العدو الاساسي للثورة
تواجه الثورة فيما تواجه خطاب تطبيع التبعية ، وجوهره "الفهلوة" ربا بعد سنوات الإنفتاح وهيمن وأقتلع مجموعة من البدهات والقيم وثبت أخرى وأستبدل العدو بالصديق والصديق بالعدو في مرحلة زمنية صاروخية وأعاد صياغة رؤية مصر لنفسها والعالم . وجوهر رؤية الإنسان المصري لذاته التى كان فرعونه نفسه (يبحث عنها "البحث عن الذات "). هذا الخطاب للأسف ليس له تعريف دقيق ولكنه قائم على ثلاث دعائم الإستهتار والإدعاء .والتسويف. وهذا الخطاب تغذية شوفانية ساحقه تستند على ماضى حضارة ماتت وكأن الشعب المصري أنجز بها مهمته فى التاريخ الى يوم القيامه خطاب عقيم ولامبالى وهو خطاب ، مهيمن تقريبا على معظم آليات التواصل وسبب هذا يمتد بجذوره لجوهر النظرة للحياة وجودياً فبدلا من سؤال من نحن وماذا نريد ؟ قام السدنه بتحنيط الوعي عند قد كنا وهذه أثارنا ولا مزيد !! وهذا الخطاب هو المسؤل الأول عن بنية الفساد ووقودها الدائم لأنه يسوف المسؤلية ويصادر على المطلوب ويستمرأ الدقه ويعشق التعميم والثروة فيه هي قدس أقداس القيم ومنتهي الغاية والوسيلة وكان هو تقريبا جوهر خطاب نظام المخلوع وهو الآن في هذه اللحظة يسلاحه وثروات طبقته وسدنته رأس حربة الثورة المضادة و أكبر أعاقة على الأطلاق أمام الثورة المصرية والسد العالى فى مواجهة أى محاولة "جادة " لصناعةمستقبل وكل من يحاول الإنتقال من الحالة الثورية الى بناء شرعية المؤساسات سيغرقه هذا الخطاب في بحر من العجز والشلل لانه هو بذاته الحجاب الكثيف الذى يحجب القدرةعن تكوين أى رؤية للعبور الى المستقبل
في بعض ما يحدث فى مسار الثورة نرى الثورة تعري مواطن الشروخ داخل بنية الدوله الحديثه التي تأسست بعد 23 يوليو. على و سبيل المثال تكشف لنا أن المقاطعة والعزلة التى فرضها الإقليم العربي ضد نظام السادات عقب زيارته لإسرائيل - سواء كان الهدف حينها تصفية حساب قديم مع 23 يوليو، أو طمعاً فى وراثة دورها الإقليمي، أو تشفى الصغير فى ذلة الكبير وخطأ حسابه- فإن رد السادات عليها بتفعيل خطاب فرعونى منسلخ عن العروبة ومتعالي عليها "بأحنا حضارة السبع ألف سنه وانتم العرب الأجلاف الحاقدين". تفاعل هذا الخطاب الشعبوي مع جماهير مستلبة بوهم وعود جنة الانفتاح محدثاً شرخا فى الهوية امتلأ بشوفنية وطنية ضد تاريخ مصر نفسه، أصبحت فيه الدولة السياسية لا التاريخية هى الوثن الأكبر وكاهنه هو الفرعون نفسه الذى يوزع صكوك الوطنية على الناس بحيث أن من يهاجمون سياسته ورؤيته أصبحوا يهاجمون مصر. وأصبح للوطن كما للعمله وجهان: أحدهما أي معلم مشهور هرما كان أو أزهر أو نيل والثانى وجه الحاكم وحده الذي يصبح هو الدولة وله نفس قداستها. عندما كسرت ثورة 25 يناير المقام الفرعونى بدأت بوادر تفكك خطاب الشوفنية العنصري وبدأت تسترد الهوية المصرية عافيتها وتلتئم شروخها ودورها ليس فى الإقليم ولكن فى العالم كله، وها هو أكبر أوتاد الفرعون بانقلابه على الثورة يحاول ترميم طقس الكهانة بديلا عن الفرعون بوصم من يخالفه فى الداخل بالخيانة للوطن والعمالة و يجعله كافر بالوطن مستباح الدم وخارج عن الملة، أما من يخالفه فى الإقليم بالحقد والعمالة والجلاف ة وعلى خذا الخطاب يعول السيسي مدير إدارة المخابرات الحربية والاستطلاع طوال مرحلة الثورة وأصغر أعضاء المجلس العسكرى سناً وقائد الانقلاب.
معالم الخطاب الثوري
فى حين يتنزل الخطاب الذي يتشكل على هامش الثورات العربية كخطاب متماسك لا ينطلق من نظرية فلسفية تجادل ولكنه يقفز مباشرة الى الواقع فى صراع ملحمى يتلقف المراقبين نتائجه وعندما يلتقطوا خيوط نظريه له سيكون غير الواقع نفسه لانه كان واقع موهوم وهو فى صراعة لا يقد م الجديد الا فى صناعة الحدث ولكنه ينقب وينفض الثوابت الكامنه فى ضمير شعب خرج على العالم يعلن أنه حر ، وأنه سيسقط النظام وهى قناعة تشكلت فى عمق تاريخي غير مرصود وبتراكم شديد الكثافة يتجلى فى الفعل لاالقول و"الفهلوة " أن اتساق هذه الثورة يكمن فى بداهة مطلبها لأمة حقيقية لها عند الزمان حق ولكنها كانت تفتقد لوسائل زمانها وصادفت هذه الثورة شعوب عربيةشابة تبتدع بصحوها وسائلها خارج الكتاب النظري للتاريخ السياسي وستدخل بثورتها عنصر جديد قد يقلب المعادلات السياسية فى العالم رأس على عقب ويعيد للشعوب لعب دورها فى النظرية السياسية على اسس جديدة ويفكك تلك المنظومة التى كرست الدولة كأطار تحول شىء فشىء الى قفص للشعوب وحقل تحكم شديد الجاذبية تحتكر فية الدولة العنف الى جانب الرؤية من خلال وسائل صناعة الموافقه ، لقد تراكم للإجيال هذه وهو الوعى الذى تلقت به ثورة الشعب أجياله الشابه وعى خارج مؤساسات الدولة وهيمنة الإسرة وعي متجاوز تعددت مصادره وتنوعت خارج أى ايدولجيا مؤسسية أن ما يحدث أعقد بكثير من أن تسيطر عليه النظريات التقلدية لأخضاع الشعوب ،يقول سلافوك جيجيك عندما أذهلته الثورة المصرية : أكثر ما يزعج مثقفي الغرب الاعتراف بأن ما نراه هو ثورة عربية اصيلة أرى في الثورة المصرية انطلاقة تمرد الشعوب العالمي، وفيها ايضا تتحدد هويتنا جميعا، وبقدروضوحها توضحنا، ولا تحتاج لتحليلات محللين اجتماعيين أو سياسيين
مصادر الخطر وخريطته تاريخياً
(هناك دائما عدو متربص بمصر يتمنى ويعمل على سحقها ويرى فيها موطن الخطر ومكمن القوة ومفتاح المنطقة ثمة كان الصليبيون والمغول فى العصور الوسطى ، ثم كان الانجليز منذ محمد على( هل نضيف الولايات المتحدة اليوم ؟) جمال حمدان....شخصية مصر الجزء الثاني
تاريخ مصر الحديثة ،مثلا ،ليس فى رأى البعض الامحاولة مستمرة من جانبها لأقامة قاعدة قوة ذاتية مؤثرة ، تقابلها محاولة مضادة من جانب القوى العظمي مجتمعه أو فرادى لأجهاض تلك المحاولة وإحباط قاعدة القوة المصرية وخلال هذا الصراع أو المبارزة الاستراتيجية كان تكتيك مصر هو لعبة التوازن بين تلك القوى ومضاربتها ببعضها البعض وذلك على شكل تحالف مصر دائما مع الدولة العظمى الثانية ضد خطر الدولة العظمى الأولى) جمال حمدان نفس المصدر ص695
ان تحسب قوى الهيمنه فى التعامل مع هذه الثورات ليس تحسب الحكيم ولكنه تحسب العاجز وهذا ما لاتستطيع تخيله خطابات التبعية بوعيها الزائف
المسارات والمدارات
مسارات هذه الثورات كما تتبدى تتخلل كالشمس كل شىء يتنفسها الناس صباح مساء وهى فى مدارتها لها موجات قبض وبسط وفعلها يتجلى فى ثلاث مسارات أحدهم داخلى وهو غارق فى التفاصيل اليومية ويواجه كل الأليات الممكنه للسيطرة وعلى رأسها الأعلامية وكل وسائل صناعة الموافقة وأدمة الاستقطبات والتحكم فى الأقوات واحتباجات المراكز فى الدولة ، وأخيراً كى الوعي كأخر الدواء بالمجازر المحمية دولياً عندما توشك الأمور على الانقلات
ثم مسار أقليمى بكل ما لمصر لها من تأثير ووزن تاريخي ووجداني فى ضمير الأمه وهو يدار في كل بلد فى الاقليم بحساباته السياسية وعينه معلقة بمقدارت الصراع الملحمى بين الشعب والنظام وهذا المدار فيه مصادر التمويل الموجهة لتغليب وتوفير الدعم وكله بإذن أمريكى سواء من قطر وغيرها أو من السعودية وتوابعها يوجه للقوى التى تتصدى لتدجين هذه الثورة بحصص تقرر سلفاً ويؤذن لهم بها وبتعاون كامل مع أجهزت المخابرات فى كل الدول التى كانت لها مصالح مع النظام وعلى رأسها تل أبيب
ومسار ومدار عالمى يقيادة وأشراف الولايات المتحدة بكل نفوذها فى العالم وفيه تنتهى خيوط المسارات كلها ومركز المراقبه والترجيح فالولايات المتحدة ليس لديها فى هذا الأمر خيار خسران لهذا الموقع فى العالم مهما كانت الاسباب وهذالامر يتخطى مصر الى مصالحها فى كل منطقة الشرق الأوسط وهذا هو تفسير هذا الحذرالشديد فى التعامل مع الثورة المصرية وفى ذاكرتها صراع طويل بسب أخطاء فقدان النفوذ فى أيران
العقبة الجديدة
ولكن ما هى العقدة وما هى مآلات الثورة التى يخشى منها العالم أو المعادلة التى فرضتها ثورة هذه الشعوب ؟ أنها ببساطه دخول الشعوب فى تركيبة صنع القرار السياسي بديلا عن النظم عن طريق الديمقراطية مثلهامثل شعوب العالم هذا هو المأذق على الحقيقة التى تواجه مصالح القوى المهيمنه وهى مصالح فى جوهرها أقتصادية وهنا ضراوة المقاومة
وضمير العالم المدنى مازل يتململ من الذريعة الاساسية لعمليات الأبادة والاحتلال التى سميت خطأ حرب العراق هى نشر الديمقراطية لشعب يتعطش لها ويحجبها طاغية والمجتمع والنظام الامريكى لايزال يعانى على جميع المستويات من فواتير الحرب على الارهاب وتبعاتها وأثرها على صورته كنظام فى الداخل وهيبته فى العالم
هذا الى جانب الآزمه الاقتصاديةالتى مازلت تلقى بشبحها على العالم فهناك على المستوى الاستراتيجي صراع مع الزمن فى تصفية القضية الفليسطنية عقدة الشرق الأوسط الكبيرة بعد أن تكامل الطوق حول حل إذعان نهائى توافق عليه السلطة فى رام الله ويدعم من كل دول المنطقة وتدمج اسرائيل فى منطقة الشرق الأوسط كأمبراطورية عسكرية مهيمنة تحتكر التكونولوجيا والسلاح الذري وكل اسلحة الفتك والدمار من ناحية ووسيط أقتصادي عالمي لثروات المنطقة وتسويقها فى العالم
تاريخ الثورات الحديث فى مصر
(تاريخ الثورات الحديثة فى مصر بدأ بثورة مسلحة وطنية طبقية كادت تصل إلى فكرة الجمهورية وأوشكت أن تنجح لولا الاحتلال الاستعماري عام1882 الى ثوة شعبية تاريخية عارمه 1919 ) حتى حركة الضباط الاحرار التى قامرة عليهاالجماهير كثورة بعد فشل العدوان الثلاثى 1956
(والواقع أنه منذ الحرب العاليمة الثانية وردا على شرور الطغيان التى استشرت واستفحلت ، وبدأت الآراء والمذاهب الاشتراكية وظهرت الدعوة الى الاصلاح الزراعى وتحديد الملكية ، غير أن النظام الرجعي أجهضها جميعا بشراسة ،وفى الخمسينيات جاءت انتفاضات الفلاحين الدموية ضد الاقطاع الزراعى الذى قمعها بوحشية في بهوت"غربية" والغراقة والسرو "دقهلية" وكفور نجم "شرقية"– لاحظ الموقع الجغرافى في معاقل الاقطاع والملكيات الضخمة في شمال الدلتا- جاءت ارهاصا ونذيرا بالثورة الشعبية الكاسحة ، تلك الثورة التى تنبأ بها الكثيرون والتى سلم بحتميتها الجميع فيما بعد ، لولا أن سبق يوليو فقطع عليها الطريق ، لقد وصل الطغيان الاقطاعى الى قمته – وربما الى نهايته) جمال حمدان شخصية مصر الجزء الثانى ص580
وثورة 25يناير 2011 تنفرد عن كل ما سبقها من ثورات فى التاريخ بمسحة رسالية ووجودية بالاساس أنها اختراق شعبى لانسداد كل السبل للصعود من قاع التاريخ والانطلاق للمستقبل ضد نظام جمع بين الظلم الاجتماعى واستباحة الناس والعمالة والفساد فى ظرف تاريخي ملائم عالمياً وأقليمياً
معادلة الثورة والزمن
هناك أختلاف ومفارقة فى قضية الزمن بين الفرد والنظام والشعب فسنوات قليلة فى عمر الفرد تحدد مصيره وقد تحسمه وبالنسبه للنظام فساعات قليلة من الممكن أن تهدمه أما الشعب فهو الزمن ذاته والكيان الحى لوجود الامه وعشرات السنين بالنسبه للشعب هى دقائق
الثورة بالاساس خلخلة فى الزمن وما قد يتحقق فيها فى أيام أثره على الشعب يمتد عشرات السنين فهى حجاب بين زمنين وفصل بين خطابين ما قبلها وما بعدها والزمن فى الثورة هو جوهر فعلها فهى ضد الواقع الذى تندلع فيه فالزمن بعد نسبى من ابعاد الوجود وهذه المنطقه بالحساب النسبى للزمن ليست معاصره أنها تعيش بمعظم من فيها خارجه وعلى هامشه بلأساس ولازالت تلاحقه منذ مئة عام أو يزيد
وهذه الثورة هى الشىء الوحيدمنذ آمد الذى يضبط العالم ساعته عليها فى هذه المنطقة بالدقيقة والثانيةأجبرته على ذلك بحكم مصالحه التى لاتدرى معظم هذه الشعوب عنها الا تخامين واساطير ولا تملك من الحقائق عنها الاما يفصح هو عنها بحكم قوانينه المدنية المشرعة لحق المعرفه التى تفرضها نظمه على حكوماته ،ويكشف بموجبها للباحثين عن اسرار الدولة بعد ربع قرن ولم يدر فى خلد واضعى هذه القوانين أن ربع قرن فى الشرق الاوسط قد يكون بعض سنوات حكم الطاغيه فيه ، أن التعامل مع هذه الثورات على أنها شأن داخلى هو وهم هذا الانقلاب الكبير حتى لو كان يمتلك كل الأضواء الخضراء من قوى الهيمنه فى العالم