Sunday, February 03, 2013

قراءة في الارتياب والثورة 3


عورة السلطة بين 
المواطن حمادة صابر والمجند عبد الودود ودفعته

لاتوجد إجرائات ثورية محددة لكيفية إسقاط النظام ، فالشعب عندما أعلن إرادته بإسقاط النظام فى ميادين وشوارع وحوارى البلاد لم يكن يعلن عن الحاجة لرئيس وحكومة وحزب جديد ، ولكنه كان يعلن إرادته وقدرته واستحقاقه لزمن جديد وخطاب جديد، لهذا من يعتقد أنها ثورة غضب لم ير من المشهد الا اليسير ولم يفهم من حكمة هذا الشعب الا ماتيسر، يقال عن سعد زغلول عندما كان يتعقد المشهد السياسي بين مطالب "الأمة" وصلف الاستعماركان يتوجه الا السماء سائلا الله قارعة أى حادثة مروعه تعكس غشم السلطة - وكل سلطة غشيمة مهما تجملت. السياسي هنا يتحرى الوسيلة "فزعيم الأمة" الذى لم يرزق بأولاد كان يتسامى فى هذه اللحظة ويتقرب بقربان لألهة الغضب على الطريقه اليونانية ليستعين به على ركود وبلادة الواقع فى تقديره ،أما من تنزل به القارعة فهو فى المقابل إما بطل أو شهيد ولكن الغاية كانت الغضب الشعبى لانه هو وسيلته الوحيدة للضغط على قوى المستعمر الذى يقبض على مقدرات البلاد وهى نفسها كانت وسيلة مصطفى كامل عند استخدم وقائع حادثة دنشواي لاغضاب مواطنى الغرب من فعل مندوبهم السامى فى بلاده، إذا هنا ارتباط بين وعى سياسي يتحرى تصعيد أو اقتناص كتلة غضب واتخاذها وسيلة لتحقيق اهدافه -وتلك طريقة للاحتيال فى جوهرها لا تصدر عن تدبرورؤيا ما بعد ثورية تقرأ وتتفاعل مع الاحداث مستوعبة القطيعة التاريخية التى شل بها الشعب أدوات القمع وكسربها طوق العمالة والتبعية والهيمنه ، فى ظل هكذا خطاب يرهن المستقبل على قارعة الطريق وفى أنتظار هبة شعبية مواتيه بعد أن سلم ثواره بإيدهم السلطة لنخب وقوى سياسية ليس لها من الثورية الا ما صنعه الشعب وصدقه الشباب بأرواحه ودمائه وعيونه فداء لمستقبل ها هو يرى على الأرض تطاول الجدران أمامه وخلفها يداوى نظام المخلوع جراحه فى هلع فهو غير مؤمور بالسقوط بعد ؟ولا يعرف كيف ولا أين يسقط ؟ فى حين يبدوا النشطاء والثواروكأنهم ينتظرون أن تلقى الإقدار بحدث أو مصيبة تتوفر لها تلك العوامل التى تستجلب الملايين الى الشوارع لإجبار من فى السلطة لتحقيق مطالب محددة لم تسطيع القوي الثورية تمريرها بسبب وصول تيار سياسي غير ثورى للسلطة ، الى جانب بقايا بروقراطية من سدنة نظام المخلوع التى تتحسب لما تدرى وتعلم ما اقترفت يداها وتندفع بغريزة البقاء فى حتمية التعتيم عليه ؛
 على خلفية هذا المشهد يبدو ما حدث بين المواطن حماده صابر والمجند عبد الودود وصحبه كفاصل من العبث الثوري فلا المجند عبد الودود وصحبه فعلوا ما يتعارض مع طبيعة عملهم فى جهاز قمعي قلبا وقالبا يتعامل مع المواطن ببداهة الاستباحة ، ولا المواطن حماده صابر رأى فيما فعلوه به بدعا فى موقعه وموضعه وبصرف النظر عن نوع الضغوط أو اشكال الاكراهات أو الأغراءات أو التوسلات التى تعرض لها الموطن حمادة الا أنه يعتبر نفسه أكثر حظا من فاقدى أعضائهم  على سبيل المثال أو كل من دخلوا سجون العسكر ومعسكراتهم  .عبد الودود وصحبه ليسوا هم الذين يتحملوا طبيعة وعقيدة جهازهم أنما يتحمل هذا الثوار والنشطاء والمفكرين الذين عليهم أن ينقذوا عبد الودود وصحبه ويوفروا لهم القدرة على أحترام انسانيتهم وحمايتها من السقوط الى الحيونة والافتراس واستباحة خلق الله . ما جرى وعرضته الفضائيات االعالمية والأمريكية يعيد بحضوره سلسلة من المشاهد من الماضى البعيد والقريب والأمس البعيد والقريب ولاينقطع الاسترسال حتى يطوى فيما يطوى اصل هذه الثورات نفسها فى تونس وفى مصر
يتناول هذه المشاهد رجال ونساء يجيدون الحديث ولا تتوقف شفاههم عن ترديد كلمة الحرية والحقوق والديمقراطية ، وهنا فى تلك اللحظة بين التسليم والاستلام وليس قبلها وعلى الطريقة الامريكية كانت الخطوط كلها تتجمع عند صانع القرار الامريكى الا خيط واحد  ملتبس هو كيفية تلائم إرادة الشعب الثائر مع مصلحة الامبراطورية وعملائها فى المنطقة وقراءة الاحداث خارج هذا الاطار هو مبالغة فى السذاجه فلا الإخوان ولا النشطاء الثوريين خارج السلة الإمريكية على الحقيقة ، ولا يوجد مشروع سياسيى مطروح يعترض نظريا أوعمليا على تلك الوصاية والحكم الواقع والمباشر، ولكن نزع سلمية هذه الثورة والتأكيد على أن الأزمة فى هذه المنطقة هى أزمة همجية وفوضى تستدعي وسائل إدارة وصائية ما يضطرها التعامل مع أشكال كمبارك بالأمس ومرسى اليوم يبدو أمر أكبر من مغامرة وأقرب الى كارثة قد تفجر المنطقه بما فيها، واذا كانت تعتمد على توهم أن يعود الشعب وكما يقول الموال الشعبى (وكأنك يأبو زيد ما غزيت) ليكمن فى التاريخ فيقتنص ثغرة أخرى يحاول النفاذ منها الى مستقبل يتلاشى قبل أن تكتمل له رؤية وأن كان حدث مرارا من قبل ولكن الشعب فى كل المرات السابقة كان يعاين أركان دولة ما بعد محمد على ويتلمس جدرانها وله فيها هذه المرة إرادة صادفت جيل جديد وظرف عالمى يتلمس الطريق بدوره لنظام جديد ومواثيق جديدة تعيد ترتيب العالم لاتنقصه المسميات وأن كانت تنقصة الرؤية والإرادة لإدارة شاخت فى مواقعها ، وانتبهت على وقع معادلات تناوش مواقع صنع القرار وتقنيات تنتج بذاتها سياقات وتهدم الفرضيات الثابتة فى عالم السياسية . كل هذه المؤشرات توحى أن ما يبدو اختلال فى بنية المسار الثوري قد يكون هو بذاته تصويب المسار باللأنتباه الى المصدر الحقيقى لحالة العماء الثورى التى تتلبس الجميع وحالة شلل التحليل الذي يهيمن على الجميع يصارع الثوار رفقاء الميدان على نواياهم التى لم تتجنب مواطن الشبهة بين العجز والتواطىء ولم تغالب بالروح الثورية طبيعتها المحافظة ولم تقاوم به رهاب الدولة حتى فى حال غيابها تقريبا ، بدون شك وصول حزب وجماعة ليست ثورية لتكون فى قمة سلطة بداهة مهمتها تنزيل الاستحقاقات الثورية واقعا معاش ضرب من الاستحالة المنطقية .وان لم تكن استحالة ثورية 
.
لقد أنجزت الثورة الكثير وهى الأن على مفترق طرق تنتظر الشعب سيد الثورة حضورا وغيابا لتصويبها وهى مستمرة فى أنجازها حتى تتحول كرامة وصالح المواطن لتكون هي جوهر القرارالسياسي للنظام الثوري فهذا المواطن هو طرف الشعب الذى يتلمس فيه وبه خامة السلطة ،ولن يترك الشعب ثوب الشرعية الذى دفع فيه دماء أبنائه وعيونهم    لترتديه سلطه ملوثه وقذرة و حتى تكون كرامة وعافية    
الناس هى غاية فعلها السياسي ستظل السلطة هكذا عارية ومبتذلة بادية السوء

ومفضوحة العورة 

Friday, February 01, 2013

قراءة فى الارتياب والثورة 2




كان الحاوى قديما يقدم أستعراضه بداية بتكوين حلقه ثم جذب الناس حولها مأججاً لغريزة حب الاستطلاع ويتوسل الغرابة بما تيسر من أصوات وكائنات ثم يقدم كلمات يستوعب بها الإختلاف الطبيعى بين العينة العشوائية التى أجتذبها وبعين مدربه يقدر نوع العرض الذي يقدمه ولكن معظم من يتحلق حول الحلقة يسيطر على جزء ما فى خلفية وعيه نوع من الارتياب من  الحاوي والعرض  ومن بجواره من المتفرجين ومن وحوله وفى العادة يكون هناك بين الجمهور العشوائى من عليه القيام بدور ما بالاتفاق مع الحاوى ولكن أهمها على الأطلاق هو من يقوم بدفع جزء من هذا الجمهورالفقير بالتضحية بجزء من القليل من النقود التى يمتلكها بشق الأنفس وسل الروح


قلة الادب وقلة الحيلة

الاستهتار والتهريج وأستعراض مهارات السفاهة على عكس ما يظن البعض ليس مزاج شعبى في ثورة شعبية الشعوب تحكم بمقايس عملية وترى النافع بعين الضرورة  .لم يرغم ولاكان فى أستطاعة أحد أن يرغم  الشعب أن تكون ثورته سلمية وهو لم يريدها كذلك الا عن قناعة كامله بقوته  وقدرته على إدرتها ليس بسب وحى منزل ولا نظرية فلسفية ولكن عن صبر صاغته حكمة وجود يطاول الخلود وخبرة مع الإستبداد منذ أن كانت فى الأرض دولة .
ومن يعتقد بخطأ النهج السلمي للثورة سيكتشف وبسرعه أنه يقدم وبنفسه الذرائع لترميم قوى الإستبداد تحت عبائة الشرعية الثورية وهذا ضد إرادة الشعب الذى يقبض على الشرعية ويحتكرها مادامت الاستحقاقات الثورية لم تصبح هى  جوهر العمل السياسى،   المعارضه فى زمن الثورة دستورها هو تنزيل الإستحقاق الثورى فى واقع الناس استنادا الى الشرعية الثورية وليس تطاحنا على مواقع السلطه وهذا عمل جاد ومرهق لانه يغادر الواقع الى أفق المستقبل على جناح رؤية تبحث بوعي فى ما كان وتنتبه  وتستند الى القطيعة التى أحدثتها الثورة فى واقع ما قبلها وقامت بخلعه ،والمعارض الذى لا يتلمس فى الممكانات التى طرحها الشعب بثورته ويغرق فى التخوفات التى بنى وعيه السياسي تحت أكراهتها سيفقد حتما موقعه ومصداقيته، فمن هم فى السلطة اليوم  يمثلون أفق قدرة الحراك السياسي داخل صيرورة ثورية وليسوا بالطبع هم الخيار الثورى الا بقدرتهم على الاستيعاب  والتماهى مع إرادة الشعب بثورته والناس سوف تلمس ذلك مباشرة فى حياتهم اليومية لقد قبل الناس بهذا التيار السياسى ، ليس تخوفا من سقوط الدوله كما يتخيل بعض السياسين  فكيان الدولة المصرية كيان أستيعابى فائق المرونه له جذور أعمق من كل الطبقات السياسية التى تراكمت فوقه، لقد كان قبول الناس لهذا التيار لأنه ببساطه كان يمثل الممكن السياسي المتاح من جهة  ولأنه من ناحية أخرى كان علامة على إسقاط نظام أتخذ من هذا التيار بالذات فزاعه لأرهاب الناس ووالقبول بدولة المخلوع وولده ،وتعسر هذا التيار فى إدارته للدولة سواء عن عجز أوبسب تفاهمات حتمها هذا العجز بينه وبين إدوات دولة المخلوع،  وفى الحقيقة لا يشوش على هذا العجز الاهواجس معلنه من نجاح هذا التيار فى التمكين وبناء بنية استبداد بديلة وهى عملية شبه مستحيلة  ،  لقد أصرقطاع معتبر وقادر على الحسم من الشعب على مجارة هذا التيار حتى "باب الدار" لان وجوده فى المعارضه كان سيشكل مأزق تاريخى على القوى السياسية أعمق من مأزقها الآن بكثير لقد ورط الشعب هذا التيار بخياره كما ورط كل النخب السياسية فى مواجهة عجزها أمام تكوين رؤية للمستقبل تستجيب للأستحقاقات الثورية وترفع الظلم التاريخى المتراكم والمكبل  لقدرات وطاقات هذا الشعب الثائر وفى ظل عجز هذا التيار البادى والذى لايغطيه فى الحقيقة الا هوس المعارضه بكل شارده ووارده يقدم  عليها ، فيبدو أمام الناس وكأن مأزقه هو أضطهاد خصومه السياسين له وعدم أعطائه فرصة لإدارة البلاد فضلا عن تقديم حلول تساهم فى رفع المعاناة عن المواطن الذى قام بالثورة فلم يجد فى نخبه من استطاع أن يقرأ ثورته أو يفهمها خارج دائرة الفعل ورد الفعل.

وبعد