واستولت أفعال البشر على عالم الحوادث بما فيه،فكان كله في طاعته وتسخره. وهذا معنى الاستخلاف المشار إليه في قوله تعالى:{اني جاعل في الأرض خليفة} . فهذا الفكر هو الخاصية البشرية التي تميز بها البشر عن غيره من الحيوان. وعلى قدر حصول الأسباب والمسببات فى الفكر مرتبة تكون انسانيته
هامش
أبو زيد عبد الرحمن بن محمد بن خلدون (808/1406) ،كتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر: مقدمة أبن خلدون،7ج،ط3 بيروت:دار الكتاب اللبناني،الباب6،الفصل11:"في أن عالم الحوادث انما يتم بالفكر"ص839-840
14 comments:
فيما النصوص تبحث عن أزمنتها، هل يمكن للبشر أيضا؟
هل يجدى؟
خالص تحياتى
العزيزة بعدك على بالى
التحية والتقدير والأحترام
من ديوان بوابة الوداع
هذا زمانك
هذا زمانك فارتبك
زمن يميت القول فى شفتيك
زمن يمص الضوء من عينيك
زمن يزيل الفهم من رأسك
زمن ارتحال
فلا تنظر ورائك أو أمام يدك
اختر لبصرك ما تريد
اختر لرأسك ما تريد
واعلم بأن فى اختيارك ما تريد
ما قد يميت ما تبقى فى يديك
واعلم بأن العلم فى هذا الزمان قد ارتبك
واعلم بأن الخير فى هذا الزمان قد ارتبك
واعلم بأن الشر فى هذا الزمان قد ارتبك
هذا زمان الشك
هذا زمان الفك
فإن تك مرتبك
فالمجد لك
خالص تمنياتي
بعدك علي بالى
تحية وتقدير
عودة الى سؤالك الذى الذى هو في الحقيقة إجابة، فالنص أي نص يظل معلقا فى فضاء الفكر حتى تُفعله الإسئلة وسؤالك عن الجدوى يشكل ظلالا لها، لقد استدعى هذا السؤال كلمات من بوابة الوداع كتبتها في منتصف الثمنينات وقد تكون استقرت داخل الوعي قبلها بسنين حتى وجدت منفذ لها وثغرة، وها هو سؤالك يستحضرها كتحية للتواصل الشفيف الذى لايفوته" معنى الحضور" وفي محاولة للتفكيرفالنصوص تبحث عن أزمنتها " وهناك من الناس من" يبحثون عن نصوصهم خارج خطاب زمنهم " فلا عجب إن صادفوها أن يعرفوها كما يعرفون أبنائهم ولا ينكرونها، فالنص ينتعش بالتساؤل الذى يسكن متنه و يبعث النص بفعل القراءة وهذا النص عبارة عن تواصل مع ما سبقه من نص تحت هذا العنوان فى هذه المدونة" وبالتحديد عن سؤال تولد من المناقشة حول معنى "نصوص تبحث عن أزمنتها" وهوما قلت فيه :( هل يعقل أن الإنتاج المعرفى لأبناء هذة الأمة عجز عن إدراك عللها على امتداد المئة عام الأخيرة؟ هذا هو السؤال المركزى الذى خطر لى عند قراءة هذا النص لأول مرة ولا زلت أبحث فيه وأتأمل وقد يكون موضوع لتدوينة قادمة) انتهي، وفى إضاءة للنص أرجو ألا تضيق وسع الرؤية فيه، فنص ابن خلدون موضوع هذه المدونة هو كلمة الختام فى أطروحة دكتوراه للمفكر الدكتور أبو يعرب المرزوقي بعنوان" إصلاح العقل في الفلسفة العربية من واقعية أرسطو وأفلاطون إلى إسمية ابن تيمية وابن خلدون"، صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية سلسلة اطروحات الدكتوراه (25) ط ثانية:بيروت أغسطس 1996
العزيزة بعدك علي بالي دامت لك القدرة على نسج السؤال الذى يضيف للرؤية ويضيىء جوانب النص .
أستاذنا الفاضل
كنت وسأظل مؤمنة أن فى الشعر خلاصةالقول
الصمت فى حضرته قانون
معه تنطلق عصافير الدهشة لتحلق فى سماء أكثر رحابة رغم مرارة ما تسجله الحروف (أحيانا كثيرة)
فتحية لتلك الابيات الهاربة من كل الازمنه
عودة للنص
بين الأسئلة والإجابات تظل الرؤية حائرة أو كما تفضلت بالإشارة تظل معلقة فى فضاء الفكر قبل ان تجد أرضا تحتويها وشعوبا تؤمن بها وتجتهد فى تفعيلها، وهو ما يصل بنا لسؤالك حول عجز الانتاج المعرفى عن إدراك العلل..
فالعلل كما أرى ياسيدى يدركها العقل ( أكثرها) ولكنه يفشل فى إيجاد حلا لها سواء عجزا، قهرا، سهوا .. عمدا .. لا فرق أتصور، فالمحصلة واحدة فى النهاية وتصل بنا لما نحن بصدده الأن ، و لهذا كان سؤالى عن البشر .. فهم منتجى النص وصانعى زمنه وهم أيضا مفسديه .. وانا وغيرى نحلق بعيدا عن هذا الزمن.. بعضنا يملك نصه والاخر يحارب من أجل زمنه.. المؤكد أن الحابل إختلط بالنابل، والأسئلة تغيرت...أم تراها الاجابات هى التى تعطلت...
لا أعرف لماذا يحضرنى الان أخر مشاهد فيلم "الرقص مع الذئاب" حيث يجلس الهندى العجوز على قمة جليدية شاهقة البياض، متدثرا بالفراء والحكمة ، على يقين من المصير المأساوى الذى سيحمله القادمون البيض لقبائل الهنود الحمر...
الأن أدرك أننا عند قمة الهزيمة وسط الثلوج التى حنطت جيلا بأكمله، سحقته... ولن تفيد نصيحة العجوز الهندى للراقص مع الذئاب فى البحث عن أرض جديدة نصنع من خلالها حياة جديدة.. زمان أخر... مصيرنا.
خالص تحياتى ومودتى
لقد أثار في نفسي سؤال بعدك علي بالى سؤالا طالما تعقب أثري أثناء سيري فى الزمان والمكان
هل أتى على الإنسان حينا لم يغترب فيه عن زمانه؟ وآنى تكون الألفة بين مانزول عنه ويزول عنا؟ أليس الزمن المشتهى زمن متخيل ثابت في أذهاننا لا يتحول أو يتبدل تأنس يه دواخلنا بينما وجودنا في الزمن
الحقيقي تتلقفه الثواني الواحدة من الأخرى في تغير لا يكل أو يمل أو حتى يبالي إن سئمنا العيش؟
تحياتي واحترامي لكل من يكتب هنا
بعدك على بالي
تحية تقدير وأعزاز
خطابات تخصيب وإنعاش التبعية
نعم سيدتي هو قدر من يحاولون التحديق خارج آفق "المتروك" هذا الأدراك بالعجز المقيم العجز المصنوع والمفروض في أصوله وجوهره، فيبدو أنه علي البشر/الإنسان أن يصارع في محاور متعددة ،ضد نفسه، وذلك بأن ينتقدها علي الدوام وضد المجتمع وذلك بالتفكير في الجدوى كما تسائلة وضد الطبيعة لتطوعيها وتسخيرها بالمعنى الخلدونى، وكثيرون في هذا الصراع يصرعهم الهوى الذاتى،فيعجزوا أن يروا ذاتهم قي مرآة الموضوع، وقد يفضلوا السلامة،أو المصلحة،فيأنسوا أو يستكينوا للوجه المحافظ في الأجتماع الإنسانى وهنا يأتى" المتروك" ليكون متكىء للخنوع ---- أقول لك سيدتى رغم هذا--- ، وليس للإنسان إلا ما سعى--- إذ علينا أن نفرق بين القدرة على الفعل وحدود الفعل ولكل وسعه، وفي تلك المساحة يكون الكل/الوجودى، نعم لقد انتفض من قبل سارتر قائلا في مواجهة الأنساق المعرفية التي عاين تشكلها فى بداياتها بعد حقبة الحرب العالمية الثانية قائلا :– إن ما صنعوه بالإنسان لهو تلك البنيات والمجاميع الدالة التي تدرسها العلوم الإنسانية وأما ما يصنعه الإنسان فهو التاريخ نفسه، أو هو التجاوز الواقعي لتلك البنيات،في صميم الممارسة الشمولية—انتهى
وإذا كان هذا يتواصل مع الصراع مع البنيوية ، و كان على هيدجر أن يقوم بعملية فض اشتباك— إنظرى قوله: يتصرف الإنسان كما لو كان مبدعا للغة سيدا عليها. هذا في حين أن اللغة،على العكس من ذلك تماما: فهى التى تتعلم بالمعنى اللفظى لهذه الكلمة. والإنسان لا يتعلم إلا الاستجابة للغة عندما يصغي لما تقوله وينصت إليها—انتهى
قد يتيح نص هايدجرالانتباه لحقيقة ما أشرت اليه من موقعنا من النص أو امتلاكنا للنص "أى نص" لنا او لغيرنا، ، فالذات المسكونة بالهم المعرفي علي الحقيقة مكتوب عليها الصراع ما ينعكس على نصوصها، انظرى حولك لما أسميها" خطابات تخصيب وإنعاش التبعية" التى تدور حول السلطة، فها هى المشاهد النادرة التى تناولتها معك فى حوار سابق قائلا(ولن يكون غريبا أن تشاهدى في مقعد واحد بعض العلمانين واصحاب أدعاءات التنوير مع مشايخ الوهابية) فبعض مجاذيب العلمانية ومدعي التنوير يوطئون للسلطة فى هذا الظرف التاريخي مستغلين المخزون المتراكم من فائض ثقافة الاستبداد والتخاذل العريض بحجم شهوة الحياة التى تسكن الحشرات لتفر هاربة من تحت الأقدام بغريزة البقاء محتفية بمجرد الوجود، تلك الثقافة التى تراكمت عبر قرون من استبداد الداخل والخارج الذى تداخل فى نسيج كل شىء ولم تسلم منه قواعد اللغة نفسها فمازال زيد يضرب عمر بصرف النظر عن الأسباب بين الضارب والمضروب، فالذات وحملها المعرفى في زماننا وفي كل الأزمنة ليست لديها طرف الوسط المحايد فالصراع حتمية وهنا لا أقصد بالصراع صراعها مع الخطابات الخارجية فقط ولكن أعني الخطابات الداخلية داخل كل منا" فالإيمان نفسه يزيد وينقص" فبين ما يؤمن به الفرد وما يفعله ما يغنيه عن دهشة الخارج لو كان ممن يحاسبون أنفسهم، وهنا يكون الوسع المشار إليه فى حدود الوعى بالطبع، عندما أتأمل علي سبيل المثال هنا في أنجلترا وفي حوارتي مع بعض من تخلصوا من وهم الزمن وأقتربوا من الخروج من أسر الأنا وحجابها بحيث أصبحوا ينظرون للأنسان بما هو أنسان خارج ضيق حجاب الهوية، ووفر لهم العمل الطوعى تجربة الاحتكاك بثقافات وأعراق مغايرة و خارج هيمنة الإعلام ، استمع على سبيل المثال في موضوع الديمقراطية التى تحكم الي حد بعيد مجتمعهم المدنى، أن تصورهم لجذر الديمقراطية ليس فى تلك النظريات التى تراكمت فى السياسة والعقد الإجتماعى فالديمقراطية ونظريات الحكم تعود فى جذورها الي ماقبل الميلاد ولكنهم يعودون بها إلي مرارة الحروب المذهبية اوالأهلية داخل أنجلترا نفسها وما خلفته من قناعة باستحالة الخلاص الا بهذا التوافق وبتلك الصيغة التى دخلت بعد ذلك في قوانين تطورها لقد خط هذا الصراع المرير بنود العقد الأجتماعى بالدماء ،قبل أن يصاغ متوافقا مع الجذور الثقافية لهذه الأمة الأنجليزية لقد كانت الإجابات جاهزه والحلول أيضا ولكن ظل ظرف الشرط –"إذا "تلك الكلمة التى أشترط فيها الشابي ،إرادة الحياه( إذا) الشعب يوما أراد الحياه وتوفر فائض إردة لمواجهة الحتميات/الإقدار
عودة الى الذات ومأزقها التاريخي أشكالية الذات الحاملة للهم المعرفي أقول متناص مع نصك أتذكر ذلك المشهد في فيلم طار فوق عش المجانين لجاك نيكلسون وهو يحاول رفع الكتلة الآسمنتية بكل ما يملك من قوة وعندما عجز نظر الى الوجوه المحدقه فيه قائلا ولكنى قد حاولت—نعم في نهاية الفيلم كان هناك من كرر المحاولة ونجح ولكن ذلك النجاح كان له بذرته التحريضية في نموزج المحاوله السابقة، هذه البذرة التى تسكن كل محاولة حتى يحين طرحها في زمنها وانعتاقها المنشود فزمن الأمه كل أمه آمده أرحب بكثير من أمد أفردها لهذا فصاحب الهم المعرفي ليس له ان يترك" للمتروك" التلاعب به والتسلل لزمنه الخاص منتبها ليس فقد للربط بين الأشياء ولكن للمحاولات الصادقة المنطلقة من قناعة قابلة للأتساع حين تجد ما يضيف لها ويثريها ، وعلى سبيل المثال فتلك المنطقة التى ننتمى لها كانت دائما فى بؤرة أهتمام كل الأمبرطوريات القديمة والحديثة التي تشكلها قوانين التدافع والصراع وقوانين التاريخ التي لها قواعدها المعلومة والمجهولة وكما تصوغ هذه القوانين الأمبراطوريات هى أيضا من يبيدها، وبين تلك اللحظتين فى معيار الزمن تتراكم بذور تلك المحاولات الصادقة التى تنشد الخلاص عبر نصوص تفتش عن أزمنتها، فالمرحلة الزمنية من عمر الأنسان قد تكون كافية لأدراك بعض هذه القوانين لكنها ليست كافيه لأدراكه لنفسه فالأنسان كائن يتكون كل يوم أو هو نفسه حاله زمنيه فآنى له أدراك زمنه وهو بعض منه فضلا عن الاحاطه بعالمه وهيمنة خطابه وكونه وقوانين الأزمنه فيه—لهذا فبقدر أنتباهه لما سبق وفوق كل هذا وقبله وبعده بالإيمان بأنه لاييأس من روح الله ووعده الا القوم الكافرين وكفرهم هذا لا ينحصر فى ما هو ميتافزيقى ولكنه ينسحب علي الإنسان المكرم بكونه بني أدم ، وهنا يكون مقام الوسع– ويكون له ما سعى—وعلى قدر ما يتركم من رؤا مدركة لتلك المحدودية وغير متعالية عليها يكون أنحيازه لما يرى أنه يتواصل مع ما يؤمن به وينشده وأن لم يدركه أو تدركه أجيال لاحقه له وفي هذا الكثير من وقود الفعل والأكثر من أدراك قيمة السعي بقدر الوسع وقد كانت تلك القناعات ما أعانني على أستكناه بعض من أسرار تلك البسمة الهادئة التى كانت دائما تطل من أعماق ووجه الشيخ أحمد ياسين الشهيد الشاهد في سعيه الي خلاص وطنه وأمته أمام كل أنواع العجز بكل ثبات اليقين
لك التحية كما ينبغى للمخلصين
وقبل ذلك وبعده الأحترام
http://www.alahd.com/artc.php?id=2717
قارئة
الصديقة والرفيقة
مجرد حضورك رغم ما أعلم من مشاغلك يسعدني، أما عن سؤالك ليس لى أن أتدخل في سؤال أثاره فى نفسك سؤال بعدك على بالى فتلك المساحة ملكا لكما، ولكن اجتذبنى حصارك الرؤية فيما يرتبط بالزمن ولي فيه تأمل واهتمام
لك كل الشكر والتقدير والأحترام
اخي ومعلمي علان
خالص تحياتي لك ولضيوفك الكرام....وان كان لي ان اعلق علي تدوينتك الثرية وما تلاها من تعليقات وتساؤلات اثرت الحوار ايما ثراء وذلك بينك وبين الفاضلة بعدك علي بالي والفاضلة قارئة فما تعليقي الا علي بعض النقاط بين طيات تعليقاتكم
--------------
وهو ما يصل بنا لسؤالك حول عجز الانتاج المعرفى عن إدراك العلل..
فالعلل كما أرى ياسيدى يدركها العقل ( أكثرها) ولكنه يفشل فى إيجاد حلا لها سواء عجزا، قهرا، سهوا .. عمدا .. لا فرق أتصور
السؤال هنا....هل بالفعل أدرك العقل العربي بتراكماته الفكرية علله....هل أدرك حقيقة تلك العلل ام نظر فقط لظواهرها الخارجية وترك عللها الخفية المتروكة؟؟.....علي سبيل المثال يجمع الفكر العربي علي ان داء السلطة هو من اهم العلل وتلك السلطة بأنواعها سواء اكانت سلطة تربوية منذ الصغر ام سلطة غاشمة بين حاكم ومحكوم بمعني آخر اهم عللنا هو غياب الديموقراطية....ولكن كما اشار الاستاذ علان.....استمع على سبيل المثال في موضوع الديمقراطية التى تحكم الي حد بعيد مجتمعهم المدنى، أن تصورهم لجذر الديمقراطية ليس فى تلك النظريات التى تراكمت فى السياسة والعقد الإجتماعى فالديمقراطية ونظريات الحكم تعود فى جذورها الي ماقبل الميلاد ولكنهم يعودون بها إلي مرارة الحروب المذهبية اوالأهلية داخل أنجلترا نفسها وما خلفته من قناعة باستحالة الخلاص الا بهذا التوافق وبتلك الصيغة التى دخلت بعد ذلك في قوانين تطورها لقد خط هذا الصراع المرير بنود العقد الأجتماعى بالدماء ،قبل أن يصاغ متوافقا مع الجذور الثقافية لهذه الأمة الأنجليزية لقد كانت الإجابات جاهزه والحلول أيضا ولكن ظل ظرف الشرط –"إذا "تلك الكلمة التى أشترط فيها الشابي ،إرادة الحياه( إذا) الشعب يوما أراد الحياه وتوفر فائض إردة لمواجهة الحتميات/الإقدار.....أتذكر هنا سؤال قد قرأته في امتحان الفلسفة للثانوية العامة طبقا للمنهج المقرر علي طلبة تلك المرحلة حول اسباب قيام المذهب المادي الجدلي في الدولة السوفيتية واري الاجابة قد تكونت من خلال النظر للمجتمع الذي سيطرت عليه الملكية الفردية وظهور الاقطاع ورأس المال الغاشم وعلو الاحقاد بين الطبقة العاملة وطبقة الاقطاعيين....بالفعل قد يكون هذا هو الظرف التاريخي الذي ظهر من خلاله الفلسفة المادية للتاريخ وما تلاها من انتشار الشيوعية ولكن من التغافل الشديد اهمال وجود نظريات السلطة العادلة المراعية للمحكوم من قبل الحاكم والفقير من قبل الغني من قبل الميلاد كما اشار استاذنا علان ولكن الظرف التاريخي هو الذي يحرك ويفاعل تلك النظريات لتلبس ثياب زمانها ويتم انتاجها علي هيئة نصوص ملائمة للظرف التاريخي القائم
وبينما تبحث النصوص عن زمنها نتأمل نص ابن خلدون لنجده محرض لأرادة الفعل الانساني بمعناها الوجودي للانسان المتحمل لمسئوليته من خلال استيلاء الفعل البشري علي عالم الاحداث من تطويع وتسخير لها وهو بذلك نص يحمل خطاب زمنه وبالطبع متأثر بأحداث زمنه الذي رأي خلاله سقوط دولة الموحدين في بلاد المغرب والصراع السلطوي القائم بين ثلاث اسر هم المرينيين (المغرب)ووآل عبد الودود(غرب الجزائر)والحفصيين(تونس وشرقي الجزائر وبرقة).....بالطبع تأثر خطابه بعصره ولكن الفكرة المتعلقة بحرية الفعل الانساني هي فكرة اصيلة في الفطرة البشرية منذ بدء الخليقة وان كانت خاضعة لتلاعب الزمن واحداثه ولغته وخطابه السائد
استاذي علان
الفاضلة بعدك علي بالي
ان كان لي ان ادلي بدلوي في نصوص تبحث عن ازمنتها فعلي القول اننا علينا اولاً قبل ان نجزم بمعرفتنا لعللنا ان نحلل جميع انواع الخطاب السائدة حاليا والتي تربك المتعمق فيها قبل الناظر اليها بسطحية...الخطاب المتأسلم والعلماني والاعتدالي والتوفيقي وغيرهم وذلك بالنظر لظرفهم التاريخي حتي لا نقف تائهين بين الاف الألسن التي تدعي قدرتها علي تحليل الواقع وايجاد حلول له....والأهم مما سبق هو زرع تلك الهمة الارادية لتحليل المتروك المعرفي بداخل الفرد العادي الجالس علي المقهي وهو ما لا ادري كيف يتم الوصول له...كيف ننشط الخلايا الدماغية لعقول توقفت عن العمل لقورن عدة؟؟....كيف؟؟
خالص مودتي واحترامي
النصوص كمنظومات متحركة
عن الزمن والنص
لقد استخدم اينشتاين وصف المسافر فى شرحة وسعية لتبسيط النسبية وتقريبها للاذهان
فقال
المسافر يحمل زمنة معة
وتلك الجملة البسيطة فى تركيبها كانت تحمل بين طياتها ثورة جديدة على المفاهيم النيوتينية للزمان والمكان فلم يعد المكان ثابتا او محورا يمكن الارتكان الية فى المعادلات
فما دامت المنظومة متحركة _ مسافرة_ فهى تحمل زمنا خاصا بها وابعادا مرتبطة بسرعتها
وما ارصدة انا صحيح ومحدود بحركتى انا اتجاة المرصود ولا ينفى صحة قراءات راصد اخر يتحرك بسرعة مختلفة اتجاة نفس المنظومة محل الرصد
ويغادر المعنى الى كل الكون ويثبت صحتة فى احوال لم يفكر فيها اينشتاين
والان
هل من الممكن اعتبار النصوص منظومات متحركة _مسافرة _ تحمل زمنها الخاص ونراها _ نقرائها_نحن من خلال زمننا الذى نحملة معنا
فى حركتنا_سفرنا_فى متصل الزمان والمكان
وهكذا تختلف القراءات وتتعدد التفاسير
أستاذنا الفاضل
ضيوفك الكرام ...
قارئة ..أدهم و.. أيمن
"نعم يكون للانسان ماسعى كما تفضلت بالاشارة، ومايرى أنه يتواصل مع مايؤمن به وإن لم يدركه أو تدركه أجيال لاحقة..ونحن نسعى، كل وفقا لما يراه ويجتهد من أجل تفعيله بتعبير أدق لا إستكانه أمام كل أشكال العجز التى تحيط بنا" ولكن .. وهو مايعيدنا للبدايات وللسؤال المثير للجدل عن" عجز الانتاج المعرفى عن إدراك العلل" مع ما إضافه "أيمن" حول كيفية تفعيل الادراك المعرفى للعلل ما ينعكس بالتالى على رجل الشارع المستهدف أولا و أخيرا من كل التيارات والقوى الداخليه والخارجية.. كيف بالفعل ننشط خلاياه العقلية والتى توقفت عمدا أو سهوا أو بالارادة الحرة المباشرة... كيف يمكن تفعيل النص بما ينعكمس على وضعيته الإجتماعية والإقتصاديه نحو غد أفضل؟؟؟
"حرية.. إشتراكية .. وحدة" كنت وسأظل دوما مؤمنة بأن تلك الثلاثية يمكنها تفعيل الكثير من الحلول وما يتبعها من تغييرات، فهى كما آمنت ليست مجرد شعارات (وإن تحولت على يد البعض) كما أنها ليست نظريات غير قابله للتطبيق أى ليست مسجونه فى القشور الخارجية .. ولكن ..
كانت دوما تربكنى الأولويات، فهل الخلاص بالحرية، أى تحرير الفرد؟ وممن؟ من الموروثات البالية أم من الوافد المدمر؟، هل يمكننا أن نتحرر فعلا من مجمل خلافاتنا الطائفية والدينية والعقائدية، مايقودنا بالطبع للتحرر من مجمل أشكال السلطة.. عبثا بالطبع.. فالموت على أسفلت السلطة شعار كل الأنظمة وعلى المتضرر اللجوء لله وفقط، فالقضاء وكل حركات التغيير (بفرض شفافيتها) تحت أحذية الأمن...، فهل هذا أوان "الوحدة" أى توحيد الصف العربى ولتذهب كل الحدود الإقليمية والداخلية ومجمل محاولات الفصل والعزل الى الحجيم، فقط انا عربى .. بالطبع أحلم بسذاجة رغم أنها حلم غيرمستحيل ولكنها تكسرت على صخرة الواقع ربما لإصرار البعض على إعتبارها مجرد زيا فلكلوريا يمكن توحيده، أو جواز سفر تكتب تفاصيله بلغة الضاد، أومجرد نظرية نضمنها فى النهاية كتب التربية القومية لينتهى بها الحال على عربة بائعى "الترمس" مصحوبة بكثير من اللعنات والسخط والسخرية سواء من الطلبة أو حتى ذويهم ، فما جدوى إضاعة يوم كامل فى دراستها والإمتحان بها وفى النهاية سيبقى الحال على ماهو عليه... فكيف إذن يمكن تفعيلها (العروبه – التوحد)، هل بإختراع هرمون جديد؟؟ أم فيتامينات تقوى بداخلنا إحساسنا الغريزى الفطرى بأننا واحد ..الكل فى واحد، ولا فرق بيننا إلا بالتقوى والعمل مايقودنا بالطبع لعدالة توزيع الفرص أحد أعمدة الإشتراكية والتى باتت هى الأخرى مجرد شعارات، لافتات ، ملصقات لم أفقد إيمانى بها ولكننى أعى جيدا صعوبة تطبيقها الأن وليس إستعادتها فقط ( فلازلت أتحفظ كثيرا على التنفيذ من واقع تجربتنا العمليه فيها...)
هل الحل فى المواجهه مع النفس.. صحيح ولكنه أيضا سيظل مجرد حل نظرى لايدخل دائرة التفعيل.. عن نفسى فقدت كغيرى القدرة على الصمود والمقاومه، نحن مجرد وجوه مرسومه على دفتر الحياة الملون، وجوه عابثة مطحونه بالهم الشخصى ، مدفوعه فى الحياة بحثا عن لقمة العيش، فمن منا يمكنه الفصل بين الذات و تلك النظريات رغم إيمانه بها، من لديه القدرة على الحرب لتفعيلها بينما أطفاله يصرخون من الجوع؟ من يحررنا من سلطة السعى كتروس فى آله تطحن زيتها للأخر..
أنه الاغتراب عن الزمن كماتساءلت قارئة..أو لعله "الزمن المشتهى زمن متخيل ثابت في أذهاننا لا يتحول أو يتبدل تأنس به دواخلنا بينما وجودنا في الزمن الحقيقي تتلفه الثواني الواحدة بعد الأخرى"، أما النص فستتعدد التفسيرات والقراءات حوله، نسافر فيه ويسافر فينا، نستدعيه، نتأمله ثم نعيده للمكتبه مجددا، ننفض من عليه الغبار كلما تمكنا، نتيقن دوما أن هناك نصوص ونظريات تخلق زمانها، تتجدد، تصبح مثل الذهب ومجمل الأحجار الثمينة تزداد فى قيمتها مع الزمن ولكنها قيمة نظرية فقط، بينما تعجز ونعجز معها وبها فى إيجاد فرصة عمل لشاب هلكت أسرته فى تدبر مصاريف تعليمة ثم جلس على القهوة يبكى حظة، أو يضطر فى النهاية ( لو كان محظوظا) للعمل كمندوب مبيعات..
عفوا.. انا وغيرى فى التيه لا نعرف هل ما آمنا به وسعينا من أجله ليس إلا حبرا على ورق؟ ولماذا ننتفض دفاعا عن تلك النصوص والنظريات إذا ما حاول البعض المساس بها رغم إدراكنا بعجزها، هل وهل وتساؤلات كثيرة فجرها نصك الباحث عن زمنه...
سيدى الفاضل وضيوفك الكرام أعتذر بالطبع عن الإطالة
ولكم منى كل تحية وإحترام
أخى العزيز أيمن
ها أنت في مقام الحيرة، وبعيدا عن أشارات الأسهم تريدنا أن نقرأ الغبار من عطش الأجيال— على ضوء تلك النار البديله
نعم ياأيمن لم يعجز الأنتاج المعرفي عن أدراك العلل بل أقول أكثر من هذا أن أدراك العلل والحلول توفر له جد وأخلاص قل نظيره فى الكثير من الأمم ولكن وآه من تشكلات حروفها ولكن—تلك الحروف الثلاث، سوف أعود الى النص الخلدونى و"لكن" أفضل قبل ذلك التناص مع هناك في الخاطر فهناك إنتاج لنصوص تبحث عن أزمنتها أيضا وفي زمنها نفسه أنظر على خيط التنوير الذى بدأت نسجه وتواصلاته،فى سعيك فى حدود الوسع وتأمل
يقول الكاتب الحر سليم دولة،- كان “كانط” نبّهنا فعلا إلى أنّ الأسئلة في الفلسفة والتي هي ماذا يمكنني أن أعرف ؟ ماذا يجب عليّ أن أفعل ؟ وما الذي يجوز لي أن آمل ؟ بإمكاننا اختزالها في سؤال رئيس وحاسم : ما الإنسان ؟ وكما ترون هذه الأسئلة منها ما يفتح على السجلّ الابستيمولوجي – المعرفي – العلم والمعرفة، كما يتعلّق بالشأن الأخلاقي وايتيقا السلوك وبالرجاء والأمل، وسؤال الأسئلة إنما هو الإجابة الكليّة عن مركز الاهتمام الرئيس وهو الإنسان.
ويعنيني اللحظة أن نتدبّر أمر الاستنتاج الممكن فيما يتعلّق بهذا الموقف الكانطي الذي حدّد خارطة التفلسف، الإنسان كائن معرفة وكائن ممارسة وكائن أمل وكائن تساؤل، أمّا من جهة كونه كائن معرفة فإنّ الخطر الكانطي، والخطورة بمعنى الأهميّة، إنما تكمن في أول جملة قد صاغها في كتابه “نقد العقل المحض” إذ أقر بأنّ : » ثمّة قدر فريد للعقل البشري وهو أنّه يطرح أسئلة تتعلق بجانب من معارفه ليس باستطاعته تلافيها البتّة «. ما هو هذا السؤال الذي لا يمكن تلافيه، إنه سؤال الميتافيزيقا – الماورائيات. بهذا المعنى الإنسان حيوان ميتافيزيقي، بلغة أكثر وضوحا حيوان ديني، ومهمة الفلسفة كانطيا تتمثّل في ما يمسّى الوعي بالحدود، حدود مستطاع العقل وحدود لا مستطاعه، أكثر من ذلك قد شبّه كانط الفيلسوف بالشرطي إذ أنّ الفيلسوف النقدي عليه أن يمتحن بدءا مقدرة العقل على تخطّي أو عدم تخطّي مُستطاعه بذلك تتمثّل ما يسمّى بالثورة الكوبارنيكية التي أنجزها كانط في وضع حدود للعقل الدوغمائي، ذلك الذي عاش أكثر من ألفي سنة على وهم معرفة الله والنفس وبدايات العالم كما تُعرف قوانين الفيزياء ومسائل العقل العلمي. باختصار، لقد دعا كانط للاقتصاد في إينيرجيتيقا العقل لئلاّ يبدّدها في مجال الميتافيزيقا. وتسمّى هذه ثورة استثنائية في الفلسفة، أمّا حين يزاولها فلاسفة آخرون في فضاء ثقافي مختلف مثلما هو الشأن في الثقافة العربية الإسلامية يعتبر ذلك تحطيما وتهديما للفلسفة وجناية فاحشة ضدّها وتجريما لمن قاموا بذلك دون تمييز بين السجلاّت أصلا كما حدث ويحدث مع الغزالي مثلا وابن خلدون مثلا وابن تيميّة أيضا، إذ يعتبر كثير من “الخلق” الجامعي الذين درَسْتُ عليهم أن ابن خلدون أبطل الفلسفة وشنّع بمنتحليها وقد ورث ذلك عن الغزالي، إلى غير ذلك من الأكاذيب والأعاجيب الأكاديمية دون تنبيه إلى أنّ المجال الذي تمّ فيه نقد الفلسفة والعمل على إبطالها أصلا إنما هو مجال الميتافيزيقا ليس مجال تدبير السياسات المدنية أو سائر النشاطات الإنسانية، فكيف لدكاترة كبار أن يصابوا بالعمه النظري ولا يعملون على أن يكونوا وسطاء صادقين وموضوعيين بين الفلاسفة الكبار وبين الطلبة، فالمطلوب إذن، إنما هو الوعي بالأخطاء الأكاديمية والأوهام الإيديولوجية ذلك أننا نصرّ على أن نقرأ لدى الفارابي أو ابن سينا أو الغزالي أو ابن باجة… إلخ، إلاّ ما نرغب في قراءته، وأذكر عبارة للمفكّر المغربي “محمد عابد الجابري” موحية في هذا المجال حينما ينبّهنا إلى خطر القراءة المتذكّرة في حين أنّ المطلوب هو القراءة المفكّرة. ذلك أننا غالبا ما نقرأ المتون متذكّرين مجموع آرائنا المسبّقة فنصرّ على أن نجد في هذا النصّ أو ذاك ما نرغب في وجوده ونصاب بالعمى عن الجديد لديهم أو عن تردّداتهم وحدوساتهم وتلمّساتهم الليليّة إذ وحده الفكر الدوغمائي يصرّ على أن يجد مسبّقا ما يجب أن يجده في المتن المقروء، من ذلك هذا الوهم المعاصر الحديث عن “موت الفلسفة” وهو ما يتطلّب وقفة متأنّية، فما الذي يبرّر هذه الوقفة المتأنّية ؟
إنّ العصر الذي نعيش لو نكتفي بمجرّد تصفّح لعناوينه الإعلامية والإعلانية دون إعمال عميق للعقل النقدي لتبيّنا أنه عصر قيامي ومأتمي وجنائزي، ذلك أنّ التحدّث بصيغ مختلفة ومتعددة عن الموت “موت الكاتب”، “موت المؤلف”، “موت العمل”، “موت المدرسة”، “موت الدولة”، “موت الأمّة”، “موت العائلة”، “موت الله” وآخر الميتات ربّما إنما هي “موت الإنسان” و”موت الرواية”
وكلّ موت إنما هو يتمّ لصالح حياة وكل اختفاء يتمّ لصالح ظهور، من ذلك أنّ ما يسمّى بـ”موت الله” في الفكر الغربي كأنّما هو الشرط الرئيس لولادة الإنسان، ليس أيّ إنسان وإنما إنسان التنوير ضدّ إنسان اللاهوت والميتافيزيقا والتزوير تماما كما موت الإعلام إنّما يتمّ لصالح الإعلان والإشهار إلى حدّ غدا معه الإعلام مجرّد فعل إشهار أو “تشهير” كما “موت الرواية” إنما يتم لصالح ما يسمّى بالتحقيق الصحفي و”موت الأمة” إنما يتمّ لصالح العولمة و”موت التاريخ” يتمّ لصالح تفتيت الجغرافيا. كما أنّ “موت العقل” يتمّ لصالح مديح العقوليات. ما يمكن ملاحظته أنّ الفلسفة ذاتها، وهي موضوع حديثنا، يتمّ قتلها يوميّا لصالح الميديولوجيا، فنرى كيف أنّ الإيديولوجيا تذيب الفاعلية النقدية للفكر الحرّ في “الحامض الفسفوري”، وفق عبارة سارتر، في الميديولوجيا، وبذلك تظهر الإيديولوجيا في شكل أرقى نتاجات التكنولوجيا تخفّيا. أنتهى
وهكذا هذا النص على سبيل المثال—أين هو من خطاب المركز بل أين الكاتب نفسه، ان أقصاء النص وتهميشة صناعة متكاملة داخل خطاب المركز وما محاولات تفعيل بعض النصوص الا نوع من أنواع الأشاره الى الجذور المؤصلة لهاعلى سبيل المثال كيف تم توظيف نص أبن خلدون فى الأكادميات والكتابات العربية وكيف تم توظيف نصوص ابن تيمية كيف كانت القراءة لهم لقد وضعت فى التعليق الأول لبعدك على بالى أسم المصدر الذى كانت هذه الكلمات لأبن خلدون كلمة الختام فيه، أطروحة دكتوراه للمفكر الدكتور أبو يعرب المرزوقي بعنوان" إصلاح العقل في الفلسفة العربية من واقعية أرسطو وأفلاطون إلى إسمية ابن تيمية وابن خلدون"، صدرت عن مركز دراسات الوحدة العربية سلسلة اطروحات الدكتوراه (25) ط ثانية:بيروت أغسطس 1996 يتناول/ د المرزوقي(1) في رسالته أسئلة عشرة تشخص صفات طبعت الفكر في الحضارة العربية، من دون تميز بين بعده ذى المنطلق النقلي وبعده ذي المنطلق العقلي ، ثم قام بعملية تحقيب الفكر العربى بالأستناد إلى منازل الكلي التي تحددت في مراحل الفلسفة العربية أن يقسم القرون الأربعة عشر التي نشط فيها الفكر النظرى والعملي إلى الحقبتين التاليتين الحقبة المتقدمة على ما يسمى عصر الانحطاط، ويعنى بها من القرن الأول بدايته، إلى القرن التاسع نهايته" وتقابل السابع إلى الخامس عشر للميلاد" والحقبة المتضمنة عصر الانحطاط وقرني النهضة، ويعنى من العاشر بدايته إلى نهاية الرابع عشر وبداية الخامس عشر" تقابل السادس عشر إلى نهاية العشرين للميلاد--- والرسالة صارمة النهج الأكاديمى وجديرة بقراءة متأنيه ليس هذا مجالها، قسم الحقبة الثانية الي مرحلتين الأولى تسمى مرحلة الانحطاط ، وهي الي امتدت من استعمار اسبنيا وتركيا لأهم العواصم العربية المشعة بالفكر والحضارة، ويعني غرناطة وتونس ودمشق والقاهرة(وهي آخر مراكز الفكر العربي سقوطا) ولعل النكبة كانت بسقوط دمشق والقاهرة، لانهما ظلتا ملجأ جميع المفكرين الكبار من المغرب و المشرق إلى عودة القاهرة إلى دورها العربي الإسلامي بوصفها، منذ الحروب الصليبية والحروب ضد المغول، العاصمة الفعلية روحيا وعلميا، وحتى عسكريا وسياسيا ، للعالم الإسلامي السني، وخصوصا العربي والثانية تسمى مرحلة النهضة، وهي التي امتدت منذ استقلال مصر عن الأمبراطورية العثمانية إلى اليوم وتنقسم المرحلة الأولى فى الحقبة الثاتية الى لحظتين (أ) لحظة الصدام الجانبي: وهي المتمثلة في الإحاطة الخارجية بالعالم الإسلامي، والحط من دوره كوسيط بين الشرق والغرب في التبادل الاقتصادي والمعرفي، وذلك إلى حدود منتصف القرن السابع عشر* (ب) لحظة الصدام المباشر: وهي المرحلة المتمثلة في السيطرة على تخوم الوطن العربي، وبداية السعي إلى استعماره كوسيط بين الشرق والغرب في التبادل، بعد استقلال أمريكا وعجز فرنسا عن منافسة انكلترا فى البحار. وتلك نهاية خروج الوطن العربي من التاريخ الكوني وعودته اليه* أما المرحلة الأخيرة فتنقسم هي بدورها إلى لحظتين: (أ) لحظة شروع الغرب في الاحتلال المباشر للوطن العربي، وهي مزامنة للشروع في النهضة الفكرية في مجالي العلم والعمل، تصورا وطلبا. لقد أشار د/المرزوقى للنص الخلدونى نص البوسط فى ص 385 من المرجع المذكور قائلا تحت عنوان لحظة شروع العرب في الحرب التحريرية، وهي مزامنة للشروع في النهضة الفعلية في مجالي العلم والعمل إنجازا وتحقيقا . ومثلما كانت بداية هذه الحقبة ، أعني مرحلة الانحطاط منها إغفالا تاما لأسباب القوة وذهولا عنها،رغم أن نهاية المرحلة المتقدمة عليها كانت حصرا جازم الوعي لمنزلة الانسان فيها- وهو معنى النص الذي صدرنا به الخاتمة، أعني الخلافة الانسانية بما هي سيطرة على الكون- كانت نهايتها، أعني مرحلة النهضة منها، أكثر درجات الوعي حدة بفقدان هذه الأسباب، وبطبيعتها التي حصورت في فقدان مدلول الخلافة الانسانية بمعناها العام(اسباب السيطرة على الكون، أعني العلم والتقنية، بما هي وسائل اقتصاد ومعرفة) وبمعناها الخاص(أسباب تحرير الانسان، أعني الانتظام الذاتي للسلطان السياسى الاقتصادي في المجتمع)
هنا أعود الى قولك ....والأهم مما سبق هو زرع تلك الهمة الارادية لتحليل المتروك المعرفي بداخل الفرد العادي الجالس علي المقهي وهو ما لا ادري "كيف يتم الوصول له...كيف ننشط الخلايا الدماغية لعقول توقفت عن العمل لقرون عدة؟؟....كيف؟؟" أقول مستأذنا باقتراح تعديل ارجو ان يكون مقبولا على نهايتة ليكون كيف ننشط الخلايا الدماغية لعقولنا نحن أصحاب الهم المعرفى لتدرك شفرة التواصل مع عقول لا تدعى الهم المعرفى ومستهلكه ومستنفذه بالكامل فى هم العيش ولكنها تملك داخل جوانحها هذا الوقود المطلوب لكل ارادة حقيقية للتغير، وتميز بوجدانها ذو المخزون الحضارى اللحظة المناسبة لانفعالها بمن تشعر حقيقة انه يعبر عنها وعن توقها للخلاص
لك كل الود والتقدير والشكر
وقبل ذلك وبعده الأحترام
------------------
*عند الشروع في غزو أطراف العالم الإسلامي ومجاله الحيوي،فانضاف إلى الاستغناء عن وساطة العالم الإسلامي جغرافيا افتكاك مصادر التجارة مع الشرق منه.لكن هذا الافتكاك ازداد بمقدار انتقال مركز الثقل الغربي من اسبانيا إلى مستعمرتيها المستقلتين(هولندا والبرتغال)، وخصوصا إلى انجلترا التي أصبحت سيدة البحار، وسيدة القاره بفضل تحالفها مع فرنسان وذلك في منتصف القرن السابع عشر. والمعلوم أن هولندا والبرتغال كانتا قد سيطرتا على بعض تخوم العالم الإسلامي في الجزيرة العربية وافرقيا وآسيا
* وذلك هو مدلول التنافس الفرنسى الإنجليزى على مصر، ومدلول شق قناة السويس
العزيز أدهم
نعم هكذا تختلف القراءات وتتعدد التفاسير، واهمها حضورك الذى أصبح قيمة مضافه تتشرف بها هذه المدونه، لم يسعدنى الحظ بلقاء أمل دنقل ولكنى فيما قرأت له وعنه أستطيع أن أتبين أفراد قبيلته من الجنوبين وشعارهم لا تصالح فما الصلح إلا معاهدة بين ندين-- (في شرف القلب) لا تنتقص
نعم لقد فسرت النسبية الكثير لما أضافته من قبل الدرونية وليس غريب أن يهدى ماركس كتابه رأس المال الى درون ولم يكن زكى نجيب محمود بعيدا عن الحقيقة عندما أعتقد أن القرن العشرين تشكلت معالمه على ضفاف تلك العقول الثلاث مضيفا اليهم سجمند فرويد، تلك المنظومة هذا الخطاب يبدو واضحا فيه هذا الخيط من الصراع كما فى الصراع للبقاء --الصراع الطبقى—الصراع داخل الذات-- ثم الوعاء النسبى الذى يذكى هذا الصراع في ضوء المحتمل/المحتوى الفكرى نتأمل فى سؤالك الممكن بين سفر تلك النصوص وحملها وقراءتنا نحن من خلال زمننا الذى "نحمله" فى ضوء هذا الخطاب الذى رسم حدود الصواب والخطأ، العلمى والخرافى ،المعقول واللامعقول الذى يهيمن على عملية التميز /القراءة فأساس الرؤية بين الكتابة والكلام هى محاولات فى ترميم وإنتاج الأسئلة فى ما وفره هامش التدوين، وأذا كان خطاب المركز في محيطنا الجغرافي والتاريخى لم يقترب من قوانين نيوتن فى الفعل ورد الفعل لعجزه المقيم عن الفعل فسؤالك يموضع الرؤية للنصوص في أطار زمنها وسجن الرؤية فيه فهل "نحن" نحمل زمننا أم نحن بعض حمله المعيق لحركته وهل هناك حركة حقيقية تستجلب مفهوم هذا السفر؟ أزعم أن هناك شبه حركة بدأت فى أوائل الستينيات ولكنها أجهضت وما يدور الأن مقام من مقامات التيه، فعوضا عن الأنتباه للأسباب الحقيقية لهذا الأجهاض الواضحة للعيان تم أعتقال الزمن فى لحظة الأجهاض لينعكس ذلك على القراءات وتأويلاتها المتراكمة لا للتحديق فى أسباب الأجهاض ولكن للتحقيق وتجريم الحمل/الحلم نفسه رغم مشروعيته البدايهية وأعتباره هو وليس غيره سبب الأجهاض وهذا ما أنتج ثقافة الأخصاء التى تخيم على هذا الزمن فخطابات تخصيب وأنعاش التبعية مستمره منذ السبعينيات من القرن الماضى أصبح لها بنية ترسخ لهذا التشتيت يقول جاك دريدا التشتيت ليس هو فقد الإخصاء الذى يسببه،خارج كتاب التشتت ص32 لوسوي 1972 يقول الكاتب الحر سليم دولة: عندما تهرم الكلمات وذلك بفعل الخلط أو الفائض الاستعمالي لهذه الكلمة أو تلك فإننا نعيش الفوضى القاطبة، لذلك كانت الثورات الكبرى ولا تزال في جميع المجالات والحضارات إنما هي أساسا مسألة لغة، حتى الثورة الإعلامية والرقمية التي نعيش إنما هي في بنيتها ثورة لغوية، لسانية، سيميولوجية. وليس من سبيل الصدفة الخالصة أن يصف الفيلسوف الفرنسي الراحل لويس ألتوسير الكلمات في الفلسفة مشبّها إياها بالمتفجّرات متسائلا وفق صياغة موحية : » لماذا يتصارع الفلاسفة حول الكلمات ؟ « لأنه بإمكان كلمة ما أن تكوّن إطار الإسناد الرئيس لهذه الرؤية للعالم أو تلك أو الخلفية المعرفية الحاضنة لهذا المشروع الفكري أو ذاك فبإمكاننا أن نعتمد مثالا إجرائيا لضرورة بيداغوجية لا غير، من ذلك كلمة “العصبيّة” أو صراع الطبقات أو “صراع الأجناس” أو “صراع الحضارات” أو “صراع الهمجيات” فعندما نطلب من المؤرّخ الخلدوني أن يتنازل لنا طواعية عن مفهوم العصبية يعني أننا نطلب من ابن خلدون أن يتنازل عن رؤيته للتاريخ وللتأريخ والتمدّن والتوحّش والدولة إذ من المستحيل وقد تنازل لنا صاحب المقدمة عن مفهوم العصبيّة أن يبقى من المعقول تحديد “عمر للدول” فإذا كان ابن خلدون يعتبر أن للدول أعمارا كالتي للبشر فذلك يعني أن مفهوم “الحتمية” يسقط وبذلك تنهار شروط الممارسة النظرية، الأمر نفسه عندما نطلب من الفيلسوف ماركس أن يتنازل عن مفهوم صراع الطبقات. يعني أننا نطلب منه التخلّي عن شرط إمكان “الوعي الثوري” وعندما نطلب من فوكو أن يتنازل عن علاقة التلازم بين المعرفة والسلطة، يعني أننا نطلب منه التخلّي عن تصوّره للفلسفة باعتبارها فعلا أركيولوجيّا وحفريا تماما كما الأمر بالنسبة لتأكيدي الخاص على أهميّة الحاجة، مطلق الحاجة، ومجرّد تأمّل كلمة الحاجة وفق لنسابتها الاشتقاقية ندرك اقترانها بالألم والشوك والإحساس بالحزن والقرف، إذ تقول العرب، كما ورد في كتاب “الملاحن” مثلا لابن دريد الأزدي : » والله ما سألت فلانا حاجة قط والحاجة ضرب من شجر له شوك والجمع حاج « فعندما يبلغك أحدهم بأنه في حاجة إليك يعني ببساطة أن مقامه مقام الواقف على الشوك وهو ما تقوله اللغة الفرنسية اللاتينية إذ نتحدّث وفق اللسان الفرنسي “الحاجة بما هي أمر شائك” مع العلم أنّ الإنسان أكثر الكائنات حاجات والحضارات ليست مجرّد تلبية آلية ميكانيكية للحاجات المادية التي تفرضها تركيبتنا البيوفيزيولوجية إنما تنضاف إلى حاجاته ما يسمّي بالحاجات النفسيّة أو ما يمكن تسميتها بالحاجات الاعتبارية (الاعتراف بنا).
الحضارات تخلق أيضا متوالية من الحاجات الجديدة التي لم تعرفها الحضارات القديمة. لكن يبقى المحرك الرئيس لكل المجتمعات كما الحضارات إنما هو تلبية منظومة الحاجات المعقّدة وإن كان ثمّة في الأزمنة المعاصرة هيمنة مطلقة لما أسماه هربارت ماركوز “الحاجات المزيّفة”. لقد نبّهنا كلود لفي شتراوس صاحب “من العسل إلى الرماد” و”المدارات الحزينة” إلى ما أطلق عليه “مبدأ التباعد” وخلق المفارقة، من ذلك مثلا أن كلّ الطبقات أو الشرائح الفقيرة أو المعوزة يحفزها في سلوكها مبدأ التماهي بالطبقات الأكثر ثراء ووجاهة فإن هذه الطبقات كلّما أحسّت باقتراب الشرائح الهامشيّة منها إلا وأخذت ترسم لها مسافات بينها وبين سواها من الشرائح لتحدّد هويّتها الخصوصية لذلك ندرك خطر علوم السيميولوجيا في فهم الصراعات الباردة والساخنة بين المنتظمات الاجتماعية وبين الحضارات. أمام الحاجة، بما هي عنوان افتقار وشعور بالخواء والفراغ الذي هو رمز التيه، كما تلازم الفقر بالقرف، لا شيء من المقدّس يصمد أمام الحاجة، سواء تعلّق الأمر بالوطن أو تعلّق الأمر بميتافيزيقا الاعتقاد. إذ كم توالت أخبار الذين كفروا باسم إلاههم ليعبروا إلى ميتافيزيقا اعتقاد جديد عملا بمبدإ “المغلوب مولع دائما بالاقتداء بالغالب”.
لقد مارس العرب كما سواهم ما أطلقت عليه “اللحدميّة” (أكل لحم البشر) أو الأنتروبوفاجيا Anthropophagie كما مارسوا الطيوفاجيا (أكل الإنسان للإله) وأغرب ما في الأمر أن ذلك تم في أحيان كثيرة في الشهر المقدّس (رمضان) المهمّ إني اعتمدت وثائقا وكتبا متداولة، غير أنه لم يقع الانتباه إليها من ذلك كتاب “الإفادة والاعتبار في الأمور المشاهدة والحوادث المعاينة” للفيلسوف والطبيب عبد اللطيف البغدادي الذي يقول :
» …وكثير ما يدعي الآكل أنّ المأكول ولده أو زوجه (…) ورئي مع عجوز صغير تأكله فاعتذرت بأن قالت : إنما هو ولد ابنتي وليس أجنبي (…) ولئن آكله أنا خير من أن يأكلـه غيري «.
ودون أن نكون أذكياء، نتبيّن أنّ زمن الأزمات غالبا ما ترتبك فيها منظومة العلاقات في هذا الاتجاه أو في ذلك الاتجاه المضادّ : علاقات القرابة مع الوطن، مع الله، مع الأمة، مع العالم… » إغاثة الأمة بكشف الغمّة «. وهو من أخطر الوثائق التي تؤرّخ للرذائل بالمعنى النيتشوي للكلمة وأذكر أنه اتصل بي أكثر من قارئ لأنّي أفسدت عليه طعامه لأيام عديدة لما ورد في فصل : “المهول في أخبار الإنسان الآكل والإنسان المأكول” فأي نصّ أكثر وجعا من هذا البلاغ المقريزي : » وانعدم القوت حتى أكل الناس صغار بني آدم من الجوع فكان الأب يأكل لحم ابنه مشويا ومطبوخا والمرأة تأكل ولدها فكان يوجد بين ثياب الرجل أو المرأة كتف صغير أو فخذه أو شيء من لحمه ويدخل بعضهم إلى جاره فيجد القدر على النار (…) فإذا هي لحم طفل وأكثر ما يوجد ذلك في أكابر البيوت «.
فترى أنّ أكل اللحم الآدمي وخاصة الأطفال لم يتم من قبل الفقراء فقط وإنما تم في أكابر البيوت وأكثر من ذلك أنهم يعدّونه بالتوابل الجيّدة كما ورد في الأثر واستنتجت عندها أننا فعلا قد خرجنا من مرجعيّة مفعمة بالقداسة “الأقربون أولى بالمعروف” إلى مرجعية يحكمها منطق التعاسة فأن يأكل الأب ابنه مشويا أو مطبوخا وأن يصطاد أكابر البيوت أولاد أفقر البيوت فذلك يعني أن كل الأقنعة قابلة للسقوط في أي مجتمع كان، فتلك “الملائكية” الروسوية – نسبة إلى روسو – أو ما أطلقت عليه بالنظرة السبحانية للعالم، زمن الأزمات، إنّما تتكشّف الإنسانية خلالها على أكثر أبعادها شراسة وجحيمية ويكفي فقط أن نستحضر صورة الإنسان المبنيّة على مفارقات غير قابلة للفهم أصلا سواء في الفلسفات أو الديانات لندرك أنه لو لم يكن في أعماقه “كائن كسل” لما نسب نفسه إلى الفلاحة والعمل، ولو لم يكن حيوانا دوغمائيا لما عرّف نفسه بالانتساب إلى التفلسف والحكمة ونشدان المعرفة كضالّة ولو لم يكن كائن حرب ونزوع دموي لما كان كائن انتساب إلى السلم والتسامح فهو الكائن الوحيد المقبل على التبذير الذاتي بأدواته. من ذلك أنه عوض أن يكون المقدس حاضنا وحافزا لصيانة الذات من التبذير الاعتباطي إن ديمغرافيا أو بيئيا نجده في غفلة عن الوعي النقدي يستحيل إلى عنصر تفتيتي.
إنّ أشكال الانتروبوفاجيا (أكل الإنسان للإنسان) وأشكال الطيوفاجيا (أكل الإنسان للآلهة) لم تختف من الأفق الحضاري إلا لتظهر بأشكال مقنّعة متلازمة مع ضروب أخرى من “الأكل” و”القضم” و”الشدخ” و”التعذيب”. أليس غريبا أن نتحدّث اليوم عن أكل العقل البشري (اللوغوفاجيا) والكوسموفاجيا (أكل الكون بتمامه وكماله) لذلك نفهم ربّما لماذا أصدرت “بيان بغداد السقراطي” موسوما بعنوان فرعي ضدّ “الكوسموفاجيا الأمريكية” على اعتبار أن أمريكا ليست فضاء جغرافيا أو منتظما حضاريا أو لقاحا لفائض من الأجناس وإنما هي ظاهرة حضارية ونمط عيش و”نحلة معاش” فأن تكون انتروبوفاجي السلوك فلا يعني بالضرورة انتماؤك إلى القارة الشابة أو العجوز أو إلى هذه الحضارة العانس أو تلك.
غير أن ما نخافه حقيقة أن تستحيل أمريكا مثلا كميتافيزيقا اعتقاد، كديانة جديدة تستلزم إما الإيمان المطلق بها أو الكفران المطلق بها فنعيش حقا أمريكا كرهاب وخزّان حقيقي للإرهاب التكنولوجي وهو ما تمارسه فعلا، والإرهاب الغذائي وترهيب التاريخي بالإعلان عن نهاية التاريخ وانتحار الجغرافيا وضرورة تدبير شأن الديمغرافيا، المطلوب هو تفكيك أمريكا كميتافيزيقا اعتقاد جديد.
وهكذا ومن منظار نسبوى داخل الزمن الواحد تسافر نصوص وتغيب أخرى نعود الى سؤالك ونحدق فلست بصدد أجابات لا أدعي ولا ينبغي لي
لك التقدير والشكر
وقبل ذلك وبعده الأحترام
العزيزة بعدك على بالى
أقدر بكل احترام وأفهم شعورك بالألم ،وهكذا هو الفنان في مواجهة معالم الرؤية من حوله لا يستطيع إلا أن ينحاز إلى الواقع بكل تفاعلاته فهو يتواصل مع مشاعر الناس وهمومهم وعندما يكون الفن معززا بروح الأمومة ومشفقا من القادم الذى يتجلى لبصيرة الفنان فكأنما يراه رؤيا العين يكون الألم أعمق، ولعل الحوار عندما يكون على ضفاف الفلسفة، يبدوا وكأنه يزيح المعاش ليتمكن من الرؤية عبر حجبها الكثيفة التى تحيط بالآني وإن كان هذا لايعنى إهماله أو إغفاله للمعاش بل على العكس تماما فهو نوع من الانتباه لما وراء هذا الواقع الظاهر وسطحه الخارجي عبر التنقيب للنفاذ إلى طبقاته الداخلية التى هي الأساس الذى يجب الوصول إليه لخلخلة هذا الواقع الجاثم على الوجود المتماسك والعصي على التغير والذى يتنزل كل لحظة موسعا لفتق" الحاجة" ومستغلا لها ومكبلا بها همة "الإرادة" ، فالانتباه للنصوص واحدة من نتائج هذا الألم نفسه فى مساحة السعي قدر الوسع وهو ليس دفاعا فلا أحد يستطيع الدفاع عن أى نص لا يملك تماسكه الداخلى، أنظرى الى خطاب بوش رغم كل ماتوفر له من قوة وإمكانات ومراكز بحوث وعقول ومصالح طاغية بطول العالم أنظري إليه داخل أمريكا نفسها ، وانظرى لكلمة واحدة هي كلمة "الأرهاب" ، كيف يتم بتلغيزها وعدم تحديد معناها القانوني محاولة السيطرة والهيمنة على العالم بعد أن أصبحت الكلمة الأساس فى أي خطاب أو وثيقة أو ورقة أو حديث له علاقة بالسياسة فى العالم كله من الصومال الى الصين فهو ليس دفاعا عن النصوص وليس هجوما وليس تعصبا لها أوتقديسا ولكنه فقط تأمل ومحاولة للربط بين الأشياء، نعم عزيزتى الفاضلة النصوص كلها حبر على ورق المقدس منها والمدنس وكذلك كلماتها الطيب منها بأصله الثابت وفرعه الممتد فى السماء والخبيث منها بكل قابليته للاجتثاث، ولكن تبقى القراءة التى هى إعادة إنتاج هذه النصوص ومحك سبرها للواقع بقدرتها على التنبؤ بالمآل وصمودها لتغير النحل والأحوال والانتباه للمعنى داخل هذه النصوص ومن ثم التمييز وبناء الرؤية وتراكم ما يثبتها هو مايصنع ما يسمى بالقناعة المدركة قدرالإمكان للملائم بقدر الوسع تنعكس على عالم القول والفعل وهكذا كانت الكلمة/النصوص هى أصل الحضارة وفصل التاريخ الأنسانى، والنص الخلدوني يعطي مثال على الجدوى فهو السؤال الاول الذى تفضلت به فى التعليق الأول فهو نص يختزن رؤية متكاملة كاملة الجهوزية والمنهج وقد كان تتويجا لتاريخ متراكم من تناص لما لا يحصى من نصوص تغطى تقريبا معظم أحقاب الحضارة العربية الإسلامية السابقة له ويستخلص منها رؤية وقوانين فى شتي مجالات العمران ولكن لو تناولت على سبيل المثال حياة ابن خلدون نفسه وزمنه وتقلبه بين مراكز السلطة وبلاطها سوف تتعجبى للمفارقة بين النص وصاحبه وتلك بالضبط نقطة الانتباه لظروف إنتاج النص التاريخية،
يقول د عبد السلام نور الدين فى سفره العميق" العقل والحضارة" لقد ذهب الوعى مع الحضارة التي سقطت وبقى اللاوعي ، وقد أضاف الغزو الاستعماري الأوروبى طينه اللاذب أيضا فازداد اللاوعي تفسخا. ظل الغزو الأوروبى يبحث عن تبرير نظري وعملي لكي يخرق مبادىء الحرية، والإخاء، والمساواة التي طرحها كهوية حضارية تميزه عن الحضارات والثقافات الأخرى، فأبقى المجتمعات البدوية في المجتمع العربي خارج التأريخ واستلحق بها الجزء الحضري، فاصبح المقدم تاليا، والظهر وجها، والعربة أمام الحصان إن وضع الفئات العاجزة تاريخيا أمام الفئات القادرة من المجتمع العربي جعل الزمان يبدو وكأنه يتقدم إلى الخلف وقد لاحظ شاعر مضىء البصيرة ذلك (لماذا الذي كان مازال يأتي—لأن الذي سوف يأتي ذهب) وقد جاهد الغزو تفكيرا وتنفيذا أن تصبح القبائل والطوائف أوطانا وأمما وحدودا وأن يجعل من تلك التجزئة أكذوبة ملكية مقدسة الشيء الآخر أن الغزو قد أدخل قي الذهن العربي أن الخلاف بين الشرق والغرب قائم على التناحر بين المسيحية والإسلام وإذا كانت المغالطة بينه،إذ أن المسيحية شرقية الأصول والإسلام دين عالمي الطابع إلا أن هذه المغالطة الفجة تتسق تماما مع العقل البدوى التجزيئى الذي لا يعرف غير شجرة النسب والقبيلة وديارها موطنا. وقد أفلحت المغالطة في إخفاء جوهر الغزوالاستعماري وفي منح العشائر وثيقة رسمية في الوطنية والتدين رغم أنف الوطنية التي لم تنتظر يوما شهادة ميلاد أو تسنين، ورغم أنف الاسلام الذى يقول ان ، ليس بعد الكفر ذنب ولكن هذه الشهادة الصادرة من الأعداء ( والحق ما شهدت به الأعداء كما يقول البرهان الشعرى الذي يستهوى العقل البدوي وليس إذا صفق لك الأعداء فينبغي أن تبحث عن الخطأ الذى أرتكبته كما تقول التجربة الحضرية) وقد دفعت العشائر أن تتبوأ مراكز الصدارة وأضحوا النبلاء والفرسان والزعماء. وكان لابد للمجتمع الحضري الذي افترش مكانا طفيليا أن يتبنى قيم النبلاء الأمراء "الجدد". وأمتزجت القيم الحضرية ذات الطابع الطفيلى كما أريد لها أن تكون، والقيم البدوية وتفاعلت وكونت رتقا شائها في إطار المعرفة—إذ هي غيبوبة في صورة الوعي،أو وعي قي مجرى الغيبوبة، وتتجلى نفاذ بصيرة الغزو الاستعماري في إبقاء وخلق تكوينات متنافية ومتناحرة ولكنها قابلة للترويض- فهي موضع احتقار واستهزاء في المائدة الشعبية الغربية ومكان اعزاز وتقدير واعتراف في محافل المفاوضات الرسمية الغربية. ويتجلى التنافي في أن رأس المال يقود القوة والحق والمؤسسة الدستورية والاجتماعية في الحضارة الغربية أما في التكوينات العربية فإن كل شىء تابع ذلول للقوة المجردة.وهكذا استعادة البداوة شفرتها القديمة(القوة هي الحق) إنتهى
هذا النص أعتمد أعتماد عميق ودقيق التحليل الخلدونى للعصبية والفرق بين الحضروالبدو في المزاج والنحل والقيم عندما أعيد النظر على سبيل المثال فى هذا النص بعد قراءته فى طبعته الثانية 1992 ص 128/129 وأنظر فى ما يجرى على الساحة في المنطقة وأفكر فها هو الظرف التاريخى يتوءمها مع أشباهها ونظائرها بطول العالم في بضع سنين ، وفى هذا المناخ حتى الخطاب العلمى خارج الايدلوجى لن يسمع له راجعى مشاريع ومحاولات عالم بقامة ،فاروق الباز التي يحاول ان يهديها لبلده * ورغم ذلك فحتما سيأتى جيل يعطى تلك المشاريع ما تستحق من عزيمة فعلى سبيل المثال تطوير الأستفادة من فيضان النيل كانت فكره قام العالم العربى ابن الهيثم بعمل دراسات عليها فى القرن الحادى عشر الميلادى ، ولكن عدم الاستقرار السياسى لم يساعد وهنا نعود الى الجدوى فى سياق الرؤية والتاريخ فلا جدوى لعمل بدون نظرهنا او في اى مكان أوتاريخ فى العالم فما معنى اى علاج مهما كانت نجاعته بافتراض الحصول عليه إذا كان تشخيص المرض خاطىء ، وفى عالم الزراعة من يزرع محصولا موسميا ليس كمن يغرس نخلة فى حساب الزمن والجدوى وكذلك فى التفاكر في المجتمع والأمة والتاريخ على المستوى الفردى خمسون عاما قد تكون العمركله اى الدنيا والكون والوجود الفرح والحزن الحياه والموت لنا كأفراد ولكنها على مستوى الأمة هى بضعة أيام
لك الشكر والأمتنان لهذا البوح الشفيف المثرى الذى يكمل دائرة الرؤية
بروح الفن و إحساس الفنان
كل التقدير والتحية
وقبل ذلك وبعده الاحترام
http://www.aljazeera.net/channel/archive/archive?ArchiveId=301757
http://www.aljazeera.net/channel/archive/archive?ArchiveId=93758
Post a Comment