Thursday, January 14, 2016

مسرحية جنينة والحيوانات


من الواضح أن النظام أدرك استحالة الاستمرار فى السيطرة على الناس بالبطش فقط لذلك لابد من الايحاء بجزرة التطهير من الداخل كبديل للحل الثوري، هكذا يعتقد رجال النظام أنهم ينقلون الصراع من الشعب يريد إسقاط النظام إلى الشعب يريد إصلاح النظام.
حدوتة الرجل الصالح والفرعون تفترض فى البداية وجود الفرعون وبلاطه ،أما حدث 25 ينايرالشعبي الثوري فأسس لنهج مختلف عن متلازمة رجل البلاط الشريف فى بلاط الفرعون فنهج 25 يناير بدأ بخلع الفرعون ذاته ولن ينتهى الا بنسف أوتادة و القصاص من جنوده، طال الزمن أو قصر.


ولكن ما العمل مع الفساد؟


الفساد لايتوقف على إرادة رجل شريف بإفتراض وجوده في "قاع بحيرة فساد طاهر الثياب " فلا يخلو زمن من معجزة ولكن ما الحاجة للمعجزات؟ ناهيك عن أن الرجل وجهازه ليسا سوى أداة داخل النظام خاضعه له موظفة لإدارة الفساد لا لمحاربته _ والفساد مبحث يدرس فى مراكز ومعاهد وجامعات العالم ومجمل الدراسات تجمع على أن الفساد ليس مجرد مفهوم بل هو بنية تكاد تكون طبيعية على هامش كل مجتمع ولكنها إذا تمكنت من قلب المجتمع تتحول الى شبكة سرطانية علاجها كميائى لا يحتاج للبتر ومجمل البحوث فى مسئلة الفساد تجمع بعد دراسته فى مجتمعات مختلفة من العالم على علاج من شقين الأول "صحافة حرة "والثاني "قضاء مستقل " وعند تقييم هذه المعادلة في أي مكان فى العالم تستطيع قياس العلاقه حجم الفساد.


وعلى سبيل المثال نختار عصر مجمع فيه على حصار الفساد كعهد الخليفه عمر بن الخطاب وقصة الأثواب الموزعه التى وزعت على الناس فى المدينه وخرج عمر يرتدى ثوبه وكان طويل ووقف يخطب قام رجل وقال لانسمع ولا نطيع كيف لك أن تأخذ من القماش قطعه أكبر من ما وزع علينا فقام ابنه عبد الله وقال لقد أعطيت أبى من نصيبى فقال الإعرابى إذن نسمع ونطيع " هنا مجرد رجل من العامه لاحظ أمرا غير طبيعي فقام وقال على مسمع من الناس وفي حضور السلطه (في صورة من صور الصحافه الحرة) ولم يكن ليقول لولا أنه يعرف أن هناك عدل أى مرجعية مجمع ومتفق عليها طوعاً تطبق على الجميع بلا استثناء - قضاءمستقل


وعند تطبيق هذه المعادلة على كل حكاوي وأخبار العدل فى دولة الخليفة الأول والخليفة الثانى من خلال هذا المعيار انظر لماذا اختلت الأمور. بعد ذلك يشكو بعض الصحابه فيجلدون أو ينفون لأنهم لم يسكتوا في 
وجه السلطة عن المظالم والمحسوبيه (في صورة من صور التضييق على حرية الرأي) فتخفت الأصوات وإذا حدث هذا فحتى إن وجد قضاء مستقل فما هى قيمته ولو كان قضاء دولة خليفة مبشر بالجنة؟ يبدأ الفساد فيتمدد وكلنا نعرف ماذا حدث بعد ذلك حتى قتل الخليفة رضى الله عنه فى قعر داره وحدثت الفتنة التى يعانى من شرها المسلمين حتى الآن.


اذهب إلى اليابان إلى بريطانيا إلى أي دولة مشهود لها بأن الفساد غير منتشر ولاحظ دور الصحافة الحرة والقضاء المستقل الذى يحاكم الفساد بحجم حرية الصحافة واستقلال القضاء ستجد حجم الفساد بالضبط لا زياده ولا نقصان. إن مقاومة الفساد لا يجب أن تتوقف على إرادة رجل أو سياسي نظيف أو مدعي الأمانه فالكل يعرف على سبيل المثال - خصوما وأعداء - أن جمال عبد الناصر كان نظيف اليد ولكن لم يوجد فى عصره صحافة حرة ولا قضاء مستقل لهذا تراكم الفساد فى عصره تحت الغطاء وأن أطل هنا وهناك ومن بعده تدفق كطوفان وابتلع كل شىء ولما لا...فالثورة فى واحد من تعريفاتها هي فشل الفساد فى الاحتيال للدفاع عن نفسه.