أيها الناس أنتم الأمراء
بهذا النداء أعلن من شرق الجزيرة تميم البرغوثى نبوأته ورؤيته لأمته
والنداء حينها أخذ على أنه حماسة الشعراء وهيامهم ووجدهم ولم يؤخذ كرؤية
وإذا كانت الرؤية تراكم ينسال بين الحدث واليقين فما هو ما صدق هذه الرؤية ، "ونرى" -أن كان لنا أن نرى فيما يرى القارىء "-- أن الرؤية يشهد لها الواقع أو يشهد عليها فشرط معراجها هو أختراق فضاء الخطاب المكبل بسياج العجز لهذا فتشكل الرؤية يتبدى كعملية تخصيب للوعى لانها أنفلات من الزمن بدون تفتيت ذراته
ولكن كيف الأنفلات من" الزمن" الدهر
نص
يا كاتبَ التاريخِ مَهْلاً، فالمدينةُ دهرُها دهرانِ
دهر أجنبي مطمئنٌ لا يغيرُ خطوَه وكأنَّه يمشي خلالَ النومْ
وهناك دهرٌ، كامنٌ متلثمٌ يمشي بلا صوتٍ حِذار القومْ
تناص
في القدس بين سياج الوعى والاوعى بين جدل الواقع ووهمه وفى تلك المساحة بين إسراء اللغة ومعراجها بالرغم من قوانين المعقول والمدرك نتلمس كيف استطاع الفتى أن يكشف لثام الدهر وكيف تتبع خطواته ومن أين أتى بذلك التماسك الفولاذي الذى أخترق به ظاهر المدينة المصنوع والمهيمن على المشهد والمشاهد ليلامس أصيلها الملثم والمنكر ، هل الحق حجاب حقيقة المهزوم؟ هذا الارتكان الى وضوح الحق ، يخلخل تماسك المظلوم وويشتت قبضته/قضيته ، ولكن كيف تأتى للفتى فى محيط ذلك الوجد الكاشف أن يرى ويزيح الستار عن حجب الغشاوة ليكون البصر حديد رغم الغطاء السميك؟
بأى براق نفذ كلشهاب من كثافة ثقل الواقع المُمكن بهيمنة القعود والتقعيد؟
وبعد
يا مصر حقك تملكي بدل السما اتنين
واحدة هدية وواحدة تانية صانعها مصريين
فتلك الهدية الهادية هى السما التى ظهر فيها هلال الرؤية لدخول زمن الأنعتاق والتى أنعكست على صفحتها المصقوله إرادة الشعب وشاهد على صفحتها العالم كله مصر وهى تتحدث عن نفسها بنفسها بدون وكلاء
الثورة تأتى بناسها وتأتى لناسها وهناك من يذهبون الى الثورة وهناك من تذهب الثورة لهم تعرفهم ويعرفونها كما يعرفون يقينهم ويعيشوه وهل كانت الثورة الا تراكم فى قلوب الناس وضميرهم
الرؤية والقصيدة والنداء
موال كده وكده ومهرجان النغم والتنغيم
سايق عليك النبي ما تقول كفاية يا شيخ
الملحمة لما تخلص يبدأ التاريخ
وبكرة جاية حروب فيها بكا وصريخ
وفى الحرب
أعرف عدوك لتعرف ديته ولك بعدها أن ترى فى ذلك ما تشاء ..."حراُ "
أعدائنا خوفهم لهم مددٌ**لو لم يخافوا الأقوام لانقطعوا
فخوفهم دينهم وديدنهم **عليه من قبل يولدوا طُبعوا
ستون عاما ما بكم خجــلٌ**الموت فينا وفيكم الفزعُ
وبكرة نصرك يخض الشمس من لهبه
أين الفرعون وأبنه وسدنته؟ من وضعهم فى السجون؟ أليس أنت؟ يا شعب مصر
سايق عليك النبي ما تقول كفاية كده
من النهاردة انتصاراتك حتبقى كده
يا شعب مصر اللي رجالته وبناته كده
حلال عليه لبن العصفورة لو طلبه
الحرلا يساوم على حقه أو يتنازل عنه تحت الإذعان
لا تصالح
فما الصلح الا معاهدت بين ندين فى "شرف القلب" لا تنتقص
والذى أغتالنى محض "لص" يدافع عنه جربيع العرب والخانعين
سايق عليك النبي ما تقول كده كفاية
إفرح وكمل وما تقولشى كده كفاية
الثورة دى بداية زى الهجرة والميلاد
الثورة دى بسملة كمل بقى الآية
والمعنى قد يتجوهر بتأبيه بأكثر مما يتجوهر بحضوره، فبين الحقيقة والحق يتعرج الثائر حتى يأنيه اليقن بانه صدق الرؤية بالحق فيدمغ بها دخوله وحينها يتأمل فى مقام مازاغ القلب وما غوى
مع كل مرة قراية حسنها يزداد
والآية تجرى تسلم أختها الراية
من غير نهاية وحتى الوقف مش معتاد
وبكرة أيامنا تبقى حكاية ورواية
بين الصورة والمشهد والميدان تتوه الدلالة فتستعصم بالعلامة" الأمارة" يتغلب الشاعر على استعصاء المعنى على الخيال لجلال المشهد "بكلمة" واحدة وهاهنا وبحيدة /حيلة تستمد من معين الشعب فعندما يتيه الخيال على المعنى يلجأ الشاعر للمخزون الشعبى "ليكون منه له" فكانت كده وجائت كده
قصيدة يا شعب مصر لايوجد بينها وبين الناس حجاب، وكأنها عفو الخاطر وطن يحدث عن وطن...
وهكذا في يوم كان مقداره ملايين الأصوات مما يهتفون كانت الإرادة فعل، فإذن الناس للناس أنهم ظلموا وحق لهم أن يحكمواويحاكموا جلاديهم ومستعبديهم فكانوا هم الأمراء
والله أعلم